|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() هدايات من قصص السيرة النبوية عبدالعزيز أبو يوسف الخطبة الأولى الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم، أحمَده حمدًا يليق بجلال وجهه، وعظيم سلطانه، وأُصلِّي وأُسلِّم على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين؛ أما بعد:فاتقوا الله عباد الله، تفلحوا في الدارين: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3]. أيها المسلمون: من دُرَرِ السُّنَّة وكنوزها وهداياتها ما أخرجه الإمام مسلم رحمه الله، عن محمد بن قيس بن مخرمة رحمه الله قال: سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: ألَا أُحدِّثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلنا: بلى، قالت: ((لما كانت ليلتي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيها عندي، انقلب فوضع رداءه، وخلع نعليه، فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف إزاره على فراشه، فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أن قد رقدت، فأخذ رداءه رويدًا، وانتعل رويدًا، وفتح الباب فخرج، ثم أجافه رويدًا، فجعلت درعي في رأسي، واختمرت، وتقنَّعت إزاري، ثم انطلقت على إثره، حتى جاء البقيع فقام، فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت، فسبقته فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل، فقال: ما لك يا عائشُ حَشْيَا رابية؟ قالت: قلت: لا شيء، قال: لَتخبرِنِّي، أو ليخبرَنِّي اللطيف الخبير، قالت: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، فأخبرته، قال: فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت: نعم، فلَهَدَني في صدري لَهْدَةً أوجعتني، ثم قال: أظننتِ أن يحيف الله عليكِ ورسوله؟! قالت: مهما يكتمِ الناسُ يعلمْهُ الله، فقال صلى الله عليه وسلم: فإن جبريل أتاني حين رأيتِ، فناداني، فأخفاه منكِ، فأجبته، فأخفيته منكِ، ولم يكن يدخل عليكِ وقد وضعتِ ثيابكِ، وظننتُ أن قد رقدتِ، فكرهتُ أن أوقِظَكِ، وخشيت أن تستوحشي، فقال جبريل: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قُولِي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون)). أيها المؤمنون: نقف مع شيء من هدايات هذا الحديث العظيم ودروسه، ففيه بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق، وحسن العشرة، فقد كان يعدل بين نسائه في المبيت والنفقة، وهذا الحديث أحد الشواهد على ذلك، وفي الحديث بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام مع زوجه على فراش واحد، ويرعىحقها وراحتها في النوم، فإنه عليه الصلاة والسلام لما هَمَّ أن يخرج لم يخرج حتى ظن أن عائشة رضي الله عنها قد نامت، ثم أتبع ذلك أن أخذ رداءه بلطف وهدوء؛ حتى لا تستيقظ ولا تنتبه من نومها، ثم لبس النعلين بهدوء أيضًا، وفتح الباب فخرج من البيت، ثم أغلق الباب بلا إظهار صوت الإغلاق، وإنما فعل ذلك كله في خفية وبهدوء؛ رفقًا بها لئلا يوقظها، ويخرج من عندها وهي يقظى، فربما لحقتها وحشة في انفرادها في ظلمةالليل، وهذا من حسن العشرة. ثم إن عائشة رضي الله عنها شعرت بخروج النبي صلى الله عليه وسلم، فلبست قميصها من جهة الرأس، وغطت رأسها بالخمار، وجعلت إزارها قناعًا تستر به وجهها، فأتمت لبس الحجاب كاملًا وتستَّرت، وإن كانت ستخرج في آخرالليل، معمظِنَّة عدم وجود أحدمن الرجال في طريقها، فكيف بمن يتساهلن بالحجاب وربما خَلَعْنَه بحضرة الرجال في الأسواق والأماكن العامة؛ عصيانًا لله تعالى، ومخالفةً لأمره، هداهن الله؟ فَلْيَتَّقِ اللهَ تعالى الآباءُ والأمهات في بناتهن وحجابهن، وحيائهن وحشمتهن؛ فإنهن أمانة، وموقوفون بين يدي الله تعالى يوم الدين، أحفِظ الوالدان حقَّ بناتهن في ذلك أم ضيَّعوه. وفي الحديث فقام صلى الله عليه وسلم في البقيع للدعاء لأهله، فأطال القيام، ثم رفع يديه يدعو لهم ثلاث مرات، فتكرار الدعاء ثلاث مراتمن السنن المستحبة عند الدعاء، ومن أسباب الإجابة،والدعاء للأموات في المقبرة في حال القيام هو الموافق للسُّنَّة دون الجلوس. ثم إن عائشة رضي الله عنها سبقته صلى الله عليه وسلم، فدخلت إلى البيت، وبمجرد أن اضطجعت في مكان نومها، دخل النبي صلى الله عليه وسلم خلفها، فسألها: ((ما لكِ يا عائش؟))، ناداها بحذف التاء تلطُّفًا وتودُّدًا، فإن من السُّنَّةِ مناداة الزوجة بأحب الأسماء إليها؛ توددًا لها وإدخالًا للسرور عليها، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((حَشْيَا)) هو التهيُّج الذي يعرِض للمسرع في مشيه، والمحتدِّ في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((رابيةً))؛ أي: مرتفعة البطن، وهذا استغراب منه صلى الله عليه وسلم واستفسار عن سبب اضطراب جسمها، وانقطاع نَفَسها، فأخبرته عن سبب ذلك بما حدث منها من مشيها خلفه؛ لتنظر إلى أي مكان يذهب؛ لخشيتها أن يكون ذاهبًا لإحدى نسائه في ليلتها، وهنا أدرك النبي صلى الله عليه وسلم أنها الشخص الذي رآه أمامه وهو راجع، فقال لها: ((فأنتِ السواد))، فقالت: نعم، فدفعها النبيصلى الله عليه وسلم بشدة، أو ضربها بجمع كفه في صدرها ضربةً أوجعتها، ثم قال لها: ((أظننتِ أنيحيف الله عليكِ ورسوله؟))، والحيف: الجور والظلم، والمعنى: أظننتِ أني ظلمتكِ بجعل نوبتكِ ويومكِ لغيركِ، فقالت عائشة رضي الله عنها تصديقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مهما يكتم الناس))؛ أي شيء يكتمه الإنسان ويخفيه عن غيره، ((يعلمه الله))، الذي يعلم خواطر القلوب،فالغَيرة بين النساء فُطِرْنَ عليها، فعلى الأزواج المعدِّدين أن يراعوا ذلك، ويحرصوا على العدل بينهن؛ لتدوم العشرة بالمعروف، وتبرأ الذمة أمام الله تعالى، وفي الحديث جواز تأديب الزوجة عند وقوعها في المخالفة أو المحرَّم، بالضرب اليسير غيرالمبرِّح أو الضار عند الحاجة. وفي الحديث - أيها الفضلاء - أن السلامعلى الموتى كالسلام على الأحياء، بالكيفية التي وردت في الحديث، وفي الحديث استحبابالدعاء بالرحمة للأحياء والأموات عند زيارة القبور، وفي الحديث استحباب زيارة المقابر للعِبرة والعِظة والاستعداد للرحيل، والتزهيد في الدنيا، والإقبال على العمل للآخرة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((زُوروا القبور؛ فإنها تُذكِّر الموت))؛ [رواه مسلم]. هذا شيء يسير مما ورد من هدايات هذا الحديث المبارك، فنسأل الله تعالى أن يرزقنا حسن الاهتداء والاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم. أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إن ربي غفور رحيم. الخطبة الثانية
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |