الضرورة الشعرية عند ابن جني - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 994 - عددالزوار : 122353 )           »          إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النحو وأصوله
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2022, 10:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,513
الدولة : Egypt
افتراضي الضرورة الشعرية عند ابن جني

الضرورة الشعرية عند ابن جني


د. سعد الدين إبراهيم المصطفى







تَحدَّثَ أبُو الفَتحِ ابنُ جنِّيّ (ت392هـ) في كِتابِهِ (الخصائص) عنِ الضَّرُورةِ الشِّعريَّةِ فَعَقَدَ لَهَا بَاباً بِعُنوانِ: (هل يَجُوزُ لَنا فِي الشِّعرِ مِن الضَّرُورةِ ما جازَ لِلعَرَبِ أو لا)؟ ونَقَلَ الكَلامَ عنْ شَيخِهِ أبِي علِيٍّ الفارِسِيِّ (ت377هـ)، فهو يَقِيسُ المنثُورَ والشِّعرَ علَى مَنثُورِ القُدماءِ وشِعرِهِم، فَمَا أَجازتْهُ الضَّرُورةُ لَهُم أَجَازَتْهُ لَنا، وما مَنَعَتْهُ علَيهِم مَنَعَتْهُ علَينا، فَهُوَ يَقتَفِي أَثرَ الأَقدَمِينَ دُونَ زِيادةٍ أو نُقصَانٍ، فَقَالَ: "سَألْتُ أبا علِيٍّ-رَحِمَهُ اللهُ- عن هذا فَقَالَ: كما جَازَ أنْ نَقِيسَ مَنثُورَنا علَى مَنثُورِهِم فَكَذلِكَ يَجُوزُ أنْ نَقِيسَ شِعرَنا علَى شِعرِهِم. فَما أجازَتْهُ الضَّرُورَةُ لَهُم أَجازَتْهُ لَنا، وما حَظَرَتْهُ علَيهِم حَظَرَتْهُ علَينا. وإذا كانَ كذلِكَ فَمَا كَانَ مِنْ أَحسَنِ ضَرُوراتِهِ فلْيَكُنْ مِن أَحسَنِ ضَرُوراتِنا، وما كَانَ مِنْ أَقبَحِها عِندَهُم فَلْيَكُنْ مِنْ أَقبَحِها عِندَنا، وما بَينَ ذلِك بَينَ ذلِكَ"[1].

ووَقَفَ عِندَ بَعضِ القَضَايا النَّحويَّة الهامَّةِ، نحو: التَّقدِيمِ والتَّأخِيرِ والفَصلِ والحَذفِ والتَّقدِيرِ، فَقَالَ: " ومِثلُهُ فِي الفَصلِ بَينَ المتَضايفَيْنِ قَولُ الآخَرِ فِيما أَنشَدَهُ ابنُ الأعرابيِّ: (من المنسرح).
فَأَصبَحَتْ بَعدَ خَطِّ بَهجَتِها
كأنَّ قَفراً رُسُومَها قَلَما


أرادَ: فَأَصبَحَتْ بَعدَ بَهجَتِها قَفراً، كأنَّ قَلَماً خَطَّ رُسُومَها، فَأَوقَعَ مِن الفَصلِ والتَّقدِيمِ والتَّأخِيرِ ما تَراهُ.

وأَنشَدَنا أَيضاً: (من الوافر)
فَقَدْ والشَّكُّ بَيَّنَ لِي عَناءٌ
بِوَشكِ فِراقِهِم صُرَدٌ يَصِيحُ[2]



أرادَ: فَقَد بَيَّنَ لِي صُرَدٌ يَصِيحُ بِوشْكِ فِراقِهِم، والشَّكُّ عَناءٌ. فقد تَرَى إلَى ما فِيهِ مِن الفُصُولِ الَّتِي لا وَجهَ لَها، ولا لِشَيءٍ مِنهَا.

وأمَّا قولُ الآخَرِ: (من الطويل)
مُعاوِيُّ لَمْ تَرعَ الأَمانَةَ فَارعَهَا
وَكُنْ حافِظاً للهِ والدِّينِ شَاكِرُ


فَحسَنٌ جَميلٌ، وذلِكَ أنَّ (شَاكرُ) هذِهِ قَبيلةٌ، وتَقدِيرُهُ: مُعاويُّ لم تَرعَ الأَمانَةَ شاكِرُ، فارعَها أَنتَ وكُنْ حافِظاً للهِ والدِّينِ، فأَكثَرُ ما فِي هذا، الاعتراضُ بَينَ الفِعلِ والفاعِلِ، والاعتِراضُ للتَّسدِيدِ"[3].

وأخيراً نُلَخِّصُ ما قِيلَ عنِ الضَّرُرةِ عِندَ المُتقدِّمِينَ كَمَا أَورَدَ ذلكَ الإمامُ السِّيُوطيُّ (ت911هـ)، فِي كِتابِهِ (الاقتراح في عِلمِ أُصُولِ النَّحو) في حدِيثهِ عنِ الكَلامِ فِي المُقَدِماتِ فِي المَسألةِ السَّابِعَةِ، فَقَالَ: "ويَنقَسِمُ إلَى رُخصَةٍ وغَيرِها، والرُّخصَةُ: ما جَازَ استِعمالُهُ لِضَرُورَةِ الشِّعرِ، ويَتَفاوَتُ حُسْناً وقُبحاً، وقَد يُلْحَقُ بِالضَّرُورَةِ ما فِي مَعناهَا، وهُوَ الحَاجةُ إلَى تَحسِينِ النَّثرِ بِالازدِواجِ.

فالضَّرُورةُ الحَسَنةُ: ما لا يُستَهجَنُ، ولا تَستَوحِشُ مِنهُ النَّفسُ كَصَرفِ ما لا يَنصَرِفُ، وقَصرِ الجَمعِ المَمدُودِ، ومَدِّ الجمعِ المَقصُورِ. وأسهَلُ الضَّرُوراتِ تَسكِينُ عَينِ (فَعلَة) فِي الجَمعِ بالألفِ والتَّاء حَيثُ يَجِبُ الإتباعُ كَقَولِهِ:
فَتَستَرِيحَ النَّفْسُ مِن زَفْرَاتِها (من الرجز)
والضَّرُورَةُ المُستَقبَحَةُ: ما تَستَوحِشُ منهُ النَّفسُ كالأسماءِ المعدُولةِ، وما أَدَّى إلَى التِباسِ جَمعٍ بِجمعٍ كَرَدِّ " مَطَاعِمَ " إلى " مَطاعِيم "، أو عَكسُهُ، فإنَّهُ يُؤدِّي إلَى التِباسِ مِطعَم بـ مِطعَام"[4].

وقَدِ اختَلفَ النَّاسُ في حَدِّ الضَّرُورةِ، فَقالَ ابنُ مالكِ (ت672هـ): " هُوَ ما لَيسَ للشَّعِرِ عَنهُ مَندُوحةٌ "[5]. وقالَ ابنُ عُصفُور: " الشِّعرُ نَفْسُهُ ضَرُورةٌ، وإنْ كانَ يُمكِنُهُ الخَلاصُ بِعِبارةٍ أُخرى"[6].

وقالَ بَعضُهُم: "وهذا الخِلافُ هُوَ الخِلافُ الَّذِي يُعبِّرُ عنهُ الأُصُولِيُونَ: بِأنَّ التَّعلِيلَ بِالمظَنَّةِ، هل يَجُوزُ أم لا بُدَّ مِن حُصُولِ المَعنَى المُناسِبِ حَقِيقة؟".

وأيَّدَ بَعضُهُم الأَوَّلَ: بِأنَّهُ لَيسَ فِي كَلامِ العَربِ ضَرُورةً إلَّا ويُمكِنُ تَبدِيلُ تِلكَ اللَّفظَةِ ونَظمُ شَيءٍ مَكانَها"[7].


[1] الخصائص: أبو الفتح عثمان بن جني (ت392هـ)، تحقيق: محمد علي النجار، عالم الكتب بيروت، ط2، 1431هـ-2010م، ص259.

[2] خزانة الأدب 1: 965.

[3] الخصائص ص264.

[4] الاقتراح في علم أصول النحو: عبدالرحمن جلال الدين السيوطي (ت911هـ)، تحقيق وتعليق: د. حمدي عبدالفتاح مصطفى خليل، مكتبة الآداب، القاهرة، ط5، 1434هـ-2013م، ص 31.


[5] شرح التسهيل: محمد بن مالك الأندلسي (ت672هـ)، ومعه تتمة شرح التسهيل لابنه بدر الدين، تحقيق: د. عبدالرحمن السيد، ود. محمد بدوي المختون، دار هجر، القاهرة، ط1، 1990م، 1: 201-202.

[6] ضرائر الشعر: ابن عصفور أبو الحسن علي بن مؤمن الإشبيلي (663هـ)، تحقيق: السيِّد إبراهيم محمد، بيروت، دار الأندلس، ط1، 1980م، ص13.

[7] ارتشاف الضَّرَب من لسان العرَب: أبو حيان الأندلسيِّ محمد بن يوسف الغرناطي (745هـ)، تحقيق: د.رجب محمد عثمان، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط1، 1998م، 5: 2477-2478. وينظر الاقتراح ص32.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.97 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (3.29%)]