|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رفع الإلتباس عن ملة من جعله الله إماما للناسمنهاج نصر الدين يتلخص في ثلاثة أمور1- أن نقول بالحق في الدعوة لتوحيد الله عز وجل ، والتبرؤ من الشرك وأهله والبدع وأهلها والمعاداة في ذلك ، وتجريد المتابعة لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم .
2- عند ذلك يحصل الإيذاء والإخراج من الديار والأموال وتكون الهجرة إلى مكان يجتمعون فيه . 3- ثم بعد ذلك يكون القتال . وإليك الأدلة : قال الله عز وجل : ( إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمت الله والله غفور رحيم ) [1]. قال تعالى : { إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور ) [2]. قال الله تعالى : { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم ) [3] . وكذلك قال الله تعالى : { والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون الذين صـبروا وعلى ربهم يتوكلون ) [4]. ويبين لك هذا في أعمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد بين وصرح وجاهر بذلك ، ثم أخرج ، ثم قاتل وبعد ذلك حصل النصر . وهذا الذي فهمه أسعد بن زرارة لما قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم في البيعة : (( وأن تقولوا بالحق لا تخافون في الله لومة لائم )) [5]. قال أسعد للمبايعين في حديث البيهقي بسند حسن ( إن إخراجه اليوم مفارقة للعرب كافة وأن تعضكم السيوف ويقتل خياركم ) . والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يسمع ويسكت إقرارا لأسعد رضي الله عنه . وقد وقع ذلك لهم وأعقبهم الله النصر ، فسادوا الأرض خلال سنوات قصيرة وأعطوا على ذلك الجنة في الآخرة . فالخلاصة : 1- أن من تبرأ من الشرك وأهله وصرح بذلك وأظهر لهم العداوة ، فليستعد لعداوة مردة أهل الأرض ، وتلك ملة إبراهيم عليه السلام . 2- من جرد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الأقوال والاعتقادات والأفعال ، حاربه من استبدلوا بهذا المنهج أقوال الرجال ، وهم متعصبة المذاهب . وإن أردت المزيد فراجع " حكم موالاة أهل الإشراك " بكتاب مجموعة التوحيد ، ورسالة " الفكاك من موالاة المرتدين وأهل الإشراك " بمجموعة التوحيد أيضا [6] ، أما إذا أردت المزيد في الفقرة الأخيرة فراجع كتاب تفسير أضواء البيان للشنقيطي - تفسير سورة محمد - . واعلم أنك لا تثبت على فهم هذا الأصل حتى لا تقبل حجة ولا تقول إلا بما هو ثابت صحيح في السنة ، فإنك إن احتججت بأقوال علماء بدون دليل صحيح ، احتج عليك الخصوم بأقوال علماء عندهم بدون دليل ، ولكن استعن بأفهام العلماء للكتاب والسنة الصحيحة ولا تنفرد بفهمك ، وقدم أفهام الصحابة رضي الله عنهم للنص بالأدلة وكذلك من نهج نهجهم ، وأمر آيات وأحاديث الوعيد كما جاءت ، ولا تكفر مسلما بذنب ما لم يستحله ، ويجب أن تعتقد أن الله يغفر جميع الذنوب إلا الشرك وهذا هو مذهب السلف ، وانظر كتاب الإيمان لابن تيمية رحمه الله فقد ساق الأدلة - الشافية في مسألة الإيمان ، ثم بعد ذلك وطن نفسك على قدح الجهال وازدرائهم ورميهم لك بتكفير الناس ، وسينفر عنك علماء السوء ما استطاعوا ويسمونك بأسماء شتى ، فيسمونك عند الحكام خارجي ، ليقتلوك فيخلوا لهم المجال كما قال إخوة يوسف ، و يسمونك عند العلماء ظاهري : فاصبر عليه وكن بربك واثقـا ![]() ولا يحملك بغضهم على رد ما جاءوا به من الحق ، فقد قال معاذ بن جبل رضي الله عنه : ( خذ الحق ممن جاء به فإن الحق عليه نور ) . واعلم أن النور هو الدليل من الكتاب والسنة الثابتة . واعلم أنك في زمان لو أن إبليس اتخذ له دولة لوجد دعاة له يجعلون له حظا في الإسلام شريطة أن يعطيهم ثلاث خصال : الشهادة والمرتبة والمعاش . فإبليس يقر بثلاث هي : إثبات الخالق ، والإيمان بالبعث ، ودعاء الله بغير واسطة ، قال الله عنه : { قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون } [7] ، فسيتكلم دعاته في هذه الثلاث وهي من الإسلام ، وقد وجد خطباء عند من قال : ( إن القرآن متناقض ) ، وعبارات أخر نتنزه عن ذكرها . واعلم أن هم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو هداية الناس ، ولم يسع لمكانة له بين الناس أو ليلفت الأنظار إليه ، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم كما في البخاري (( من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به )) ، وفي سنن أبي داود بسند صحيح، لما قال له رجل : (( أرأيت إن خرج رجل يلتمس الأجر والذكر - أي الشهرة - فما له من الأجر ؟ قال : لا شيء له ، حتى أعادها ثلاثا ثم قال : إنما يتقبل الله من العمل ما كان خالصا وأريد به وجهه )). واحذر الكبر وهو احتقار الناس ورد الحق ، وقد قال صلى الله عليه وآله وسـلم (( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحـد )) [8]. فاجعل هذه من صفاتك ، ولا تعجب بعملك ، فقد قال صلى الله عليه وآله وسلم عند ذكر المهلكات : (( وإعجاب المرء بنفسه )) [9]. وأذكرك أن هذا الدين اختاره الله لنا وأوجب علينا نصره ووعدنا بالنصر إن نصرنا دينه . وقال ابن سحمان : على الدين فليبك ذوو العلم والتـقى ![]() وقد صار إقبـال الورى واحتيالهـم ![]() وإصـلاح دنياهم بإفسـاد دينهــم ![]() يعادون فيهـا بل يوالـون لأجـلها ![]() وملــة إبراهيـم غـودر نهجهـا ![]() قال الله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم } [10]. فاعلم يا أخي أن هذا الدين تكفل الله بحفظه ونصره فلا تغتر بكثرة المتخلفين في وقت الشدة ، فإن الشدة علامة على قرب النصر ، كما قال تعالى في الآية المذكورة ، فإن تقهقر الناس عن نصر دين الله ، وموالاتهم أعداء الدين علامة على أن الله سوف يستبدلهم بقوم صفتهم كما في الآية ، فاثبت عسى الله أن يجعلك منهم ، واعلم أنك بهذا أمرت فكن أول المسلمين ، واعلم أن المنهزم لا ترد عليه شبهاته التي يتعلق بها كما قال دريد بن الصمة في يوم حنين حينما أخذ أميرهم أموالهم وأولادهم ونساءهم وأخرجهم مع الجيش لقتال النبي وذلك ليثبتوا ولا يهزموا ، فقال دريد له : ( ويحك إن المنهزم لا يمنعه شيء ) . وعليك بتدبر الآية السابقة وما اشتملت عليه من صفات المؤمنين الذين بهم يكون النصر : <LI>وأول هذه الصفات : أن الله يحبهم ، وقد قال الله مبينا لما تدرك به المحبة فقال : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم } . <LI>والصفة الثانية أنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين بخلاف أكثر المنتسبين للإسلام اليوم . والجهاد عام ؛ فجهاد النفس ، وجهاد الشيطان ، وجهاد المنافقين ، وجهاد الكـفار . فالنفس تجاهدها في طاعة الله عز وجل ، وأن تخلصها لله وحده حتى لا يكون لها نصيب من سمعة أو شهرة ، فإذا كنت بهذه المثابة فإنك لا تخشى اللوم ... وجهاد الشيطان بدفع ما يلقيه من الشبهات والتخويف من أوليائه وتثبيطك - بطول الأمل .. وجهـاد المنافـقين بالحجة كما قـال تعالى : { وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } [11] . وجهاد الكفار بالسيف ، وفي ذلك الثواب العظيم ، قال الله تعالى : { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين } [12] . قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( للشهيد عند الله ست خصال : يغفر له عند أول دفعة من دمه ، ويرى مقعده من الجنة ، ويجار من عذاب القبر ، ويأمن من الفزع الأكبر ويحلى حليـة الإيمان ، ويزوج من الحور العين ، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه )) [13] ، وهذا فضل الله لمن صدق . واعلم أن دين الإسلام قد نقض بناؤه ولم يبق منه إلا القليل لأن أهله فعلوا كما فعل عبد المطلب لما أراد أبرهة الحبشي أن يهدم الكعبة قال : ( أنا رب إبلي ، والبيت له رب يحميه ) ، فهؤلاء كل منهم رب مصلحته ووظيفته والدين له رب يحميه . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (( لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة ، فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولاهن نقـضا الحكم ، وآخـرهن الصـلاة )) [14]. وقال تعالى : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم أفمن كـان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم } [15]. فإذا كنت على بينة فلا تبالي لعدد ولا عدة لإنه قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إن تنصـروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم والذين كفـروا فتعسـا لهـم وأضـل أعمالهم ذلك بأنهـم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهـم } [16] . وقال ابن القيم رحمه الله : والحـق منصور وممتحن فـلا ![]() وبذاك يظهر حزبـه من حزبـه ![]() فاصدع بأمر الله لا تخش الورى ![]() واهجر ولو كل الورى في ذاتـه ![]() واصبر بغيـر تسخط وشكايـة ![]() فائدة يجب التنبه لها لمن أخذ بملة إبراهيم عليه السلام لعظيم حاجته إليها : وهي بيان موقفه من خصومه ، والتي تلخص في الحذر من العدو مع إظهار الحق قبل اللقاء والثبات على ذلك بعد اللقاء . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما في كتاب الجهاد من صحيح البخاري : (( يا أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف )) [17]. وقال تعالى : { فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم } ، وقال : { واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين } . وقال صلى الله عليه وآله وسلم : (( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور )) [18] ، فقد حصل الاختلاف وكثرت الآراء والاستحسانات فخذ بوصية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وقال تعالى : { وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون } ، وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون } . وهذه فائدة تفوت كثيرا من أهل الخير وهي الذكر عند اللقاء : { واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون }. وإليك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : (( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في اليسر والعسر والمنشط والمكره ، وألا ننازع الأمر أهلـه وأن نقـول بالحق حيثما كـنا لا نخاف في الله لومة لائم ولنا الجنة )) [19] ، فالشاهد من الحديث قوله : (( وأن نقول بالحق حيثما كنا )) ، فبالله عليك كم كان عدد المسلمين حين ذلك وتحت حماية أي الدول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فالجواب : أنهم كانوا قوما لا عدد لهم ولا عدة ، بل كانـوا تحت العذاب والتشريد ، ولم يرخص لهم في السكوت لأن الدين لا يظهر إلا بالبيان . ومع البيان والتصريح بالعداوة يكون الإيذاء والإخراج ، كما قال ورقة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( أنه لا يأتي أحد بمثل ما جئت به إلا عودي )) [20]. فالناس انقسموا حيال ذلك إلى ثلاث طوائف : <LI>إحداها تدعو للسلم والسكوت عنهم وعدم إظهار العداوة ، وهذا خلاف السنة ولكن مع الأسف فهذا يعيش عليه أكثر من ينتسب إلى الدين . <LI>وطائفة تتسرع وتنادي بالقتال وهم بين ظهراني أهل الباطل وقد أخطأت السنة. وحجـة الطائفة الأولى قوله تعالى : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها } [21] ، وكذلك بصلح الحديبية ، أما الآية فبينتها آية القتال وهي بقوله تعالى : { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم ) [22] . وإليك الجمع بين الآيتين .. قال الشنقيطي رحمه الله تعالى : ( واعلم أن آية القتال هذه لا تعارض بينها وبين آية الأنفال حتى يقال إن أحدهما ناسخة للأخرى ، بل هما محكمتان وكل واحدة منهما منزلة على حال غير الحال التي نزلت عليه الأخرى ، فالنهي في آية القتال في قوله تعالى : { فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم } إنما هو عن الابتداء بطلب السلم ، والأمر بالجنوح إلى السلم في آية الأنفال محله فيما إذا بدأ الكفار بطلب السلم والجنوح له كما هو صريح قوله تعالى : { وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله } ، فبان لنا ما تنزلت عليه الآيتان ، والسنة تبين ذلك وإليك ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع الكفار في صلح الحديبية . والقصة بطولها في صحيح البخاري - كتاب الشروط - باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب . والشاهد من ذلك : 1- أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنهم جمعوا جموعهم واستعانوا بحلفائهم لصده ، استشار أصحابه في أن يميل على ذراري وأموال من ساعدوا قريشا على حربه ، فأشار أبو بكر على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالمضي فيما خرجوا من أجله وهو زيارة البيت فإن اعترضوهم دونه قاتلوهم . 2- بعد عزمهم على ذلك ظهرت لهم آية تبين لهم عدم الإذن لهم بما عزموا عليه من القتال وهي بروك راحلته صلى الله عليه وسلم الذي أخبر بأنه حبس من الله للناقة كما حبس الفيل عن مكة . 3- لما تبين لهم ذلك قال : (( لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها )) . 4- عرض عليهم أن يعاهدهم عهدا شريطة أن يخلوا بينه وبين الناس ، فإن لم يفعلوا قاتلهم قال : (( وإن هم أبوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن الله أمره )) . فظهر مما سبق أنه صلى الله عليه وسلم عزم على الفتك بمن أعان عدوه إلا أن أبا بكر أشار عليه بالمضي في قصده الأول ثم على قتالهم أن صدوه ، حتى ظهر له أمر الله . وأن الذي حمله على مسالمتهم هو تعظيم حرمات الله ومع ذلك اشترط أن يخلوا بينه وبين الناس ، فهو لم يصالح جميع الكفار بل سد عنه ناحية ليتفرغ للأخرى ، وهذه الهدنة لم تغير شيئا مما كانوا عليه من عداوة الكفار بل لم تزل تلك العداوة بادية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه ، حتى أن بلالا رضي الله عنه واجه بذلك رئيس قريش عندما جاء ليمدد الصلح وهو أبو سفيان ، فقالوا له : ( ما أخذت سيوف الله من عدو الله مأخذها . فقال أبو بكر : أتقولون هذا لسيد قريش ؟ فأخبر أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له : لعلك أغضبتهم فإن كنت أغضبتهم فقد أغضبت ربك ) [23]. بهذا يظهر أنه لا حجة لهم في الآية ولا في الحديث لاختلاف حالتهم من الحالة التي تدلان عليها ، إذ كانوا هم الجانحين للسلم وليس ذلك لمصلحة الدين وتعظيم حرمات الله بل للإبقاء على معاشهم ومصالحهم الخاصة . أما الإمام المسلم فله أن يصالح للمصلحة حكاه النووي إجماعا [24]. ونقول للطائفة الثانية : أن عملكم هذا خلاف ما سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مع أن قتال الكفار مطلوب ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما كان بين الكفار ، بين لهم الحق وتحمل الأذى في ذلك وصبر وصبر أصحابه كما في البخاري من حديث خباب رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت : يا رسول الله ألأ تدعو الله لنا ؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال : (( لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق اثنين ، ما يصرفه ذلك عن دينه ، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمـه ولكنكم قوم تستعجلـون )) [25] ، فانظر إلى هديه صلى الله عليه وآله وسلم صبرهم وضرب لهم الأمثلة بمن قبلهم فلم يثبـطهم ولم يدفع بهم للمواجهة في هذه الحالة ، ولكنه أخبرهم عن هذا الأمر وظهوره . وهذا قد بينه ابن القيم في النونيه قال : وإذا هم حملـوا عليك فـلا تكن ![]() واثبت ولا تحمل بلا جنـد فمـا ![]() فإذا رأيت عصابة الإسـلام قـد ![]() فهناك فاخترق الصفوف ولا تكن ![]() وقال الله لرسوله كما في صحيح مسلم : (( استخرجهم كما استخرجوك وجاهد بمن أطاعك من عصاك )) . فظهر أنه إذا وجدت الطاعة بعد تميز عصابة الإسلام فهناك يكون القتال ، وهذا معنى البيث الثالث والرابع من كلام ابن القيم رحمه الله . <LI>والطائفة الثالثة : قالت بالحق واستقامت عليه وما وهنوا وما استكانوا واستيقنوا بوعد الله ، قال الله فيهم : { إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ... ولينصرن الله من ينصره }. يقول الإمام أحمد رحمه الله : ( إذا سكت العالم تقية والجاهل يجهل ، فمتى يتبين الحق ؟ ) . وإليك الحديث الذي في البخاري في غزوة أحد بعدما أصيب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : ( أشرف أبو سفيان فقال : أفي القوم محمد ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا تجيبوه . فقال : أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ فقال : لا تجيبوه . فقال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ فقال : إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا . فلم يملك عمر نفسه فقال : كذبت يا عدو الله أبقى الله عليك ما يخزيك . قال أبو سفيان : أعل هبل . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أجيبوه " . فقالوا ما نقول ؟ قال قولوا : " الله أعلا وأجل ) . فانظر يا أخي ففي البداية أمرهم وأرشدهم إلى السكوت والاختفاء بقوله " لا تجيبوه " ، ثم أخيرا بعد كلام عمر ، أمرهم وأرشدهم إلى الإجابة وأن يجيبوه بعزة وثبات من غير خضوع ولا مسكنة . فقال أبو سفيان : ( لنا العزى لا عزى لكم . فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : " أجيبوه " ، قولوا " الله مولانا لا مولى لكم " . فقال أبو سفيان : تجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني ) . وهذا شبيه بحال بعض الناس ، فإنه لو لم يعن الظلمة على أهل الخير فإنـه لا يستاء بما وقع لهم منهم . وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم : (( مثل المؤمنين كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )) . كذلك مما يشهد لما مضى ، قصة سعد بن معاذ رضي الله عنه - في البخاري - لما نزل على أمية بن خلف ، فقال : ( انظر لي ساعة خلوة أطوف بالبيت ، فخرج قريب نصف النهار . فلقيهم أبو جهل فقال : يا أبا صفوان : من هذا الذي معك ؟ فقال : سعد . قال أبو جهل : ألا أراك تطوف بمكة وقد أويتم الصباه وزعمتهم أنكم تنصروهم ، والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت لأهلك سالما ) . فاسمع جواب سعد بغير ضعف ولا استكانة ولم يقل - يا طويـل العمر - خوفا من منع رزقه أو قطع رأسه . قال سعد : ( ورفع صوته عليه : والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه - طريقك على المدينة - بقصد التجارة . فقال أمية : لا ترفع صوتك على أبي الحكم سيد أهل الوادي . فقال سعد : دعنا عنك يا أمية ، فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنه قاتلك يا أمية " ) . فانظر في البداية لحذر سعد حيث طلب من أمية أن يختار له ساعة خلوة يطوف بها ، ثم انظر إلى ثباته عند مصادمته لأبي جهل ، فكذا قوله تعالى : { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون } . وهذا خبيب رضي الله عنه - كما في البخاري - لما خرجوا به إلى القتل وصلى ركعتين ، فقال : ( والله لولا أن تظنوا أن بي جزعا لزدت ثم أنشأ يقول : فلست أبالي حيـن أقتـل مسلما ![]() وذلك فـي ذات الإلـه وإن يشأ ![]() 1- البقرة : 218 . 2- الحج : 38 . 3- النحل : 110 . 4- النحل : 41 - 42 . 5- رواه البخاري ومسلم . 6- هذا في الفقرة الأولى من الخلاصة . 7- ص : 79 . 8- رواه مسلم . 9- رواه الطبراني بسند صحيح . 10- المائدة : 54 . 11- النساء : 63 . 12- آل عمران : 169 - 171 . 13- أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح . 14- رواه أحمد وابن حبان والحاكم وهو صحيح . 15- محمد : 13 - 14 . 16- محمد : 7 - 9 . 17- فتح ج 1 ص 120 . 18- رواه أبو داوود والترمذي وأحمد وابن حبان بسند صحيح . 19- متفق عليه . 20- رواه البخاري . 21- الأنفال : 61 . 22- محمد : 35 . 23- رواه مسلم . 24- انظر صحيح مسلم شرح النووي ج 12 ص 123 . 25- الفتح ج 6 ص 619 ، وج 7 ص 164 . |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
جعله صلى الله عليه أميرا بسورة البقره | الزغبى | ملتقى القرآن الكريم والتفسير | 3 | 08-04-2012 05:04 PM |
مقطع فيديو مؤثر: إمام مسجد يموت وهو يتحدث للناس | محبه للجنه | ملتقى المرئيات - فلاشات - فيديو كليب | 9 | 08-03-2007 02:16 PM |
الى الشيخ الجليل ابو البرءا فسرلى منامى جعله الله فى ميزان حسناتك | nafesa | ملتقى تفسير الاحلام والرؤى | 3 | 04-05-2006 02:33 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |