ألم يحيي الأمل وعزة في رحم الابتلاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         10 استخدامات غير تقليدية لورق الفويل في بيتك.. من سن المقص لتنظيف الفرن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          7 نصائح لازم تسمعها قبل ما الغيرة تبوظ حياتك.. اعترف بمشاعرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          وصفات طبيعية لتقوية ونمو الرموش.. من الشاي الأخضر لجل الصبار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          منيو العروسة.. 6 أطعمة تعزز نضارة البشرة دخليها في أكلك لو فرحك في العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          7 مشاكل بتهدد أولادك لو ما بيسمعوش منك كلمة "آسف" أبدًا.. انعدام الثقة الأبرز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          طريقة عمل صدور الدجاج الباردة.. أكلة سهلة وهيحبها أطفالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          7 نصائح لحماية شعرك من التلف والتجعد في فصل الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          5 أخطاء في المكياج تفسد مظهرك وتهدد صحة بشرتك وسلامتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          4 خطوات للتعامل مع الشخصية المسيطرة.. عشان تتجنب مضايقته ليك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          طريقة عمل لفائف الخس بالدجاج والأفوكادو.. جددي مطبخك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-04-2019, 01:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,004
الدولة : Egypt
افتراضي ألم يحيي الأمل وعزة في رحم الابتلاء

ألم يحيي الأمل وعزة في رحم الابتلاء
عبد الله بن محمد البصري



الخطبة الأولى
أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عز وجل -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، وَمُنذُ اندِلاعِ التَّظَاهُرَاتِ العَارِمَةِ في تُونُسَ ثُمَّ في مِصرَ، فَإِنَّ بَرَاكِينَ الغَضَبِ الشَّعبيِّ في عَالَمِنَا العَرَبيِّ، مَا فَتِئَت تَندَفِعُ يَومًا بَعدَ آخَرَ، تَثُورُ يَومًا في أَدنى الشَّرقِ، وَتَنطَلِقُ مَرَّةً مِن أَقصَى الغَربِ، وَتُرَى حِينًا في أَعلَى الشِّمَالِ وَحِينًا تَحُلُّ في أَعمَاقِ الجَنُوبِ، غَيرَ أَنَّ أَشَدَّهَا إِيلامًا مَا حَدَثَ في الأَيَّامِ القَلِيلَةِ المَاضِيَةِ، حَيثُ الاعتِدَاءَاتُ الآثِمَةُ وَالضَّرَبَاتُ المُوجِعَةُ وَالمَصَائِبُ المُفجِعَةُ، الَّتي مُنِيَ بها إِخوَانُنَا اللِّيبِيُّونَ في عُقرِ دَارِهِم، وَحَلَّت بهم بَينَ إِخوَانِهِم وَأَبنَائِهِم، وَنَزَلَت بهم عَلَى مَرأًى مِن آبَائِهِم وَأُمَّهَاتِهِم، لِتَشهَدَ بِوُضُوحٍ وَجَلاءٍ عَلَى مَا تَمتَلِئُ بِهِ صُدُورُ بَعضِ الحُكَّامِ مِن مَحَبَّةٍ لِلبَقَاءِ في سُدَّةِ الحُكمِ وَلَو عَلَى جُثَثِ شُعُوبِهِم وَهَامَاتِ المُستَضعَفِينَ مِن رَعِيَّتِهِم.
إِنَّ هَذِهِ الأَحدَاثَ وَمَا قَبلَهَا، مَعَ مَا حَصَلَ فِيهَا مِن قَتلٍ لأَنفُسٍ بَرِيئَةٍ وَإِزهَاقٍ لأَروَاحٍ كَرِيمَةٍ، وَزَعزَعَةِ صُفُوفٍ وَإِخلالٍ بِأَمنٍ، إِلاَّ أَنَّنَا نَرَى مِنَ خِلالِهَا شُعَاعًا يَبُثُّ في النُّفُوسِ رُوحًا مِنَ الأَمَلِ الصَّادِقِ بِنَصرِ اللهِ لِلدِّينِ الحَقِّ، وَظُهُورِهِ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ، إِنَّهُ أَمَلٌ يَشحَذُ هِمَمَ المُؤمِنِينَ لِلعَمَلِ عَلَى نُصرَةِ دِينِهِم، وَيَدعُو الصَّادِقِينَ إِلى التَّمَسُّكِ بِهِ مَهمَا احلَولَكَتِ الفِتَنُ وَادلَهَمَّت الخُطُوبُ، وَيَدفَعُهُمُ لِلذَّبِّ عَن حِيَاضِهِ مَهمَا عَمِلَ الطُّغَاةُ عَلَى حَربِهِ وَاستَمَاتُوا في إِطفَاءِ نُورِهِ، مَعَ إِدرَاكٍ كَامِلٍ وَيَقِينٍ تَامٍّ بِأَنَّ نَصرَ اللهِ لأَولِيَائِهِ لَن يَحدُثَ عَلَى شَكلِ طَفرَةٍ مُفَاجِئَةٍ، وَلَكِنَّهُ يَأتي عَبرَ سُنَنٍ جَارِيَةٍ وَنَوَامِيسَ مُحكَمَةٍ، يَمتَحِنُ اللهُ فِيهَا عِبَادَهُ وَيَبتَلِيهِم، وَتُسقَى فِيهَا جُذُورُ المَجدِ وَأَغصَانُ الشَّرَفِ بِدِمَاءِ الأَحرَارِ الطَّاهِرَةِ، وَتُعَطَّرُ فِيهَا أَرجَاءُ البِلادِ بِأَروَاحِ الشُّهَدَاءِ الزَّكِيَّةِ، وَيَصدُقُ فِيهَا قَولُ مَن قَالَ:
لا يَسلَمُ الشَّرَفُ الرَّفيعُ مِنَ الأَذَى *** حَتَّى يُرَاقَ عَلَى جَوَانِبِهِ الدَّمُ
لَقَد أَثبَتَتِ الأَحدَاثُ أَنَّ الأُمَّةَ مَا زَالَت حَيَّةَ القُلُوبِ مُتَيَقِّظَةَ الضَّمَائِرِ، وَأَظهَرت أَنَّهَا مَا زَالَت مَرفُوعَةَ الرُّؤُوسِ عَالِيَةَ الهَامَاتِ، لا تَقبَلُ الظُلمَ وَلا تَرضَى الضَّيمَ، وَلا تَهُونُ عَلَيهَا عِزَّتُهَا وَلا تَرخُصُ كَرَامَتُهَا، وَأَنَّ شِدَّةَ الضَّغطِ عَلَيهَا وَمُحَاوَلَةَ إِخفَاءِ تُدَيُّنِهَا، لا يَزِيدُهَا إِلاَّ يَقظَةً وَحَيَوِيَّةً وَحَمَاسَةً، لَقَد ثَبَتَ أَنَّ أُمَّتَنَا الإِسلامِيَّةَ أُمَّةٌ كَرِيمَةٌ، قَد تَضعُفُ في مَرحَلَةٍ مَا، فَتُؤَجِّلُ مُوَاجَهَةَ الطُّغَاةِ وَتُؤَخِّرُ مُنَاجَزَتَهُم؛ لأَنَّهَا لم تَجِدِ الفُرصَةَ مُوَاتِيَةً، إِلاَّ أَنَّهَا مَعَ هَذَا لا تَرضَى بِالدَّنِيَّةِ وَلا تَخلَعُ ثَوبَ العِزَّةِ، وَلا تَتَخَلَّى عَنِ المَبَادِئِ وَلا تَنسَى الثَّوَابِتَ. لَقَد صَبَرَتِ الأُمَّةُ عَلَى الفَقرِ وَقِلَّةِ ذَاتِ اليَدِ، وَطَوَى أَبنَاؤُهَا بُطُونَهُم عَلَى الجُوعِ وَتَحَمَّلُوا المَسكَنَةَ، وَتَغَرَّبُوا سِنِينَ عَدَدًا وَسَافَرُوا عُقُودًا وَمُدَدًا، هَجَرُوا الأَهلَ وَفَارَقُوا الأَوطَانَ، وَتَجَرَّعُوا أَلَمَ التَّغَرُّبِ طَلَبًا لِلرِّزقِ وَسَدًّا لِحَاجَتِهِم وَحَاجَةِ أَبنَائِهِم وَمَن يَعُولُونَ، وَهَاجَرُوا إِلى بِلادٍ لَيسَت لَهُم بِبِلادٍ، وَتَرَكُوا بِلادًا وُلِدُوا فِيهَا وَتَرَعرَعُوا عَلَى أَرضِهَا؛ لِئَلاَّ يَظَلُّوا يَنظُرُونَ لِلآخَرِينَ بِاستِجدَاءٍ وَتَوَسُّلٍ وَاستِعطَافٍ، لَكِنَّهُم وَقَد ضُيِّقَ عَلَيهِم في دِينِهِم، وَبَالَغَ الطُّغَاةُ في تَجوِيعِهِم وَتَركِيعِهِم، لم يَجِدُوا بُدًّا مِنَ الانطِلاقِ نَحوَ المَجدِ وَصُعُودِ قِمَمِ الشَّرَفِ، مُرخِصِينَ في ذَلِكَ دِمَاءَهُم، بَاذِلِينَ مُهَجَهُم وَأَروَاحَهُم، مُستَقبِلِينَ بِصُدُورٍ عَارِيَّةٍ وَأَيدٍ خَالِيَةٍ جُنُودَ الطُّغَاةِ وَفُلُولَ المُرتَزِقَةِ، مِمَّن يَحمِلُونَ المَدَافِعَ وَالرَّشَّاشَاتِ وَمُضَادَّاتِ الطَّائِرَاتِ، لِيَثبُتَ لِلعَالَمِ أَنَّ هَذِهِ الدُّوَلَ وَإِنْ هِيَ استَقَلَّت ظَاهِرًا مِنِ استِعمَارِ الغَربِ الكَافِرِ، إِلاَّ أَنَّهَا مَا زَالَت تَعِيشُ استِعَمَارًا آخَرَ مُبَطَّنًا، يَقُودُهُ حُكَّامٌ فَجَرَةٌ، قُلُوبُهُم وَعُقُولُهُم غَربِيَّةٌ، وَمَنَاهِجُهُم وَاتِّجَهَاتُهُم غَربِيَّةٌ، يَأكُلُونَ دُنيَا النَّاسِ وَيُضَيِّقُونَ عَلَيهِم في دِينِهِم، وَلا يَرقُبُونَ فِيهِم إِلاًّ وَلا ذِمَّةً، يُرضُونَهُم بِأَفوَاهِهِم وَتَأبى قُلُوبُهُم وَأَكثَرُهُم فَاسِقُونَ.
لم تَكَدِ الشُّعُوبُ تُفِيقُ مِن ظُلمَةِ الاستِعمَارِ الأَجنَبيِّ البَغِيضِ، الَّذِي عَاشَتهُ عُقُودًا وَعَانَت مِنهُ حِقَبًا، وَبَذَلَت في التَّخَلُّصِ مِنهُ آلافَ الشُّهَدَاءِ، حَتى دَخَلَت مَرحَلَةً أُخرَى مِن ظَلامِ استِعمَارِ الحُكَّامِ الظَّلَمَةِ، فَكَانَ هَذَا هُوَ الظَّلامَ الَّذِي سَبَقَ بُزُوغَ الفَجرِ الصَّادِقِ، فَجرِ النَّصرِ المُبِينِ، وَالَّذِي نَرَى تَبَاشِيرَهُ اليَومَ، فَالحَمدُ للهِ عَلَى مَا قَدَّرَ وَقَضَى.
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد وَعَدَ اللهُ - تعالى - أَولِيَاءَهُ بِالنَصرِ وَالتَّمكِينِ فَقَالَ: (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الغَالِبُونَ) وَقَالَ - سبحانه -: (كَتَبَ اللهُ لأَغلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) وَقَالَ - جل وعلا -: (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا في الحَيَاةِ الدُّنيَا وَيَومَ يَقُومُ الأَشهَادُ) وَإِنَّهُ مَهمَا تَمَالأَت قُوَى الغَربِ وَالشَّرقِ عَلَى حَربِ الإِسلامِ، وَمَهمَا خَطَّطَ الطُّغَاةُ في الخَارِجِ بِمَكرٍ وَكَيدٍ وَدَهَاءٍ، وَنَفَّذَ أَذنَابُهُم في الدَّاخِلِ مُخَطَّطَاتِهِم بِاحتِرَافٍ وَدِقَّةٍ وَتَبَعِيَّةٍ، إِلاَّ أَنَّ أَمَلَ المُؤمِنِينَ بِرَبِّهِم وَثِقَتَهُم بِنَصرِهِ إِيَّاهُم، مَا زَالَت وَلَن تَزَالَ قَوِيَّةً مُتَّصِلَةً، يُقَوِّيهَا حِرصُهُم عَلَى مَا يَنفَعُهُم وَاستِعَانَتُهُم بِاللهِ وَحُسنُ ظَنِّهِم بِهِ، وَيُقَرِّبُهَا الفَألُ الحَسَنُ الَّذِي هُوَ جُزءٌ مِن عَقِيدَتِهِم، بَل خُلُقٌ مِن أَخلاقِ قَائِدِهِم وَإِمَامِهِم - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي كَانَ يُعجِبُهُ الفَألُ الحَسَنُ، وَيَعظُمُ أَمَلُهُ في رَبِّهِ حِينَ يَسمَعُ مَا يَسُرُّهُ، وَمِن ثَمَّ -أَيُّهَا المُسلِمُونَ- فَإِنَّهُ وَمَعَ مَا نَرَاهُ اليَومَ مِن أَحدَاثٍ مُخِيفَةٍ وَزَعزَعَةٍ لِلأَمنِ، وَاضطِرَابَاتٍ وَمُظَاهَرَاتٍ لا نَدرِي مَا نِهَايَتُهَا، إِلاَّ أَنَّنَا يَجِبُ أَن نَتَفَاءَلَ وَنَستَبشِرَ خَيرًا، وَمَالَنَا لا نَفعَلُ وَقَد قَالَ - صلى الله عليه وسلم - في الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالدِّينِ وَالرِّفعَةِ وَالنَّصرِ وَالتَّمكِينِ في الأَرضِ» وَإِنَّ الدَّهرَ قُلَّبٌ والأَيَّامَ دُوَلٌ، وَرُبَّمَا صَحَّتِ الأَبدَانُ بِالعِلَلِ، وَإِنَّ دِمَاءَ القَتلَى وَآهَاتِ الثَّكلَى، سَتَكُونُ الطُّوفَانَ الَّذِي يُغرِقُ الطُّغيَانِ، وَالشُّعلَةَ الَّتي تُحرِقُ الظُّلمَ وَالاستِبدَادَ، وَإِنَّ دَوِيَّ المَدَافِعِ وَضَجِيجَ الطَّائِرَاتِ بِالقَصفِ، وَبُرُوزَ أَلوَانِ الحِقدِ وَأَشكَالِ العُنفِ، سَتُوقِظُ الأُمَّةَ مِن سُبَاتِهَا، وَسَتُعَالِجُ الوَهنَ الَّذِي سَرَى في عُرُوقِهَا، وَسَيَجُرُّ الظَّالِمُ البَاغِي أَذيَالَ الخَيبَةِ وَالهَزِيمَةِ كَمَا حَصَلَ لِمَن سَبَقَهُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، أَلا فَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِنَصرِ اللهِ لِهَذَا الدِّينِ، وَلنَحذَرْ مِنِ استِعجَالِ النَّتَائِجِ وَاستِبطَاءِ النَّصرِ، فَقَد قَالَ - تعالى -: (أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأتِكُم مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوا مِن قَبلِكُم مَسَّتهُمُ البَأسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصرَ اللهِ قَرِيبٌ) وَلا يَستَنكِرَنَّ أَحَدٌ مَا يَحصُلُ مِن فَرَاعِنَةِ اليَومِ، فَإِنَّمَا هُوَ سَبِيلُ مَن سَبَقَهُم مِن فَرَاعِنَةِ الأَمسِ، وَإِنَّهُ لا سِلاحَ لِذَلِكَ بَعدَ الاستِعَانَةِ بِاللهِ - سبحانه - وَالتَّوَكُّلِ عَلَيهِ مِثلُ الصَّبرِ؛ فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ فِرعَونُ مِن قَبلُ: (سَنُقَتِّلُ أَبنَاءَهُم وَنَستَحيِي نِسَاءَهُم وَإِنَّا فَوقَهُم قَاهِرُونَ. قَالَ مُوسَى لِقَومِهِ استَعِينُوا بِاللهِ وَاصبِرُوا إِنَّ الأَرضَ للهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِن عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ)
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، المُسلِمُونَ جَسَدٌ وَاحِدٌ إِذَا اشتَكَى مِنهُ عُضوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالحُمَّى وَالسَّهَرِ، وَهُم بُنيَانٌ مَرصُوصٌ يَشُدُّ بَعضُهُ بَعضًا، وَإِنَّهُ وَإِنْ كُنَّا في هَذِهِ البِلادِ نَنعَمُ بِالخَيرَاتِ وَالأَمنِ في ظِلِّ الحُكمِ بِشَرِيعَةِ اللهِ، فَإِنَّ لَنَا إِخوَانًا كَمَا رَأَيتُم وَنَقَلَتهُ وَسَائِلُ الإِعلامِ، يُسَامُونَ خَسفًا وَظُلمًا وَهَضمًا، قُتِلُوا وَشُرِّدُوا، وَأُبِيحَت نِسَاؤُهُم لِلمُرتَزِقَةِ لِيَهتِكُوا أَعرَاضَهُنَّ، وَفُعِلَت بهمُ الأفَاعِيلُ ممَّن كَانُوا أَحَقَّ بِنصرِهم وَحِمَايَتِهِم، فَهَل نُبَرِّدُ قُلُوبَنَا وَنُغمِضُ أَعيُنَنَا وَنَمضِي وَكَأَنَّ الأَمرَ لا يَعنِينَا؟! مَا هَذِهِ - وَرَبِّي - بِحَالِ المُؤمِنِينَ الصَّادِقِينَ، رَوَى الشَّيخَانِ وَغَيرُهُمَا أَنَّهُ - عليه الصلاة والسلام - قَالَ: ((لا يُؤمِنُ أَحَدُكُم حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ)) وَعِندَ ابنِ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ: ((لا يَبلُغُ العَبدُ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ حَتَّى يُحِبَّ لِلنَّاسِ مَا يُحِبُّ لِنَفسِهِ)) وَلا يَقُولَنَّ قَائِلٌ: وَمَاذَا نَفعَلُ؟! فَإِنَّ في أَيدِينَا جَمِيعًا أَقوَى عُدَّةٍ وَأَمضَى سِلاحٍ وَأَصوَبَ سِهَامٍ، بِأَيدِينَا الدُّعَاءُ وَأَنعِمْ بِهِ وَأَكرِمْ! بِأَيدِينَا الدُّعَاءُ الَّذِي لا أَعجَزَ ممَّن عَجَزَ عَنهُ، وَكَيفَ يَعجَزُ عَنهُ مُؤمِنٌ أَو يَتَهَاوَنُ بِهِ وَيَترُكُهُ وَرَبُّنَا القَوِيُّ القَادِرُ هُوَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَوَعَدَ بِإِجَابَتِهِ: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادعُوني أَستَجِبْ لَكُم) فَلْنَرْفَعِ الأَكُفَّ وَلْنُخلِصِ الدُّعَاءَ للهِ - تعالى - وَلْنَسأَلْهُ نَصرَ إِخوَانِنَا المُستَضعَفِينَ عَلَى أَعدَائِهِم مِنَ الكَفَرَةِ وَالمُنَافِقِينَ وَالطُّغَاةِ وَالظَّالمِينَ.
إِنَّ الأُمَّةَ لَن تَخلُوَ بِإِذنِ اللهِ مِن مُخلِصِينَ لَو أَقسَمُوا عَلَى رَبِّهِم لأَبَرَّهُم، فَاجتَهِدُوا بِالدُّعَاءِ في السُّجُودِ وَأَدبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَكَرِّرُوهُ في الأَسحَارِ وَالخَلَوَاتِ، وَكُونُوا عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ اللهَ لا يَرُدُّ دَاعِيًا وَلا يُخَيِّبُ رَاجِيًا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكُ العَافِيَةَ، اللَّهُمَّ مُنزِلَ الكِتَابِ سَرِيعَ الحِسَابِ، اِهزِمِ الأَحزَابَ، اللَّهُمَّ اهزِمْهُم وَزَلْزِلْهُم، اللَّهُمَّ عَلَيكَ بِمَن ظَلَمُوا إِخوَانَنَا وَاعتَدَوا عَلَيهِم، اللَّهُمَّ اهزِمْهُم وَانْصرْ إِخوَانَنَا عَلَيهِم.
اللَّهُمَّ أَنتَ عَضُدُهُم وَنَصِيرُهُم، بِكَ يَحُولُونَ وَبِكَ يَصُولُونَ وَبِكَ يُقَاتِلُونَ.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَعِنْهُم وَلا تُعِنْ عَلَيهِم، وَانْصُرْهُم وَلا تَنصُرْ عَلَيهِم وَامكُرْ لَهُم وَلا تَمكُرْ عَلَيهِم، وَاهدِهِم وَيَسِّرِ الهُدَى لهم، وَانْصُرْهُم عَلَى مَن بَغَى عَلَيهِم.
الخطبة الثانية
أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تعالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاحفَظُوا نِعَمَهُ عَلَيكُم وَاشكُرُوهُ: (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعلَمُوا أَنَّكُم مُلاقُوهُ).
أَيُّهَا المُسلِمُونَ، مِن نِعمَةِ اللهُ عَلَينَا في هَذِهِ البِلادِ المُبَارَكَةِ، أَنْ هَيَّأَ لَنَا وُلاةَ أَمرٍ نُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَنَا، وَنَدعُو لَهُم وَيَدعُونَ لَنَا، يَحكُمُونَ بِالشَّرِيعَةِ وَالسَّوِيَّةِ، وَيَعدِلُونَ في القَضِيَّةِ وَيُحسِنُونَ إِلى الرَّعِيَّةِ.
أَلا وَإِنَّ مِن مُضَاعَفِ نِعَمِ اللهِ الَّتي تُذكَرُ لِتُشكَرَ، مَا مَنَّ اللهُ بِهِ عَلَى وَليِّ أَمرِنَا مِنَ العَودَةِ إِلى البِلادِ سَالِمًا مُعَافى، ثُمَّ مَا أَمَرَ بِهِ - حفظه الله - مِن أَوَامِرَ تَصُبُّ في مَصلَحَةِ البِلادِ وَالعِبَادِ، فَجَزَاهُ اللهُ عَنَّا خَيرًا، وَأَتَمَّ عَلَيهِ الصِّحَّةَ وَأَلبَسَهُ ثَوبَ العَافِيَةِ، أَلا وَإِنَّ مِمَّا يَجدُرُ بِنَا تَذكُّرُهُ وَالتَّذكِيرُ بِهِ بهذِهِ المُنَاسَبَةِ، أَنَّ أَولى مَا شُكِرَت بِهِ النِّعَمُ وَحُفِظَت، طَاعَةُ اللهِ - تعالى - وَحِفظُ حُدُودِهِ، وَالإِكثَارُ مِن حَمدِهِ وَذِكرِهِ وَشُكرِهِ، وَالإِحسَانُ إِلى خَلقِهِ وَرَحمَةُ عِبَادِهِ، وَأَمَّا التَّبذِيرُ وَتَبدِيدُ النِّعَمِ، وَالمُبَالَغَةُ في الحَفَلاتِ وَالدَّعَوَاتِ، وَإِعلانُ الفَرَحِ بِالرَّقصِ وَالغِنَاءِ والمَزَامِيرِ، أَو بِرَفعِ الأَعلامِ وَتَعلِيقِ الصُّوَرِ وَاللاَّفِتَاتِ، وَالغَفلَةِ مَعَ هَذَا عَن ذِكرِ اللهِ وَتَعَدِّي حُدُودِهِ، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا لا يُحمَدُ وَإِنْ كَثُرَ مُرَوِّجُوهُ وَالدَّاعُونَ إِلَيهِ، قَالَ - سبحانه - : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَريَةً كَانَت آمِنَةً مُطمَئِنَّةً يَأتِيهَا رِزقُهَا رَغَدًا مِن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَت بِأَنعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوفِ بما كَانُوا يَصنَعُونَ * وَلَقَد جَاءَهُم رَسُولٌ مِنهُم فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ وَهُم ظَالمُونَ. فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشكُرُوا نِعمَةَ اللهِ إِنْ كُنتُم إِيَّاهُ تَعبُدُونَ).
أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّ مَحَبَّتَنَا لِوُلاةِ أَمرِنَا عَقِيدَةٌ رَاسِخَةٌ وَلَيسَت شِعَارَاتٍ زَائِفَةً، إِنَّهَا دِينٌ نَدِينُ اللهَ بِهِ، دِثَارُهُ الإِخلاصُ لَهُم وَمَحَبَّتُهُم وَالدُّعَاءُ لَهُم، وَشِعَارُهُ طَاعَتُهُم وَالنُّصحُ لَهُم وَعَدَمُ مُنَازَعَتِهِمُ الأَمرَ، عَن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ - رضي الله عنه - قَالَ: بَايَعنَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى السَّمعِ وَالطَّاعَةِ في العُسرِ وَاليُسرِ وَالمَنشَطِ وَالمَكرَهِ، وَعَلَى أَثَرَةٍ عَلَينَا، وَأَلاَّ نُنَازِعَ الأَمرَ أَهلَهُ إِلاَّ أَن تَرَوا كُفرًا بَوَاحًا عِندَكُم مِنَ اللهِ فِيهِ بُرهَانٌ، وَعَلَى أَن نَقُولَ بِالحَقِّ أَينَمَا كُنَّا لا نَخَافُ في اللهِ لَومَةَ لائِمٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.
اللَّهُمَّ احفَظْ وُلاةَ أَمرِنَا وَاحفَظْ بِهِمُ الإِسلامَ، اللَّهُمَّ وَاجمَعْ بِهِمُ الكَلِمَةَ عَلَى الحَقِّ، اللَّهُمَّ خُذْ بِنَوَاصِيهِم لِمَا تُحِبُّهَ وَتَرضَاهُ، اللَّهُمَّ وَأَصلِحْ بِطَانَتَهُم، اللَّهُمَّ قَرِّبْ إِلَيهِم مَن عَلِمتَ فِيهِ خَيرًا، وَأَبعِدْ عَنهُم بِطَانَةَ السُّوءِ وَالفِتنَةِ وَالفَسَادِ يَا رَبَّ العَالمِينَ

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.75 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]