اعترافات مراهق

[ماسة الجنة]

يا ليتني أعود مراهقا ...
حتى أعوض ما فاتني من بر والدي ...
حتى أقبل يديهما ... رأسهما ......

أقبل ذلك الجبين الذي كثيرا ما تعرق غضبا مني ....بسبب حماقتي ....

تلك اليدين اللتان كانتا تحنو علي وتربت على كتفي ... بالرغم من أني كنت أدير ظهري لها ... ، كانت تدعو لي في كل وقت وكنت لا أبالي ...

تلك القدمين اللتان كانتا تقفان في الصلاة و تتعبان من الوقوف لأجلي ... للدعاء لي في جوف الليل ... بأن يهديني ويصلح حالي ...

والآن بعد أن احدودب ظهري .... وشاب شعري ..... وضعفت قوتي ..... أدركت ماذا كانا يريدان مني ....وفهمت بماذا كانا يفكران ، وكيف ؟؟؟؟؟؟؟

علمت لماذا كانت أمي تحترق طلبا مني أن لا أضيع وقتي هباءا ، لماذا كانا يدققان علي في كل شاردة وواردة ، لماذا أرادا أن يعرفا مع من أجالس ومن أصاحب ، لماذا لم يريدا مني أن لا أجلس بمفردي أمام التلفاز والكمبيوتر لفترة طويلة دون رقابة ، لماذا كانا يدققان على خروج ودخول أخواتي ... وضرورة معرفة كل صديقاتهن .

أدركت أنهما كانا يرادان أن أصبح رجلا ... مستقيما ... صالحا ... ذو شخصية راقية ... محترمة

أرادوني أكون .....ناجحا .... مميزا ..... بأخلاقه ، بعلمه ، بأدبه سعيدا بطاعة ربه....





أتدرون متى أدركت ذلك ، عندما ......






بحثت عن السعادة فلم أجدها .....لأنها لا تكون إلا بالاستقامة والصلاح اللذين فقدتهما بسبب تهاوني في أمور ديني ....

عندما ......وجدت نفسي بلا شهادة علمية ....وأريد عملا مناسبا لي ولم أجد .....

عندما ..... بحثت عن امرأة لأتزوجها ....ولم أجد من تقبل بي ... لأني غير مستقيم....ومعروف بالاستهتار واللامبالاة وعدم القدرة على تحمل المسؤولية ....

عندما.... ووجدت التاريخ يعيد نفسه ، أبنائي يشربونني من كأس العقوق الذي سقيته لوالدي ...

عندما بحثت عن أسلوب لأعامل به أبنائي ... فلم أجد سوى نفس أسلوبهما ....

ذلك الأسلوب الذي كان مملوءا بالحب والحنان والعطف .... ولكني لم أكن أرى فيه في ذلك الوقت ... سوى كبت لحريتي ، وتقيدا لتصرفاتي ، و أنا الآن أتبع نفس الأسلوب .....
لأني أولا وأخيرا ... أردت السعادة لأبنائي في الدارين ... كما اأرادها لي والدي...
فإلى كل مرهق ......لا تفعل ما فعلته أنا حتى لا تعيد مقالتي هذه ........

ياليتني أعود مراهقا ......