نملة قرصت نبيا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إجارة المنافع بالمنافع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الشرط السابع من شروط الصلاة: ستر العورة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تخريج حديث: أن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم، فلم يرد عليه السل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الحديث الرابع عشر: المحافظة على أمور الدين وسد ذرائع الحرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فقه مرويات ضرب الزوجة في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3112 - عددالزوار : 430389 )           »          من مائدة التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11 - عددالزوار : 2944 )           »          صفة العلم الإلهي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من أدلة صدقه عليه الصلاة والسلام: عظمة أخلاقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من درر العلامة ابن القيم عن الزهد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-10-2025, 01:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,051
الدولة : Egypt
افتراضي نملة قرصت نبيا

نملة قرصت نبيًا

د. محمود بن أحمد الدوسري



الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «قَرَصَتْ نَمْلَةٌ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَمَرَ بِقَرْيَةِ النَّمْلِ[1] فَأُحْرِقَتْ[2]، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ؛ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ!» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: «نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ؛ فَأَمَرَ بِجَهَازِهِ فَأُخْرِجَ مِنْ تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِبَيْتِهَا فَأُحْرِقَ بِالنَّارِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

عِبَادَ اللَّهِ.. جَاءَ الْإِسْلَامُ بِالرَّحْمَةِ لِكُلِّ الْخَلْقِ؛ إِنْسًا وَجِنًّا، وَحَيَوَانًا وَطَيْرًا؛ فَإِنَّ رَحْمَتَهُ تَعَدَّتْ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَنَهَى عَنِ الْقَتْلِ عَبَثًا، أَوْ مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَفِي الْوَقْتِ ذَاتِهِ حَافَظَ عَلَى مَصَالِحِ النَّاسِ مِنَ الضَّرَرِ وَالْأَذَى، وَلِذَلِكَ عَاتَبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لَمَّا أَحْرَقَ قَرْيَةَ النَّمْلِ – وَهُوَ مَكَانُ تَجَمُّعِهِمْ – بِسَبَبِ أَنَّ نَمْلَةً قَرَصَتْهُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «أَنْ قَرَصَتْكَ نَمْلَةٌ؛ أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ!»؛ يَعْنِي: مِنْ أَجْلِ أَنَّ نَمْلَةً وَاحِدَةً قَرَصَتْكَ تُحْرِقُ أُمَّةً كَامِلَةً مِنَ النَّمْلِ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى!

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (يُقَالُ: ‌إِنَّ ‌لِهَذِهِ ‌الْقِصَّةِ ‌سَبَبًا: وَهُوَ أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِذُنُوبِ أَهْلِهَا، فَوَقَفَ مُتَعَجِّبًا، فَقَالَ: يَا رَبِّ، قَدْ كَانَ فِيهِمْ صِبْيَانٌ وَدَوَابُّ، وَمَنْ لَمْ يَقْتَرِفْ ذَنْبًا، ثُمَّ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَرَتْ لَهُ هَذِهِ الْقِصَّةُ، فَنَبَّهَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى أَنَّ الْجِنْسَ الْمُؤْذِيَ يُقْتَلُ؛ وَإِنْ لَمْ يُؤْذِ، وَتُقْتَلُ أَوْلَادُهُ؛ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغِ الْأَذَى. وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ ثَبَتَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ تَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَمْ يُعَاتَبْ إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ؛ بَلْ جَوَابًا لَهُ، وَإِيضَاحًا لِحِكْمَةِ شُمُولِ الْهَلَاكِ لِجَمِيعِ أَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، فَضَرَبَ لَهُ الْمَثَلَ بِذَلِكَ؛ أَيْ: إِذَا اخْتَلَطَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْإِهْلَاكَ بِغَيْرِهِ، وَتَعَيَّنَإِهْلَاكُ الْجَمِيعِ طَرِيقًا إِلَى إِهْلَاكِ الْمُسْتَحِقِّ؛ جَازَ إِهْلَاكُ الْجَمِيعِ، وَلِهَذَا نَظَائِرُ؛ كَتَتَرُّسِ الْكُفَّارِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ)[3].

وَقَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ ذَلِكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ ‌فِيهِ ‌جَوَازُ ‌قَتْلِ ‌النَّمْلِ، وَجَوَازُ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ، وَلَمْ يَعْتِبْ عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْقَتْلِ وَالْإِحْرَاقِ؛ بَلْ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى نَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً»؛ أَيْ: فَهَلَّا عَاقَبْتَ نَمْلَةً وَاحِدَةً هِيَ الَّتِي قَرَصَتْكَ؛ لِأَنَّهَا الْجَانِيَةُ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلَيْسَ لَهَا جِنَايَةٌ، وَأَمَّا فِي شَرْعِنَا فَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَاقُ بِالنَّارِ لِلْحَيَوَانِ)[4].

مَسْأَلَةٌ: الْحَشَرَاتُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْبَيْتِ؛ كَالنَّمْلِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْبَعُوضِ، وَالذُّبَابِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ هَلْ يَجُوزُ قَتْلُهَا؟
يَحْرُمُ قَتْلُ النَّمْلِ إِلَّا أَنْ يُؤْذِيَ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ أَرْبَعٍ مِنَ الدَّوَابِّ: النَّمْلَةُ، وَالنَّحْلَةُ، وَالْهُدْهُدُ، وَالصُّرَدُ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ. فَإِنْ كَانَتْ مُؤْذِيَةً؛ فَدَفْعُ عَادِيَتِهَا بِالْقَتْلِ جَائِزٌ.

فَإِذَا لَمْ يُؤْذِ النَّمْلُ - بِالْقَرْصِ أَوْ بِإِتْلَافِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ؛ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ، وَإِنْ آذَاكَ جَازَ قَتْلُهُ - بِغَيْرِ الْحَرْقِ؛ كَاسْتِعْمَالِ الْمُبِيدَاتِ.


قَالَ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: (هَذِهِ الْحَشَرَاتُ إِذَا حَصَلَ مِنْهَا الْأَذَى تُقْتَلُ، لَكِنْ بِغَيْرِ النَّارِ؛ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبِيدَاتِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْحَيَّةُ، وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْحُدَيَّا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ قَتْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنَ الْمُؤْذِيَاتِ؛ كَالنَّمْلِ، وَالصَّرَاصِيرِ، وَالْبَعُوضِ، وَالذُّبَابِ، وَالسِّبَاعِ، دَفْعًا لِأَذَاهَا. أَمَّا إِذَا كَانَ النَّمْلُ لَا يُؤْذِي؛ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ، وَإِذَا حَصَلَ مِنْهُ أَذًى؛ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِالْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ)[5].

وَقَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (النَّمْلُ وَغَيْرُ النَّمْلِ إِذَا آذَى، وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِقَتْلِهِ؛ فَلْيُقْتَلْ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ - لَا إِفْسَادُ الْبِنَاءِ، وَلَا إِفْسَادُ الطَّعَامِ، وَلَا تَنْكِيدُ النَّوْمِ عَلَى الصِّبْيَانِ أَوْ عَلَى الْإِنْسَانِ؛ فَلْيَتْرُكْهُ. لَكِنْ إِذَا حَصَلَ مِنْهُ أَذِيَّةٌ، وَلَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِالْقَتْلِ؛ فَلَهُ ذَلِكَ)[6].

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ... أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ.. وَمِنْ أَهَمِّ الْفَوَائِدِ وَالْعِبَرِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ:
1- لَمْ يُعَاتَبْ هَذَا النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْكَارًا لِمَا فَعَلَ؛ بَلْ عُوتِبَ عَلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ: فَإِنَّهُ لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى مُعَاقَبَةِ النَّمْلَةِ الَّتِي قَرَصَتْهُ وَحْدَهَا، لَمَا حَدَثَتِ الْمُعَاتَبَةُ، وَلَكِنَّهُ عُوتِبَ لَمَّا شَدَّدَ فِي مُعَاقَبَةِ النَّمْلِ؛ فَدُلَّ عَلَى مَا هُوَ أَحْسَنُ.

2- الْعِقَابَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْجُرْمِ، وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِ فَاعِلِهِ.

3- لَا يَجُوزُ قَتْلُ النَّمْلِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرَرْنَا بِقَرْيَةِ نَمْلٍ فَأُحْرِقَتْ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْبَغِي لِبَشَرٍ أَنْ يُعَذِّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ. وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إِلَّا رَبُّ النَّارِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

4- فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ كُلِّ مُؤْذٍ[7].

5- التَّحْذِيرُ مِنَ التَّعَدِّي فِي الِاقْتِصَاصِ: وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ - وَإِنْ شَرُفَتْ مَنْزِلَتُهُ - أَنْ يَتَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ حَدَّ الْمَشْرُوعِ؛ فَإِنَّ هَذَا - وَهُوَ نَبِيٌّ - لَمْ يُسَامَحْ فِي الْحَيْفِ عَلَى نَمْلَةٍ، وَعُوتِبَ فِي ذَلِكَ[8].

6- يَنْبَغِيَ لِلْإِنْسَانِ أَلَّا يُبَالِغَ فِي الْانْتِقَامِ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ إِنَّمَا عَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ انْتَقَمَ لِنَفْسِهِ بِإِهْلَاكِ جَمْعٍ آذَاهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَكَانَ الْأَوْلَى بِهِ ‌الصَّبْرَ ‌وَالصَّفْحَ)[9].

7- الْحَذَرُ مِنْ آثَارِ الْغَضَبِ: فَهُوَ ثَوَرَانٌ فِي النَّفْسِ يَحْمِلُهَا عَلَى الرَّغْبَةِ فِي الْبَطْشِ وَالِانْتِقَامِ.

8- أَهَمِّيَّةُ الْعَدْلِ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا: لِذَا كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

9- الْأُمَمُ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى كَثِيرَةٌ جِدًّا: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الْأَنْعَامِ: 38]. وَقَالَ السَّعْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: (أَيْ: ‌جَمِيعُ ‌الْحَيَوَانَاتِ، الْأَرْضِيَّةِ وَالْهَوَائِيَّةِ؛ مِنَ الْبَهَائِمِ، وَالْوُحُوشِ، وَالطُّيُورِ، كُلُّهَا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ خَلَقْنَاهَا؛ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ، وَرَزَقْنَاهَا كَمَا رَزَقْنَاكُمْ، وَنَفَذَتْ فِيهَا مَشِيئَتُنَا وَقُدْرَتُنَا، كَمَا كَانَتْ نَافِذَةً فِيكُمْ)[10].

10- النَّمْلُ يُسَبِّحُ تَسْبِيحًا حَقِيقِيًّا بِصَوْتٍ: لِقَوْلِهِ: «أَحْرَقْتَ أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ تُسَبِّحُ»، فَهُوَ تَسْبِيحُ مَقَالٍ وَنُطْقٍ؛ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ النَّمْلِ، بِأَنَّ لَهَا مَنْطِقًا، وَفَهِمَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنِ النَّمْلَةِ الَّتِي سَمِعَهَا سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ إِذْ قَالَتْ: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ﴾ [النَّمْلِ: 18، 19]؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلنَّمْلِ نُطْقًا وَقَوْلًا، وَلَكِنْ لَا يَسْمَعُهُ النَّاسُ، إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُسْمِعَهُ؛ مِمَّنْ خَرَقَ لَهُ الْعَادَةَ؛ كَمَا حَصَلَ لِسُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِدْرَاكِ عَدَمُ الْمُدْرَكِ فِي نَفْسِهِ[11].

11- فِعْلُ الْبَعْضِ قَدْ يَجُرُّ الْوَيْلَاتِ عَلَى الْكُلِّ: فَالْمُعْتَدِيَةُ هِيَ نَمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكِنِ الَّذِي عُوقِبَ قَرْيَةُ النَّمْلِ، وَيُشْبِهُ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ﴾ [الْأَنْفَالِ: 25]، بَلْ تُصِيبُ فَاعِلَ الظُّلْمِ وَغَيْرَهُ، وَتُتَّقَى هَذِهِ الْفِتْنَةُ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَقَمْعِ أَهْلِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ، وَأَلَّا يُمَكَّنُوا مِنَ الْمَعَاصِي وَالظُّلْمِ بِقَدْرِ الْمُسْتَطَاعِ.

12- مَنِ احْتَرَزَ مِنْ قَتْلِ نَمْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ؛ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى لَا يُفَكِّرُ بِسَفْكِ دَمٍ حَرَامٍ: أَوْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، أَوْ أَنْ يَعِيثَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.

[1] قَرْيَةُ النَّمْلِ: مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِنَّ، ‌وَالْعَرَبُ ‌تُفَرِّقُ ‌فِي ‌الْأَوْطَانِ؛ فَيَقُولُونَ لِمَسْكَنِ الْإِنْسَانِ: وَطَنٌ. وَلِمَسْكَنِ الْإِبِلِ: عَطَنٌ. وَلِلْأَسَدِ: عَرِينٌ وَغَابَةٌ. وَلِلظَّبْيِ: كِنَاسٌ. وَلِلضَّبِّ: وِجَارٌ. وَلِلطَّائِرِ: عُشٌّ. وَلِلزُّنْبُورِ: كَوْرٌ. وَلِلْيَرْبُوعِ: نَافِقٌ. وَلِلنَّمْلِ: قَرْيَةٌ. انظر: فتح الباري، (6/ 358).

[2] أنكرَ صِحَّةَ هذا الحديث أحد الجهلاء النَّكِرات؛ بدعوى أنه يتنافى مع مِثالِيَّةِ النبي، وكونه قدوةً لقومه في حُسن التَّصرُّف!

[3] فتح الباري، (6/ 358).

[4] شرح النووي على مسلم، (14/ 118).

[5] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، (7/ 145).

[6] لقاء الباب المفتوح، (127/ 15).

[7] انظر: فتح الباري، (6/ 358).

[8] انظر: الإفصاح عن معاني الصحاح، لابن هبيرة (6/ 153).

[9] المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5/ 542).

[10] تفسير السعدي، (ص255).

[11] انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، (5/ 543).






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.76 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.05 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.86%)]