صلاة الخسوف والكسوف: أبعادها العقدية والتشريعية والاجتماعية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإمام شامل الداغستاني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          السيد موسى الكاظم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الحج فوائد ومنافع دينية ودنيوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13 - عددالزوار : 845 )           »          القلوب الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 34 - عددالزوار : 3325 )           »          التربية بالإعراض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حرمة المال العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الحج مدرسة عظيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          من الآثار النفسية للحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 08:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,405
الدولة : Egypt
افتراضي صلاة الخسوف والكسوف: أبعادها العقدية والتشريعية والاجتماعية

صلاة الخسوف والكسوف: أبعادها العقدية والتشريعية والاجتماعية
حسن الخطاف


أولا: البُعد العقدي والفلسفي
1. الثبات والزوال
2. التناسق والعشوائية
ثانيا: البُعد التشريعي والاجتماعي
1. تحرير العقل من الخرافة
2. الارتباط بين النظام الكوني والنظام التشريعي
3. أهمية الصلاة والبُعد الاجتماعي فيها

مسجد ذو قبة كبيرة ومآذن في صحراء قاحلة تحت سماء حمراء مع كوكب أحمر كبير في الخلفية. المشهد يجمع بين العمارة الإسلامية والطبيعة القاسية، مما يخلق إحساسًا بالخيال.

إن الناظر في صلاتي الخسوف والكسوف وارتباطهما بالحَدَث الكوني يلحظ أبعادا كثير، ومنها
أولا: البُعد العقدي والفلسفي
1. الثبات والزوال

لعل من أبرز الدروس العقدية التي يُراد ملاحظتها من ظاهرة الخسوف والكسوف،هي قضية التدافع بين الثبات والزوال، ومفهوم كلٍّ منهما، فما يُخَيل للإنسان بالثبات – وهو سيران الشمس والقمر بشكل مستمر – هو وهم، يُخَيل للساذج أنهما مستقران وأنه لا زوال لهما، ومردُّ هذا التخيُّل إلى حالة الجهل بفكرة الزوال أو التجاهل لها، ومبعث ذلك حالة الاستقرار النسبي.

وهي نفسها الحالة التي يعيشها الإنسان عندما يكون في حالة قوة الجسد، ووفرة المال وسطوة الملك، فيظن ألا زوال لها، وأنها الدليل على الثبات والاستقرار والعلو، كما قال فرعون (قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِي مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَٰذِهِ ٱلۡأَنۡهَٰرُ تَجۡرِي مِن تَحۡتِيٓۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ) [الزخرف: 51]، وكأن فكرة الزوال اللحظي للشمس والقمر منبه قوي لهذا الإنسان ، ورسالة له تهز أعماقه قائلة له، لا تُخْدع بنفسك وبمن حولك، فالأكثر ثباتا منك وهما الشمس والقمر زال ضوؤهما، فلا تنخدع بفكرة الاستقرار والاستمرار.

أي أن الاستمرار في هذا الكون إلى ما لا نهاية فكرة لاوجود لها، فخذ أيها الإنسان من الزوالي اللحظي عند الخسوف والكسوف إلى الزوال الدائم، والتغير المفاجئ، كما قال ربنا (إِذَا ٱلشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ (1) وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتۡ (2) وَإِذَا ٱلۡجِبَالُ سُيِّرَتۡ (3) وَإِذَا ٱلۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ (4) وَإِذَا ٱلۡوُحُوشُ حُشِرَتۡ (5) وَإِذَا ٱلۡبِحَارُ سُجِّرَتۡ (6)…) [التكوير: 1-6]

فعمرك الذي تظنه ثابتا لا يساوي مدة زوال ضوء الشمس أو نور القمر، أي أن عُمرك أيها الإنسان ( 60 أو100 سنة) كأنه مدة خسوف القمر أو كسوف الشمس، أو هو أدنى من ذلك بالقياس إلى ثبات الشمس أو القمر.

هذا الجريان وفْق ماهو مرسوم للشمس والقمر سنة كونية، ومن شأن السنن الاستمرار والاستقرار، وحتى لاينخدع الإنسان -بما أوتي -بقضية الخلود والبقاء جاء الخسوف والكسوف رسالة تذكير، فالثبات والديمومة ليست في المخلوقات بل في الخالق.

فإذا كان ما تظنه ثابتا قد ظهر زواله، فابحث عن الخالق الدائم الذي لا يزول، فتعلَّق به، لتنعُم بجنة لا تزول أبدا ففي صحيح مسلم: “ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا ‌تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا”.

وأبرز الأدلة على البُعد العقدي هو الربط بين هذه الأحداث وبين خالقها، وهذا نلحظه من قوله عليه الصلاة والسلام “إن الشمس والقمر ‌آيتان ‌من ‌آيات الله” فهما مخلوقان، وهذا مقصد مرتبط بالعقيدة من جهة أنَّ هذه الكواكب لايمكن أن تكون محرِّكة وخالقة، وإلا كيف يتحكم بها العلم اليوم ليحكم على هذه المظاهر بأنها ستحدث!؟ أي أنها لو كانت هذه آلهة من دون الله تعالى لَما أمكن أن تنقاد وأن يُعرَف تحركها.
2. التناسق والعشوائية

يُعدُّ التناسق والنظام من أبرز الأدلة العقدية على وجود خالقٍ لهذا الكون، فالعِلم اليوم يستطيع التنبؤ وبدقة عالية إلى حدوث الخسوف والكسوف قبل عشرات من السنوات، فأيُّ دقةٍ هذا التي يسير فيه القمر وتجري فيه الشمس!.

لو كان هناك شيء من العشوائية لانقول فقط باختلال هذا النظام، بل لَمَا أمكن التنبؤ بحصول الخسوف والكسوف، فالحكم بحصولهما بدقة عالية دليل على تناسق هذا الكون وترابطه، وصدق الله العظيم القائل (وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ (38) وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ (39) لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ) [يس: 38-40].

وسيتسمر التناسق لتتناسق حياة الإنسان وليعيش حياة التكليف، وتأتي المنبهات من خلال الكسوف والخسوف لتوقظ الإنسان من الغفلة، ولتذكره بالتناسق ليجعل حياته متناسقة مترابطة، ولكنّ هذا التناسق بالبقاء على حالة واحدة تأتيه مُغيرات يظنّ فيها العشوائية والتخبط، بينما هذه العشوائية المظنون بها هي في قمة التناسق، فهو تناسق على تناسق وهذه رسالة للإنسان ليستيقظ من خلال تناسق حياته بوجود الصحة والمال والسلطة … إلى شيء من التغييرات، لكي يفهم أن تناوش الأعراض له ليس عشوائيا بل هو تناسق في تناسق، ففي صحيح البخاري: “خط النبي ﷺ خطا ‌مربعا، وخط خطا في الوسط خارجا منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، وقال: هذا الإنسان وهذا أجله محيط به، أو قد أحاط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخُطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا”.
ثانيا: البُعد التشريعي والاجتماعي
1. تحرير العقل من الخرافة

الدين الإسلام هو دين العقل، ولو كان العقل مُشخَّصا لكان الدين قميصا مناسبا لها، ولعل أبرز مقاصد القرآن الكريم هو تحرير العقول من الخرافة والدجل، وهذا التحرير نلمسه في قضية صلاة الخسوف والكسوف، وربط هذه الصلاة بالخالق وليس بالمخلوق، تحرير عقل المسلم من الخرافة والدجل من أبرز المقاصد التي جاء بها التشريع، حيث كان أهل الجاهلية يربطون أحداث الشمس والقمر بموت ملك أو أمير … ولذلك هناك من ظن أن خسوف الشمس كان لموت إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام فصحَّح لهم النبي هذا الخطأ بقوله- كما في صحيح البخاري- :”هما ‌آيتان ‌من ‌آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته”.
2. الارتباط بين النظام الكوني والنظام التشريعي

هناك ارتباط عجيب بين مظاهر التكليف التشريعي وبين النظام الكوني، وأبرز هذه المظاهر نجدها في أركان الإسلام، فالحج مرتبط بالأشهر، والأشهر مرتبطة بالشمس والقمر، والصوم كذلك، ومثل ذلك زكاة الزروع، وأما الصلوات الخمس والجمعة فهي مرتبطة بالزمن، وأصل الزمن الشمس والقمر.

هذا الارتباط ليس عشوائيا، بل هو تنسيق كامل متكامل، وإذا ما حصل شيء من بعثرة هذا النظام- والبعثرة بحد ذاتها نظام؛ لأنها تأتي وفق مقصد- يؤدي ذلك إلى تغيير في التشريعات لتتناسب مع التغيير، فالتغيير يولِّد التغير؛ وهذا مانفهمه من وجود قيامين وركوعين والإطالة فيهما، ووجود خطبة خاصة، وهو شيء على خلاف ماهو معهود من التشريع في الصلاة، فكأنَّ حالة التغيير تقتضي تغييرا، زيادة في لفت الانتباه، والابتعاد عن النمط السائد.

ومن المهم هنا أنَّ التشريع هنا هو تشريعي سماوي شامل، فهو مرتبط بجميع حالات الإنسان من جهة، ومن جهة أخرى هذا التشريع مرتبط بالمشرِّع، فليس للعقول أن تشتق عبادات على شاكلة الصلاة كونها توقيفية.
3. أهمية الصلاة والبُعد الاجتماعي فيها

قضية الخسوف والكسوف تدل على الأهمية البالغة للصلاة، وما يرتبط فيها من بُعد اجتماعي واضح، فمن المعلوم فضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد، وصلاة الجمعة لاتصح إلا جماعة، وكلُّ مايهم المجتمع تُسَن فيه صلاة الجماعة – من غير دخول في التفصيلات الفقهية- مثل الاستسقاء حيث يتأثر الناس بقلة المطر، ومثل مظاهر الفرح في العيدين وهي مظاهر عامة، ومثل ذلك صلاة الجنازة التي فيها حزن عام، وصلاة الخسوف والكسوف فيها تغيير لمنظومة في الكون، وهو شأن عام، ولهذا صلى النبي عليه الصلاة والسلام بالناس صلاة الكسوف ودعا الناس إلى الصلاة كما في صحيح البخاري” فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة” إلى الصلاة دون غيرها، وإلى الصلاة جماعة، فقد جاء في صحيح البخاري:” لما كسفت الشمس على عهد رسول الله ﷺ، نودي: إن الصلاة جامعة”.

ولمّا كان المجتمع لا يخص الرجال كانت المشروعية في مثل هذا للرجال والنساء، فعائشة رضي الله عنها كانت ” قائمة تصلي” مع الناس، وترجم البخاري في صحيحه بقوله “باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف”.

هذا البُعد الاجتماعي مهم؛ لأن الإنسان في المنظور الإسلامي لايعيش منفردا، كما أن الصلاة تمثلُّ حالتين:

حالة من الاستقرار والتواصل مع الله تعالى في الحالات الاعتيادية الثابتة للمرء ويقابلها ثبات في الصلوات كالصلوات الخمس التي لا تتغير.

حالة من قابلية التغيير عندما يكون هناك تغيير في الكون كالخسوف والكسوف، وتغيير في الحالات الاجتماعية كصلاة الجنائز المختلفة عن غيرها في شكلها، وهذا يدلُّ على أهمية الصلاة وارتباطها ببعدها الاجتماعي.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.36 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.56%)]