بين رمضان والحج - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أسباب الضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من قال ١٠ مرات: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          نجاح موسم الحج يستوجب الشكر لله ثم للقائمين عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          توضيح وبيان مراتب وأركان الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من الدروس المستفادة من الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13487 - عددالزوار : 732921 )           »          عشر دعوات جامعة لخيري الدنيا واﻵخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المسافة تروي العلاقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تأملات في سورة الإسراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          أسباب اختلاف الفقهاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2025, 05:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,523
الدولة : Egypt
افتراضي بين رمضان والحج

بين رمضان والحج

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَى عِبَادَهُ لِلشَّرَائِعِ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِالْمَنَاسِكِ، وَدَلَّهُمْ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرَاتِ وَاكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ، نَحْمَدُهُ حَمْدًا كَثِيرًا، وَنَشْكُرُهُ شُكْرًا مَزِيدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَضَّلَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَشَرَعَ فِيهَا الْحَجَّ إِلَى الْبَيْتِ الْحَرَامِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ حَجَّ حَجَّةً وَاحِدَةً وَدَّعَ فِيهَا أُمَّتَهُ، وَبَيَّنَ فِيهَا الْحُقُوقَ، وَعَظَّمَ فِيهَا الْحُرُمَاتِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى، وَاسْتَقِيمُوا عَلَى أَمْرِهِ، وَالْزَمُوا طَاعَتَهُ، وَكُفُّوا عَنْ مَعْصِيَتِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا نَجَاةَ لِلْعَبْدِ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا فِي رِضَا اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ صَدَقَ فِي طَلَبِ رِضَاهُ رَضِيَ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ؛ ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الْمَائِدَةِ: 119].

أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ عَظِيمِ النِّعَمِ الَّتِي أَنْعَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا شَرَعَ لَهُمْ مِنْ مَوَاسِمِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ بِالطَّاعَاتِ، وَاكْتِسَابِ الْحَسَنَاتِ، وَمَا يَتَنَزَّلُ فِيهَا مِنَ الْعَفْوِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحَمَاتِ، وَمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ عِتْقِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ النَّارِ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ إِنَّ تِلْكَ لَأَعْظَمُ نِعْمَةٍ تَمَيَّزَ بِهَا مُؤْمِنٌ عَنْ كَافِرٍ، وَمُقْبِلٌ عَنْ مُعْرِضٍ، وَمُذْعِنٌ عَنْ مُسْتَكْبِرٍ، وَإِلَّا فَهُمْ فِي نِعَمِ الدُّنْيَا سَوَاءٌ؛ فَفِيهِمُ الْفَقِيرُ وَالْغَنِيُّ، وَالْمَرِيضُ وَالصَّحِيحُ، وَالْمُبْتَلَى وَالْمُعَافَى؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 60-61].

وَمَوْسِمُ الْحَجِّ مَوْسِمٌ جَلِيلُ الْقَدْرِ، عَظِيمُ النَّفْعِ، كَثِيرُ الْأَجْرِ؛ ﴿ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الْحَجِّ: 28]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَجُّ ‌الْمَبْرُورُ ‌لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ ‌وَلَدَتْهُ ‌أُمُّهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.

وَالْحَجُّ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَرَّةً فِي الْعُمْرِ، وَشَرَعَ التَّطَوُّعَ بِهِ، لَهُ ارْتِبَاطٌ وَثِيقٌ بِشَهْرِ رَمَضَانَ، وَبِفَرِيضَةِ الصِّيَامِ، مِنْ أَوْجُهٍ عِدَّةٍ:
فَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ رُكْنَانِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَهُمَا مُتَوَالِيَانِ فِي تَرْتِيبِهِمَا فِي الْأَحَادِيثِ، وَهُمَا الْآخِرَانِ مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ تَعَالَى جَلَّى فِي الْقُرْآنِ لِلْمُؤْمِنِينَ شَهْرَ الصِّيَامِ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ زَمَنَ نُزُولِ الْقُرْآنِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]، بَيْنَمَا قَالَ فِي الْحَجِّ: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 197]، فَلَمْ يُسَمِّهَا لَهُمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِهَا؛ فَهِيَ مِنْ إِرْثِ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْمُشْرِكُونَ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا، وَصِيَامُ رَمَضَانَ تَهْيِئَةٌ لِلْحَجِّ؛ وَلِذَا كَانَتْ أَشْهُرُ الْحَجِّ عَقِبَ رَمَضَانَ مُبَاشَرَةً تَبْدَأُ بِشَوَّالٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَفِدُونَ مِنْ أَصْقَاعِ الْأَرْضِ عَلَى الدَّوَابِّ، وَيَرْكَبُونَ الْبَحْرَ فِي الْبِلَادِ الَّتِي يَقْطَعُهَا بَحْرٌ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَيَمْكُثُونَ فِي رِحْلَتِهِمْ إِلَى الْحَجِّ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

وَمِنَ الِارْتِبَاطِ الْوَثِيقِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ: أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً؛ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِامْرَأَةٍ فَاتَهَا الْحَجُّ: «فَإِذَا جَاءَ ‌رَمَضَانُ ‌فَاعْتَمِرِي، فَإِنَّ عُمْرَةً فِيهِ تَعْدِلُ حَجَّةً» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَصِيَامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا، وَحَثَّ غَيْرَ الْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ عَلَى صِيَامِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صِيَامُ يَوْمِ ‌عَرَفَةَ ‌أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ فَفِي رَمَضَانَ صِيَامُ فَرِيضَةٍ، وَفِي الْحَجِّ صِيَامُ نَافِلَةٍ مُتَأَكِّدٌ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ عِوَضٌ بِالصِّيَامِ عَنْ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ عَلَيْهِ هَدْيٌ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ بَدَلًا عَنْهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ: ﴿ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 196].

وَمِنَ الْارْتِبَاطِ الْوَثِيقِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ: أَنَّ خَاتِمَةَ الصِّيَامِ عِيدٌ، كَمَا أَنَّ خَاتِمَةَ الْحَجِّ عِيدٌ، وَلَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ عِيدٌ حَوْلِيٌّ سِوَاهُمَا؛ فَعِيدُ الْفِطْرِ فَرَحٌ بِإِتْمَامِ صَوْمِ رَمَضَانَ، وَعِيدُ الْأَضْحَى فَرَحٌ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ لِلْحُجَّاجِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ أَكْثَرَ أَعْمَالِ الْحَجِّ فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى، كَمَا أَنَّهُ فَرَحٌ بِتَيَسُّرِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ الَّذِي هُوَ رُكْنُ الْحَجِّ الْأَعْظَمُ، وَمَنْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَاتَهُ الْحَجُّ، كَمَا أَنَّهُ فَرَحٌ لِأَهْلِ الْأَمْصَارِ بِالتَّوْفِيقِ لِلْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَيُتَقَرَّبُ فِيهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِذَبْحِ الْأَضَاحِي.

وَمِنَ الِارْتِبَاطِ الْوَثِيقِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ: أَنَّ فِي كِلَيْهِمَا إِنْفَاقًا وَإِطْعَامًا؛ فَفِي رَمَضَانَ يُسَنُّ تَفْطِيرُ الصُّوَّامِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «‌مَنْ ‌فَطَّرَ ‌صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، كَمَا أَنَّ الْإِنْفَاقَ فِي رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِنْفَاقِ فِي غَيْرِهِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَفِي الْحَجِّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي عُمْرَتِهَا بَعْدَ حَجِّهَا: «إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى ‌قَدْرِ ‌نَصَبِكِ وَنَفَقَتِكِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بِرُّ الْحَجِّ؟ قَالَ: إِطْعَامُ الطَّعَامِ، ‌وَطِيبُ ‌الْكَلَامِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.

وَفِي عِيدَيْ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ إِطْعَامٌ لِلنَّاسِ، وَإِغْنَاءٌ لِلْفُقَرَاءِ؛ فَفِي عِيدِ الْفِطْرِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ يَجِدُهَا؛ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ. وَفِي الْأَضَاحِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الْحَجِّ: 28]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ﴾ [الْحَجِّ: 36]، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضَاحِي: «فَكُلُوا ‌وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُعَلِّمَنَا مَا يَنْفَعُنَا، وَأَنْ يَرْزُقَنَا الْعَمَلَ بِمَا عَلَّمَنَا، وَأَنْ يُعِينَنَا عَلَى ذِكْرِهِ وَشُكْرِهِ وَحُسْنِ عِبَادَتِهِ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...

الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوهُ؛ ﴿وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 131- 132].

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنَ الِارْتِبَاطِ الْوَثِيقِ بَيْنَ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ: أَنَّ فِي كِلَيْهِمَا ذِكْرًا وَدُعَاءً وَقُرْآنًا؛ فَرَمَضَانُ شَهْرُ الْقُرْآنِ، وَقَدْ أُنْزِلَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْهُ؛ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[الْقَدْرِ: 1]، وَفِي أَثْنَاءِ آيَاتِ الصِّيَامِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 186]، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثِ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا: دَعْوَةَ الصَّائِمِ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. وَفِي الْحَجِّ ذِكْرٌ كَثِيرٌ، وَتَلْبِيَةٌ وَتَكْبِيرٌ، وَدُعَاءٌ عَلَى الصَّفَا، وَدُعَاءٌ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَدُعَاءٌ فِي مُزْدَلِفَةَ فَجْرَ النَّحْرِ، وَدُعَاءٌ بَعْدَ الْجَمْرَةِ الصُّغْرَى، وَدُعَاءٌ بَعْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى، وَدُعَاءٌ فِي عَرَفَةَ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إِلَى الْغُرُوبِ، وَهُوَ أَكْثَرُهَا وَأَعْظَمُهَا وَأَجَلُّهَا حَيْثُ تَجَلِّي الرَّبِّ سُبْحَانَهُ لِأَهْلِ الْمَوْقِفِ، يُبَاهِي بِهِمْ مَلَائِكَتَهُ، وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ، عَدَا أَنْوَاعِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَأَيَّامِ مِنًى، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ ‌لِإِقَامَةِ ‌ذِكْرِ اللَّهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَنَحْنُ -يَا عِبَادَ اللَّهِ- عَلَى أَبْوَابِ الْحَجِّ، وَبَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ يَهُلُّ عَلَيْنَا شَهْرُ أَعْمَالِهِ، وَفِيهِ عَشْرٌ هِيَ أَفْضَلُ أَيَّامِ الدُّنْيَا؛ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «‌مَا ‌مِنْ ‌أَيَّامٍ ‌الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ، يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلدَّارِمِيِّ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا أَعْظَمَ أَجْرًا مِنْ خَيْرٍ يَعْمَلُهُ فِي عَشْرِ الْأَضْحَى»، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: «لَا تُطْفِئُوا سُرُجَكُمْ لَيَالِيَ الْعَشْرِ، تُعْجِبُهُ الْعِبَادَةُ...». فَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا، وَأَرُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَنْفُسِكُمْ خَيْرًا، فَإِنَّ الْعُمْرَ قَصِيرٌ، وَإِنَّ الْمَوْتَ أَقْرَبُ إِلَيْنَا مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ، وَالْفَوْزُ فَوْزُ الْآخِرَةِ، وَالدُّنْيَا مَتَاعُ الْغُرُورِ.

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.01 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]