الأدب والفنون الأخرى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 879 - عددالزوار : 119484 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8865 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21980 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 27-10-2022, 11:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,286
الدولة : Egypt
افتراضي الأدب والفنون الأخرى

الأدب والفنون الأخرى


د. إبراهيم عوض






جاء في كتاب "الشعر بين الفنون الجميلة" للدكتور نعيم اليافي أن النقد الأوربي الحديث في مرحلته الإبداعية كان يربط بين الشعر والرسم ربطًا محكمًا، مُعليًا من شأن العنصر التصويري في الفن الشعري على حساب العناصر الأخرى، أما في المرحلة الابتداعية التي تلت ذلك فقد جنح النقاد إلى التركيز على جوانب المشابهة بين الشعر والموسيقا وإهمال ما عداها من العناصر[1]، والحق أن في كل من الموقفين مغالاة، ومحاباة أيضًا لأحد عناصر الإبداع الشعري على حساب سائر هذه العناصر، فضلًا عن أن الشعر ليس موسيقا فقط، بل موسيقا وتصويرًا وأشياء أخرى، وهذا الكلام لا يصدُقُ على الشعر وحده، بل يعم سائر فنون الأدب معه، وإن كانت هذه العناصر أكثر تركيزًا في الشعر منها في النثر، كما أنها لا تنفك عنه بحال، بخلاف النثر، الذي قد يَعْرَى عن بعض تلك العناصر في هذا السياق أو ذاك.


ونفتتح كلامنا بالعنصر الموسيقي، والموسيقا، كما نعرف، إيقاع منتظم: هكذا هي في الألحان المعزوفة، وكذلك هي في الأدب، بَيْدَ أنها في الألحان المعزوفة أصوات صادرة عن آلات النفخ والدقِّ والاحتكاك، كالناي والدفِّ والبيان والعود... إلخ، أما في الأدب فالأصوات صادرة عن نطق الفم البشري لحروف الألفباء المعروفة، علاوة على أن الموسيقا التي تعزفها الآلات هي موسيقا صافية، على عكس الموسيقا الأدبية التي لا تنفكُّ عن الكلمات، وهو ما يترتب عليه أن الموسيقا المعزوفة عبارة عن أصوات خالية من المعاني، أما موسيقا الأدب فمرتبطة بالمعاني لا تنفصل عنها، كذلك فالموسيقا الصافية تؤثر فينا بنفسها تأثيرًا مباشرًا، على حين أن موسيقا الأدب لا تستطيع ذلك؛ إذ هي بطبيعتها مصاحبة للكلمات ومعانيها، فلا وجود لها مستقل عن هذه الكلمات، ومن ثم لا يمكن أن يكون لها تأثير منفصل عنها، إنها تفتح مغاليق النفس أمام معاني العبارات التي تصاحبها، وتخلع عليها حُلل القبول، وتقويها بما تشعُّه حولها من إيحاءات.


وتتخذ الموسيقا في الإبداعات الأدبية صورًا مختلفة: فلدينا في الشعر مثلًا الوزن والقافية، اللذان ظلا يجريان على طريقة واحدة تقريبًا قرونًا طوالًا، وقد يظن قوم أن هذه الصورة لا وجود لها البتة في الإبداعات النثرية، إلا أن هناك لونًا من السجع يسمى: "السجع المرصَّع"، ومُفاده أن تتساوى الفقرتان أو أكثر ما فيهما في الوزن والتقفية، كقول الحريري...: "فهو يطبع الأسجاع بجواهر لفظه، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه"[2]، ولا شك أن بين جملتي "يطبع الأسجاع بجواهر لفظه" و"يقرع الأسماع بزواجر وعظه" توازنًا وتناظرًا تامَّين يذكراننا بنظيريهما في الوزن الشعري، وإن كان من الممكن أن يوجد هذا اللون من السجع داخل الشعر أيضًا؛ كقول امرئ القيس مثلًا:
الماء منهمر، والشدُّ منحدر ♦♦♦ والقصب مضطمر، والمتن ملحوب


حيث يطالعنا "السجع المرصع" في الجمل الثلاث الأولى من البيت، فكأنه وزن وتقفية إضافيات فوق الوزن والتقفية الموجودين أصلًا في الشعر، إلا أن "السجع المرصَّع" ليس إلا ضربًا واحدًا من ضروب السجع، فضلًا عن أنه قليل الانتشار في إبداعات الأدب بالقياس إلى الصور السجعية الأخرى الأقل صرامة، وبخاصة في النثر، الذي ينفر بطبيعته من القيود على عكس الشعر، اللهم إلا إذا تكلَّف الناثر ذلك.


وهناك لون آخر من الإيقاعات الموسيقية داخل البيت يسمَّى: "التصريع"، حيث تكون هناك قافية أخرى غير القافية الأصلية تتكرر قبل انتهاء الشطرات الثواني من أبيات القصيدة؛ كما في الأبيات التالية:
يا خاطبَ الدنيا الدنيَّة، إنها
شَرَك الردى، وقرارة الأكدار

دارٌ متى ما أضحكت في يومها
أبكت غدًا، بُعدًا لها من دار

غاراتها لا تنقضي، وأسيرها
لا يُفتدى بجلائل الأخطار


وأحفل مِن ذلك بالنغم ما يسميه البديعيون بـ"التسميط"، حيث لا توجد قافية داخلية تتكرر في الشطرات الثواني من الأبيات، بل قافية تتكرر عدة مرات في البيت الواحد؛ كما في المثالين التاليين:
هُمُ القوم: إن قالوا أصابوا، وإن دُعُوا ♦♦♦ أجابوا، وإن أعطَوْا أطابوا وأجزلوا
***
وحربٍ وردتَ، وثغرٍ سددتَ
وعِلْج شددتَ عليه الحِبالا

ومالٍ حويتَ، وخيلٍ حميتَ
وضيفٍ قرَيْتَ يخاف الوَكالا

أي إنه إذا كان تكرُّر القافية في "التشريع" تكررًا أفقيًّا، فإنه يتخذ في "التسميط" الوضع الرأسي.


ومِن موسيقا الإبداع الأدبي أيضًا "التجنيس"، الذي يصل إلى قمة نغميته في النوع المسمى بـ"الجناس التام"، مثل قول الشاعر:
حَدَق الآجال آجالُ ♦♦♦ والهوى للمرء قتَّالُ
فـ"آجال" الأولى جمع "إجْل"؛ أي: الظباء، وكان العرب يشبهون بها النساء الجميلات ذوات العيون النُّجل، و"آجال" الثانية جمع "أجل"، وهو الموت، والمقصود أن في العيون الساحرة حتفًا لمن تسوقه مقاديره إلى الوقوع في شباكها، وفي التنبه إلى أن "آجال" الثانية هي غير "آجال" الأولى مفاجأة مدهشة ومنعشة معًا، ومن ذلك أيضًا قول أبي تمام:
ما مات مِن كرم الزمان فإنه ♦♦♦ يحيا لدى يحيى بن عبدالله
وهذه المفاجأة تكون أكثر إدهاشًا وإنعاشًا في مثل قول الشاعر:
فلم تضَعِ الأعادي قدر شاني ♦♦♦ ولا قالوا: فلانٌ قد رشاني


حيث نجدُ أنفسنا، لا أمام كلمتين متقابلتين، بل أمام عبارتين كل منهما تختلف في تركيبها عن الأخرى اختلافًا يفسره انتقال الراء في العبارة الثانية من آخر كلمة "قدر" إلى أول كلمة "شاني"، مما غيَّر الكلام من "قدر شاني" إلى "قد رشاني"، وهناك لون آخر من "الجناس" أقل من هذا في موسيقيته، لكنه لا يخلو مع ذلك من مفاجأة الإدهاش والإنعاش، إن لم يزد نصيبه منها، ألا وهو "الجناس المذيَّل"، كالذي بين "الجوى" و"الجوانح" في قول الخنساء:
إن البكاءَ هو الشفا ♦♦♦ ءُ مِن الجوى بين الجوانح
وقول أبي تمام:
يمدُدْن من أيد عواصٍ عواصمٍ ♦♦♦ تصول بأسياف قواضٍ قواضبٍ
ومِن أجمل صور "الجناس" تنغيمًا ما كان بين كلمتين متعاقبتين؛ كما في قوله عز وجل على لسان الهدهد مخاطبًا سليمان عليه السلام: ﴿ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ ﴾ [النمل: 22][3]، وكما في قوله تعالى أيضًا: ﴿ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ ﴾ [الهمزة: 1، 2].


ومن ألوان الموسيقا في الإبداع الأدبي كذلك ما يسمى: "رد الأعجاز على الصدور"؛ كما في قوله تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ ﴾ [الشعراء: 168]، وقول بعضهم: "سائل اللئيم يرجع ودمه سائل"، وأشباه ذلك، وهو، كما يتضح من المثالين، تكرير الكلمة بنصها، أو بما يقرب منها في أول الكلام وآخره؛ فهو كالصدفتين المتناظرتين اللتين تشكلان معا كُلًّا فنيًّا بديعًا.


كذلك من أشكال الموسيقا في إبداعات الأدب ما يطلق عليه في علم البديع اسم "الموازنة"؛ كقوله عز من قائل عن موسى وهارون: ﴿ وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَ ا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الصافات: 117، 118]، وكقول عمرو بن كلثوم في معلقته يشمخ بأنفه عاليًا على ملك الحِيرة عمرو بن هند:
بأنَّا المطعمون إذا قدرنا
وأنَّا المُهلكون إذا ابتُلِينا

وأنَّا التاركون إذا سخطنا
وأنَّا الآخذون إذا رضِينا

وأنَّا العاصمون إذا أُطعنا
وأنا العازمون إذا عُصينا

وكقول ابن تمام:
فأحجم لما لم يجِدْ فيك مطمعًا ♦♦♦ وأقدم لما لم يجِدْ عنك مهرَبَا


حيث نجد في بيت الشاعر العباسي مثلًا أن كل كلمة في جملته الأولى متوازنة مع نظيرتها الثانية: "فأحجم/ وأقدم، لما/ لما، لم/ لم، يجد/ يجد، فيك/ فيك، مطعمًا/ مهربًا"، ومن ذلك أيضًا هذا البيت المشهور للمتنبي:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي ♦♦♦ وأنثني وبياض الصبح يُغرِي بي
وفي "الموازنة" موسيقية واضحة أساسها التناظر بين الجملتين.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-11-2022 الساعة 08:40 AM.
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 159.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 157.75 كيلو بايت... تم توفير 1.75 كيلو بايت...بمعدل (1.10%)]