|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() اجتهاد أبو بكر رضي الله عنه الشيخ عبد العزيز المراغي عندما لحق الرسول صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، كانت مصادر التشريع التي يعرفها المسلمون قد كملت في جملتها، ولم يكن للناس بعد ذلك أن يزيدوا مصدراً يرجعون إليه أحكامهم غير هذه الأربعة التي ترجع في التحقيق ـ كما يقول علماء الأصول ـ إلى مصدر واحد وهو الكتاب. ومع إكمال هذه المصادر وُجدت بعض أحكام فرعية من عهد الرسول استجابة لما جد في عهده عليه السلام من حوادث، ولكن هذه الأحكام كانت من القلة بحيث لم تكن لتكفي ما جدَّ بعد وفاته عليه السلام من حادثات نتيجة لاجتماع العرب قاطبة تحت راية الإسلام بعد الردة، ونتيجة لهذه الفتوحات التي بدأت بشائر أعلامها تظهر في عهد الخليفة الأول، رضي الله عنه. فلم يكن للمسلمين مندوحة من أن يواجهوا تلك الحالة الجديدة، وأن يعطوا لما جدَّ من حادثات أحكاماً تتلاقى مع قواعد التشريع العامة وتستمد من روحها، ولكنهم مع ذلك كانوا يأخذون الأمر كله في شيء من الأناة والرفق حتى في الأمور التي نظنها لا تستدعي ـ في نظرنا ـ هذه الأناة وهذا التحفظ، كما روي عن موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أبي بكر رضي الله عنه وقد أصر على قتال من كفر من العرب، فقال له عمر: كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله؟ فقال أبو بكر: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها! فقال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن رأيت أن شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق. وقد روي عن الصحابة فقه وأحكام، وروي أن أربعة عشر م نهم كانوا يفتون في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومسألة جواز اجتهاد الصحابة في عصره عليه السلام مسألة معروفة في كتب الأصول، وللعلماء فيه آراء لا نحب أن نطيل بذكرها. وقد روي أن أبابكر رضي الله عنه كان أحياناً يجتهد ويفتي في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد أخرج مسلم عن أبي قتادة الأنصاري قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقينا كان للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين فاستدرته حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه ضربة قطعت الدرع، قال: وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت: ما بال الناس ظ قال: أمر الله، قال: ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه، قمت فقلت من يشهد لي ؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، قال: فقلت من يشهد لي ؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت فقال رسول الله، مالك يا أبا قتادة ؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله ! سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه. فقال أبو بكر: لا، ها الله إذن لا يعمد إلى أسد من أسود الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه! فقال رسول الله: صدق فأعطه إياه، فأعطاني، فبعث الدرع فابتعت مخرفاً في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته. فهذا اجتهاد من أبي بكر رضي الله عنه بحضرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وإقرارُ الرسول صلى الله عليه وسلم له تسليم بدقة الملحظ والنظر منه، وتحقق لمناط الاجتهاد على وجه يشعر بفطنة أبي بكر في فتياه ودقة استنباطه، ولعل هذا ملحظ قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين بعدي لملازمتهم للرسول صلى الله عليه وسلم وتوفد أذهانهم، و ملازمة الرسول طريق واضح لمعرفة هديه والبصر به. كتب عمر إلى معاوية رضي الله عنهم وهو وال بالشام في خلاف وقع بينه وبين عبادة ابن الصامت رضي الله عنه في الصرف مفاضلة من جنس واحد ( أجازه معاوية مناجزة ومنعه عبادة) يقول متى كنت فقيهاً ! فإن عبادة كان يفتي وأنت تسكر مع قينات مكة. يعني بذلك قبل إسلامه قبل الفتح، وتلك أمور يعرفها من له بصر بتاريخ التشريع الإسلامي. وأبو بكر رضي الله عنه الذي أنقذ المسلمين بموقفه في أمر الخلافة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم كان شديد الملازمة للرسول عليه السلام، وأعرف الناس بمواطن هديه صلى الله عليه وسلم، وأمير الحج في سنة تسع، وهو منصب يحتاج إلى فقه وغلى علم ليبصر الناس بأمور دينهم وهم حديثو عهد بإسلام. ولما مات الرسول عليه السلام اختلفوا في المكان الذي يجب أن يدفن فيه وفي كيفية الصلاة عليه، فقال أبو بكر: يدفن في المحل الذي قبض فيه وتدخل كل طائفة وتصلي وتخرج، فأذعنوا لاجتهاده، وقد استدل بالسنة دون أن يشكوا في شيء مما رأى أبو بكر رضي الله عنه. ولما طلبت فاطمة رضي الله عنها ميراثها من الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب العباس ميراث ما بقي، روى لهم أبو بكر رضي الله عنه لهم الحديث المعروف: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) وحكم بأنه مخصَّص لآيات الميراث. واجتهاد في جمع المصحف وخالفه عمر قائلا ً لا تفعل شيئاً لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ثم رجع عمر لرأي أبي بكر رضي الله عنهم لما رأى فيه المصلحة، واستشارته الجدة التي جاءت تطلب ميراثها فقال لها: لا أجد لك في كتاب الله شيئاً ولكن سأسال الناس فخرج وسأل الصحابة: أيكم سمع من رسول الله شيئاً في الجدة، فقال له المغيرة ابن شعبة: نعم أعطاها رسول الله صلى الله عليه وسلم السدس، فقال له: أيعلم ذلك غيرك؟ فقال محمد بن سلمة: صدق، فأعطاها السدس. وقد اجتهد حين أوصى لعمر بالخلافة من بعده، لأنه رأى أنه صاحب الحل والعقد، فله أن يولي من ظهرت أهليته قياساً على تولية أهل الحل والعقد له الخلافة، أو لأنه راعى المسلمين والقيم على شئونهم، روى مسلم عن عبد الله بن عمر أنه دخل على أبيه حين احتضر فقال: زعموا أنك غير مستخلف وإنه لو كان لك راعي إبل أو غنم ثم جاءك وتركها أرايته غير مضيع؟ فرعاية الناس أشد، قال: فوافقه فولى، فوضع رأسه ساعة ثم رفعه إلي فقال: إن الله عزَّ وجل يحفظ دينه وإني لئن لا أستخلف إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبابكر قد استخلف، قال: فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله وابا بكر فعلمت أنه يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحد وأنه غير مستخلف. فعمر يرى أن أبا بكر قاس حين استخلف، ورأى أن خليفة المسلمين كالراعي يحب أن لا يتركهم، وعمر رأى العمل بالسنة. هذه جملة من أمثلة اجتهاد الخليفة الأول في شئون المسلمين وفقههم وتشريعهم تبين لك النور الذي قبسوه وساروا على هديه ومقدار ما أفادوا منه ومن صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنعرض لمثال آخر لاجتهاد الخليفة الثاني عمر رضي الله عنه إن شاء الله. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. المصدر: مجلة الأزهر المجلد الثامن عشر، رجب 1366هـ، العدد السابع.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |