دينا قيما - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 9732 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3485 )           »          الخوارج أوصافهم وأخلاقهم.. وذكر التعريف الصحيح لهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 129 - عددالزوار : 65120 )           »          الملك القدوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          حديقة الأدب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 98 - عددالزوار : 29664 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 21 - عددالزوار : 4620 )           »          عون المعبود شرح سنن أبي داود- الشيخ/ سعيد السواح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 449 - عددالزوار : 86015 )           »          قصَّة موسى في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 315 )           »          عابدة متعبدة ميمونة السوداء* (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-02-2022, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,816
الدولة : Egypt
افتراضي دينا قيما

دينا قيما
جمال علي يوسف فياض




الحمد لله الذي أرشد إلى الصراط المستقيم، ومدح الخلق العظيم، وأرسل نبيه محمدًا متممًا لمكارم الأخلاق، وأدَّبه فأحسن تأديبه على الإطلاق، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، صلى الله عله وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:
فيا أيها المؤمنون، أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله - عز وجل - فلقد أمر الله عباده بها فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

عباد الله، إن المجتمعات لا يستقيم أمرها إلا بحسن المعاملات فيما بينها، ولا يتم ذلك إلا بالتحلي بمحاسن الأخلاق ومكارمها، التي بُعث نبينا - صلى الله عليه وسلم - من أجل إتمامها؛ كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بُعثت لأتمم صالح الأخلاق"؛ (مسند أحمد 14/ 513).

لذا فإن الناظر إلى مجتمعاتنا اليوم يدرك أننا حقًّا نعيش أزمة أخلاق، نعم أزمة أخلاق، فما انتشر الغش في المعاملات إلا بترك مكارم الأخلاق، وما تقطعت الأرحام، وعق الآباء والأمهات إلا بترك مكارم الأخلاق، وما تقطعت أواصر المحبة بين الإخوة والجيران إلا بترك مكارم الأخلاق، بل إنني أقول: وما ضيعت الصلوات وتركت الجماعات والجمعات، إلا بترك حسن معاملة العبد لربه، فبترك حسن الخلق مع الله تعالى خلعت بعض النساء جلباب الحياء، كما ترك المروءة والشهامة جمع من الرجال.

لأجل هذا أقول: إن علاج أزمتنا أن نعود عودًا حميدًا إلى أخلاق الإسلام وقيمه، فديننا دين الأخلاق والقيم، كما قال ربنا – تبارك وتعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الأنعام: 161]، (دِينًا قِيَمًا)؛ أي: إن هذا الصراط المستقيم هو الدين الذي به يقوم أمر الناس في معاشهم ومعادهم، وبه يصلحون؛ ( تفسير المراغي 8/ 89).

فحسن الخلق له مكانة عظيمة في ديننا، فمن ذلك أن حسن الخلق من الدين، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"؛ (صحيح، سنن أبي داود ح 4682).

بل إن حسن الخلق هو أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة، كما أخبر بذلك سيد الخلق – صلى الله عليه وسلم - فقال: «مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ في مِيزَانِ العبدِ المُؤْمِنِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإنَّ الله يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ»؛ (رواه الترمذي، وقال: «حديث حسن صحيح» ح 2002).

بل يكفيك أخي الكريم أن تعلم أن صاحب الخلق الحسن يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكون مجلسه يوم القيامة قريبًا من الحبيب المصطفى - عليه الصلاة والسلام - فعن جابر - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ مِنْ أحَبِّكُمْ إليَّ، وَأقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ القِيَامَةِ، أحَاسِنَكُم أَخْلاَقًا، وَإنَّ أَبْغَضَكُمْ إلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيَامَةِ، الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهقُونَ»، قالوا: يَا رسول الله، قَدْ عَلِمْنَا «الثَّرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ»، فمَا المُتَفَيْهقُونَ؟ قَالَ: «المُتَكَبِّرُونَ»؛ (رواه الترمذي، 2018ح)، وقال: «حديث حسن».

إخواني الكرام، تعالوا بنا نطوف سويًّا حول بعض الأخلاق التي تُعد صَمام أمان للمجتمعات، وبها يهنأ الناس، فمن ذلك:
التعاون على الخير وهو: (المساعدة على الحق ابتغاء الأجر من الله سبحانه)، فقد شبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - المؤمنين في اتحادهم وتعاونهم بالجسد الواحد، فقال: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى))؛ (رواه البخاري (6011)، ومسلم (2586) واللفظ له).

وقال صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا))؛ (رواه البخاري (481)، ومسلم (2585).

وإن من واجب الوقت – وقت الشتاء والبرد - مساعدة الفقراء والعمل على حمايتهم من البرد والمطر بأن نمدهم بالثياب والغطاء، وحماية أسطحهم - المعروشة بالخشب والغاب - بعازل يعزل عنهم البرد والمطر، فهذا كله من التعاون على الخير ومن واجبنا الخلقي نحو إخواننا المسلمين.

الشهامة وهي عزة النفس وحرصها على مباشرة أمور عظيمة تُستتبع الذكر الجميل، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24].

قال الحجازي: (فثار موسى، وتحركت فيه عوامل الشهامة والرجولة، وسقى لهما، وأدلى بدلوه بين دلاء الرجال حتى شربت ماشيتهما).

ومن صور الشهامة: النجدة وإغاثة الملهوف، وهذا موقف جميل لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعن أسلم مولى عمر قال: (خرجت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى السوق، فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين، هلك زوجي وترك صبية صغارًا، والله ما ينضجون كراعًا، ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن إيماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فوقف معها عمر ولم يمضِ، ثم قال: مرحبًا بنسب قريب، ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار، فحمل عليه غرارتين ملأهما طعامًا، وحمل بينهما نفقة وثيابًا، ثم ناولها بخطامه، ثم قال: اقتاديه، فلن يفنى حتى يأتيكم الله بخير، فقال رجل: يا أمير المؤمنين، أكثرت لها؟ قال عمر: ثكلتك أمك، والله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه، ثم أصبحنا نستفيء سُهمانَهما فيه)؛ (رواه البخاري، 4160).

العناية بذوي الحاجات والأيتام والأرامل والضعفاء وكبار السن، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل الصائم النهار»؛ (رواه البخاري ح 5353)، وقال صلى الله عليه وسلم: "ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم"؛ (رواه أبو داود ح 2594).

قال ابن بطال: "تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصًا في الدعاء، وأكثر خشوعًا في العبادة، لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا"[1].

الأخوة الصادقة: وتتمثل الأخوة الصادقة في حديث جامع لرسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، ولا يحقره التقوى ها هنا»، ويشير إلى صدره ثلاث مرات «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه»؛ (صحيح مسلم ح 2564).

إخواني الكرام، أحوالنا لن تنصلح إلا إذا طبَّقنا الإسلام عمليًّا بيننا، وأصبح واقعًا حيًّا نعيشه في معاملاتنا وأخلاقنا، أسأل الله أن يهدينا لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، أحمده حمد الذاكرين الشاكرين، وأصلي وأسلم على المبعوث على رحمة للعالمين، سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله ومن والاه، أما بعد:
فكما علمنا - أيها المباركون - أن صلاح أمرنا لا يكون إلا بالتمسك بالأخلاق الطيبة، ويرحم الله شوقي حيث يقول:
إِنَّما الأُمَمُ الأَخلاقُ ما بَقِيَت
فَإِن هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُم ذَهَبُوا




والأمر الأهم أن يقال: ما السبيل إلى التحلي بمكارم الأخلاق؟ كيف أحسن خلقي ومعاملاتي مع الناس؟

والجواب أن العبد يستطيع اكتساب مكارم الأخلاق، وذلك عن طريق الممارسة، والمجاهدة، والتمرين، فيكون الإنسان حسن الخلق بأمور؛ منها:
أولًا: أن ينظر في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئًا من الأخلاق أو الأفعال، فإنه سوف يقوم به.

ثانيًا: أن يصاحب مَن عُرفوا بحسن الأخلاق، والبعد عن مساوئ الأخلاق وسفاسف الأعمال، حتى يجعل من هذه الصحبة مدرسة يستعينُ بها على حسن الخلق، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل"؛ (أخرجه الترمذي 2378، وقال: هذا حديث حسن صحيح).

ثالثًا: أن يتأمل الإنسان ماذا يترتب على سوء خلقه، فسيئُ الخلق ممقوت سيئ الخلق مهجور، سيئ الخلق مذكور بالذكر القبيح، فإذا علم الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا، فإنه يبتعد عنه.

رابعًا: أن يستحضر الإنسان دائمًا صورة خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف أنه كان يتواضع للخلق، ويحلم عليهم، ويعفو عنهم ويصبر على أذاهم، فإذا استحضر الإنسان أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأنه خير البشر، وأفضل من عبد الله تعالى، هانت على الإنسان نفسه وانكسرت صولة الكبر فيها، فكان ذلك داعيًا إلى حسن الخلق[2].

خامسًا: ومن أعظم أسباب اكتساب الأخلاق الحسنة أن تسأل الله أن يرزُقك إياها، وبهذا نختم خطبتنا بأن نسأل الله ذلك، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها، لا يصرف عنا سيئها إلا أنك، اللهم جنِّبنا منكرات الأخلاق، والأهواء، والأعمال، والأدواء".

هذا وصلى الله وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأقم الصلاة.

الدعاء، وأقم الصلاة.

[1] موسوعة الأخلاق الإسلامية / الدرر السنية.

[2] مكارم الأخلاق للعثيمين (ص 33).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.33 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 51.66 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]