
يوم أمس, 02:47 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,405
الدولة :
|
|
نظرة استراتيجية في السيرة النبوية
نظرة استراتيجية في السيرة النبوية
العمل الخيري ليس مجرد مبادرات آنية, أو استجابات عاطفية لحاجات الناس؛ بل هو رؤية استراتيجية متكاملة، تتطلب صبرًا طويل المدى، وتحمّلًا لصعوبات البدايات، وقدرة على مواجهة التحديات دون استعجال النتائج. وإذا أردنا أن نستقي النموذج الأكمل لهذه الرؤية، فلن نجد أعظم من السيرة النبوية الشريفة؛ حيث جسّد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أرقى معاني الصبر والثبات في سبيل الدعوة والخير.
- أولًا: العمل الخيري بين البذرة والثمرة
المبادرات الخيرية تشبه الزرع؛ إذ لا يمكن أن نتوقع حصادًا ع اجلًا ما لم تمر البذور بمراحل الإنبات والرعاية والصبر على تقلبات الطقس، والاستراتيجية هنا تعني أن نضع في حسابنا المستقبل البعيد، وأن نعمل على بناء أجيال ومؤسسات، لا أن نتوقف عند نتائج آنية قد تبهجنا ولكنها لا تستمر. - ثانيًا: صعوبات البدايات سنة ماضية
السيرة النبوية مليئة بالمواقف التي تعلّمنا أن العقبات في بدايات أي مشروع خيري أو دعوي ليست دليل فشل، بل علامة صحة وصدق طريق؛ فلقد رُمي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحجارة حتى أُدمى (البخاري)، ووُضع سلى الجزور على ظهره وهو ساجد عند الكعبة (في الصحيحين)، ومنع من الدعوة في الطائف حتى أُوذي وأُهين(البخاري). ومع ذلك لم يتراجع، بل واصل المسير بعزيمة أقوى، وهو يعلم أن طريق الإصلاح ليس ممهدا بالورود. - ثالثًا: الصبر الاستراتيجي مقابل ردّ الفعل العاطفي
جاءه ملك الجبال يعرض عليه أن يطبق على أهل مكة الأخشبين بعدما آذوه، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أجاب بما يرسخ أعظم قاعدة في العمل الخيري: «اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، وإني لأرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا»(رواه البخاري). هذا الموقف يلخص معنى الاستراتيجية؛ فبدلًا من الانتصار اللحظي، كان تفكيره ممتدا إلى المستقبل، وإلى أجيال قادمة قد تحمل الخير والهداية، وهنا تظهر عبقرية الصبر، ليس صبرَ ضعف، بل صبر واثق بأن النتائج الكبرى لا تأتي إلا مع الزمن. - رابعًا: دروس عملية للعاملين في المجال الخيري
1- عدم استعجال النتائج: النجاح الحقيقي يُقاس بالتأثير المتراكم على المدى الطويل، لا بالإنجازات السريعة الزائلة. 2- تحمّل النقد والإيذاء: كما صبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الأذى؛ فعلى العامل في الحقل الخيري أن يتوقع العقبات والانتقادات دون أن يحبط. 3- التركيز على الهدف الأسمى: الغاية هي نفع الناس وهدايتهم، وليست الشهرة أو المكاسب العاجلة. 4- بناء أجيال ومؤسسات: كما نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى من سيأتي من ذرياتهم، فعلى المؤسسات الخيرية أن تعمل لتأسيس استدامة تمتد لأجيال. إن النظرة الاستراتيجية للعمل الخيري تقوم على الصبر والوعي، لا على العجلة والانفعال. وقد علّمنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن أشرف الأعمال قد تواجه أقسى الظروف، لكن العاقبة للثابتين؛ فليكن العاملون في ميدان الخير على يقين أن كل بذرة يزرعونها اليوم -وإن بدت صغيرة أو بطيئة النمو وتحيط بها الصعاب- قد تثمر غدًا إنجازات ومشاريع خيرية مستدامة. اعداد: سالم الناشي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|