أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (5) فضائل عائشة ومناقبها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 573 - عددالزوار : 304579 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 45 - عددالزوار : 37643 )           »          هل الخلافة وسيلة أم غاية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 1504 )           »          من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 466 - عددالزوار : 141340 )           »          كثرة أسماء القرآن وأوصافه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-12-2021, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,105
الدولة : Egypt
افتراضي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (5) فضائل عائشة ومناقبها

أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (5) فضائل عائشة ومناقبها
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل





الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ؛ يَرْفَعُ مَنْ يَشَاءُ وَيَضَعُ مَنْ يَشَاءُ وَبِيَدِهِ الْمِيزَانُ، وَيُعْطِي مَنْ يَشَاءُ وَيَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَضَّلَ الْبَشَرَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِكَسْبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ؛ فَفِيهِمُ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَالشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ، وَفِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَكُلُّ عَامِلٍ يَجِدُ مَا عَمِلَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَرْسَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلنَّاسِ هَادِيًا وَبَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَاصْطَفَى لَهُ أَزْوَاجًا وَأَصْحَابًا كَانُوا لَهُ أَعْوَانًا، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَقِيمُوا لَهُ دِينَكُمْ، وَأَخْلِصُوا لَهُ أَعْمَالَكُمْ، وَاقْتَفُوا أَثَرَ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْقَبُولِ، وَلَا قَبُولَ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ وَالْمُتَابَعَةِ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 112]، فَإِسْلَامُ الْوَجْهِ هُوَ الْإِخْلَاصُ، وَالْإِحْسَانُ هُوَ مُتَابَعَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أَيُّهَا النَّاسُ:
يَزْخَرُ تَارِيخُ الْمُسْلِمِينَ بِنِسَاءٍ عَظِيمَاتٍ كَثِيرَاتٍ، كَانَ لَهُنَّ أَثَرٌ فِي الْإِسْلَامِ. وَفِي مُقَدِّمَةِ أُولَئِكَ النِّسْوَةِ زَوْجَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ؛ فَهُنَّ خَلِيلَاتُ أَكْرَمِ بَشَرٍ وَأَفْضَلِ نَبِيٍّ، وَهُنَّ نَاقِلَاتُ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِي خَاصَّةِ بَيْتِهِ، فَلَهُنَّ عَلَيْنَا فَضْلٌ عَظِيمٌ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُنَّ فِي قُلُوبِنَا مَكَانَةٌ كَبِيرَةٌ؛ فَهُنَّ أُمَّهَاتُنَا وَزَوْجَاتُ حَبِيبِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ أَحَبُّهُنَّ إِلَى قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا، عَقَدَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَكَّةَ، وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ هِجْرَتِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَفَضَائِلُهَا كَثِيرَةٌ، وَمَنَاقِبُهَا عَدِيدَةٌ.

وَمِنْ مَنَاقِبِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ أَحَبَّ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَلْبِهِ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا سِوَاهَا، وَمَاتَ فِي يَوْمِهَا وَعَلَى صَدْرِهَا، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقَهَا، وَدُفِنَ فِي حُجْرَتِهَا.

وَمِنْ أَعْظَمِ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْزَلَ فِي بَرَاءَتِهَا مِنَ الْإِفْكِ قُرْآنًا يُتْلَى إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، فِي ثَمَانِيَ عَشْرَةَ آيَةً، وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ فِي أَوَّلِ آيَةٍ مِنْ قِصَّةِ الْإِفْكِ أَنَّهُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَأَوَّلُ مَنْ يَتَنَاوَلُهُ الْخَيْرُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [النُّورِ: 11]. فَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى إِفْكًا؛ وَهُوَ الِافْتِرَاءُ الْمُخْتَلَقُ، فَثَبَتَتْ بَرَاءَتُهَا مِنْهُ، قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: «فَكُلُّ مَنْ رَمَاهَا بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ فَهُوَ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ كَذَّبَ اللَّهُ فَهُوَ كَافِرٌ».

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى زَكَّاهَا، وَأَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِتَزْكِيَتِهَا، فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ﴾ [النُّورِ: 12]، رَوَى الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ أَنَّ امْرَأَةَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَتْ لَهُ: «أَمَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: بَلَى، وَذَلِكَ الْكَذِبُ، أَكُنْتِ فَاعِلَةً ذَلِكَ يَا أُمَّ أَيُّوبَ؟ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَهُ. قَالَ: فَعَائِشَةُ وَاللَّهِ خَيْرٌ مِنْكِ».

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَظَّمَ أَمْرَ الْإِفْكِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 15]، ثُمَّ لَامَ الْخَائِضِينَ فِيهِ كَمَا لَامَ السَّاكِتِينَ عَلَى عَدَمِ دِفَاعِهِمْ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ﴿ وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 16]، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَوْمٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لِأَجْلِ أَحَدٍ، إِلَّا لِأَجْلِ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ وَلِأَجْلِ أَبِيهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ ﴾ [التَّوْبَةِ: 40].

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هَدَّدَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْعُقُوبَةِ انْتِصَارًا لَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [النُّورِ: 20]؛ أَيْ: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ لَعَاقَبَكُمْ فِيمَا قُلْتُمْ لِعَائِشَةَ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا مُبَشَّرَةٌ بِالْجَنَّةِ، وَهِيَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا؛ كَمَا قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَزْوَاجُكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ، قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرِي» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ.

وَكَانَ مُسْتَقِرًّا عِنْدَ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَائِشَةَ اشْتَكَتْ فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: «يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، تَقْدَمِينَ عَلَى فَرَطِ صِدْقٍ؛ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَى أَبِي بَكْرٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَّلَهَا عَلَى سَائِرِ نِسَائِهِ سِوَى خَدِيجَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَمَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُقْرِئُهَا السَّلَامَ؛ كَمَا قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشُ، هَذَا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. قَالَتْ: وَهُوَ يَرَى مَا لَا أَرَى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَ أَنْ يُمَرَّضَ عِنْدَهَا؛ كَمَا رَوَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي».

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رُخْصَةَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ نَزَلَتْ بِسَبَبِهَا؛ كَمَا قَالَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ -وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ- فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

فَرَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ أُمِّنَا عَائِشَةَ وَأَرْضَاهَا، وَأَخْزَى عَدُوَّهَا وَشَانِئَهَا.
وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 281].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَفْقَهَ نِسَاءِ الْأُمَّةِ وَأَعْلَمَهَا، وَأَكْثَرَ النِّسَاءِ رِوَايَةً لِلْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيْهَا فِي مُعْضِلَاتِ الْمَسَائِلِ، فَكَانَ نَفْعُهَا لِلْأُمَّةِ عَظِيمًا، وَخَلَّفَتْ عِلْمًا غَزِيرًا، وَكَانَتْ مَعَ عِلْمِهَا وَفِقْهِهَا كَثِيرَةَ التَّعَبُّدِ وَالتَّأَلُّهِ، فَلَا تَكَادُ تُفْطِرُ، وَتُكْثِرُ التَّهَجُّدَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرَ.

وَمِنْ مَنَاقِبِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّهَا كَانَتْ آيَةً فِي الزُّهْدِ وَإِنْفَاقِ الْمَالِ الْعَظِيمِ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَلَهَا أَخْبَارٌ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ بَلَاغًا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلَّا رَغِيفٌ، فَقَالَتْ لِمَوْلَاةٍ لَهَا: أَعْطِيهِ إِيَّاهُ، فَقَالَتْ: لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ، فَقَالَتْ: أَعْطِيهِ إِيَّاهُ، قَالَتْ: فَفَعَلْتُ، قَالَتْ: فَلَمَّا أَمْسَيْنَا أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إِنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَنَهَا، فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ فَقَالَتْ: كُلِي مِنْ هَذَا، هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ» وَقَالَ عَنْهَا ابْنُ أُخْتِهَا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ «رَأَيْتُهَا تَصَدَّقُ بِسَبْعِينَ أَلْفًا، وَإِنَّهَا لَتُرَقِّعُ جَانِبَ دِرْعِهَا».

وَكَانَتْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَنْسَى نَفْسَهَا وَتَذْكُرُ الْمَسَاكِينَ، كَمَا فِي حَدِيثِ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ: «بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ يَكُونُ مِائَةَ أَلْفٍ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صَائِمَةٌ، فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ، قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: يَا جَارِيَةُ، هَاتِي فِطْرِي، فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَمَا اسْتَطَعْتِ فِيمَا أَنْفَقْتِ أَنْ تَشْتَرِي بِدِرْهَمٍ لَحْمًا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَتْ: لَا تُعَنِّفِينِي، لَوْ كُنْتِ أَذْكَرْتِنِي لَفَعَلْتُ»، وَاشْتَرَى مُعَاوِيَةُ مِنْ عَائِشَةَ مَنْزِلَهَا بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَرَطَ لَهَا سُكْنَاهَا حَيَاتَهَا، وَحُمِلَ إِلَى عَائِشَةَ الْمَالُ، فَمَا رَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا حَتَّى قَسَمَتْهُ.


وَبَعْدُ: فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ سِيرَةُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الْعَظِيمَةِ حَاضِرَةً فِي بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَعْلُومَةً لَدَى نِسَائِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ، وَأَنْ يَجْعَلْنَهَا مِثَالًا يُحْتَذَى فِي الْعِفَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالْإِنْفَاقِ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَمَحَبَّةِ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ، وَبَذْلِهِ لَهُمْ، وَنِسْيَانِ النَّفْسِ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى. فَسِيرَةُ الصَّحَابِيَّاتِ وَأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ سِيرَةُ خِيَارِ نِسَاءِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْمُطَالَعَةِ مِنْ سَيْرِ التَّافِهَاتِ، اللَّائِي يُقَدِّمْنَ التَّفَاهَةَ فِي أَحَطِّ صُوَرِهَا.


حَمَى اللَّهُ تَعَالَى بَنَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُنَّ، وَمِمَّنْ يُرِيدُ بِهِنَّ الْإِثْمَ وَالشَّرَّ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.78 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]