|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#591
|
||||
|
||||
![]() وهذه الآيات الثلاث: آية في المهاجرين، وآية في الأنصار، وآية في الذين يجيئون بعد المهاجرين والأنصار ممن يستغفر لهم ويسأل الله عز وجل ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم، أي: أن قلوبهم وألسنتهم سليمة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا جاء عن مالك بن أنس رحمة الله عليه أنه قال: إن هذه الآية تدل على أن الرافضة لا نصيب لهم في الفيء؛ لأنهم ليسوا من الأصناف الثلاثة؛ لأن الآية التي جاءت بعد ذكر المهاجرين والأنصار وصف الله عز وجل أهلها المستحقين للفيء أنهم يستغفرون للذين سبقوهم بالإيمان من المهاجرين والأنصار، ويسألون الله ألا يجعل في قلوبهم غلاً لهم. قوله: [ إلا بعض من تملكون من أرقائكم ] قيل: إن المقصود بالتبعيض الكل، أي: الذين تملكون من أرقائكم، وقيل: المقصود أن بعض الأرقاء أعطوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأن هذا التبعيض يراد به أن منهم من أعطي ومنهم من لم يعط. تراجم رجال إسناد حديث: (هذه لرسول الله خاصة قرى عرينة) قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ]. إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن عمر ]. والزهري مر ذكره، و عمر أيضاً مر ذكره، والزهري من صغار التابعين لم يدرك عمر رضي الله عنه، ولكن الحديث صححه الألباني للشواهد، وإلا ففيه انقطاع. شرح حديث: (كانت لرسول الله ثلاث صفايا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: ح وحدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد ح وحدثنا نصر بن علي قال: حدثنا صفوان بن عيسى ، وهذا لفظ حديثه؛ كلهم عن أسامة بن زيد عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان رضي الله عنه قال: (كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث صفايا: بنو النضير وخيبر وفدك، فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه، وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزء نفقة لأهله فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين) ] . أورد أبو داود حديث مالك بن أوس بن الحدثان قال: [ (كان فيما احتج به عمر رضي الله عنه أنه قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا) ]. يعني: كان فيما احتج به عمر في كون الرسول صلى الله عليه وسلم خلف شيئاً وأبقاه، وأنه يصرف في سبيل الله عز وجل إلا ما كان يأخذ منه لأهله نفقة سنة. قوله: [ (فأما بنو النضير فكانت حبساً لنوائبه) ] يعني: ما ينوبه من المناسبات التي تحتاج إلى بذل وعطاء، فإنه ينفق منها في سبيل الله عز وجل، يعني: للجهاد وللسلاح وللكراع ولإعطاء المحتاجين. قوله: [ (وأما فدك فكانت حبساً لأبناء السبيل) ]. يعني: ينفق على أبناء السبيل منها. قوله: [ (وأما خيبر فجزأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أجزاء: جزأين بين المسلمين، وجزء نفقة لأهله، فما فضل عن نفقة أهله جعله بين فقراء المهاجرين)]. يعني: وما حصل من خيبر جزأه ثلاثة أجزاء: جزءان للمسلمين، وجزء ينفق على نفسه وأهله منه، وما بقي فإنه يجعله في المهاجرين في سبيل الله، الذين هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت التي كانت فيه الهجرة قبل أن تفتح مكة، فكان يعطيهم منه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والمقصود أنهم أشد حاجة من غيرهم في الإعطاء، وإلا فإنه كان يعطي المهاجرين والأنصار جميعاً. تراجم رجال إسناد حديث ![]() قوله: [حدثنا هشام بن عمار ] . هشام بن عمار صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [حدثنا حاتم بن إسماعيل ] . حاتم بن إسماعيل صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: ح وحدثنا سليمان بن داود المهري ]. سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج أبو داود و النسائي . [أخبرنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني عبد العزيز بن محمد ]. عبد العزيز بن محمد الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: ح وحدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [وهذا لفظ حديثه]. أي: لفظ حديث صفوان ؛ لأنه ذكره من عدة طرق، ولكنه ساقه على الطريق الأخيرة من هذه الطرق. [ كلهم عن أسامة بن زيد ]. أسامة بن زيد الليثي وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الزهري عن مالك بن أوس الحدثان ]. مر ذكرهما. شرح حديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثنا الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها أخبرته أن فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن حالها التي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأبى أبو بكر رضي الله عنه أن يدفع إلى فاطمة رضي الله عنها منها شيئاً) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر رضي الله عنه تطلب ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم من فدك وما بقي من خمس خيبر وما كان في المدينة من أموال بني النضير، وسبق أن مر أن علياً رضي الله عنه جاء يطلب ميراث زوجته، فلعل المقصود أنها طلبت من علي أن يطلب ذلك؛ فأبو بكر رضي الله عنه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة)، وقال: إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني: أنهم ينفق عليهم من هذا المال الذي هو الخمس والفيء الذي يفيء الله عز وجل، ثم ذكر أنه لا يغير شيئاً كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل ينفق على آل محمد من هذا المال والباقي يصرفه في سبيل الله كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، وقد قال: (ما تركناه صدقة). وأبى أن يدفع لها المال على أساس أنه ميراث، ولكنه يعطيها ويعطي غيرها كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي أهل بيته، فكان آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم يأكلون من هذا لمال ويعطون من هذا المال، ولا تحل لهم الصدقة اكتفاءً بما كانوا يعطون من الأموال التي هي غنيمة وفيء. تراجم رجال إسناد حديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ]. يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الليث بن سعد ]. الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقيل بن خالد ]. عقيل بن خالد بن عقيل المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ]. ابن شهاب مر ذكره، وعروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. طريق أخرى لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا أبي قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته بهذا الحديث قال: (و فاطمة رضي الله عنها حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر، قالت عائشة رضي الله عنها: فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا نورث ما تركنا صدقة، وإنما يأكل آل محمد في هذا المال -يعني: مال الله-، ليس لهم أن يزيدوا على المآكل أو على المأكل) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى وهو مثل الذي تقدم. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ]. عمرو بن عثمان الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [حدثنا أبي]. وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا شعيب بن أبي حمزة ]. شعيب بن أبي حمزة الحمصي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري حدثني عروة عن عائشة ]. مر ذكر الثلاثة. طريق ثالثة لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة أن عائشة رضي الله عنها أخبرته بهذا الحديث قال فيه: (فأبى أبو بكر رضي الله عنه عليها ذلك، وقال: لست تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ، فأما صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي و عباس رضي الله عنهم فغلبه علي عليها، وأما خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال: هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر، قال: فهما على ذلك إلى اليوم) ] . أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى وفيه أن علياً و العباس دفع إليهما عمر ما يتعلق بالمدينة، وأن ما كان من مال خيبر وفدك فإنه بقي بيده رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومعلوم أن كلاً من الثلاثة مصيرها واحد، ولكن هذا هو الذي جعله بأيدي علي و العباس رضي الله تعالى عنهما، والباقي بقي في يد الخليفة والوالي يصرفه في مصالح المسلمين. قوله: إني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ. يعني: أن أزيغ عن الحق؛ لأنه ما أخذ بما أخذ به رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولم يسلك المنهج الذي كان عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذا فعل خلاف ما كان عليه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد الطريق الثالثة لحديث: (أن فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها) قوله: [حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ]. حجاج بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ]. يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبي]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب أخبرني عروة عن عائشة ]. مر ذكر الثلاثة. تابع صفايا رسول الله من الأموال شرح حديث: (صالح رسول الله أهل فدك...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر عن الزهري في قوله: ((( فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ))[الحشر:6] قال: صالح النبي صلى الله عليه وآله وسلم أهل فدك وقرى قد سماها لا أحفظها، وهو محاصر قوماً آخرين، فأرسلوا إليه بالصلح، قال: (( فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ ))[الحشر:6] يقول: بغير قتال). قال الزهري : وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح، فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة ]. سبق أن مرت جملة من الأحاديث تحت هذا الباب: باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، وعرفنا أن المقصود من ذلك: ما يتعلق بالأراضي والنخيل وغير ذلك من الأشياء الثابتة التي لم تقسم وتوزع على الناس، وإنما بقيت أصولها ثابتة محبسة، وثمرتها وغلتها تصرف في المصارف التي يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود هذا الحديث الذي هو مرسل عن الزهري في قوله: فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6] قال: (صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل فدك وقرى وقد سماها لا أحفظها) يعني: قرى أخرى مع فدك. قوله: [ (وهو محاصر قوماً آخرين) ]. قيل: إنها خيبر أو بعض خيبر. قوله: [ (فأرسلوا إليه بالصلح) ]. يعني: يطلبون منه أن يصالحوه. قوله: [ (قال: فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ [الحشر:6] يقول: بغير قتال) ]. هذا تفسير لقوله: (فما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ) يعني: من غير قتال، وإنما حصلت بالرعب والخوف الذي جعل الأعداء يستسلمون ويصالحون. قوله: [ قال الزهري : وكانت بنو النضير للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خالصاً لم يفتحوها عنوة، افتتحوها على صلح ]. يعني: صارت فيئاً يصرف في مصالح المسلمين ولا تخمس؛ لأنها ليست من الغنائم. قوله: [ فقسمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين، لم يعط الأنصار منها شيئاً إلا رجلين كانت بهما حاجة ]. قسمها بين المهاجرين؛ لأنهم أصحاب حاجة، ولأنهم تركوا أموالهم وبلادهم وخرجوا منها لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما الأنصار فكان عندهم أموال، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار أول ما قدموا المدينة. وقوله: (ولم يعط الأنصار إلا اثنين كانت بهما حاجة) ومعنى هذا أنها ليست للمهاجرين خاصة، وإنما هي للمهاجرين والأنصار. والحديث مرسل؛ لأن الزهري من صغار التابعين. تراجم رجال إسناد حديث: (صالح رسول الله أهل فدك...) قوله: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور ]. يحتمل أن يكون ابن حساب أو يكون المحاربي ، و ابن حساب ثقة، و المحاربي صدوق، وقد مر ذكرهما قريباً في هذا الباب. وابن ثور هو محمد بن ثور ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (إن رسول الله كانت له فدك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا جرير عن المغيرة قال: جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت له فدك، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم، وإن فاطمة رضي الله عنها سألته أن يجعلها لها فأبى، فكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حتى مضى لسبيله، فلما أن ولي أبو بكر رضي الله عنه عمل فيها بما عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته، حتى مضى لسبيله، فلما أن ولي عمر رضي الله عنه عمل فيها بمثل ما عمل لسبيله، ثم أقطعها مروان ثم صارت لعمر بن عبد العزيز ، قال عمر -يعني ابن عبد العزيز -: رأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق، وأنا أشهدكم أني قد رددتها على ما كانت يعني: على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال أبو داود : ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلته أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار ولو بقي لكان أقل ]. أورد أبو داود هذا الحديث، وهو مرسل، وفيه: [ جمع عمر بن عبد العزيز بني مروان حين استخلف، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فدك، فكان ينفق منها ويعود منها على صغير بني هاشم، ويزوج منها أيمهم ]. يعود منها على صغير بني هاشم، يعني: اليتامى، ويزوج أيمهم أي: من لم يكن ذا زوج سواء كان رجلاً أو أنثى. قوله: [ وإن فاطمة سألته أن يجعلها لها فأبى ]. أي: فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطيها إياها. قوله: [ فكانت كذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مضى لسبيله ]. يعني كانت كذلك على النحو الذي ذكر أنه ينفق على صغيرهم ويزوج أيمهم، ثم بعد ذلك ولي الخلافة أبو بكر ، وقام بالأمر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقي صرف ذلك على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كذلك في زمن عمر رضي الله عنه، ثم أقطعها مروان بن الحكم ، قالوا: والذي أقطعها له عثمان بن عفان ، قالوا: وهذا مما عابوه عليه، وتكلموا فيه، لكن هذا الحديث غير ثابت؛ لأنه مرسل، فالإقطاع المذكور في هذا الحديث لا يكون ثابتاً. قوله: [ ثم صارت لعمر بن عبد العزيز ]. لأنه حفيد مروان . قوله: [ قال عمر -يعني ابن عبد العزيز -: فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق ]. يعني: أن فاطمة طلبت أن تكون فدك لها، فأبى ذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقال: فهو ليس لي بحق، فأعاده على ما كان عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: أنه صار ينفق منه على صغير بني هاشم، ويزوج أيمهم، ويصرف في المصارف التي كان يصرف فيها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وغلته أربعون ألف دينار، وتوفي وغلته أربعمائة دينار، ولو بقي لكان أقل ] . يعني: أنه كان يصرف على نفسه من ماله ومن غلته التي كانت عنده قبل أن يتولى الخلافة، وأنه مات وغلته أربعمائة، ولو بقي لكان أقل، يعني: أنها كانت تتناقص؛ لأنه كان ينفق على نفسه منها، وهذا ليس متعلقاً بفدك، وإنما متعلق بماله هو، وأنه كان ينقص لأنه كان ينفق على نفسه منه. تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كانت له فدك) قوله: [حدثنا عبد الله بن الجراح ]. عبد الله بن الجراح صدوق، يخطئ أخرج له أبو داود و النسائي في مسند مالك و ابن ماجة . [حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المغيرة ]. المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر بن عبد العزيز ]. عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، الخليفة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وقد توفي وعمره أربعون سنة، ولم يكن من المعمرين، ولكن له الشهرة العظيمة والمنزلة الرفيعة والمحبة في نفوس المسلمين. شرح حديث: (إن الله إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن الفضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل رضي الله عنه قال: (جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر رضي الله عنه تطلب ميراثها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) ]. أورد أبو داود حديث أبي الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه قال: (جاءت فاطمة إلى أبي بكر تطلب ميراثها منه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) يعني: أنه هو الذي يقوم بها كما كان يقوم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أنه ينفق على نفسه منها، وكذلك ينفق منها على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصرف الباقي في مصالح المسلمين. تراجم رجال إسناد حديث: (إن الله إذا أطعم نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [حدثنا محمد بن الفضيل ]. محمد بن الفضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن جميع ]. الوليد بن جميع وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي. [ عن أبي الطفيل ]. أبو الطفيل عامر بن واثلة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو آخر الصحابة موتاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وقد جاء أن أبا بكر رضي الله عنه ذهب إلى فاطمة واسترضاها، وأنها رضيت، وما يذكر أن علياً غضب لغضبها، ولم يبايع إلا بعد موتها بستة أشهر، فغير صحيح، بل هو بايع كما بايع الناس من البداية، وما ذكر من مبايعته بعد ذلك تجديد للبيعة، وليس أصل البيعة. شرح حديث: (لا تقتسم ورثتي ديناراً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تقتسم ورثتي ديناراً، ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة). قال أبو داود : مؤنة عاملي يعني أكرة الأرض ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقتسم ورثتي ديناراً)، وهذا إشارة إلى الحد الأدنى، يعني: لا يرثون شيئاً، ديناراً فما فوقه. قوله: [ (ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة) ] يعني: الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق منه على نسائه وينفق منه على العمال الذين يحرثون الأرض أو الولاة الذين يلون الأمر من بعده، فما سوى ذلك فإنه صدقة يصرف في مصارف المسلمين وفي المصارف العامة، كما تقدم أنه كان ينفق على نفسه وعلى أهله قوت سنة، وما فضل عن ذلك فإنه يصرفه في سبيل الله. [قال أبو داود : مؤنة عاملي يعني: أكرة الأرض ]. أكرة الأرض هم من الذين يشتغلون في الأرض ويحرثون فيها، فإنهم يعطون أجرتهم من ريعها، وقيل: إن المقصود بذلك الخليفة ومن يلون الأمر، فإنه ينفق عليهم من الفيء الذي هو في بيت المال أو يئول إلى بيت المال. تراجم رجال إسناد حديث: (لا تقتسم ورثتي ديناراً) قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. الأعرج هو عبد الله بن هرمز المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. شرح حديث: (كل مال النبي صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري قال: (سمعت حديثاً من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي، فأتى به مكتوباً مذبراً: دخل العباس و علي على عمر رضي الله عنهم -وعنده طلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد رضي الله عنهم- وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل مال النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم، إنا لا نورث؟ قالوا: بلى، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينفق من ماله على أهله ويتصدق بفضله، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوليها أبو بكر سنتين فكان يصنع الذي كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم ذكر شيئاً من حديث مالك بن أوس ]. أورد أبو داود حديث أبي البختري عن رجل، وهذا الرجل قيل: هو مالك بن أوس بن الحدثان الذي سبق أن مر في أول الباب، والقصة هي نفس القصة السابقة، وذكر المصنف الحديث هنا مختصراً وأحال عليه فقال: بمثل حديث مالك بن أوس أي: الذي تقدم في أول الباب، والحافظ ابن حجر قال: لعله مالك بن أوس بن الحدثان . قوله: [ (سمعت حديثاً من رجل فأعجبني، فقلت: اكتبه لي فأتى به مكتوباً مذبراً) ] يعني: معتناً بكتابته بخط واضح. قوله: [ (دخل العباس و علي على عمر -وعنده طلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد - وهما يختصمان، فقال عمر لطلحة و الزبير و عبد الرحمن و سعد : ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: كل مال النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة إلا ما أطعمه أهله وكساهم، إنا لا نورث؟ قالوا: بلى) ]. وهذا كما تقدم في أول الباب في حديث مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر رضي الله تعالى عنه، وفيه التفصيل لما جرى في مجلس عمر بحضور هؤلاء الرهط الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الاختلاف بين العباس و علي حول التولية التي ولاهما عمر مجتمعين، ثم إنه حصل اختصامهما، وسبق أن مر أن المقصود من وراء الاختصام هو أن تقسم النظارة بينهما، وأن يكون كل واحد منهما مسئولاً عن نصف ذلك الذي ولي بينهما جميعاً، وأن عمر رضي الله عنه وأرضاه قال: إنه لا يفعل ذلك، بل يستمر الأمر على ما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن قاما بها مجتمعين وإلا رداها إليه ليقوم بتصريفها كما كان يصرفها قبل أن يعطيهما إياها؛ وذلك وفقاً لما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان يفعله أبو بكر رضي الله تعالى عنه. تراجم رجال إسناد حديث: (كل مال النبي صدقة) قوله: [حدثنا عمرو بن مرزوق ]. عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي البختري ]. أبو البختري هو سعيد بن فيروز ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت حديثاً من رجل ]. قيل: هو مالك بن أوس بن الحدثان . [ عن عمر ]. عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما فيسألنه ثمنهن من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت لهن عائشة : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا نورث ما تركنا فهو صدقة؟!) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته أردن أن يرسلن عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه إلى أبي بكر رضي الله عنه؛ ليطلبن ثمنهن من ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا لا نورث ما تركناه صدقة)؟ فيحتمل أنهن لم يعلمن ولكن أرادت هي أن تخبرهن بالذي قال ويحتمل أن يكن قد علمن ذلك، ولكنهن نسين، فذكرتهن بذلك عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. طريق أخرى لحديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا إبراهيم بن حمزة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب بإسناده نحوه، (قلت: ألا تتقين الله؟! ألم تسمعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا نورث ما تركنا فهو صدقة، وإنما هذا المال لآل محمد لنائبتهم ولضيفهم، فإذا مت فهو إلى ولي الأمر من بعدي؟) ]. أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وأن هذا المال الذي كان بيده صلى الله عليه وسلم ليس موروثاً عنه، وإنما ينفق على نفسه منه فيما ينوبه ويعروه، وأنه إذا توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام فإن الأمر فيه يئول إلى من يلي الأمر من بعده، ليصرفه وفقاً لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرفه، وهذا هو الذي حصل من أبي بكر رضي الله عنه، فإنه لما ولي الخلافة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قام بصرفه وفقاً لما كان يصرفه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عن أبي بكر . وولي الأمر له أن ينفق على نفسه منه، وقد سبق في الحديث: (ومؤنة عاملي) قيل: المقصود به الخليفة والولاة الذين يلون الأمر، والفيء عام لا يصرف في مصارف الخمس فقط، وإنما يصرف في مصارف المسلمين عموماً، ويأخذ منه الوالي. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (لا نورث ما تركنا فهو صدقة) قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا إبراهيم بن حمزة ]. إبراهيم بن حمزة صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أسامة بن زيد ]. أسامة بن زيد الليثي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن شهاب بإسناده ]. وقد مر."
__________________
|
#592
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [350] الحلقة (382) شرح سنن أبي داود [350] الفيء يصرف في مصالح المسلمين، ومن مصارفه ذوو القربى، وهم قرابة النبي عليه الصلاة والسلام من بني هاشم وبني المطلب، فلهم حق في الفيء، لا سيما وهم لا يأخذون من الزكاة، وإعطاؤهم حقهم من الفيء واجب، وهو داخل في تذكير النبي عليه الصلاة والسلام أمته بأهل بيته رضي الله عنهم. مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى شرح حديث (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى. حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري قال: أخبرني سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم رضي الله عنه (أنه جاء هو و عثمان بن عفان رضي الله عنه يكلمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما قسم من الخمس بين بني هاشم وبني المطلب، فقلت: يا رسول الله! قسمت لإخواننا بني المطلب ولم تعطنا شيئاً، وقرابتنا وقرابتهم منك واحدة؟! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، قال جبير : ولم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطيهم، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعطيهم منه و عثمان بعده) ] . أورد أبو داود هذه الترجمة وهي (باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى)، مواضع قسم الخمس أي: خمس الغنيمة؛ لأن الغنيمة -وهي ما يحصل في الجهاد- يقسم أخماساً: أربعة أخماس للغانمين والخمس الخامس يكون في المصارف التي ذكرها الله في آية الأنفال: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41]، فهذه مصارف الخمس، وفيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم له في ذلك نصيب، وذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم فيها نصيب، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (جعل رزقي تحت ظل رمحي) يعني: أن رزقه يكون من الغنيمة ومن الفيء الذي يفيئه الله عز وجل على المسلمين، ولهذا كان هذا أفضل المكاسب وأجل المكاسب، وهو الذي منه رزق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذوو القربى هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم بنو هاشم وبنو المطلب من أبناء عبد مناف ؛ لأن عبد مناف هو الأب الرابع للرسول صلى الله عليه وسلم، وأولاده أربعة هم: هاشم و المطلب و نوفل و عبد شمس ، هؤلاء هم أولاد عبد مناف ، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعطي بني هاشم وبني المطلب، وما كان يعطي بني عبد شمس وبني نوفل شيئاً من الخمس، فجاء عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه -وهو من بني عبد شمس- و جبير بن مطعم -وهو من بني نوفل- يسألان النبي صلى الله عليه وسلم عن كونه أعطى بني المطلب ولم يعط بني عبد شمس ولا بني نوفل مع أن الكل في القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء؛ لأن الجميع أولاد عبد مناف ، أما بنو هاشم فالأمر فيهم واضح؛ لأنهم الذين منهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الشيء الذي راجعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه هو كون بني المطلب مثل بني عبد شمس وبني نوفل، وليس بينهم وبينهم فرق، فكلهم يلتقون مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف . فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إنا وبنو المطلب شيء واحد)، ومعنى ذلك أنه أعطاهم كما أعطى بني هاشم من الخمس، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام لهم السبب في إعطاء بني المطلب تبعاً لبني هاشم؛ وذلك لأنهم تحالفوا معهم، وناصروهم، وكانوا معهم في الجاهلية وفي الإسلام؛ فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أعطى بني هاشم، ولم يعط هؤلاء؛ لأنهم ما كانوا مثلهم. وفي هذا الحديث بيان لذوي القربى، وأن العموم الذي جاء في القرآن في قوله: وَلِذِي الْقُرْبَى [الأنفال:41]، قد بينت السنة أن المقصود به بنو هاشم وبنو المطلب، و هاشم نسله محصورون في نسل ابنه عبد المطلب، والمطلب هو أخو هاشم ، وقد أعطى بني المطلب تبعاً لبني هاشم. إذاًَ: ذو القربى لفظ مطلق يشمل بني هاشم وبني المطلب وغيرهم، بل قد جاء في صحيح البخاري في تفسير قول الله عز وجل: قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى [الشورى:23] أن المقصود منها -كما جاء عن ابن عباس - قرابة قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام يطلب منهم أنهم إن لم يساعدوه ويعينوه فلا يؤذوه؛ لما بينه وبينهم من القرابة، وإنما يخلون بينه وبين الناس. وذوو القربى بينهم الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وأن المراد بهم في الآية بنو هاشم وبنو المطلب، وبنو هاشم هم الأصل، وبنو المطلب ألحقوا بهم؛ لأنهم آزروهم وناصروهم، وكانوا معهم في الجاهلية والإسلام. ثم ذكر أن أبا بكر رضي الله عنه قام بالأمر بعده، ولم يكن يعطي بني هاشم ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيهم، ولعل السبب في ذلك -والله أعلم- أن الغلة لم تكن مثلما كانت أولاً، وأنها نقصت فنقص الإعطاء على حسب النقص الذي قد حصل، ولما كانت الغلة كثيرة كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم شيئاً كثيراً، ولما قلت الغلة فإن كلاً ينقص نصيبه منها على حسب النقص وعلى حسب السهام التي تعطى للناس. قوله: [وكان عمر بن الخطاب يعطيهم منه و عثمان بعده ] . يعني: يعطي بني هاشم وبني المطلب من الخمس، ومن أجل ذلك لم تحل لهم الزكاة اكتفاء بما يعطون من خمس الغنائم، فمنعوا من الزكاة؛ لأنه وجد ما يغنيهم، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب له في فضل آل البيت وحقوقهم أنه إذا لم يعطوا من الخمس ومن بيت المال، فإنه يجوز أن يعطوا من الزكاة؛ لأن المانع من ذلك أنهم يعطون من غيرها أي: من الغنائم والفيء، فإذا لم يعط لهم هذا الحق فيجوز أن يعطوا من الزكاة. تراجم رجال إسناد حديث (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ]. عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس بن يزيد ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب ]. الزهري مر ذكره، و سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني جبير ]. جبير بن مطعم النوفلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عثمان بن عمر قال: أخبرني يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: حدثنا جبير بن مطعم رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً كما قسم لبني هاشم وبني المطلب) قال: وكان أبو بكر رضي الله عنه يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. تراجم رجال إسناد حديث (لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئاً) قوله: [حدثنا عبيد الله بن عمر حدثنا عثمان بن عمر ]. عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير ]. قد مر ذكرهم جميعاً. شرح حديث (إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا هشيم عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (لما كان يوم خيبر وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سهم ذي القربى في بني هاشم وبني المطلب، وترك بني نوفل وبني عبد شمس، فانطلقت أنا و عثمان بن عفان حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم للموضع الذي وضعك الله به منهم، فما بال إخواننا بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وقرابتنا واحدة؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام، وإنما نحن وهم شيء واحد، وشبك بين أصابعه صلى الله عليه وآله وسلم) ]. أورد أبو داود حديث جبير بن مطعم من طريق أخرى، وهو مثلما تقدم. تراجم رجال إسناد حديث (إنا وبنو المطلب لا نفترق في جاهلية ولا إسلام) قوله: [حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا هشيم ]. هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: أخبرني جبير بن مطعم ]. قد مر ذكر الثلاثة. تفسير السدي لذي القربى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن علي العجلي حدثنا وكيع عن الحسن بن صالح عن السدي في ذي القربى قال: هو بنو عبد المطلب ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن السدي في تفسير ذوي القربى، وأنهم بنو عبد المطلب، وبنو عبد المطلب هم بنو هاشم؛ لأن هاشم بن عبد مناف ليس له نسل إلا من جهة ابنه عبد المطلب ، فقوله: بنو عبد المطلب يعني: بنو هاشم، وهذا فيه عدم ذكر بني عبد المطلب ، وحديث جبير بن مطعم الذي تقدم بين أن ذوي القربى الذين يعطون هم بنو هاشم وبنو المطلب؛ لأنهم كانوا معهم في الجاهلية والإسلام، ولم يفارقوهم في جاهلية ولا إسلام، فيكون هذا التفسير بياناً لقرابة الرسول صلى الله عليه وسلم القريبة، وأما من يعطون فقد بينهم الحديث الذي مر عن جبير بن مطعم رضي الله عنه. قوله: [ حدثنا حسين بن علي العجلي ]. حسين بن علي العجلي ، صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن صالح ]. الحسن بن صالح بن حي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن السدي ]. السدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن ، وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. شرح أثر عمر في سهم ذوي القربى قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة قال: حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني يزيد بن هرمز أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن سهم ذي القربى ويقول: لمن تراه؟ قال ابن عباس : لقربى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان عمر رضي الله عنه عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن نجدة الحروري سأل ابن عباس عن سهم ذوي القربى، قال: لمن تراه؟ قال: لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر في حديث جبير أنه قسمه بين بني هاشم وبني المطلب. قوله: [وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضاً رأيناه دون حقنا فرددناه عليه، وأبينا أن نقبله]. ولعل السبب -كما ذكرت سابقاً- أن هذا النقص بسبب نقص الغلة. تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في سهم ذوي القربى قوله: [حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عنبسة ]. عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [حدثنا يونس عن ابن شهاب أخبرني يزيد بن هرمز ]. مر ذكرهما، و يزيد بن هرمز هو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ أن نجدة الحروري حين حج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس ]. الحروري يعني: أنه من الخوارج، نسبة إلى الحرورية الذين كانوا في حروراء عندما خرجوا على علي رضي الله عنه وقاتلهم، وكان ابن عباس هو الذي أرسله علي لمناقشتهم ولبيان ضلالهم. شرح أثر علي (ولاني رسول الله خمس الخمس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا أبو جعفر الرازي عن مطرف عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: (ولاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحياة أبي بكر وحياة عمر رضي الله عنهما، فأتي بمال فدعاني فقال: خذه فقلت: لا أريده، قال: خذه فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال) ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وكذلك في زمن أبي بكر ، وفي زمن عمر ، فأتي بمال فدعاني فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه فأنتم أحق به، قلت قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال). تراجم رجال إسناد أثر علي (ولاني رسول الله خمس الخمس) قوله: [حدثنا عباس بن عبد العظيم ]. عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا يحيى بن أبي بكير ]. يحيى بن أبي بكير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو جعفر الرازي ]. أبو جعفر الرازي ، وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن مطرف ]. مطرف بن طريف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. علي رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. هذا الحديث فيه أبو جعفر الرازي ، قال عنه الحافظ : صدوق سيئ الحفظ، وقد ضعفه الألباني ، ولعله من أجل أبي جعفر الرازي هذا. شرح أثر علي (اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن البريد قال: حدثنا حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (سمعت علياً رضي الله عنه يقول: اجتمعت أنا و العباس و فاطمة و زيد بن حارثة رضي الله عنهم عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب الله عز وجل فأقسمه حياتك كي لا ينازعني أحد بعدك، قال: ففعل ذلك، قال: فقسمته حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم ولانيه أبو بكر رضي الله عنه حتى إذا كانت آخر سنة من سني عمر رضي الله عنه فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسل إلي فقلت: بنا عنه العام غنى، وبالمسلمين إليه حاجة؛ فاردده عليهم، فرده عليهم ثم لم يدعنا إليه أحد بعد عمر ، فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر فقال: يا علي ! حرمتنا الغداة شيئاً لا يرد علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، مع زيادة تفصيل وتوضيح. وقوله: وكان رجلاً داهياً، أي: عنده فطنة وحذق ودهاء.
__________________
|
#593
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد أثر علي (اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير ]. ابن أبي شيبة مر ذكره، و ابن نمير هو عبد الله، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هاشم بن البريد ]. هاشم بن البريد وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [حدثنا حسين بن ميمون ]. حسين بن ميمون لين الحديث، أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي . [ عن عبد الله بن عبد الله ]. عبد الله بن عبد الله صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي ]. مر ذكرهما. الأسئلة معنى قوله (فغلبه علي على الصدقة) السؤال: ما معنى قوله: فدفعها عمر إلى علي و عباس رضي الله عنهم فغلبه علي عليها؟ الجواب: كأن علياً رضي الله عنه كان يتصرف في ذلك الذي جعل إليهما، فأنكر عليه العباس بأنه يتصرف بلا موافقته، فجاء يشتكيه، وليس معنى ذلك أنه غلبه عليها بمعنى أنه انتزعها منه، ولم يعد له فيها نصيب، وقد جعل ذلك عمر إليهما جميعاً، ولكن لعله رأى أنه يتصرف في بعض الأشياء أو يعطي في بعض الأشياء دون أن يرجع إلى العباس ، لا أنه انتزعها من العباس ، و العباس ما بقي بيده شيء، ولا بقي متصرفاً. معنى قوله (فرأيت أمراً منعه رسول الله فاطمة ليس لي بحق) السؤال: ما معنى قول عمر بن عبد العزيز قوله: (فرأيت أمراً منعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة رضي الله عنها ليس لي بحق) ؟ الجواب: جاء في أول الحديث: أن فاطمة طلبته أن يعطيها فدك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أبى أن يعطيها، ثم جاء في الآخر: أن مروان أقطع ذلك الشيء، و مروان هو جد عمر بن عبد العزيز ، فآل الأمر إليه، فأعاده إلى ما كان عليه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن الحديث غير ثابت؛ لأنه مرسل. إرضاء أبي بكر لفاطمة السؤال: هل هناك دليل على إرضاء أبي بكر رضي الله عنه لفاطمة رضي الله عنها؟ الجواب: ورد أنه استأذن عليها، فقالت لعلي : هل تأذن؟ فقال: نعم؛ فدخل واسترضاها بكلام جميل ورضيت. جواز نسخ برامج الكمبيوتر لغير التجارة السؤال: نقل عنكم أنكم أجزتم نسخ برامج الحاسب الآلي لمن يستخدمها لنفسه لا للتجارة فهل هذا صحيح؟ الجواب: الذي يبدو -والله أعلم- أنه إذا كان فيها غلاء فاحش، وصاحبها طلب فيها أشياء فيها مغالاة، فلا بأس بذلك إذا كان الإنسان يريد أن يستفيد منها فقط، لا أن يتجر؛ لأن المحذور هو التجارة. لكن ليس له أن يقسم وهو كاذب، لكن إذا كانت المسألة ما فيها قسم، فيمكنه أن يستنسخ بسبب المغالاة، فمثلاً: أول ما ظهر كتاب معجم ألفاظ الحديث النبوي كان يباع بخمسة آلاف، وبعد ذلك صور وصار يباع بثلاثمائة ريال فقط. حكم تخصيص علي بالدعاء بلفظ (عليه السلام) السؤال: يمر معنا في المتون عند ذكر علي عليه السلام أو فاطمة عليها السلام، فما تعليقكم؟ الجواب: هذا من عمل النساخ، وليس من عمل المؤلفين، وقد ذكر هذا ابن كثير رحمه الله عند تفسير قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فقال: إن هذا من عمل بعض نساخ الكتب عندما يمر عليه علي يقول: عليه السلام، قال ابن كثير : وإلا فالأصل أن يعامل جميع الصحابة معاملة واحدة، وهو الترضي عنهم، فيقال: رضي الله عنه. شرح حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه أخبره أن أباه ربيعة بن الحارث و عباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما قالا لعبد المطلب بن ربيعة و للفضل بن العباس رضي الله عنهم أجمعين: (ائتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقولا له: يا رسول الله! قد بلغنا من السن ما ترى وأحببنا أن نتزوج، وأنت -يا رسول الله- أبر الناس وأوصلهم، وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا -يا رسول الله- على الصدقات فلنؤدي إليك ما يؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق، قال: فأتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن على تلك الحال فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا والله لا يستعمل منكم أحداً على الصدقة، فقال له ربيعة : هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم نحسدك عليه، فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم، والله لا أريم حتى يرجع إليكم ابناكما بجواب ما بعثتما به إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال عبد المطلب : فانطلقت أنا والفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى نوافق صلاة الظهر قد قامت، فصلينا مع الناس ثم أسرعت أنا و الفضل إلى باب حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش رضي الله عنها، فقمنا بالباب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بأذني وأذن الفضل ثم قال: أخرجا ما تصرران، ثم دخل فأذن لي و للفضل فدخلنا فتواكلنا الكلام قليلاً ثم كلمته أو كلمه الفضل -قد شك في ذلك عبد الله - قال: كلمه بالأمر الذي أمرنا به أبوانا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ساعة ورفع بصره قبل سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع إلينا شيئاً حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها تريد ألا تعجلا، وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمرنا، ثم خفض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأسه فقال لنا: إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد، ادعوا لي نوفل بن الحارث ، فدعي له نوفل بن الحارث فقال: يا نوفل أنكح عبد المطلب ، فأنكحني نوفل ، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ادع لي محمية بن جزء ، وهو رجل من بني زبيد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعمله على الأخماس، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمحمية : أنكح الفضل ، فأنكحه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم فأصدق عنهما من الخمس كذا وكذا)، لم يسمه لي عبد الله بن الحارث ] . سبق أن مر معنا جملة من الأحاديث تحت باب مواضع قسم الفيء وسهم ذي القربى، وهذا الحديث الذي أورده المصنف عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب هو من جملة هذه الأحاديث التي تتعلق ببيان مصرف الخمس، وفيه أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر محمية بن جزء أن يدفع صداقاً لكل من الفضل بن العباس و لعبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب من الخمس، وقد كان هذا الذي دعاه ليمهرهما وليدفع الصداق عنهما هو المسئول عن ذلك. والحديث في أوله أن العباس بن عبد المطلب و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وأحدهما عم النبي صلى الله عليه وسلم والثاني ابن عمه؛ أرسلا ولديهما عبد المطلب بن ربيعة و الفضل بن العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليطلبا منه أن يوليهما على عمل من أعمال الصدقات؛ حتى يحصلا عمالة مقابل عملهما على الصدقة ليتزوجا، فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بعد الصلاة، فسبقوه إلى باب حجرته، وكان عند زينب رضي الله عنها، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم واستأذناه ودخلا عليه وأخبراه بقصدهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد) وطلب من نوفل بن الحارث أن يزوج عبد المطلب ، وطلب من محمية أن يزوج الفضل . ثم طلب من محمية وهو المسئول عن الأخماس أن يدفع المهر والصداق عن كل منهما من الخمس، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة، ففيه بيان مصرف الخمس، قيل: إن هذا من الخمس الخاص به صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه من سهم ذوي القربى الذي هو خمس الخمس، فإن الفضل بن العباس و عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث من ذوي القربى. وابن ربيعة بن الحارث اسمه عبد المطلب ، وقد كان هذا الاسم في الإسلام، وهو صحابي، والرسول صلى الله عليه وسلم ما غير اسمه، وقد غير أسماء كثيرة معبدة لغير الله، ولم يغير اسم عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ؛ ولهذا قال ابن حزم في كتابه مراتب الإجماع: أجمعوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشا عبد المطلب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغير اسم عبد المطلب بن ربيعة الذي معنا في هذا الإسناد، فدل على أن التسمية بعبد المطلب جائزة، ولكن الأولى عدم ذلك، وأن يسمى الطفل بالأسماء الكثيرة التي لا شبهة فيها، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أقر هذه التسمية دال على الجواز. وفي الحديث دلالة على كون الإنسان يسعى لتحصيل الرزق ولتحصيل المال والاكتساب من أجل الزواج وغير الزواج؛ لأن هذين الرجلين جاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبان منه العمل، وأن يوليهم على الصدقات -يعني: على جبايتها وللسعاية فيها- من أجل أن يحصلا مالاً يتزوجان به؛ لأنهما بلغا سن الزواج. وفي قولهما: (وليس لأبوينا ما يصدقاننا) دليل على أن الأب عليه أن يزوج ابنه، وذلك أنهما أخبرا بأنه ليس عندهما شيئ يزوجانهما به، ولو كان عندهما شيء لحصل التزويج، ولم يكونا بحاجة إلى أن يسعيا هذا المسعى ويطلبا هذا المطلب، فدل على أن الإنسان يزوج من بلغ حد الزواج من أولاده إذا تمكن من ذلك، وهذا من قبيل النفقة، ولا يقال: إنه من قبيل الهبة والعطية، وأنه إذا أعطاه ما يتزوج به يرصد لكل واحد من الأولاد الصغار والكبار مثل ذلك، بل هذا من قبيل النفقة، وكل شيء يكون في وقته، فإذا بلغ هذا زوجه، وإذا بلغ الذي بعده حد الزواج زوجه، وإذا بلغ الثالث بعده حد الزواج زوجه، وهكذا..، ولا يرصد لكل واحد منهم مبلغاًَ من المال يعادل ذلك المال الذي زوج به أحدهم، بل إن المهور قد تختلف من وقت إلى وقت، وقد يزوج هذا بمقدار معين، ويزوج هذا بمقدار معين، وهذا يعتبر من قبيل النفقة، وليس من قبيل الهبة والعطية التي يلزم فيها التسوية بين الأولاد، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة النعمان بن بشير أنه قال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم). قوله: [ (وأنت يا رسول الله أبر الناس وأوصلهم) ]. يعني: أوصلهم للرحم، ونحن من قرابتك. قوله: [ (وليس عند أبوينا ما يصدقان عنا، فاستعملنا يا رسول الله على الصدقات، فلنؤد إليك ما يؤدي العمال، ولنصب ما كان فيها من مرفق) ]. يعني: من الشيء الذي نرتفق به، ونستعين به على الزواج. قوله: [ (فأتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ونحن على تلك الحال فقال لنا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا والله لا يستعمل منكم أحداً على الصدقة)]. حضر علي رضي الله تعالى عنه المحاورة التي جرت بين العباس و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وبين ابنيهما، وإرسالهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يجعلهما من السعاة ومن العاملين على الصدقات ليحصلا مالاً يتزوجان به، وعلي رضي الله عنه عنده علم بأن آل البيت لا يولون على الصدقة، فقال: إن النبي لا يفعل ذلك؛ لأن أهل البيت ليس لهم نصيب في الصدقة، لا من ناحية صرفها عليهم، ولا من ناحية توليتهم عليها لجبايتها؛ لأن العامل على الزكاة يأخذ من الصدقة، والصدقة أوساخ الناس، وهي لا تصلح لمحمد ولا لآل محمد، وإنما يعطون من خمس الغنيمة، ويعطون من الفيء، وأما الصدقات فإنهم لا يعطون منها، لا من أجل قضاء حوائجهم وفقرهم، ولا من أجل سعايتهم؛ لأن العاملين عليها من مصارف الزكاة، والزكاة أوساخ الناس، والرسول صلى الله عليه وسلم جعل آل بيته لا يكون لهم نصيب فيها، ولا تحل لهم الصدقة. قوله: [ (فقال له ربيعة : هذا من أمرك، قد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلم نحسدك عليه) ]. يعني: هذا شيء منك وأنت ظفرت بشيء لم يظفر به غيرك، ونحن لم نحسدك عليه. قوله: [ (فألقى علي رداءه ثم اضطجع عليه فقال: أنا أبو حسن القرم) ]. يعني: هذا الكلام الذي قلته لكم عن علم، وأنا سأنتظر الجواب الذي يأتيان به من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعلم أن الجواب سيكون أنهما من آل البيت، وآل البيت لا تحل لهم الصدقة. وقوله: أنا أبو حسن القرم، الأصل في (القرم) الفحل من الحيوان، ويراد به من يكون سيداً، ومن يكون له رأي ومعرفة، وكانت النتيجة أن كان الجواب م تراجم رجال إسناد حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عنبسة ]. عنبسة بن خالد الأيلي وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثنا يونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ]. عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي ، له رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث ]. عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب وهو صحابي، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . تابع شرح حديث (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس) قسم علي رضي الله عنه أنه سيبقى حتى يرجعا بالجواب، لا يدل على أنهم كانوا حول المسجد قريبين من المسجد، ولعله قال ذلك قبل الظهر بوقت طويل، وكان يتوقع أنهما سيذهبان سريعاً قبل إقامة الصلاة. وقوله: (حتى رأينا زينب تلمع من وراء الحجاب بيدها) هذا لا يدل على أن اليدين ليستا بعورة، ولا يلزم من ذلك أنها مكشوفة، فالأصل أن تكون يدها مغطاة. قوله: [ (قد بلغنا من السن ما ترى) ]. يعني: أنهما بلغا سن الزواج. وتزويج الأب لأبنائه إذا كان موسراً الظاهر أنه على الوجوب إذا كانوا لا يقدرون على الزواج، والواجب زوجة واحدة، لأن المقصود أن يعفهم ويحصل لهم الإعفاف، وتزويجهم من باب النفقة لا العطية؛ لأنه لو كان من قبيل العطية للزم التسوية بين الصغير والكبير، فيرصد للصغار مبالغ بمقدار ما زوج الكبير، ولكن الزواج من باب النفقة وهي تختلف، فمثلاً الولد الذي في الابتدائي ليس مثل الذي في الثانوي في النفقة، ولا ينفق على هذا مثلما ينفق على هذا، وقد يحتاج الولد إلى سيارة فيعطيه سيارة، وإذا كبر الثاني يعطيه سيارة، وهكذا، وهذا من قبيل النفقة."
__________________
|
#594
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [351] الحلقة (383) شرح سنن أبي داود [351] لقد بين الله تبارك وتعالى حقارة هذه الدنيا ومتاعها، وبين النبي صلى الله عليه وسلم كذلك هذا المعنى وجعله واقعاً ملموساً في حياته صلى الله عليه وسلم، فما ادخر شيئاً لنفسه، بل كان يقسم الفيء والغنائم وحتى خمسه للفقراء والمساكين، وقد ربى النبي أصحابه وكذا ابنته فاطمة على هذا المعنى، وأوصاهم بما هو خير لهم من هذه الدنيا الزائلة، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود من الريح المرسلة، لا يرد أحداً سأله، ولا يمنع عطائه ممن منعه، ولا يداهن في الحق أحداً، فهو القرآن الذي يمشي على الأرض. تابع مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى شرح حديث قصة قتل حمزة لشارفي علي قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس عن ابن شهاب قال: أخبرني علي بن حسين أن حسين بن علي أخبره: (أن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال: كانت لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاني شارفاً من الخمس يومئذ، فلما أردت أن أبني بـ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي، فنأتي بإذخر أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي، فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال، وشارفاي مناخان إلى جنب حجرة رجل من الأنصار؛ أقبلت حين جمعت ما جمعت فإذا بشارفي قد اجتبت أسنمتهما، وبقرت خواصرهما، وأخذ من أكبادهما؛ فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر، فقلت: من فعل هذا؟! قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار، غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها: ألا يا حمز للشرف النواء، فوثب إلى السيف فاجتب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وأخذ من أكبادهما، قال علي: فانطلقت حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعنده زيد بن حارثة رضي الله عنه، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لقيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك؟ قال: قلت: يا رسول الله! ما رأيت كاليوم، عدا حمزة على ناقتي فاجتب أسنمتهما، وبقر خواصرهما، وها هو ذا في بيت معه شرب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه فارتداه ثم انطلق يمشي واتبعته أنا وزيد بن حارثة حتى جاء البيت الذي فيه حمزة، فاستأذن فأذن له، فإذا هم شرب، فطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلوم حمزة فيما فعل، فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم صعد النظر فنظر إلى ركبتيه، ثم صعد النظر فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزة: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه ثمل، فنكص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عقبه القهقرى فخرج وخرجنا معه) ] . أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه الذي فيه أنه عند استعداده للزواج بـ فاطمة رضي الله تعالى عنها كان عنده شارف حصل عليه يوم بدر من الغنائم، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شارفاً من الخمس، والشارف: هو المسن من الإبل الذي يحمل عليه، ومحل الشاهد من إيراد هذا الحديث في باب مواضع قسم الفيء وسهم ذي القربى هو كونه أعطاه شارفاً من الخمس. وكان يستعد للزواج بـ فاطمة رضي الله عنهما فأناخهما عند باب رجل من الأنصار، وكان يستعد للذهاب ليأتي بإذخر عليهما؛ من أجل أن يبيع ذلك على الصواغين، ويكون ما يحصله من القيمة وليمة لزواجه من فاطمة رضي الله تعالى عنها. ولما جمع واستعد وتهيأ ولم يبق إلا أن يذهب على هذين البعيرين، جاء وإذا أسنمتهما قد جبت، وخواصرهما قد بقرت، وأخرجت أكبادهما، فرأى منظراً هاله، فتألم وتأثر من سوء المنظر، وهذان الشارفان كان سيعمل عليهما لتحصيل المال الذي يجعله وليمة ثم وجدهما قد صارا على هذه الحال، فقال: من فعل هذا؟ قالوا: حمزة، وهو شرب مع جماعة، يعني: قد شربوا الخمر، وهذا قبل أن تحرم الخمر. فذهب إلى رسول صلى الله عليه وسلم، فرأى رسول الله وجهه قد تغير متأثراً فسأله فقال: قد حصل كذا وكذا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه وذهب ومعه زيد بن حارثة حتى جاءوا إلى ذلك البيت، فاستأذن فأذن له، فوجد حمزة، وظن أنه صاح، فجعل يلومه، وحمزة قد ثمل وقد سكر، فنظر إلى ركبته ثم إلى سرته ثم إلى وجهه ثم قال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ قال هذا لكون عقله غير موجود، وهذا من مفاسد ومساوئ الخمر، فهي تجعل الإنسان بدون عقل، فكيف يسعى من أعطاه الله تعالى عقلاً إلى إذهابه وإزالته بشربه الخمر! ولهذا قيل لها: أم الخبائث؛ لأنها تؤدي إلى كل الخبائث، إلى القتل وإلى الزنا، بل قد يكون الزنا في المحارم والأقارب؛ لأن العقل قد فقد، وهذا من مساوئ الخمر، وابن الوردي له قصيدة لامية جميلة في الأخلاق والآداب، ومن جملة ما يقول فيها: واترك الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل فالرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى حمزة كذلك رجع القهقرى؛ لأنه ما دام سكران فقد يحصل منه تصرف يسوء، كأن يفتك بهم أو يؤذيهم؛ فرجع القهقرى لكون الخطاب ليس له مجال مع فاقد العقل. قوله: [(فلما أردت أن أبني بـ فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واعدت رجلاً صواغاً من بني قينقاع يرتحل معي فنأتي بإذخر)] . يبني بها يعني: يدخل عليها، بأن تزف إليه ويكون الدخول والالتقاء بين الزوج والزوجة. والصواغ هو الذي يصوغ الذهب أو الفضة أو يعمل في الأشياء التي يتجمل بها، وقد كان هذا الصواغ من اليهود. والإذخر نبت طيب الرائحة، وكان الصواغون يتخذونه للوقود، وكان يستعمل أيضاً في سقف البيوت، ويستعمل أيضاً في المقابر حيث يكون بين اللبنات. قوله: [(أردت أن أبيعه من الصواغين فأستعين به في وليمة عرسي)] . أي: أبيعه على الصواغين، وهذا فيه مشروعية الوليمة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال لـ عبد الرحمن بن عوف لما تزوج: (أولم ولو بشاة) . قوله: [(فبينا أنا أجمع لشارفي متاعاً من الأقتاب والغرائر والحبال)] . الأقتاب جمع قتب، وهو ما يوضع على ظهر البعير بحيث يربط به الحمل أو يكون عليه الراكب، والحبال من أجل أن يحزم بها الإذخر الذي يريد أن يجمعه، ويأتي به محمولاً على هذين الشارفين. والغرائر جمع غرارة، وهي الوعاء الذي يكون فيه الزاد الذي يتزوده الراكب. قوله: [(فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر)] . يعني أن هذا المنظر ساءه، فهو منظر مهول مفزع ومفجع. قوله: [(قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت في شرب من الأنصار)] . يعني: السبب الذي جعله يفعل هذا الفعل أنه سكران فاقد عقله، وكان أيضاً سبب ذلك القينة التي كانت تغنيهم، وذكرت الشارفين، وحرضت عليهما في غنائها، فبادر حمزة إلى نحرهما وإلى بقر بطونهما وإلى جب أسنمتهما. قوله: [(غنته قينة وأصحابه فقالت في غنائها: ألا يا حمز للشرف النوى)] . يعني: يا حمزة أو يا حمز من باب الترخيم، للشرف، أي: هذه الإبل، النوى: السمينة، وتتمة البيت قولها: وهن معقلات في الفناء يعني: تحثه على أن يأتي بشيء يأكلونه من هذه الشرف، فبادر وفعل هذا الفعل في حال