توارد الأحلام والمصائر بين بورخس وأبي العلاء الهمذاني - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1389 - عددالزوار : 140492 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-05-2021, 01:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,163
الدولة : Egypt
افتراضي توارد الأحلام والمصائر بين بورخس وأبي العلاء الهمذاني

توارد الأحلام والمصائر بين بورخس وأبي العلاء الهمذاني


عبدالكريم يحيى الزيباري








يقول بورخس: "لطالما تَخَيَّلْتُ الفِردوس كنوْعٍ من المكتبة، بينما يُفكِّرُ الآخَرون بحديقة أو قصر"؛ بورخس "سبعُ ليالٍ" ترجمة د. عابد إسماعيل، دار الينابيع، 2009، دمشق، ص144.

قال ابن الجوْزي في ترجمة الحافِظ أبي العلاء الهمذاني: "وتوفِّي ليلة الخميس عاشر جُمادى الآخِرة من هذه السنة - يقصِد سنة 569 هـ - وقد جاوزَ الثَّمانين بأرْبعة أشهُر وأيَّام .... وبلغني أنَّه رُئي في المنام في مدينة جَميع جُدرانها من الكتُب، وحوْله كتُب لا تُحَدُّ، وهو مشتغل بمطالعتِها، فقيل له: ما هذه الكتُب؟ قال: سألت الله أن يشغلني بما كنت أشتغل به في الدُّنيا، فأعطاني"؛ أبو الفرج بن الجوزي "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم"، دار صادر بيروت، ج10 - ص248.

يقرؤُون ولا نقرأ، يَصنعون ونستورِد، يفكِّرون ونقلِّد، قصَّرُوا التَّنانير في السَّبعينيَّات، فقصَّرنا أكثر منهم، وقلَّدناهم في موضة الملابس وقصَّات الشَّعر، احتفلوا مرَّةً في الأسبوع، في عطلة نهاية الأسبوع، ومرَّةً في السَّنة: سفرة سياحيَّة وإجازة صيفيَّة، فاحتفلنا طوال العام: حفلات وطرب وكليبات، نُنفق عليْها ملايين الدولارات سنويًّا، وهكذا تواردتْ وتتوارد الأحلام والمصاير بين الشَّرق والغرب.

نحن كنَّا داخل التيه، ولا زلنا، حيثُ كلُّ شيء ليس له معْنى كما حَدَثَ لـ"أَليس" في بلاد العجائب، وورِثْنا معنى العبث خطأً من الأعشى الكبير:













لَعَمْرُكَ مَا طُولُ هَذَا الزَّمَنْ عَلَى المَرْءِ إِلاَّ عَنَاءٌ مُعَنّْ


ونسبنا العبَث إلى ألبير كامو، وهو الذي تبرَّأ من العبث، بِمعناه الذي اقتبسْناه على الأقلّ، يقول ألبير كامو: "ليس سُدى أنَّ الناس حتَّى الآن تلاعبوا بالألْفاظ، وتظاهروا بالاعتِقاد بأنَّ المرء حين يرْفض إعطاء معنًى للحياة، فإنَّ ذلك يؤدِّي حتمًا إلى القول بأنَّها لا تستحقُّ العيش، في الواقع ليس ثمَّة شيء مشترك يربِط بين هذين القولين"؛ جرمين بري - ألبير كامو - ترجمة جبرا إبراهيم جبرا، دار الثقافة 1968، بيروت، ص217.

رفض إعطاء معنى للحياة؛ أيْ: إنَّها فانية لا تستحقُّ أن نقتتِل من أجلها، ودوام الحال فيها من المُحال، حتَّى طعام الجنَّة ملُّوه وقالوا: "لا نَصبرُ على طعامٍ واحد".

وتتوارد مصاير الشعوب في خواطر الشعراء؛ قال النَّابغة الذبياني يصِف الحرب:


تَبْدُو كَوَاكِبُهُ وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ لا النُّورُ نُورٌ وَلا الإِظْلامُ إِظْلامُ


يريد شدَّة الهول والكرب، بقوله: "تبدو كواكبه والشَّمس طالعة"، كما تقول العامَّة: أريتُه النجوم وقت الضُّحى، قال الفرزدق:

أُرِيكَ نُجُومَ اللَّيْلِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ


وقال طرفة بن العبد:

وَتُرِيكَ النَّجْمَ يَجْرِي بِالظُّهُرْ



وإليْه ذهب جرير في قوله:

وَالشَّمْسُ طَالِعَةٌ لَيْسَتْ بِكَاسِفَةٍ تَبْكِي عَلَيْكَ نُجُومَ اللَّيْلِ وَالقَمَرَا



ابن عبد ربه "العقد الفريد" ج 1: باب العمل في الحرب، ص27.

ومن أسلوب النابغة "لا النور نورٌ"، يقول أبو تمَّام الطَّائي:


لا أَنْتِ أَنْتِ وَلا الدِّيَارُ دِيَارُ خَفَّ الهَوَى وَتَوَلَّتِ الأَوْطَارُ
إِذْ لا صُدُوفُ وَلا كُنُودُ اسْمَاهُمَا كَالمَعْنَيَيْنِ وَلا نَوَارُ نَوَارُ



وتعليقًا على صدْر البيت الأوَّل لأبي تمَّام ذَكَر محمود درويش في تقْديم ديوانه "لا تعتذِر عمَّا فعلت" قول الشَّاعر فدريكو جارسيا لوركا: وَالآنَ لا أَنَا أَنَا، وَلا البَيْتُ بَيْتِي، وتحتَه كتبَ درويش: "توارد خواطر، أو توارد مصاير!".

وربَّما قصد محمود درويش: "عند توارد المصاير: تتوارد الخواطر".

كما حدثَ بين أحلام بورخس وأحلام التنوخي وأحلام أبي العلاء الهمذاني، وغابت أحْلام مستغانمي، عن عالم الرِّواية، لتقدِّم للنساء نصائحَ في نبذ عشق الرِّجال والاستسلام لهم والوقوع في مصايدهم، وفي كتابٍ كامل لم تقُل أكثرَ ممَّا قاله المثل الشَّعبي المصري: "يا مؤامنة للرجال يا مؤامنة للميَّة في الغربال"، وكانت في انشِغالها بتأليف كتابها، الَّذي سمعنا عنه إعلانات كثيرة، كأُمِّ العروس "فاضية ومشغولة".

كان بورخس يقول: "إنَّ العرب لا يحترمون تراثهم كثيرًا"، وحقيقةً لا أدري ماذا يقصد بعدم احتِرام التراث، خاصَّةً وأنَّه لم يرَ دعاة الحداثة المزيَّفة، كالحواة والمهرِّجين على أبْواب سفارات الدُّول الغربيَّة، وعلى أبواب السَّاسة، يستجْدون رجال الشرطة والحرس، ينتظرون إذن الدخول، وأحدهم يقول للآخر: اذْكُرني عند الوالي، هؤلاء الَّذين يرون الحداثة التحلُّل من الأخلاق والمبادئ، ويقول الروائي الفرنسي، والَّذي عمل في الهيئات الدبلوماسيَّة ستاندال: "إنَّ الحروب الصليبيَّة هي التي جعلت أوربا تختلِط بشعوب الشَّرق الأوسط، فانتبهوا إلى أهمّيَّة الأخلاق وعرفوا أنَّهم برابرة"، وكانوا يحلمون بحياةٍ أفضل، فَأخذوا الصدق وحب العلوم وشُغِفُوا بالقراءة، وكان الشَّرق قد بدأ رحلته نحو الانحِلال الخلقي والإباحيَّة، وبعد قرونٍ طويلة، عندما كان يَحكمهم مَنْ ليس منهم، صارَ أحدُهم مواطنًا من الدرجة الثانية، ليس لديه وقت للتَّفكير والتأمُّل ولا للقراءة، لا يفكِّر إلاَّ في رغيف الخبز، وعادت الحملات الصليبيَّة، فرحَّب بها الجياع والفقراء، فمنحونا الملاهي الليليَّة وحبَّ المال والنقود والمناصب، وأخذوا منَّا القدس والنفط والأيْدي العاملة الرَّخيصة، والكفاءات العلميَّة فيما بعد، ولكن قبْل هذا وذاك أخذوا الأخلاق، فصار الَّذي يدَّعي الحداثة، يطعنُ في نسبهِ إلى أبيه، ولسان حالهِ يقول: الحداثة أن تصير ديَّوثًا، فليس من الحداثة أن يغارَ الرجلُ على امرأته أو ابنته!

نهاية عام 2003 ذهبَ زميلٌ صحافي ليخطبَ ابنة أحد الحداثيِّين، فسأله: أخاف إذا وافقت، أنْ تحرم ابنتي من أنْ تخرجَ مع أصدِقائها، أو تسافر لوحدها، لأنَّها تتمتَّع بجنسية أوربية، وليست مثلك، فهل أنت حداثي مثلنا؟!

وعادت الحروب الصليبيَّة مرَّةً أخرى، وأجبروا ملايينَ الشَّباب على قضاء أوْقاتِهم كافَّة بين الفضائيَّات والإنترنت، وسرقوا أهمَّ وأخطر ما لديْنا وهو الوقت، الوقت أفضلُ الأشياء وأسوَؤُها، بحسب طريقة استغلاله.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.63 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.19%)]