|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() احذر من سارقي رمضان كمال عبدالمنعم محمد خليل ينتظر المسلمُ قُدوم شهر رمضان في كل عام؛ ليكون محطةً تربوية يُراجِع فيها نفسه، فيقوم المُعوَجَّ، ويُصحِّحُ الخطأ، مع أمل في الله تعالى لمغفرة ما قد مضى مِن ذنوب، مع استعدادٍ تامّ، وهمةٍ عالية للمسارعة في الخيرات، وترْكِ المنكرات، والتقرب إلى الله تعالى بشتَّى القربات، وإذا أتى شهر رمضان جدَّ وهم معه لصوصُه وسارقوه، في محاولاتٍ حثيثة لإضاعة الفرصة الذهبية على مَن يريد أن يُحقِّق مبتغاه في تقوى الله تعالى، مِن خلال فريضة الصيام التي هدفها الأسمى- كما حدده الله تعالى-: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]. إنَّ المسلم الواعي لا بد أن ينتبه جيدًا إلى مَن يريد أن يُعكِّر صفوه، ويَذهب بهذه الفرصة سدًى، ويحاول أن ينتزع منه- بطريقة هي أقرب إلى السرقة- هذا الكَنْز الثمين. وأول ما ينبغي الحذَر منه هذه النفس التي قد تُسوِّلُ لصاحبها وتسوِّف له، وتزيِّن له سوء العمل، فتُخاطبه بالهمس والوسوسة قائلةً: الفُرَص كثيرة، ورمضان يتكرَّرُ كل عام، فلا عليك أن تهفو هفوة، أو تقع في نزوة، أو تترك العنان لجوارحك؛ في كلمات، ونظرات، وجلسات، وكل ذلك- لا شك- سيكون حسرات على مَن يَستجيبُ لهذا الأزِّ وهذا الكيد، سواء كان من شياطين الإنس، أو من شياطين الجِنِّ. إن الذي يُطيع نفسه الأمارة بالسوء فلا يردعُه رادع مِن دين، ولا وازعٌ من ضمير- خاصة في أيام شهر رمضان- ففي أي وقت يرتدع؟ وبأي شيء يعتبر؟ وأي فرصة ستسنح له مثل هذه؟! والحذَر مِن جليس سوءٍ يَغتاب وينمُّ، ويجاهِر بالمعصية، فيتعمد الفِطر في نهار رمضان، وهذا من أخطر لصوص رمضان؛ فهو لصُّ الإيمان، ولصُّ الطاعة، ولصُّ الحسنات، ولصُّ الصلاح، وليتَه انتفع بما سرَق، إنما يسرقه ويتلفُه ولا ينتفع به، فهو كمن يسرِقُ جواهرَ ثمينة، ثم يُلقي بها في هُوَّة سحيقة، أو قاع بحر عميق، فلا هو استفاد منها، ولا ترَكها لغيره يستفيدُ بها، والصاحب ساحبٌ- كما قيل- فليتخيَّر أحدُنا رُفقةً تُعينه على البر والتقوى؛ روى الترمذي وقال: حديث حسن، والحاكم وصحَّحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الرجل على دين خليله؛ فلينظرْ أحدكم مَن يُخالل)، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيرُ الأصحاب صاحبٌ إذا ذكرتَ الله تعالى أعانك، وإذا نسيتَ ذكَّرك)؛ رواه السيوطي عن الحسن البصري مُرْسَلاً، وضعَّفه الألباني. ومِن لصوص شهر رمضان هذه الشاشة، التي يجلس أمامَها الكبيرُ والصغيرُ، ليتسلَّى، ويُضيِّع وقته كما يدعي وهو لا يدري في الحقيقة أنه يضيع صومَه؛ لأنه لا يَسلمُ مِن كلمة عارية، أو لقطة عارية، أو فكرة عارية، وكل ذلك يقدح في صومه، ويُضعِفُ من إيمانه؛ روى ابن ماجه- واللفظ له- والنسائي وابن خزيمة في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ![]() وكذلك فإن الجلوس على الحاسوب، ومتابعة مواقع الإنترنت، وغرف الدردشة، والمحادثات على مواقع التواصل الاجتماعي- تسرق الأوقات، علاوة على ما في ذلك مِن محاذير تتعلق بالأخلاق والآداب، يقول الشاعر: لا تَجْعَلَنْ رمضان شهرَ فكاهة ![]() تُلهيك فيه مِن القبيح فنونُه ![]() واعلمْ بأنك لن تنال قَبوله ![]() حتى تكونَ تصومُه وتصونُه ![]() ومِن سارقي شهر رمضان هذا اللسان الذي قد يَكذِبُ، ويشهد زورًا، ويقول فُحشًا وفُجورًا، ولا يتربَّى بهذه العبادة التي هي الصوم عن الطعام والشراب وكلِّ مُفطرٍ، وهي أيضًا صونُ اللسان عن الوُقوع في كل ما يُغضِبُ الله تعالى، وقد يزعمُ البعضُ ويدَّعي أن الصوم يُعكِّرُ الحالة المزاجية للإنسان، وهو زعم خاطئٌ، وادِّعاء كاذب؛ لأن الصوم يُهذِّبُ النفس ويربيها، ويضبطُ الحالة المزاجية، ويُعوِّد النفس على التوازن الانفعالي؛ روى البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، الصيام جُنَّةٌ، إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يَرفُث ولا يصخب، إن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم). وقال جابر رضي الله عنه: "إذا صمتَ فليَصُمْ سمعُك وبصرُك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودَعْ أذى الجار، وليكن عليك وقارٌ وسكينة يومَ صومك، ولا تجعل يومَ صومك ويوم فطرك سواء"، قال الشاعر: إذا لم يكن في السمع مني تصاوُن ![]() وفي مُقلتي غضٌّ وفي منطقي صمتُ ![]() فحَظِّي إذًا مِن صوميَ الجوعُ والظَّما ![]() وإن قلت: إني صمتُ يومًا فما صمتُ ![]() أما المرأة المسلمة فهي تتعرض لسرقة في هذا الشهر مِن نوع خاصٍّ، وذلك بقضاء أوقات مطولة في إعداد الطعام بصورة فيها تكلُّفٌ، وعدم اقتصادٍ، وإسراف وتبذير، وقد يكون هذا الكلام محلَّ اعتراض منهنَّ بالقول: كيف إذًا نُعدُّ الطعام؟ هل نترك ذلك ونتفرغ للذكر؟! ونرد بالقول: إن إعداد الطعام للأسرة من الأعمال التي تُؤجَرُ عليها المرأة، فهو يتطلَّبُ الجهدَ والوقت، ولكن نعني بالكلام: عدمَ المبالغة، فالوسطيَّةُ مَطلوبة في كل الأمور حتى في العبادة، وهذا الشهرُ ليس شهر طعام وشراب- كما هو الحال عند البعض- إنما هو شهرٌ تستريح فيه المعدة من عناء عام كامل، وقد أكَّد الأطباء أنَّ مَن أراد الشفاء من أمراض المعدة والجهاز الهضمي والقولون وغير ذلك- فعليه أن يستثمرَ شهر رمضان في تنظيم طعامه وشرابه، والامتناع عن القبيح من العادات الضارة؛ مثل: التدخين وغير ذلك، وخير تدريب عملي هذا الشهر الكريم، وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من إتخام المعدة بالطعام؛ روى الإمام أحمد،والترمذي،والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديثٌ حسن، عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما ملأ آدمي وعاء شرًّا من بطنٍ، بحسب ابن آدم أكلات يُقمْنَ صلبَه، فإن كان لا محالةَ فثُلُث لطعامه، وثُلُث لشرابه، وثُلُث لنَفَسِه). إن المسلم عليه أن يستثمرَ هذه الأيام بل هذه اللحظات في تحصيل كل خير، واجتناب كل شر؛ فالفائزُ مَن خرج من رمضان مغفورًا له، والخاسرُ مَن أدرك رمضان فمرَّ عليه دون مكسبٍ حقَّقَه في دينه وأخراه، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رَغِمَ أنفُ رجل ذكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ، ورَغِم أنفُ رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يُغفَرَ له، ورَغِم أنفُ رجل أدرك عنده أبواه الكبرَ فلم يُدخلاه الجنة). اللهم تقبَّل الصيام والقيام، وصالح الأعمال، اللهم اجعلنا من عتقائك من النار ومن المقبولين، اللهم آمين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |