خطبة عيد الأضحى 10/ 12/ 1438هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 558 )           »          فرحة صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 611 )           »          عزّة المؤمن في العوائق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ﴾ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          "وفعلت فعلتك التي فعلت" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          المساواة حقٌّ إنسانِيّ وقيمةٌ سامية في السيرة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 73 - عددالزوار : 64925 )           »          كتب في الحديث ينصح بقراءتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          علاج الفتور وضعف التدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          استعمال الصور في وسائل التعليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-11-2020, 05:13 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,243
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الأضحى 10/ 12/ 1438هـ

خطبة عيد الأضحى 10/ 12/ 1438هـ


أحمد بن عبد الله الحزيمي








الركعةُ الأولى: تكبيرةُ الإحرامِ، ثمَّ تستفتحُ، ثمَّ ستُّ تكبيراتٍ.

الركعةُ الثانيةُ: تكبيرةُ الانتقالِ، ثمَّ خمسُ تكبيراتٍ.



الحمدُ للهِ الذي جَعَلَ الأعْيَادَ فِي الإسْلامِ مَصْدرًا لِلْهنَاءِ والسُّرُورِ، الحمدُ للهِ الذِي تفضَّل في هذِه الأيَّامِ العَشْرِ علَى كلِّ عبدٍ شَكُورٍ، سُبحانَه غافِرُ الذَّنْبِ وقابِلُ التَّوبِ شَديدُ العِقَابِ. نَحْمَدُهُ عَلَى نِعَمٍ أَتَمَّهَا، وَعَافِيَةٍ أَسْبَغَهَا، وَمِحَنٍ رَفَعَهَا، وَكُرُوبٍ كَشَفَهَا، وَنَشْكُرُهُ عَلَى مَا شَرَعَ لَنَا مِنَ المَنَاسِكِ، وَمَا عَلَّمَنَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَالشَّرَائِعِ، وَلَوْلَاهُ سُبحانَه لَضَلَلْنَا.



اللهمَّ صلِّ وسَلِّم علَى صَاحِبِ الحَوضِ المورُودِ، واللِّواءِ المعقُودِ، والصِّرَاطِ الممْدُودِ، خَاتَمِ الأنبياءِ، وخيرِ الأوليَاءِ، ومَنْ تَركَنَا على الْمَحَجَّةِ البَيضَاءِ.



إنَّ الْبَرِيَّةَ يَومَ مَبْعَثِ أَحْمَدٍ

نَظَرَ الإلَهُ لَهَا فَبَدَّلَ حَالَهَا



بَلْ كَرَّم الإنسانَ حِينَ اخْتَارَ مِنْ

خَيْرِ البَرِيَّةِ نَجْمَهَا وهِلاَلَهَا



لَبِسَ الْمُرَقَّعَ وهُوَ قَائِدُ أُمَّةٍ

جَبَتِ الكُنُوزَوَكَسَّرَتْ أَغْلاَلَهَا






اللهمَّ صَلِّ عليهِ في الأولينَ والآخِرينَ، وصَلِّ عَليهِ في الملأِ الأعَلَى إلى يومِ الدِّينِ، وعَلَى آلِه وصحبِهِ وسَلَّم تَسلِيماً كَثِيراً. أَمَّا بَعدُ:

فَإِنَّ خَيْرَ الْوَصِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا أَوْصَى اللهُ بِهِ الْأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].



اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا لَبَّى مُلَبٍّ وَكَبَّرَ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا طَافَ بِالْبَيْتِ طَائِفٌ وَكَبَّرَ، اللهُ أَكْبَرُ مَا لَبِسَ الْحَجِيجُ مَلاَبِسَ الْإِحْرَامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا رَأَوا الْكَعْبَةَ فَبَدَؤُوهَا بالتَّحِيَّةِ وَالسَّلامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا اسْتَلَمُوا الْحَجَرَ، وَطَافُوا بِالْبَيْتِ، وَصَلَّوا عِنْدَ الْمَقَامِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا وَقَفَ الْحَجِيجُ فِي صَعِيدِ عَرَفَاتَ.اللهُ أَكْبَرُ مَا غَفَرَ لَهُمْ رَبُّهُمْ وَتَحَمَّلَ عَنْهُمُ التَّبِعَاتِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا رَمَوْا وَحَلَقُوا وَتَحَلَّلُوا وَنَحَرُوا، فَتَمَّتْ بِذَلِكَ حَجَّةُ الْإِسْلامِ. اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا رَجَعَ مُذْنِبٌ وَتَابَ، اللهُ أَكْبَرُ كُلَّمَا رَجَعَ عَبْدٌ وَأَنَابَ.

اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا.



لَكَ الْحَمْدُ يا اللَّهُ يَوْمَ أَنْ كَفَرَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَأَرْشَدْتَنَا لِلْإِسْلامِ، لَكَ الْحَمْدُ يَوْمَ أَنْ ضَلَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَهَدَيْتَنَا لِلْإيمَانِ، لَكَ الْحَمْدُ يَوْمَ أَنْ جَاعَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَأَطْعَمْتَنَا مِنْ رِزْقِكَ الْحَلالِ، لَكَ الْحَمْدُ يَوْمَ أَنْ نَامَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَأقَمْتَنَا بَيْنَ يَدَيْكَ مِنْ فَضْلِكَ.

رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ سِرًّا وَجَهْرًا، لَكَ الْحَمْدُ دَوْمًا وَكَرًّا، وَلَكَ الْحَمْدُ شِعْرًا وَنَثْرًا.



عِبَادَ اللَّهِ: تَجْتَمِعُ الْبَهْجَةُ وَالسُّرُورُ وَالْفَرْحَةُ وَالْحُبُورُ عَلَى مُسْلِمِي الْعَالَمِ الْيَوْمَ بِاجْتِمَاعِ مَرَاسِمِ بَهْجَةِ الْعِيدِ وَفَرْحَتِهِ، فَهَذِهِ الْأيَّامُ تَجْتَمِعُ فِيهَا عِبَادَاتٌ جَلِيلَةٌ وَعَظِيمَةٌ؛فبِالْأَمْسِ وَقَفَ النَّاسُ بِعَرَفَاتَ، وَقَبْلَهُ كَانَتِ الْأيَّامُ الْمُبَارَكَاتُ، وَالْيَوْمَ يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ صَلاَةَ الْعِيدِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ الَّذِي هُوَ أعْظَمُ الْأيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، الْمُوَافِقُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّذِي هُوَ أفْضَلُ أيَّامِ الْأُسْبُوعِ، وَفِي مَوْسِمِ الْحَجِّ إِلَى بَيْتِ اللهِ الْحَرامِ الْمُعَظَّمِ، الَّذِي هُوَ أعْظَمُ مُنَاسَبَةٍ شَرْعِيَّةٍ فِي الْعَامِ، وَيَنْحَرُ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْأيَّامِ ضَحَايَاهُمْ، هَذِهِ الْمُنَاسَبَاتُ الْعِظَامُ وَهَذِهِ الرَّحَمَاتُ الْجِسَامُ، نَعَمْ! يَمُنُّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا، قَالَ سُبْحَانَه: ﴿ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37].



اجْعَلُوا -يا عِبَادَ اللَّهِ- أَيَّامَ الْعِيدِ فَرَحًا لَا تَرَحًا، أيَّامَ اتِّفَاقٍ لَا اخْتِلاَفٍ، أيَّامَ سَعَادَةٍ لَا شَقَاءٍ، أيَّامَ حُبٍّ وصَفَاءٍ، لَا بَغْضَاءَ وَلَا شَحْنَاءَ، تَسَامَحُوا وَتَصَافَحُوا، تَوَادُّوا وَتَحَابُّوا، تَعَاوَنُوا عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى، صِلُوا الْأَرْحَامَ، وَارْحَمُوا الْأَيْتَامَ، تَخَلَّقُوا بِأخْلاقِ الْإِسْلامِ.



هَذَا يَوْمُ عِيدِكُمْ فَأَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أَوَّلاً، وَاجْعَلُوهُ عِيدَ خَيْرٍ وَوِئَامٍ لِتَصْفُوا النُّفُوسُ، وَتَرْتَاحُ الْقُلُوبُ، وَلْيَصْفَحْ كُلٌّ مِنْكُمْ عَنْ أَخِيهِ، وَلْتَقُمْ بَيْنَكُمُ الْمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ الَّتِي رَبَّاهَا فِيكُمُ الْإِسْلامُ، فَتَكُونُونَ كَمَا أَرَادَ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا.



عِبَادَ اللَّهِ: اُشْكُرُوا اللهَ جَلَّ وَعَلا أَنْ بَلَّغَكُمْ هَذَا الْيَوْمَ الْعَظِيمَ وَهَذَا الْمَوْسِمَ الْكَرِيمَ، وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللهُ- أَنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ مُبَارَكٌ، رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهُ، وَأَعْلَى ذِكْرَهُ، وَسَمَّاهُ يَوْمَ الْحَجِّ الْأكْبَرِ، وَجَعَلَهُ عِيدًا لِلْمُسْلِمِينَ حُجَّاجًا وَمُقِيمِينَ، فِيهِ يَنْتَظِمُ عَقْدُ الْحَجِيجِ عَلَى صَعِيدِ مِنَىً، بَعْدَ أَنْ وَقَفُوا بِعَرَفَةَ وَبَاتُوا بِمُزْدَلِفَةَ، فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ يَتَقَرَّبُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى رَبِّهِمْ بِذَبْحِ ضَحَايَاهُم اتِّبَاعًا لِسُّنَّةِ الْخَلِيلَيْنِ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلاَةُ وَالسَّلامُ، وَقَدْ أَمَرَ اللهُ خَلِيلَهُ بِذَبْحِ ابْنِهِ وَفِلْذَةِ كَبِدِهِ، فَامْتَثَلَ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَه بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ افْتَدَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، فَكَانَتْ مِلَّةٌ إِبْرَاهِيمِيَّةٌ جَارِيَةٌ وَسُنَّةٌ مُحَمَّدِيَّةٌ سَارِيَةٌ، فَعَلَهَا الْمُصْطَفَى وَرَغَّبَ فِيهَا.



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لَقَدْ شَرَعَ اللهُ لَنَا فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ ذَبْحَ الأَضَاحِي تَقَرُّبًا للهِ وَزُلْفَى، قَالَ سُبْحَانَه: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].



ضَحُّوا -عِبَادَ اللَّهِ- وَطِيبُوا نَفْسًا بِضَحَايَاكُمْ، وَاذْكُرُوا اللهَ عَلَى مَا رَزَقَكُمْ وَهَدَاكُمْ، فَإِنَّه مَا عُبِدَ اللهُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ بِمِثْلِ إِرَاقَةِ دَمِ الأَضَاحِي، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ.



عِبَادَ اللَّهِ: لَا يَصْعَدُ إِلَى اللهِ اللَّحْمُ، اللهُ غَنِيٌّ عَنَّا وَعَنْ لُحُومِنَا: ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ ﴾ [الحج: 37]. فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَصْعَدُ إِلَيهِ؛ وَلِذَلِكَ أَخْلِصْ فِي الأُضْحِيَةِ، وَإِيَّاكَ وَالْمُفَاخَرَةِ بِكَثْرَتِهَا أَوْ غَلاءِ أسْعَارِهَا فَإِنَّهَا مِنْ أَجَلِّ الشَّعَائِرِ.



يُسَنُّ-أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- إِذَا رَجَعَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْمُصَلَّى يَوْمَ الْأَضْحَى أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ بِذَبْحِ أُضْحِيَتِهِ، وَالسُّنَّةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُضَحِّي ذَبْحَهَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ نَحَرَ ثَلاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْه فَنَحَرَ الْبَاقِيَ، إِنْ تَيَسَّرَ لَهُ وَإلَّا وَكَلَّ غَيْرَهُ.وَيَسْتَمِرُّ الذَّبْحُ إِلَى غُرُوبِ يَوْمِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيقِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ.



فَإِذَا أَضْجَعْتَ أُضْحِيَتَكَ -بَعْدَمَا تَسُوقُهَا سَوْقًا رَفِيقًا، وَوَجَّهْتَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ، وَبَعْدَمَا تَحُدُّ السِّكِّينَ- فَاذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ وَكَبِّرْ، وَسَمِّ مَنْ هِيَ لَهُ، وَلَا تَذْبَحْ وَاحِدَةً بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى، وَهَذَا مِنَ الرِّفْقِ بِالْحَيَوَانِ، فَإِذَا ذَبَحْتَ-يا عَبْدَ اللهِ- فَلَا تَسْلُخْ إلَّا بَعْدَ التَّأَكُّدِ مِنْ مَوْتِهَا.



وَالْأفْضَلُ لِلْمُضَحِّي أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا وَيَتَصَدَّقَ وَيُهْدِي، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ واسِعٌ وفيهِ سِعَةٌ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيءٍ مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أُخْرِجَتْ للهِ تَعَالَى، وَلَا يُعْطَى الْجَازِرُ أُجْرَتَهُ مِنْهَا.



نَسْأَلُ اللهَ سُبْحَانَه وَتَعَالَى أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا أَجْمَعِينَ، وَأَنْ يَتُوبَ عَلَيْنَا إِنَّهُ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. نَفَعَنِي اللهُ وإيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وَبِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.

أَقُولُ قَوْلَي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.



الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ مُعِيدِ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ.. وَجَامِعِ النَّاسِ لِيَوْمٍ لارَيبَ فِيهِ.. إِنَّ اللهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ. وَأَشْهَدُ أَنْلَا إِلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ولاَ نِدَّ وَلَا مُضَادَّ.. وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَفْضُلُ الْعِبَادِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْمَعَادِ. وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا..



أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ الْعَظِيمِ؛ فَإِنَّهُ أفْضَلُ الْأيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

أُمَّةَ الْإِسْلامِ: تَفَكَّرُوا فِي نِعَمِ اللهِ عَلَيْكُمْ، الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، فَكُلَّمَا تَذَكَّرَ الْعِبَادُ نِعَمَ اللهِ ازْدَادُوا شُكْرًا للهِ؛ تَذَكَّرُوا نِعْمَةَ الْإِسْلامِ أَعَظْمَ النِّعَمِ، وَتَحْكِيمَ الشَّرِيعَةِ وَتَطْبِيقَهَا. تَذَكَّرُوا أَمْنَكُمْ وَاسْتِقْرَارَكُمْ. تَذَكَّرُوا ارْتِبَاطَ قِيَادَتِكُمْ مَعَ مُوَاطِنِيهَا.. تَذَكَّرُوا هَذِهِ النِّعَمَ، وَتَفَكَّرُوا فِي حَالِ أَقْوَامٍ سُلِبُوا هَذِهِ النِّعَمَ. ادْعُوا رَبَّكُمْ أَنْ يُدِيمَ أَمْنَكُمْ وَاسْتِقْرَارَكُمْ وَاشْكُرُوا نِعَمَهُ يَزِدْكُمْ.



عِبَادَ اللهِ: مِنْ جُمَلةِ وَصَايَاهُ الْعَظِيمَةِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا"، إِنَّهُ الْإِسْلامُ -يا مُؤْمِنُونَ- الَّذِي أَعَلَى شَأْنَ الْمَرْأَةِ وَرَفَعَ قَدْرَهَا وَحَفِظَ حَقَّهَا! قَضِيَّةُ حِفْظِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا أَدْعِيَاءُ الْغَرْبِ وَأَذْنَابُهُمْ مِمَّنْ يُنَادُونَ بِحُرِيَّةِ الْمَرْأَةِ وَتَحْرِيرِهَا، كذَا زَعَمُوا وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ يُرِيدُونَ الْوُصُولَ إِلَيهَا فَقَط، خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْبِلادِ الَّتِي قَدْ عُرِفَتْ نِسَائُهَا بِالْحِجابِ وَالسَّتْرِ وَالْعَفَافِ، إِيَّاكِ إِيَّاكِ أَيَّتُها الْمَرْأَةُ الْمُؤْمِنَةُ الْمُطِيعَةُ للهِ وَرَسُولِهِ التَّسَاهُلَ فِي حِجَابِكِ أَوْ عِفَّتِكِ، لَا تَكُونِي مِعْوَلَ هَدْمٍ لِأُمَّتِكِ، نُرِيدُكِ الْمُؤْمِنَةَ التَّقِيَّةَ الْمُتَّبِعَةَ لِشَرْعِ رَبِّكِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِتُحَقِّقِي الْعُبُودِيَّةَ الْحَقَّةَ.



تَأَمّلِي - يَا رَعاكِ اللهُ - كَيْفَ يُوصِي بِكِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وَيَحْفَظُ لَكِ حُقُوقَكِ، فِي أَعْظَمِ مَشْهَدٍ تَشْهَدُهُ الْأُمَّةُ، حَيْثُ قَالَ فِي خُطْبَةِ الْوَدَاعِ: "اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ، أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ".



وَالْوَاجِبُ عَلَيْكُمْ مَعَاشِرَ الْأَزْوَاجِ الْاسْتِجَابَةُ لِأَمْرِ نَبِيِّكُمْ فِي حِفْظِ حُقُوقِ الْمَرْأَةِ، وَتَقْدِيرِهَا وَإجْلالِهَا وَالْعِنَايَةِ بِهَا، وَالْعِنَايَةِ أَيْضَاً بِفلذَاتِ الْأَكْبَادِ مِنَ الْأَبْنَاءِ وَالْبَنَاتِ خُصُوصًا فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ الَّتِي تَكَالَبَ عَلَيْهِمْ أَعْدَاءُ الْمِلَّةِ لِصَرْفِهِمْ عَنْ دِينِهِمْ.



عِبَادَ اللَّهِ: يَجْتَمِعُ الْيَوْمَ عِيدُ الْأَضْحَى وَصَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ صَلَّى الْعِيدَ أَنَّ لَا يُصَلِّيَ الْجُمُعةَ، وَلَكِنْ صَلاَةُ الْجُمُعةِ أفْضَل؛ فَإِذَا تَيَسَّرَ لَكَ فَصْلَهُمَا فَإِنَّهُمَا مَشْهَدَانِ عَظِيمَانِ مُبَارَكَانِ، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمعةَ فَإِنَّه يُصَلِّي ظُهْرًا، وَلَا تُفْتَحُ الْمَسَاجِدُ لِصَلاَةِ الظُّهْرِ، وَإِنَّمَا تُفْتَحُ لِصَلاَةِ الْجُمُعةِ فَقَط، وَمَنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعةَ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِأَهْلِ بَيْتِهِ ظُهْرًا جَمَاعَةًأو نحوِ ذَلكَ.



عِبَادَ اللهِ: إِنْ كَانَ لِعَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ الْفَضْلِ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، فَإِنَّ لأَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَضْلَهَا وَمَكَانَتَهَا؛ فَهِي الأيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ الَّتِي أُمِرْنَا بِذِكْرِ اللهِ فِيهَا كَمَا قَالَ سُبْحَانَه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28]، وكَمَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ:"أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍللهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.



وأيَّامُ التَّشْرِيقِ ثَلاثَةُ أيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ. وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صِيَامِهَا فَيَنْبَغِي لَنَا اغْتِنَامُهَا بالذِّكْرِ والتَّكْبِيرِ وَأَلَا نَقْتَصِرَ عَلَى الْأَكْلِ والشُّرْبِ فَحَسْب، كَمَا وَأَنَّه يُشْرَعُ فِي هَذِهِ الأيَّامِ التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ بِأَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ، فَكَبِّرُوا وَارْفَعُوا بِهَا أَصْوَاتَكُمْ وَأَحْيُوا سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ.



عِبَادَ اللهِ: مِنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فِي الأيامِ الْفَاضِلَةِ الْمَاضِيَةِ فَلْيَسْتَمِرَّ فِي إحْسَانِهِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ عَلاَمَةٌ أَكِيدَةٌ عَلَى تَوْفِيقِ اللهِ لِلْعَبْدِ، فَإِنَّ اللهَ يُوَزِّعُ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ خَلْقِهِ، وَإِنَّ مِنْ رُزِقَ لَذَّةَ الطَّاعَةِ وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا.



أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: تَقَبَّلَ اللهُ طَاعَاتِكُمْ وَصَالِحَ أَعْمَالِكُمْ، وَقَبِلَ صِيَامَكُمْ وصَدَقَاتِكُمْ وَدُعَاءَكُمْ، وَضَحَايَاكُمْ وَضَاعَفَ حَسَنَاتِكُمْ، وَجَعَلَ عِيدَكُمْ مُبَارَكًا وَأيَّامَكُمْ أَيَّامَ سَعَادَةٍ وَهَنَاءٍ وَفَضْلٍ وَإحْسَانٍ وَأَعَادَ اللهُ عَلَينَا وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ بَرَكََاتِ هَذَا الْعِيدِ، وَجَعَلَنَا فِي الْقِيَامَةِ مِنَ الآمِنِينَ، وَحَشَرَنَا تَحْتَ لِوَاءِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.



اللَّهُمَّ احْفَظْ حُجَّاجَ بَيتِكَ الْـحَرَامِ، مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَسُوءٍ، اللَّهُمَّ أَعِدْهُمْ إِلَى دِيَارِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ؛ سَالِمِينَ غَانِـمِينَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ حَجَّهُمْ، وَاغْفِرْ ذُنُوبَهُمْ، وَاجْعَلِ الْجَنَّةَ جَزَاءَهُمْ، الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ، وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ.



الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللَّهُمَّ انْصُرِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، اللَّهُمَّ اخْلُفْهُمْ فِي أَهْلِيهِمْ خَيْرًا، وَاحْفَظْهُمْ بِحِفْظِكَ، اللَّهُمَّ صَوِّبْ رَمْيَهُمْ، وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ، وَانْشُرِ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ عَدُوِّهِمْ.




اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.56 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]