|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الهدايات المستنبطة من آية: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى محمد بن علي بن جميل المطري جمع واستنباط د. محمــد بـن علــي بـن جـمـيــل المـطــري أهم النتاج العلمي: التجديد عند المفسرين، الهدايات القرآنية في قصة ذي القرنين، مائة آية في فضل الصحابة، اثنا عشر دليلا من القرآن على إثبات عذاب القبر، الإرشاد إلى سعة الصدر في مسائل الاجتهاد، فقه الخلع، إتحاف الطلاب بأحكام الطلاق، مقدمة في تخريج الحديث ودراسة الأسانيد، سيرة أبي هريرة والأحاديث الصحيحة التي تفرد بروايتها، الأحاديث القصار من الصحيحين، الحفاظ الأربعون، قصة نشأة المذاهب الفقهية، كتب وتواريخ، الرياحين اليمانية في العقيدة. ملخص البحث أمرنا الله بتدبر القرآن الكريم لنتذكر به ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، ومن ثمار تدبر القرآن استنباط الهدايات القرآنية، ولا يزال المجال مفتوحًا لاستخراجها من كل آية من آياته، كما تراه في هذا البحث التطبيقي. موضوع البحث: الهدايات المستنبطة من قوله تعالى: {﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾} [الأعراف: 180]. أهداف البحث: بيان معنى الآية الكريمة، وجمع ما أمكن من الهدايات المستنبطة منها، مما هو موجود في كتب التفسير، ومما ظهر للباحث، مع بيان السبل التي يمكن تحقيقها من خلال الآية الكريمة لإصلاح واقع الأمة. أهم نتائج البحث:
الاعتناء بالقرآن الكريم تفسيرًا وتدبرًا، ودراسةً وتدريسًا، وخطابةً ووعظًا. الكلمات المفتاحية: الهدايات - التدبر - الاستنباط – الأسماء الحسنى – الإلحاد في أسماء الله المقدمة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإنَّ القرآن الكريم يهدي للتي هي أقوم، جعله الله مباركًا، وأمرنا بتدبر آياته لنتذكر به ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، كما قال تعالى: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ﴾ [ص: 29]. وإنَّ استنباط الهدايات من القرآن الكريم هي ثمرة تدبره، فمن اهتدى بها كان أكمل الناس علمًا وعملًا، وأقومهم وأهداهم في جميع أموره, فإنَّ من الأهداف السامية لتلك الهدايات القرآنية إخراج الناس من الظلمات إلى النور, وتحقيق الشفاء التام للأمة على مستوى الفرد والجماعة, قال الله سبحانه: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ﴾ [الإسراء:٩], وقال تعالى: ﴿قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ١٥ يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾ [المائدة:١٥-١٦]. والقرآن الكريم لا تنقضي عجائبه, ولا يستطيع أحدٌ أن يستوعب جميع معانيه وفوائده, فقد نهلت منه أمة الإسلام منذ أن أنزله الله على نبيه, ولا يزال المجال مفتوحًا لاستخراج الهدايات والفوائد من معينه الصافي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولا عجب في ذلك فهو المعجزة الخالدة التي تخاطب القلوب والعقول, وإعجازه باقٍ ما بقيت الدنيا. قال الإمام الشافعي رحمه الله: "كل ما أنزل في كتابه جل ثناؤه رحمةٌ وحجةٌ، علِمه من علِمه، وجَهِله من جَهِله، لا يعلم من جهله، ولا يجهل من علمه. والناس في العلم طبقات، موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به. فحقَّ على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصًا واستنباطًا، والرغبة إلى الله في العون عليه، فإنه لا يُدرك خير إلا بعونه. فإنَّ من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصًا واستدلالًا، ووفقه الله للقول والعمل بما علم منه: فاز بالفضيلة في دينه ودنياه، وانتفت عنه الرِّيَب، ونوَّرت في قلبه الحكمة، واستوجب في الدين موضع الإمامة. فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها"([1]). وهذا بحث تطبيقي في تدبر آية من القرآن، واستنباط ما تيسر من هداياتها، بعنوان: الهدايات المستنبطة من آية: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]. أسباب اختيار الموضوع: يعود اختيار هذا الموضوع للأسباب الآتية:
كتب التفسير فيها ما يكفي لفهم معاني آيات القرآن العظيم، لكنْ مؤلفوها لا يتوسعون في استنباط الهدايات القرآنية من كل آية قرآنية وفق القواعد والضوابط والأصول السليمة، فلا يزال المجال مفتوحًا للباحثين لجمع الهدايات القرآنية من كتب التفسير، واستنباط هدايات جديدة مما لا يوجد في كتب التفسير، فالباحث حين يجمع الهدايات القرآنية من كتب التفسير قد يرجع إلى عدة تفاسير ولا يجد فيها هدايات جديدة، فإن أطال التأمل والتدبر للآيات فسيجد هدايات جديدة غير مذكورة في كتب التفسير، فقد يسَّر الله كتابه للتذكر، وأمر المسلمين بتدبر القرآن، فآيات القرآن ليست لقوم كانوا فبانوا، بل هو للناس جميعًا في كل زمان ومكان، وما من مشكلة خاصة وعامة وإلا وفي القرآن السبيل إلى حلها، فهو كتاب هداية، وتدبره لأجل استخراج هداياته أعظم ما يحتاج إليه المسلمون اليوم؛ لأنَّ في القرآن هدايتَهم في جميع أمورهم، وعِزَّهم وقوتَهم، وسعادتَهم وفلاحَهم. أسئلة البحث:
يمكن إجمال أهمية البحث في هذا الموضوع فيما يأتي:
المنهج المتبع في البحث هو المنهج الوصفي والتحليلي من خلال دراسة الآية التي هي موضوع البحث، وقد اتَّبَع الباحث هذين المنهجين في بحثه لاستنباط أكبر قدر ممكن من الهدايات القرآنية. إجراءات البحث: اتَّبع الباحث مجموعة من الخطوات الإجرائية، من أهمها:
يتكون البحث من مقدمة، وخمسة مباحث، وخاتمة، وفهارس، كما يأتي:
المبحث الأول: المعاني التي تضمنتها الآية قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]. معنى مفردات الآية: قوله تعالى: ﴿الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ الحسنى تأنيث الأحسن بمعنى الأفضل، وقيل: الحسنى جمع الأحسن لا جمع الحسن، ووصف الله أسماءه بأنها حسنى لأنها بالغة الغاية في الحسن في ألفاظها وفي معانيها، فهي متضمنة لصفات كاملة لله لا نقص فيها بوجه من الوجوه، وأسماء الله سبحانه أعلام وأوصاف، أعلام باعتبار دلالتها على ذات الله سبحانه، وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني العظيمة، فكل اسم من أسماء الله متضمن صفة من صفاته جل جلاله التي وصف بها نفسه، فمثلا اسم الله يدل على صفة الألوهية، والرحمن الرحيم يدلان على صفة الرحمة، والعزيز يدل على صفة القوة والقهر والغلبة، وهكذا([2]). ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تعيين أسماء الله الحسنى، وهي ليست محصورة بعدد معين([3])، فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك))([4]). وما استأثر الله بعلمه لا سبيل لأحد أن يحيط به، وما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لله تسعة وتسعون اسماً من أحصاها دخل الجنة))([5]) لا يدل على حصرها بهذا العدد، ولو كان المراد الحصر لقال: إن أسماء الله تسعة وتسعون اسما، ومعنى الحديث: أن من حفظ تسعة وتسعين اسما من أسماء الله الحسنى دخل الجنة بفضل الله، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((من أحصاها دخل الجنة)) جملة مكملة لما قبلها، وليست مستقلة، ونظير هذا أن يقول القائل: عندي مائة درهم أعددتها للصدقة، فقوله هذا لا يمنع أن يكون عنده دراهم أخرى لم يعدها للصدقة([6]). وقوله تعالى: ﴿وَذَرُوا﴾ يذر بمعنى: يترك، والأمر منه: ذر أي: اترك، وأماتت العرب ماضيه ومصدره، فإذا أرادوا الماضي قالوا: ترك، فمعنى قول الله: ﴿وَذَرُوا﴾ أي: اتركوا([7]). وقوله تعالى: ﴿يُلْحِدُونَ﴾ أصل الإلحاد في اللغة بمعنى: الميل والعدول عن الشيء، يقال: لَحَدَ يَلْحَد، وأَلْحَدَ يُلْحِد، أي: مال عن الحق وأعرض عنه، والـمُلحِد في الدين الذي أدخل فيه ما ليس منه، وأعرض ومال عن الحق إلى الباطل. ويستعمل لفظ «لحد» في كل شيء معوج غير مستقيم، ومن ذلك تسمية اللحد الذي يكون في القبر؛ لأنه في جانب منه، وليس في وسطه([8]). والإلحاد في أسماء الله هو: الميل في أسماء الله بتسمية الله ووصفه بغير ما يجوز عليه نفيا وإثباتا من أشياء تفترى على الله سبحانه([9]). والإلحاد في أسماء الله أنواع: أولها: تسمية الأصنام بها، كتسمية المشركين لأصنامهم آلهة، وتسميتهم صنم اللات من الإلهية، والعزى من العزيز. وثانيها: تسمية الله بما لا يليق بجلاله، كتسمية النصارى له أبا، وتسمية الفلاسفة له علة فاعلة أو موجبا بذاته ونحو ذلك من الإلحاد. وثالثها: وصف الله بما يتعالى ويتقدس عنه من النقائص، كقول اليهود: إن الله فقير وبخيل، وإنه تعب بعد خلق السماوات والأرض فاستراح يوم السبت، سبحان الله وتعالى عما يقولون. ورابعها: تعطيل أسماء الله عن معانيها، وجحد حقائقها، ونفي الصفات التي تضمنته كما يفعل ذلك كثير من أهل الأهواء والبدع([10]). وقوله تعالى: ﴿سَيُجْزَوْنَ﴾: الجزاء: الكفاية والغَناء، يقال: جزى الشيء جزاء كفى وأغنى، وجزيت فلانا أجزيه جزاء أي: كافأته بشيء يقوم مقام عمله، والجزاء يكون بالثواب والعقاب، وجزى فلانا حقه أي قضاه، وجزاك الله خيرا أي: أثابك وكافأك خيرا([11]). وقوله تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ﴾ العمل: يشمل الفعل والقول والاعتقاد، ويستعمل في الأعمال الصالحة والسيئة، والفرق بين العمل والفعل أن العمل من الفعل ما كان مع امتداد بخلاف الفعل، واعتبار هذا الفرق ظاهر في كتاب الله كما قال تعالى: ﴿يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ﴾ [سبأ: 13] حيث كان فعلهم بزمان، وقال: ﴿وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: 50]؛ لأن الملائكة يأتون بما يؤمرون في طرفة عين، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ [الفيل: 1]؛ لأنه أهلكهم من غير بطء، وقال تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [العصر: 3]؛ لأن المقصود المثابرة عليها، لا الإتيان بها مرة أو بسرعة، وقال تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ﴾ [الحج: 77] بمعنى سارعوا، وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ﴾ [المؤمنون: 4] أي: يأتون بها على سرعة من غير توان في دفع حاجة الفقير. ومن الفروق بين العمل والفعل أن العمل يكون بقصد بخلاف الفعل فإنه قد يكون بقصد أو بغير قصد، ولذلك ينسب الفعل كثيرا للحيوانات والجمادات. ومن الفروق بين العمل والفعل أن الفعل يطلق على ما ينقضي، والعمل يطلق على الآثار التي تثبت في الذوات بعد انقضاء الحركة([12]). المعنى الإجمالي للآية: يقول الله تعالى مثنيا على نفسه: ولله أحسن الأسماء الدالة على صفات كماله، فادعوا الله وحده - أيها المسلمون - بهذه الأسماء العظيمة. واتركوا المشركين الذين يميلون في أسماء الله فيسمون بها آلهتهم أو يزيدون فيها أو ينكرون بعضها. سيجزي الله الذين يُلحدون في أسمائه عذابا عظيما على جميع ما كانوا يعملونه من الكفر والإلحاد في أسمائه([13]). المبحث الثاني: مناسبة الآية لما قبلها وما بعدها تقدم قبل هذه الآية: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180] قوله سبحانه: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ [الأعراف: 179]. وعند التأمل في مناسبة آية الأسماء الحسنى للآية التي قبلها يتبين أن من الغفلة عدم العلم بأسماء الله، والجهل بمعانيها، وترك دعاء الله بها. وأن عدم الاعتبار بآيات الله، وعدم التفقه في تزكية الأنفس بالعلم الصحيح يسبب الغفلة التامة عن ذكر الله وشكره والثناء عليه سبحانه. وأن على من ابتلي بالغفلة وعدم الانتفاع بقلبه وبصره وسمعه أن يدعو الله بأسمائه الحسنى أن يهديه، وأن يصلح شأنه. وأن من أسباب الضلال والغفلة الجهل بأسماء الله وصفاته([14]). وبعد أن ذكر الله آية الأسماء الحسنى قال سبحانه: ﴿وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ [الأعراف: 181]. وعند التأمل في مناسبة آية الأسماء الحسنى للآية التي بعدها يتبين التأكيد على أن المؤمن الحق هو الذي يترك الضالين الملحدين في أسماء الله، وأن عليه أن يجالس أهل الحق المهتدين. وبعد أن ذم الله من يستحق الذم كالذين يلحدون في أسمائه، مدح من يستحق المدح، وهم الذين يؤمنون بأسماء الله وصفاته، ويدعون الله بأسمائه، ولا يلحدون فيها، وهذا الذم والمدح بحق هو من العدل المذكور في ختام هذه الآية([15]). وفي ذلك بيان أن الدعوة إلى توحيد الله في أسمائه وصفاته، وعدم الإلحاد فيها هو من صفات أهل الحق، ومن الحق الذي يجب الدعوة إليه. وفي ذلك أيضا بيان أهمية دعاء الله بأسمائه الحسنى لمن يدعون الخلق إلى الله. وأن الإلحاد في أسماء الله وصفاته من الباطل الذي يجب التحذير منه، وأن الدعوة إلى الإلحاد في أسماء الله من صفات أهل الباطل، وأنه من الظلم العظيم. وفي ذلك بشارة من الله سبحانه أنه يقيض لأهل الإسلام، ولعقيدة التوحيد والأسماء والصفات في كل زمان من يذب عنها، ويدفع عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين. وأن الخير باق في هذه الأمة، وأنه لا يخلو الزمان من قائمين على الحق، داعين إليه، سواء ظهر صيتهم بين الناس أو لم يظهر([16])، وفي حديث ثوبان اليماني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك))([17]). وأن الحق والعلم مكانهما، من طلبهما وجدهما، كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (إن العلم والإيمان مكانهما، من ابتغاهما وجدهما)([18]). المبحث الثالث: الهدايات الخاصة بالآية من الهدايات التي يمكن أن نستفيدها من قوله سبحانه: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 180]ما يأتي:
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |