وصف النار وشيء من عذابها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 5208 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 51 - عددالزوار : 33387 )           »          الزكاة والمجتمع المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المغالاة في المهور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حكم الصدقة على ذي الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ترك العمل السيئ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إعادة صلاة الجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          استحباب تأخير صلاة العشاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مُرَاعَاةُ الْمَشَاعِرِ وَالْأَحَاسِيسِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2020, 02:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,410
الدولة : Egypt
افتراضي وصف النار وشيء من عذابها

وصف النار وشيء من عذابها


الشيخ عبدالله بن محمد البصري





أَمَّا بَعدُ، فَـ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21] ﴿ وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 131، 132]

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، كُلُّ مَا قَد تَكُونُونَ أَحسَستُم بِهِ مِن أَلَمٍ في يَومٍ مَا، أَو شَاهَدتُم مَن يُحِسُّ بِهِ فَرَحِمتُمُوهُ، فَإِنَّهُ لا يُسَاوِي شَيئًا أَمَامَ النَّارِ الَّتي أَعَدَّهَا اللهُ لِلكَافِرِينَ بِهِ، المُتَمَرِّدِينَ عَلَى شَرعِهِ المُكَذِّبِينَ لِرُسُلِهِ، إِذ هِيَ مُنتَهَى العَذَابِ وَشَرُّ المَآبِ، وَهِيَ الخِزيُ الأَكبَرُ وَالخُسرَانُ العَظِيمُ، الَّذِي لا خِزيَ فَوقَهُ وَلا خُسرَانَ أَعظَمُ مِنهُ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [ص: 55، 56] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [آل عمران: 192] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 63] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَاعِبَادِ فَاتَّقُونِ ﴾ [الزمر: 15، 16] وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُؤتى بِأَنعَمِ أَهلِ الدُّنيَا مِن أَهلِ النَّارِ، فَيُصبَغُ في النَّارِ صَبغَةً ثم يُقَالُ لَهُ: يَا بنَ آدَمَ، هَل رَأَيتَ خَيرًا قَطُّ؟ هَل مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لا وَاللهِ يَا رَبِّ... " الحَدِيثَ رَوَاهُ مُسلِمٌ.

وَكَيفَ لا تَكُونُ النَّارُ كَذَلِكَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَهِيَ الثَّقِيلَةُ الضَّخمَةُ العَصِيَّةُ، الَّتي قَالَ فِيهَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " يُؤتَى بِجَهَنَّمَ يَومَئِذٍ لها سَبعُونَ أَلفَ زِمَامٍ، مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبعُونَ أَلفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا " رَوَاهُ مُسلِمٌ، أُولَئِكَ سَبعُونَ أَلفًا يَجرُّونَهَا، وَأَمَا خَزَنَتُهَا القَائِمُونَ عَلَيهَا، فَوَصَفَهُم مَن خَلَقَهُم وَهُوَ أَعلَمُ بهم، فَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6] وَهَذِهِ النَّارُ - أَعَاذَنَا اللهُ مِنهَا - شَاسِعَةٌ وَاسِعَةٌ، شَدِيدٌ حَرُّهَا، بَعِيدٌ قَعرُهَا، هَوَاؤُهَا سَمُومٌ، وَظِلُّهَا يَحمُومٌ،، وَطَعَامُ أَهلِهَا الضَّرِيعُ وَالزَّقُومُ، وَشَرَابُهُمُ المُهلُ وَالحَمِيمُ، وَشَرَرُهَا ضَخمٌ كَالقُصُورِ أَو كَالجِمَالِ السُّودِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 41 - 44] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الواقعة: 51 - 56] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ ﴾ [الكهف: 29] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ * لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ﴾ [الغاشية: 6، 7] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ * لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ * إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ * كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ ﴾ [المرسلات: 28 - 33] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " نَارُكُم جُزءٌ مِن سَبعِينَ جُزءًا مِن نَارِ جَهَنَّمَ " قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ كَانَت لَكَافِيَةً. قَالَ: " فُضِّلَت عَلَيهَا بِتِسعَةٍ وَسِتِّينَ جُزءًا كُلُّهُنَّ مِثلُ حَرِّهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَمِن شِدَّةِ النَّارِ وَهَولِ عَذَابِ أَهلِهَا بها، أَنَّهَا إِذَا رَأَتهُم قَادِمِينَ إِلَيهَا مِن بَعِيدٍ زَفَرَت، مُعَبِّرَةً عَن حَنَقِهَا وَغَيظِهَا عَلَى هَؤُلاءِ المُجرِمِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا ﴾ [الفرقان: 12] وَقَد أَخبَرَ الحَقُّ - سُبحَانَهُ - أَنَّ لها سَبعَةَ أَبوَابٍ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ ﴾ [الحجر: 43، 44] وَعِندَمَا يَرِدُ الكُفَّارُ تُفتَحُ أَبوَابُهَا لِيَدخُلُوهَا خَالِدِينَ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر: 71، 72] يَا لَهُ مِن خِزيٍ مَا أَشَدَّهُ وَعَذَابٍ مَا أَعظَمَهُ !! تُغلَقُ أَبوَابُ جَهَنَّمَ عَلَى المُجرِمِينَ، فَلا يَطمَعُونَ في الخُرُوجِ مِنهَا بَعدَ ذَلِكَ، بَل وَلا يَخبُو أُوَارُهَا مَعَ تَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَمُرُورِ الأَيَّامِ، وَإِنَّمَا هِيَ في اشتِدَادٍ، وَعَذَابُهُم فيها في ازدِيَادٍ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ ﴾ [البلد: 19، 20] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَذُوقُوا فَلَن نَزِيدَكُم إِلاَّ عَذَابًا ﴾ وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ كُلَّمَا خَبَت زِدنَاهُم سَعِيرًا ﴾ وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ فَلا يُخَفَّفُ عَنهُمُ العَذَابَ وَلا هُم يُنصَرُونَ ﴾ وَمِن تَمَامِ عَدلِ اللهِ في جَزَائِهِ، أَن جَعَلَ هَذِهِ النَّارَ مُتَفَاوِتَةً في شِدَّةِ حَرِّهَا وَمَا أَعَدَّهُ مِنَ العَذَابِ لأَهلِهَا، بِحَسَبِ شِدَّةِ كُفرِهِم أَو مَعَاصِيهِم، فَهِيَ دَرَكَاتٌ بَعضُهَا أَحَطُّ مِن بَعضٍ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ المُنَافِقِينَ في الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ ﴾ وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مِنهُم مَن تَأخُذُهُ النَّارُ إِلى كَعبَيهِ، وَمِنهُم مَن تَأخُذُهُ النَّارُ إِلى رُكبَتَيهِ، وَمِنهُم مَن تَأخُذُهُ النَّارُ إِلى حُجزَتِهِ، وَمِنهُم مَن تَأخُذُهُ النَّارُ إِلى تَرقُوَتِهِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - " إِنَّ أَهوَنَ أَهلِ النَّارِ عَذَابًا مَن لَهُ نَعلانِ وَشِرَاكَانِ مِن نَارٍ يَغلِي مِنهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغلِي المِرْجَلُ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهوَنُهُم عَذَابًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وَأَمَّا أَهلُ النَّارِ الخَالِدُونَ فِيهَا وَلا يَرحَلُونَ عَنهَا وَلا يَبِيدُونُ، فَهُمُ الكَفَرَةُ وَالمُشرِكُونَ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ﴾ [فاطر: 36] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 39] وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ [المائدة: 36، 37] وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " يُجَاءُ بِالمَوتِ يَومَ القِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبشٌ أَملَحُ، فَيُوقَفُ بيَنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَيُقَالُ: يَا أَهلَ الجَنَّةِ، هَل تَعرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشرَئِبُّونَ وَيَنظُرُونَ، وَيَقُولُونَ: نَعَم، هَذَا المَوتُ. قَالَ: وَيُقَالُ: يَا أَهلَ النَّارِ، هَل تَعرِفُونَ هَذَا؟ فَيَشرَئِبُّونَ وَيَنظُرُونَ، وَيَقُولُونَ: نَعَم، هَذَا المَوتُ. قَالَ: فَيُؤمَرُ بِهِ فَيُذبَحُ. قَالَ: ثم يُقَالُ: يَا أَهلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلا مَوتَ، وَيَا أَهلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلا مَوتَ " قَالَ: ثم قَرَأَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [مريم: 39].

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد تَعَدَّدَتِ النُّصُوصُ الَّتي تَدُلُّ عَلَى كَثرَةِ مَن يَدخُلُ النَّارَ مِن بَنِي آدَمَ، وَلَعَلَّ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ ذَلِكَ اتِّبَاعَ شَهَوَاتِ النُّفُوسِ، وَتَعَجُّلَ تَحصِيلِهَا وَالوُصُولِ إِلَيهَا بِالطَّرِيقِ الَّتي تَهوَاهَا تِلكَ النُّفُوسُ، دُونَ مُرَاعَاةٍ لِمَا شَرَعَهُ اللهُ أَو جَاءَ بِهِ رَسُولُهُ، يُضَافُ إِلى ذَلِكَ تَمَسُّكُ الأَبنَاءِ بِمِيرَاثِ الآبَاءِ المُنَاقِضِ لِشَرعِ اللهِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الجَنَّةُ بِالمَكَارِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ " وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ﴾ [الزخرف: 23، 24] وَلَمَّا كَانَ الانسِيَاقُ لِلشَّهَوَاتِ وَاتِّبَاعُ الأَهوَاءِ مِن أَكبَرِ أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ، كَانَتِ النِّسَاءُ في النَّارِ أَكثَرَ مِنَ الرِّجَالِ؛ لِغَلَبَةِ الهَوَى عَلَيهِنَّ وَمَيلِهِنَّ إِلى عَاجِلِ زِينَةِ الدُّنيَا، وَمِنَ الأَسبَابِ العَظِيمَةِ في دُخُولُ النَّارِ عَدَمُ القِيَامِ بِالتَّكَالِيفِ الشَّرعِيَّةِ مَعَ التَّكذِيبِ بِيَومِ الدِّينِ؛ فَقَد أَخبَرَنَا الحَقُّ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - أَنَّ أَهلَ الجَنَّةِ يَسأَلُونَ أَهلَ النَّارِ قَائِلِينَ: ﴿ مَا سَلَكَكُم في سَقَرَ ﴾ فَيُجِيبُونَ قَائِلِينَ: ﴿ لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ ﴾ [المدثر: 43 - 47] وَالنِّفَاقُ أَيضًا مِن أَكبَرِ أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَعَدَ اللهُ المُنَافِقِينَ وَالمُنَافِقَاتِ وَالكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسبُهُم وَلَعَنَهُمُ اللهُ وَلَهُم عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾ وَمِن أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ الكِبرُ، وَهَيَ صِفَةٌ يَتَّصِفُ بها عَامَّةُ أَهلِ النَّارِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاستَكبَرُوا عَنهَا أُولَئِكَ أَصحَابُ النَّارِ هُم فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ وَفي الصَّحِيحَينِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَلا أُخبِرُكُم بِأَهلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَو أَقسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، أَلا أُخبِرُكُم بِأَهلِ النَّارِ، كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُستَكبِرٍ " وَمِن أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ أَكلُ الحَرَامِ وَتَغذِيَةُ الأَجسَادِ بِهِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ اللهِ بِغَيرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِن سُحتٍ فَالنَّارُ أَولى بِهِ " رَوَاهُ الطَّبرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَمِن أَسبَابِ دُخُولِ النَّارِ الظُّلمُ وَالأَذَى، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " عُذِّبَتِ امرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتهَا حَتَّى مَاتَت، فَدَخَلَت فِيهَا النَّارَ. لا هِيَ أَطعَمَتُهَا وَلا سَقَتهَا إِذْ حَبَسَتهَا، وَلا هِيَ تَرَكَتْهَا تَأكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرضِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَقِفُوا عِندَ حُدُودِهِ، وَاحذَرُوا المَعَاصِيَ صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا وَقَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا، فَإِنَّ أَعمَالَ أَهلِ النَّارِ كُلَّهَا تَدخُلُ في مَعصِيَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 14]
♦♦♦♦♦

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الكُفرَ سَبَبٌ لِلخُلُودِ في النَّارِ، وَمَا دُونَهُ مِنَ المَعَاصِي سَبَبٌ في دُخُولِهَا وَالتَّعذِيبِ بها، فَإِنَّ النَّجَاةَ مِنهَا تَكُونُ بِتَحقِيقِ التَّوحِيدِ وَإِخلاصِ العَمَلِ للهِ، وَالإِيمَانِ بِهِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، وَالإِحسَانِ إِلى الخَلقِ، وَذِكرِ اللهِ وَدُعَائِهِ بِالنَّجَاةِ، وَلَذَا كَانَ الإِيمَانُ مِن أَعظَمِ مَا يَتَوَسَّلُ بِهِ عِبَادُ اللهِ إِلى رَبِّهِم لِيُخَلِّصَهُم مِنَ النَّارِ ﴿ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ اللهَ - تَعَالى - قَد حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَن قَالَ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَبتَغِي بِذَلِكَ وَجهَ اللهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " مَا مِنكُم مِن أَحَدٍ إِلاَّ سَيُكَلِّمُهُ اللهُ لَيسَ بَينَهُ وَبَينَهُ تُرجُمَانٌ، فَيَنظُرُ أَيمَنَ مِنهُ فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ أَشأَمَ مِنهُ فَلا يَرَى إِلاَّ مَا قَدَّمَ، وَيَنظُرُ بَينَ يَدَيهِ فَلا يَرَى إِلاَّ النَّارَ تِلقَاءَ وَجهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَو بِشِقِّ تَمَرَةٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. وَقَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لَن يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبلَ طُلُوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُرُوبِهَا - يَعنِي صَلاتَيِ الفَجرِ وَالعَصرِ" رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن عَبدٍ يَصُومُ يَومًا في سَبِيلِ اللهِ - تَعَالى - إِلاَّ بَاعَدَ اللهُ بِذَلِكَ اليَومِ وَجهَهُ عَنِ النَّارِ سَبعِينَ خَرِيفًا " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ " وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَلَا أُخبِرُكُم بِمَن يَحرُمُ عَلَى النَّارِ أَو بِمَن تَحرُمُ عَلَيهِ النَّارُ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهلٍ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ لِغَيرِهِ. وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خُذُوا جُنَّتَكُم " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِن عَدُوٍّ قَد حَضَرَ؟ قَالَ:" لا، وَلَكِنْ جُنَّتُكُم مِنَ النَّارِ قَولُ: سُبحَانَ اللهِ، وَالحَمدُ للهِ، وَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكبَرُ، فَإِنَّهُنَّ يَأتِينَ يَومَ القِيَامَةِ مُجَنِّبَاتٍ وَمُعَقِّبَاتٍ، وَهُنَّ البَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ أَكثَرُ دُعَاءِ النَبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَنِ ابتُلِيَ مِن هَذِهِ البَنَاتِ بِشَيءٍ فَأَحسَنَ إِلَيهِنَّ كُنَّ لَهُ سِترًا مِنَ النَّارِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ. فَاتَّقُوا اللهَ وَخُذُوا حَظَّكُم مِن هَذِهِ الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتي صَحَّ أَنَّهَا وِقَايَةٌ مِنَ النَّارِ، فَإِنَّ النَّارَ لا يَصلاهَا إِلاَّ الأَشقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى، وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتقَى ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا * ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 71، 72].



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.90 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.23 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]