حدثوني عن الفراسة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا قدمت لما بعد الموت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          التكاليف ليست متساوية بل متفاوتة الصعوبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيفية إكرام الضيف وحدوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          ميثاق الفطرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تدمير التعليم في غزة: ترسيخ للتخلف واغتيال للنهوض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          كن صادقًا ودع الناس تقول ما تقول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          لماذا التشدّد في الدين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          المخدرات تأخذ حكم الخمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          منصات التواصل ومنظومة القيم (الستر والحياء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الموت ساجدا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-10-2022, 06:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,254
الدولة : Egypt
افتراضي حدثوني عن الفراسة

حدثوني عن الفراسة
خديجة ناجي

قال ابن الجوزي رحمه الله: إذا تكامل العقلُ قَوِيَ الذَّكاءُ والفطنة، والذَّكيُّ يتخلَّص إذا وقع في آفَة؛ كما قال الحسن البصري: "إذا كان اللِّص ظريفًا لم يُقطع، فأمَّا المغفَّل فيجني على نفسه المِحن".

هؤلاء إخوة يوسف عليه السلام، أبعَدوه عن أبيه ليتقدَّموا عنده ويحبهم - ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ ﴾ [يوسف: 9] - وما علموا أنَّ حُزنه عليه يشغله عنهم، وتهمته إيَّاهم تبغِّضهم إليه، ثمَّ رموه في الجُبِّ فقالوا: ﴿ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ ﴾ [يوسف: 10] وليس بطِفل، إنَّما هو صبيٌّ كبير، وما علموا أنَّه إذا الْتُقط يُحدِّث بحاله فيَبلغ الخبرُ إلى أبيه؛ وهذا تغفيل.

ثم إنهم قالوا: ﴿ فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ ﴾ [يوسف: 17]، وجاؤوا بقميصه صحيحًا - فما أرحمَ هذا الذِّئبَ! خلَّعه القميصَ ثمَّ أكَلَه، ﴿ وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ ﴾ [يوسف: 18] - ولو خرقوه لاحتُمل الأمرُ، ثمَّ لما مضوا إليه يمتارون قال: ﴿ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ﴾ [يوسف: 59]، فلو فطنوا لعلِموا أنَّ ملك مِصر لا غرَض له في أخيهم.

ثمَّ حبسه بحجة: ﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ﴾ [يوسف: 76]، ثم قال: هذا الصواع يخبرني أنه كان كذا وكذا!
هذا كله وما يفطنون، فلمَّا أحسَّ يعقوب عليه السلام بهذه الأشياء قال: ﴿ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87].

وكان يوسف عليه السلام قد نُهي - بالوحي - أن يُعلم أباه بوجوده؛ ولهذا لما الْتَقيا قال له: هلَّا كتبتَ إليَّ، فقال: إنَّ جبريل عليه السلام مَنَعني، فلمَّا نُهي أن يعرفه خبره لينفذ البلاء كان ما فعل بأخيه تنبيهًا، فصار كأنَّه يُعرِّض بخِطبة المعتدَّة، وعلى فهم يوسف - واللهِ - بكى يَعقوب لا على مجرَّد صورته!
إنَّ الفراسة ملَكة يُخلق المرءُ بها، وقد يكتسبها لو أراد أن يصِل إليها؛ كما في الحديث الذي صحَّحه بعضُ العلماء؛ ألا وهو: ((إنَّ العلم بالتعلُّم، والحلم بالتحلُّم)).

العلم صِفة مُكتسَبَة، ﴿ وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ﴾ [النحل: 78]، ثمَّ تدرَّج المرءُ في طبقات العلم حتى يقال: هو أعلم النَّاس، وتعقد عليه الخَناصر أنَّه أعلم خَلْق الله، وقد يندهش المرءُ مِن كثرة ما يَعرف هذا الإنسان في عِلمٍ أو علوم، بالرغم مِن أنَّه لما وُلِد ما كان يَعلم شيئًا؛ إذًا العلم صِفة مكتسَبَة بخلاف الحِلم، الحلم صِفة جبلِّيَّة غير عصبيَّة.

العصبيَّة صفة جبليَّة، والحِلم أيضًا صفة جبليَّة، فلمَّا قارنَّا ما بين الصِّفة المكتسَبَة والصفة الجبليَّة، علمنا أنَّه بالصِّفة المكتسبة يمكن أن يصِل المرء إلى الصفة الجبلِّية.
فيكون عالمًا حليمًا، حتى يقال: وُلد عالمًا! كما أنَّه وُلد حَليمًا.

الفراسة تتعلَّق بالحِكمة وبُعد النَّظَر؛ فهي صِفة جبليَّة، لكن قد يَكتسبها المرء بالدَّأب والبحثِ عن هذا العلم، كما قال الشافعيُّ رحمه الله:
(تعلَّمتُ الفراسةَ قبل أن أتعلَّم الفقهَ، إنَّ الفقيه إن لم يكن متفرِّسًا يضلُّ في فتواه).

وقال أبو الدَّرداء:
(اتَّقوا فراسةَ العلماء؛ فإنَّهم يَنظرون بنور الله، إنَّه شيء يقذفه الله في قلوبهم، وعلى ألسنتهم).
وقال أحمد بن عاصم الأنطاكي: (إذا جالستم أهل الصدق، فجالسوهم بالصدق؛ فإنهم جواسيس القلوب، يدخلون في قلوبكم ويخرجون منها من حيث لا تحسون).

من فضل الفراسة أنَّها تشفع لصاحبها، وأرى أن القاضي بين الناس أكثر النَّاس حاجةً لنِعمة الفراسة، حتى يعدِل بينهم بالحقِّ ولا يظلمَ أحدًا، كما هو الحال اليوم في جلِّ المحاكم، أغلبها أحكام مسبقة، يتبنَّى القاضي في اليوم أكثر مِن قضية، فكيف له أن ينصف ويعطي لكل ذي حق حقه؟!
لا بدَّ للقاضي ولكلٍّ منَّا أن ينظر في فراسة العلماء حتى يصبح صاحبَ فراسة.

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذِّئبُ فذَهَب بابنِ إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنَّما ذهب بابنك، وقالت الأخرى: إنَّما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلى داود عليه السلام؛ فقَضَى به للكُبرى، فخرجتا على سُليمان بن داود عليهما السلام فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسِّكِّين أشقه بينهما، فقالت الصغرى: لا تفعل يرحمك الله! هو ابنُها، فقضى به للصُّغرى)).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 48.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.46 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]