وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت فانتضح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في حديث إبراهيم عليه السلام من«صحيح البخار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3087 - عددالزوار : 336312 )           »          تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأمثال الكامنة في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الإيمان بالقدر خيره وشره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الذكر بعد الوتر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأيام المعلومات وذكر الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-09-2020, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,200
الدولة : Egypt
افتراضي وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين

وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
الشيخ عبدالله بن محمد البصري



أَمَّا بَعدُ، فَـ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، الصَّلاةُ هِيَ عَمُودُ الدِّينِ وَأَعظَمُ أَركَانِهِ العَمَلِيَّةِ، وَهِيَ الفَارِقَةُ بَينَ الإِسلامِ وَالكُفرِ وَالإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ، بِصَلاحِهَا تَصلُحُ سَائِرُ أَعمَالِ العَبدِ وَيُفلِحُ وَيُنجِحُ، وَبِفَسَادِهَا تَفسُدُ أَعمَالُهُ وَيَخِيبُ وَيَخسَرُ، وَهَذِهِ العِبَادَةُ العَظِيمَةُ الَّتي هَذَا شَأنُهَا، لَهَا رُوحٌ لا تَحيَا إِلاَّ بِهِا، وَلُبٌّ هُوَ أَصلُ الانتِفَاعِ بها، بِهِ يَتَفَاوَتُ النَّاسُ في حُصُولِ ثَمَرَتِهَا، وَبِسَبَبِهِ يَخرُجُونَ مِنها مُتَغَايِرِينَ في تَحصِيلِ أَجرِهَا، ذَلِكُم هُوَ الخُشُوعُ فِيهَا وَالطُّمَأنِينَةُ في أَركَانِهَا، وَالسُّكُونُ في رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا، وَالتُّؤَدَةُ في قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا.



أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ شَأنَ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ عَظِيمٌ جِدُّ عَظِيمٍ، وَخَطَرَ ذَهَابِهِ جَسِيمٌ جِدُّ جَسِيمٍ، وَلِذَا أُمِرَ بِهِ المُؤمِنُونَ، وَجُعِلَ عُنوَانَ فَلاحِهِم في دُنيَاهُم وَأُخرَاهُم، وَسَبَبًا لِنَيلِهِمُ الأَجرَ العَظِيمَ وَتَكفِيرِ سَيِّئَاتِهِم، وَحُذِّرُوا مِنَ التَّهَاوُنِ بِهِ وَالتَّسَاهُلِ في شَأنِهِ، وَأُخبِرُوا أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُرفَعُ مِنهُم مِنَ الخَيرِ الَّذِي فِيهِم، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ ﴾ وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35] وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " خَمسُ صَلَوَاتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ تعالى، مَن أَحسَنَ وُضُوءَهُنَّ وَصَلاَّهُنَّ لِوَقتِهِنَّ، وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ، كَانَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ أَن يَغفِرَ لَهُ، وَمَن لم يَفعَلْ فَلَيسَ لَهُ عَلَى اللهِ عَهدٌ، إِن شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِن شَاءَ عَذَّبَهُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " مَا مِن مُسلِمٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحسِنُ وُضُوءَهُ، ثم يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكعَتَينِ يُقبِلُ عَلَيهِمَا بِقَلبِهِ وَوَجهِهِ، إِلاَّ وَجَبَت لَهُ الجَنَّةُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَعِندَهُ أَيضًا: " مَا مِنِ امرِئٍ مُسلِمٍ تَحضُرُهُ صَلاةٌ مَكتُوبَةٌ، فَيُحسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا وَرُكُوعَهَا، إِلاَّ كَانَت كَفَّارَةً لِمَا قَبلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ مَا لم تُؤتَ كَبِيرَةٌ، وَذَلِكَ الدَّهرَ كُلَّهُ " وَعَن أَبي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " أَسوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً الَّذِي يَسرِقُ مِن صَلاتِهِ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيفَ يَسرِقُ مِن صَلاتِهِ؟! قَالَ: " لا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلا سُجُودَهَا " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي عَبدِاللهِ الأَشعَرِيِّ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَجُلاً لا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيَنقُرُ في سُجُودِهِ وَهُوَ يُصَلِّي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " لَو مَاتَ هَذَا عَلَى حَالِهِ هَذِهِ مَاتَ عَلَى غَيرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - " ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: " مَثَلُ الَّذِي لا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَيَنقُرُ في سُجُودِهِ مَثَلُ الجَائِعِ يَأكُلُ التَّمرَةَ وَالتَّمرَتَينِ، لا تُغنِيَانِ عَنهُ شَيئًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " أَوَّلُ شَيءٍ يُرفَعُ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ الخُشُوعُ، حَتَّى لا تَرَى فِيهَا خَاشِعًا " رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.



وَمَحَلُّ الخُشُوعِ وَمَكَانُهُ القَلبُ الَّذِي في الصَّدرِ، غَيرَ أَنَّ ثَمرَتَهُ وَعَلامَتَهُ تَظهَرُ عَلَى الجَوَارِحِ، وَالخَاشِعُ - أَيُّهَا المُؤمِنُونَ - عَبدٌ أَوَّابٌ مُنِيبٌ، ذُو قَلبٍ مُخبِتٍ مُطمَئِنٍّ، قَد أَشرَقَ في صَدرِهِ نُورُ التَّعظِيمِ لِخَالِقِهِ الَّذِي قَامَ بَينَ يَدَيهِ، وَاستَشعَرَ بِمَوقِفِهِ في صَلاتِهِ وُقُوفَهُ لِلحِسَابِ يَومَ حَشرِهِ، فَخَمَدَت بِذَلِكَ نِيرَانُ شَهَوَاتِهِ، وَسَكَنَت نَفسُهُ وَهَدَأَت جَوَارِحُهُ، وَخَشَعَ بَينَ يَدَي رَبِّهِ إِجلالاً لَهُ وَتَعظِيمًا، وَذِلاًّ لَهُ وَانكِسَارًا، بِخِلافِ القَلبِ المُتَكَبِّرِ المُختَالِ، أَوِ المُتَعَلِّقِ بِالدُّنيَا وَالمَائِلِ إِلَيهَا، فَإِنَّهُ في الصَّلاةِ كَالطَّائِرِ في القَفصِ، يُحَاوِلُ الفِرَارَ مِنهَا بِأَسرَعِ مَا يُمكِنُهُ، فَتَرَاهُ يَنقُرُهَا نَقرَ الغُرَابِ، وَيَلتَفِتُ فِيهَا التِفَاتَ الثَّعلَبِ، وَلا يَكَادُ يَعقِلُ مِنهَا شَيئًا.



نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الخُشُوعَ في الصَّلاةِ إِنَّمَا يَحصُلُ لِمَن فَرَّغَ قَلبَهُ لَهَا، وَاشتَغَلَ بها عَمَّا عَدَاهَا، وَآثَرَهَا عَلَى غَيرِهَا، وَهَذَا تَكُونُ الصَّلاةُ رَاحَةً لَهُ وَقُرَّةَ عَينٍ، كَمَا قَالَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: " وَجُعِلَت قُرَّةُ عَينِي في الصَّلاةِ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَأَمَّا مَن تَرَكَ قَلبَهُ يَسرَحُ في مُشتَهَيَاتِ دُنيَاهُ، وَأَطلَقَ لَهُ النَّظَرَ في زَخَارِفِهَا وَلَم يُصَبِّرْهُ عَنهَا، فَيَا لَثِقَلِ الصَّلاةِ عَلَيهِ وَيَا لَطُولِهَا! قَالَ - تَعَالى -: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾ [البقرة: 45] وَمِن ثَمَّ كَانَ مِنَ الوَاجِبِ عَلَى المُسلِمِ الَّذِي يَرجُو الانتِفَاعَ بِصَلاتِهِ، وَأَن تَكُونَ نَاهِيَةً لَهُ عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ، مَقبُولَةً عِندَ رَبِّهِ ثَقِيلَةً في مِيزَانِهِ، أَن يَبحَثَ في أَسبَابِ الخُشُوعِ فِيهَا، وَأَن يَحرِصَ عَلى جَلبِ مَا يُوجِدُ ذَلِكَ الخُشُوعَ في قَلبِهِ وَيُقَوِّيهِ، وَأَن يُدَافِعَ كُلَّ مَا يُذهِبُهُ وَيُضعِفُهُ، وَأَعظَمُ ذَلِكَ وَأَصلُهُ وَأَسَاسُهُ أَن يَستَحضِرَ أَنَّهُ في صَلاتِهِ وَاقِفٌ بَينَ يَدَيِ اللهِ - تَعَالى - مُنَاجٍ لَهُ كَأَنَّهُ يَرَاهُ، فَكَيفَ يَلِيقُ بِهِ وَهُوَ العَبدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ، الوَاقِفُ بَينَ يَدَي مَلِكِ المُلُوكِ - سُبحَانَهُ - أَن يَشغَلَ قَلبَهُ عَنهُ، أَو يَصرِفَهُ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا لا يَعنِيهِ وَلا يُنجِيهِ، أَو يُعَلِّقَهُ عَنِ التَّلَذُّذِ بِأَعظَمِ العِبَادَاتِ وَأَفضَلِ القُرُبَاتِ وَأَقوَى الصِّلاتِ، بِجَوَاذِبَ وَشَوَاغِلَ وَصَوَارِفَ، لَيسَت في حَقِيقَتِهَا إِلاَّ مَتَاعَ دُنيَا لا تُسَاوِي عِندَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَسَوفَ تَزُولُ عَنهُ أَو يَزُولُ عَنهَا يَومًا مَا، ثم يَصِيرُ إِلى رَبِّهِ وَيُرَدُّ إِلى مَولاهُ الحَقِّ، فَلا يَجِدُ أَوَّلَ مَا يَجِدُ أَمَامَهُ إِلاَّ صَلاتَهُ، الَّتي عَلَيهَا مَدَارُ بَقِيَّةِ أَعمَالِهِ قَبُولاً وَرَدًّا وَصَلاحًا وَفَسَادًا، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ العَبدُ يَومَ القِيَامَةِ مِن عَمَلِهِ صَلاتُهُ، فَإِن صَلَحَت فَقَد أَفلَحَ وَأَنجَحَ، وَإِن فَسَدَت فَقَد خَابَ وَخَسِرَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.



وَمِن أَسبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - الاستِعدَادُ المُبَكِّرُ لَهَا، وَالتَّهَيُّؤُ التَّامُّ لأَدَائِهَا، بِالتَّردِيدِ مَعَ المُؤَذِّنِ، وَالإِتيَانِ بِالدُّعَاءِ المَشرُوعِ بَعدَ الأَذَانِ، وَالحِرصِ عَلَى الدُّعَاءِ بَينَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، مَعَ إِحسَانِ الوُضُوءِ قَبلَ ذَلِكَ، وَالاعتِنَاءِ بِالسِّوَاكِ وَتَنظِيفِ الفَمِ وَتَطيِيبِ البَدَنِ، وَأَخذِ الزِّينَةِ بِاللِّبَاسِ الحَسَنِ النَّظِيفِ، قَالَ -تعالى-: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ﴾ [الأعراف: 31].



وَمِن أَسبَابِ الخُشُوعِ في الصَّلاةِ، اجتِهَادُ العَبدِ في أَن يَعقِلَ مَا يَقُولُهُ في صَلاتِهِ وَمَا يَفعَلُهُ، وَأَن يَتَدَبَّرَ مَا فِيهَا مِن القِرَاءَةِ وَالذِّكرِ وَالدُّعَاءِ، مَعَ تَذَكُّرِ المَوتِ وَانقِطَاعِ العَمَلِ، وَأَنَّ ثَمَّةَ صَلاةً سَوفَ يُصَلِّيهَا العَبدُ في يَومٍ مَا، ثم تُقبَضُ رُوحُهُ بَعدَهَا وَيُحَالُ بَينَهُ وَبَينَ الصَّلاةِ مَرَّةً أُخرَى، فَمَن يُصَلِّي عَنهُ حِينَئِذٍ؟! وَمَن ذَا الَّذِي يَستَطِيعُ أَن يُمَكِّنَهُ مِن رَكعَةٍ للهِ أَو سَجدَةٍ؟! وَلِذَا كَانَت هَذِهِ هِيَ وَصِيَّةَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلٍ جَاءَهُ وَقَالَ: عِظْنِي وَأَوجِزْ. فَقَالَ: " إِذَا قُمتَ في صَلَاتِكَ فَصَلِّ صَلَاةَ مُوَدِّعٍ... " الحَدِيثَ أَخرَجَهُ أَحمَدُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاخشَعُوا في صَلاتِكُم؛ فَإِنَّما لَكُم مِن أَجرِهَا بِحَسَبِ خُشُوعِكُم وَحُضُورِ قُلُوبِكُم فِيهَا، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " إِنَّ العَبدَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ مَا يُكتَبُ لَهُ مِنهَا إِلاَّ عُشرُهَا، تُسعُهَا، ثُمُنُهَا، سُبُعُهَا، سُدُسُهَا، خُمُسُهَا، رُبُعُهَا، ثُلُثُهَا، نِصفُهَا " رَوَاهُ الإِمَامُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

♦ ♦ ♦




أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].



أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ شَيءٌ أَعظَمَ مِنَ الصَّلاةِ وَلا أَهَمَّ مِنهَا، وَمِن ثَمَّ كَانَ حَالُ المُسلِمِ الصَّادِقِ هُوَ الاستِغرَاقَ فِيهَا وَالاشتِغَالَ بها عَمَّا سِوَاهَا، وَالخُشُوعَ وَالخُضُوعَ وَالطُّمَأنِينَةَ، وَنِسيَانَ مَا عَدَا ذَلِكَ، وَقَد قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في الحَدِيثِ المُتَّفَقِ عَلَيهِ: " إِنَّ في الصَّلاةِ شُغُلاً ". وَمَن تَيَقَّنَ أَنَّهُ في صَلاتِهِ مُقبِلٌ عَلَى رَبِّهِ، فَكَيفَ يَرضَى بِالتِفَاتِ قَلبِهِ عَنهُ وَغَفلَتِهِ في دُنيَاهُ وَاشتِغَالِهِ بِحُطَامِهَا الفَاني؟! أَلا يَعلَمُ أَنَّهُ بِذَلِكَ إِنَّمَا يَستَسلِمُ لِعَدُوِّهِ لِيَسرِقَ مِنهُ؟! فَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: سَأَلتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الالتِفَاتِ في الصَّلاةِ فَقَالَ: " هُوَ اختِلاسٌ يَختَلِسُهُ الشَّيطَانُ مِن صَلاةِ العَبدِ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَغَيرُهُ.



إِنَّ أَمرَ الخُشُوعِ كَبِيرٌ وَشَأنَهُ خَطِيرٌ، وَلا يَتَأَتَّى إِلاَّ لِمَن وَفَّقَهُ اللهُ، وَإِنَّ حِرمَانَهُ لَمُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ وَخَطبٌ جَلَلٌ، وَلِذَلِكَ كَانَ مِن دُعَائِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كما في صَحِيحِ مُسلِمٍ وَغَيرِهِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وَمِن قَلبٍ لا يَخشَعُ... "



فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَسَلُوهُ أَن يَرزُقَكُم الخُشُوعَ في صَلاتِكُم لِتُفلِحُوا، وَأَن يَجعَلَ لَكُم فِيهَا قُرَّةَ عَينٍ، فَإِنَّ مَن قَرَّت عَينُهُ بِصَلاتِهِ في الدُّنيَا، قَرَّت عَينُهُ بِقُربِهِ مِن رَبِّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - في الآخِرَةِ، وَقَرَّت عَينُهُ أَيضًا بِهِ في الدُّنيَا، وَمَن قَرَّت عَينُهُ بِاللهِ قَرَّت بِهِ كُلُّ عَينٍ، وَمَن لم تَقَرَّ عَينُهُ بِاللهِ -تعالى- تَقَطَّعَت نَفسُهُ عَلَى الدُّنيَا حَسَرَاتٍ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.33 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]