هل أتاك حديث ضيف إبراهيم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الدلالة اللغوية والمدلول الفقهي للخمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          بالقرآن حيت نفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الكلمة مسؤولية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          بـارقـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الإقرار بالعبودية والألوهية لله تعالى أفضل شهادة تستودع عنده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          شعر – مثل – خبر – حكمة. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5064 - عددالزوار : 2266953 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4647 - عددالزوار : 1544308 )           »          من كفارات الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          ثبوت صوم النبي أيام التسع من ذي لحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-10-2024, 11:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,406
الدولة : Egypt
افتراضي هل أتاك حديث ضيف إبراهيم

هل أتاك حديث ضيف إبراهيم

محمود الدوسري


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ، قَالَ تَعَالَى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ * فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ * فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذَّارِيَاتِ: 24-28]؛ أَيْ: أَلَمْ يَأْتِكَ – يَا مُحَمَّدُ – خَبَرُ ضُيُوفِ إِبْرَاهِيمَ؛ مِنَ الْمَلَائِكَةِ الْمُكْرَمِينَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَعِنْدَ إِبْرَاهِيمَ وَأَهْلِهِ بِحُسْنِ ضِيَافَتِهِمْ.

قَالَ ابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُ اللَّهُ: (الْخِطَابُ لَيْسَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَسْبُ؛ بَلْ لَهُ، ‌وَلِكُلِّ ‌مَنْ ‌يَتَأَتَّى خِطَابُهُ، وَيَصِحُّ تَوْجِيهُ الْخِطَابِ إِلَيْهِ، كَأَنَّهُ قَالَ: هَلْ أَتَاكَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ {حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}.

دَخَلَ هَؤُلَاءِ الضُّيُوفُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالُوا لَهُ: (سَلَامًا)، قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَهُمْ: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، قَوْمٌ غَيْرُ مَعْرُوفِينَ) فَمَالَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِ بَيْتِهِ فِي خُفْيَةٍ عَنْ ضُيُوفِهِ، فَأَحْضَرَ لَهُمْ عِجْلًا سَمِينًا مَشْوِيًّا؛ لِيُكْرِمَهُمْ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هُودٍ: 69]، فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ تَمْتَدَّ أَيْدِيهِمْ لِلطَّعَامِ، قَالَ لَهُمْ: {أَلَا تَأْكُلُونَ}!

فَشَعَرَ إِبْرَاهِيمُ فِي نَفْسِهِ بِخَوْفٍ مِنْهُمْ – حِينَ امْتَنَعُوا عَنْ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ، فَقَالُوا - مُطُمْئِنِينَ لَهُ: {لَا تَخَفْ}، وَبَشَّرُوهُ بِوِلَادَةِ زَوْجِهِ سَارَّةَ غُلَامًا، يَكُونُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَبِدِينِهِ، وَهُوَ إِسْحَاقُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

عِبَادَ اللَّهِ.. وَمِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ هَذِهِ الْآيَاتِ، وَآدَابِهَا، وَحِكَمِهَا، وَأَحْكَامِهَا:
1- مَشْرُوعِيَّةُ الضِّيَافَةِ، وَأَنَّهَا مِنْ سُنَنِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ، الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُمَّتَهُ أَنْ يَتَّبِعُوا مِلَّتَهُ، وَسَاقَهَا اللَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى وَجْهِ الْمَدْحِ لَهُ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ.

2- كَانَ بَيْتُ إِبْرَاهِيمَ مَأْوًى لِلطَّارِقِينَ وَالْأَضْيَافِ؛ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ، {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا}، فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ اسْتِئْذَانَهُمْ؛ فَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ عُرِفَ بِإِكْرَامِ الضِّيفَانِ، وَاعْتِيَادِ قِرَاهُمْ؛ فَبَقِيَ مَنْزِلُهُ مَضْيَفَةً، مَطْرُوقًا لِمَنْ وَرَدَهُ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِئْذَانِ، بَلِ اسْتِئْذَانُ الدَّاخِلِ دُخُولُهُ، وَهَذَا غَايَةُ مَا يَكُونُ مِنَ الْكَرَمِ.

3- قِيَامُ الْمَلَائِكَةِ بِأَفْعَالٍ خَارِجَةٍ عَنْ قُدْرَةِ الْبَشَرِ، وَأَنَّهُمْ أَحْيَاءٌ نَاطِقَةٌ، قَائِمَةٌ بِأَنْفُسِهَا، لَيْسَتْ أَعْرَاضًا قَائِمَةً بِغَيْرِهَا، وَأَنَّهُمْ يَأْتُونَ بِأَخْبَارِ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ.

4- السَّلَامُ مِنْ سُنَنِ الرُّسُلِ وَالْمَلَائِكَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}.

5- الْمُبَادَرَةُ بِتَقْدِيمِ وَاجِبِ الضِّيَافَةِ، وَالْإِسْرَاعُ بِهَا؛ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ} [هُودٍ: 69]، وَقَوْلُهُ هَاهُنَا {فَرَاغَ}؛ فَإِنَّ الرَّوَغَانَ يَدُلُّ عَلَى السُّرْعَةِ، وَاللَّهُ تَعَالَى وَصَفَهُمْ بِأَنَّهُمْ أُكْرِمُوا؛ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ انْسَلَّ خُفْيَةً دُونَ أَنْ يَنْتَبِهَ الضَّيْفُ، وَأَعَدَّ الطَّعَامَ اللَّائِقَ، وَبَادَرَ بِذَلِكَ.

6- إِكْرَامُ الضَّيْفِ وَاجِبٌ، وَهُوَ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ؛ لِذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» » (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

7- اسْتِحْبَابُ خِدْمَةِ الْأَضْيَافِ بِنَفْسِهِ؛ كَمَا قَامَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِخِدْمَةِ الْأَضْيَافِ بِنَفْسِهِ: {فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ}، وَلَمْ يَقُلْ: (فَأَمَرَ لَهُمْ)، وَلَمْ يَبْعَثْهُ مَعَ خَادِمِهِ، فَهَذَا أَبْلَغُ فِي إِكْرَامِ الضَّيْفِ؛ وَلِذَا بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فَقَالَ: (بَابُ: إِكْرَامِ الضَّيْفِ، وَخِدْمَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ).

8- يُكْرِمُ الضَّيْفَ بِأَنْوَاعِ الْإِكْرَامِ؛ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَصَفَ أَضْيَافَ إِبْرَاهِيمَ بِأَنَّهُمْ مُكْرَمُونَ، وَذَكَرَ مَا أَكْرَمَهُمْ بِهِ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الضِّيَافَةِ قَوْلًا وَفِعْلًا.

9- التَّهَيُّؤُ لِلضَّيْفِ، وَالْخُرُوجُ إِلَيْهِ، وَاللِّقَاءُ الْحَسَنُ إِكْرَامٌ لِلضَّيْفِ قَبْلَ السَّلَامِ عَلَيْهِ، وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ.

10- سَلَكَ الضُّيُوفُ طَرِيقَ الْأَدَبِ فِي الِابْتِدَاءِ بِالسَّلَامِ؛ فَرَدَّ إِبْرَاهِيمُ سَلَامًا أَكْمَلَ مِنْ سَلَامِهِمْ وَأَتَمَّ، فَقَوْلُهُ لَهُمْ: {سَلَامٌ} بِالرَّفْعِ، وَهُمْ سَلَّمُوا بِالنَّصْبِ؛ وَالسَّلَامُ بِالرَّفْعِ أَكْمَلُ؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى "الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ" الدَّالَّةِ عَلَى "الثُّبُوتِ وَالتَّجَدُّدِ"، وَالْمَنْصُوبُ يَدُلُّ عَلَى "الْفِعْلِيَّةِ" الدَّالَّةِ عَلَى "الْحُدُوثِ وَالتَّجَدُّدِ"؛ فَإِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيَّاهُمْ أَحْسَنَ مِنْ تَحِيَّتِهِمْ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُمْ: {سَلَامًا} يَدُلُّ عَلَى (سَلَّمْنَا سَلَامًا)، وَقَوْلَهُ {سَلَامٌ}؛ أَيْ: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ).

11- أَدَبُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَلُطْفُهُ فِي الْكَلَامِ؛ فَإِنَّهُ حَذَفَ الْمُبْتَدَأَ مِنْ قَوْلِهِ: {قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}؛ فَإِنَّهُ لَمَّا أَنْكَرَهُمْ وَلَمْ يَعْرِفْهُمْ، لَمْ يَرْغَبْ بِمُوَاجَهَتِهِمْ بِلَفْظٍ يُنَفِّرُ الضَّيْفَ؛ فَلَمْ يَقُلْ لَهُمْ: (أَنْتُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ)، فَحَذْفُ الْمُبْتَدَأِ هُنَا مِنْ أَلْطَفِ الْكَلَامِ.

وَكَذَلِكَ بَنَى إِبْرَاهِيمُ الْفِعْلَ لِلْمَفْعُولِ، وَحَذَفَ فَاعِلَهُ، فَقَالَ: {مُنْكَرُونَ}، وَلَمْ يَقُلْ: (إِنِّي أُنْكِرُكُمْ)، وَهُوَ أَحْسَنُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَأَبْعَدُ مِنَ التَّنْفِيرِ، وَالْمُوَاجَهَةِ بِالْخُشُونَةِ.

وَمِنْ فَوَائِدِ الْآيَاتِ، وَآدَابِهَا، وَحِكَمِهَا، وَأَحْكَامِهَا:
12- فِطْنَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَكَمَالُ أَدَبِهِ؛ فَإِنَّهُ رَاغَ إِلَى أَهْلِهِ لِيَجِيئَهُمْ بِنُزُلِهِمْ، وَالرَّوَغَانُ: هُوَ الذَّهَابُ فِي اخْتِفَاءٍ، بِحَيْثُ لَا يَكَادُ يَشْعُرُ بِهِ الضَّيْفُ، وَهَذَا مِنْ كَرَمِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ الْمُضِيفِ: أَنْ يَذْهَبَ فِي اخْتِفَاءٍ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ الضَّيْفُ فَيَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَسْتَحِي؛ فَلَا يَشْعُرُ بِهِ إِلَّا وَقَدْ جَاءَهُ بِالطَّعَامِ، بِخِلَافِ مَنْ يُسْمِعُ ضَيْفَهُ، وَيَقُولُ لَهُ، أَوْ لِمَنْ حَضَرَ: (مَكَانَكُمْ حَتَّى آتِيَكُمْ بِالطَّعَامِ)، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ حَيَاءَ الضَّيْفِ.

13- غِيَابُ الْمُضِيفِ عَنِ الضَّيْفِ؛ لِيَسْتَرِيحَ، وَيَأْتِيَ بِمَا يَمْنَعُهُ الْحَيَاءُ مِنْهُ.

14- ذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِالضِّيَافَةِ؛ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُعَدًّا عِنْدَهُمْ، مُهَيَّأً لِلضِّيفَانِ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ إِلَى غَيْرِهِمْ مِنْ جِيرَانِهِ وَأَصْحَابِهِ، فَيَشْتَرِيَهُ أَوْ يَسْتَقْرِضَهُ.

15- جَاءَ بِعِجْلٍ كَامِلٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِبَضْعَةٍ مِنْهُ، لِيَتَخَيَّرُوا مِنْ أَطْيَبِ لَحْمِهِ مَا شَاؤُوا، وَهَذَا مِنْ تَمَامِ كَرَمِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

16- اخْتِيَارُ الْأَجْوَدِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَمِينٍ}، فَهُوَ سَمِينٌ لَا هِزِيلٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَفْخَرِ أَمْوَالِهِمْ، وَمِثْلُهُ يُتَّخَذُ لِلِاقْتِنَاءِ وَالتَّرْبِيَةِ، فَآثَرَ بِهِ ضِيفَانَهُ.

17- حُسْنُ مُلَاطَفَةِ الضَّيْفِ فِي الْكَلَامِ اللَّيِّنِ، خُصُوصًا عِنْدَ تَقْدِيمِ الطَّعَامِ إِلَيْهِ؛ فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَرَضَ عَلَيْهِمْ عَرْضًا لَطِيفًا، وَقَالَ: {أَلَا تَأْكُلُونَ}، وَلَمْ يَقُلْ: (كُلُوا)، أَوْ (مُدُّوا أَيْدِيَكُمْ)، وَنَحْوَهُ مِنَ الْأَلْفَاظِ الَّتِي غَيْرُهَا أَوْلَى مِنْهَا، بَلْ أَتَى بِأَدَاةِ الْعَرْضِ، لَا الْأَمْرِ، فَقَالَ: {أَلَا تَأْكُلُونَ}، فَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي بِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْحَسَنَةِ مَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَاللَّائِقُ بِالْحَالِ؛ كَقَوْلِهِ لِأَضْيَافِهِ: {أَلَا تَأْكُلُونَ} أَوْ (أَلَا تَتَفَضَّلُونَ عَلَيْنَا وَتُشَرِّفُونَنَا وَتُحْسِنُونَ إِلَيْنَا) وَنَحْوِهِ، وَهَذَا مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ بِعُقُولِهِمْ حُسْنَهُ وَلُطْفَهُ.

18- عَرَضَ عَلَيْهِمُ الْأَكْلَ؛ لِأَنَّهُ رَآهُمْ لَا يَأْكُلُونَ، وَلَمْ يَكُنْ ضُيُوفُهُ يَحْتَاجُونَ مَعَهُ إِلَى الْإِذْنِ فِي الْأَكْلِ، بَلْ كَانَ إِذَا قُدِّمَ إِلَيْهِمُ الطَّعَامُ أَكَلُوا، وَهَؤُلَاءِ الضُّيُوفُ لَمَّا امْتَنَعُوا مِنَ الْأَكْلِ قَالَ لَهُمْ: {أَلَا تَأْكُلُونَ}؛ وَلِهَذَا أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً؛ أَيْ: أَحَسَّهَا وَأَضْمَرَهَا فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ.

19- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ}، فَائِدَةٌ فِي تَقْدِيمِ الْبِشَارَةِ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ إِهْلَاكِهِمْ قَوْمَ لُوطٍ؛ لِيَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُهْلِكُهُمْ إِلَى خَلَفٍ، وَيَأْتِي بِبَدَلِهِمْ خَيْرًا مِنْهُمْ.

20- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} أَنَّهُ سَيَكُونُ عَلِيمًا، وَفِيهِ تَبْشِيرٌ بِحَيَاتِهِ حَتَّى يَكُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 53.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 52.12 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]