سكره، وكان ذلك قبل أن تحرم الخمر. وفيه أن الغناء له أثر مثل الخمر فقد يهيج ويؤثر، ولعله يؤثر على السكران أكثر، ولعل هذا أيضاً قبل تحريم الغناء. والسكران يضمن، كما أن البهيمة إذا تركت وأتلفت شيئاً يضمن صاحبها، وكذلك المجنون والصغير، وليس في الحديث ذكر تضمين حمزة، فلعله حصل التسامح معه. تراجم رجال إسناد حديث قصة قتل حمزة لشارفي علي قوله: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة بن خالد حدثنا يونس حدثنا ابن شهاب أخبرني علي بن حسين] . علي بن حسين هو زين العابدين علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه هو الحسين بن علي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن علي] . علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو رابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (سبقكن يتامى بدر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب حدثني عياش بن عقبة الحضرمي عن الفضل بن الحسن الضمري أن أم الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثته عن إحداهما أنها قالت: (أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبياً فذهبت أنا وأختي وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فشكونا إليه ما نحن فيه، وسألناه أن يأمر لنا بشيء من السبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: سبقكن يتامى بدر، ولكن سأدلكن على ما هو خير لكن من ذلك: تكبرن الله على إثر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين تكبيرة، وثلاثاً وثلاثين تسبيحة، وثلاثاً وثلاثين تحميدة، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) . قال عياش: وهما ابنتا عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم] . أورد أبو داود رحمه الله حديث ضباعة أو أم الحكم ابنتا الزبير بن عبد المطلب، وهما ابنتا عم النبي صلى الله عليه وسلم الزبير بن عبد المطلب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي، وذهبت هاتان المرأتان مع ابنته فاطمة رضي الله تعالى عن الجميع يطلبن منه أن يعطيهن من يخدمهن، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (سبقكن يتامى بدر) يعني: اليتامى أولى منكم، وأرشدهن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ذكر يكون فيه عون لهن بإذن الله، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق لهن ما كن يردن من إعطائهن الخدم؛ لكون إعطاء اليتامى والمستحقين ممن هو مقدم في العطاء أولى، ولكنه صلى الله عليه وسلم أرشدهن إلى هذا الذكر الذي يكون فيه عون بإذن الله على القوة والنشاط، وبه يحصل الاستغناء عن الخادم. تراجم رجال إسناد حديث (سبقكن يتامى بدر) قوله: [حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب] . أحمد بن صالح مر ذكره، وعبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني عياش بن عقبة الحضرمي] . عياش بن عقبة الحضرمي وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [عن الفضل بن حسن الضمري] . الفضل بن حسن الضمري، وهو صدوق، أخرج له أبو داود. [عن أم الحكم أو ضباعة] . أم الحكم صحابية، أخرج لها أبو داود، وأختها ضباعة هي صاحبة حديث الاشتراط في الحج، الذي فيه: (أن محلي حيث حبستني) وهي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، وهي صحابية أخرج لها أبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن إحداهما] . يعني: واحدة منهما تروي عن الأخرى. شرح حديث (اتقي الله يا فاطمة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الأعلى عن سعيد -يعني الجريري - عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: (قال لي علي رضي الله عنه: ألا أحدثك عني وعن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها وكانت من أحب أهله إليه؟ قلت: بلى، قال: إنها جرت بالرحى حتى أثر في يدها، واستقت بالقربة حتى أثر في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم خدم فقلت: لو أتيت أباك فسألتيه خادماً، فأتته فوجدت حداثاً، فرجعت، فأتاها من الغد فقال: ما كان حاجتك؟ فسكتت فقلت: أنا أحدثك يا رسول الله جرت بالرحى حتى أثرت في يدها، وحملت بالقربة حتى أثرت في نحرها، فلما أن جاءك الخدم أمرتها أن تأتيك فتستخدمك خادماً يقيها حر ما هي فيه قال: اتق الله يا فاطمة، وأدي فريضة ربك، واعملي عمل أهلك، فإذا أخذت مضجعك فسبحي ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، فتلك مائة فهي خير لك من خادم قالت: رضيت عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم) ] . أورد المصنف رحمه الله حديث علي رضي الله عنه وأرضاه أن فاطمة رضي الله عنها حصل لها شيء من التعب والنصب في عملها في البيت، حيث قد حصل ليديها التأثر من الطحن بلرحى، ولنحرها من الاستقاء بالقربة، واغبرت ثيابها من الكنس، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه سبي، فأمر فاطمة أن تذهب لتطلب منه أن يعطيها خادماً، فذهبت ووجدت عنده حداثاً -أي: أناساً يتحدثون- فرجعت، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليها في منزلها، وسألها عن حاجتها التي جاءت من أجلها، فاستحيت وسكتت، فأخبره علي رضي الله عنه بخبرها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدها عند نومها أن تحمد الله عز وجل ثلاثاً وثلاثين، وتسبح الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين، فذلك خير لها من خادم، فرضيت بما أخبرها به رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، ولكن ما يتعلق بالأمر بالتسبيح والتحميد والتكبير عند النوم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: (وكانت من أحب أهله إليه) . أي: إلى رسول صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (اتقي الله يا فاطمة) قوله: [حدثنا يحيى بن خلف] . يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [حدثنا عبد الأعلى] . عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد -يعني الجريري -] . سعيد الجريري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي الورد] . وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي. [عن ابن أعبد] . هو علي بن أعبد وهو مجهول، أخرج له أبو داود، والنسائي في مسند علي. [عن علي رضي الله عنه] . علي أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادي المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. تابع شرح حديث (اتقي الله يا فاطمة) يقول الخطابي: فيه من الفقه أن المرأة ليس لها أن تطالب زوجها بخادم كما لها أن تطالبه بالنفقة والكسوة، وإنما لها عليه أن يكفيها الخدمة، وقوله الأخير غير واضح، فالخدمة في البيت تقوم بها المرأة، وهذا هو الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة في هذا الحديث، والنساء في البيوت يقمن بما يتعلق بالبيوت من إعداد الطعام وتربية الأولاد، وإذا كانت هناك حاجة وضرورة تلجئ إلى خادم فينبغي له أن يحقق لها ما تريد، والقيام بشئون البيت هو من الأمور اللازمة على المرأة، والتي يتعين عليها أن تقوم بها. والشاهد من الحديث للترجمة كونها طلبت من هذا السبي خادماً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم يعطها لقوله في الحديث المتقدم: (سبقكن يتامى بدر) فهو يقدم من يكون أشد حاجة، وقد أرشدها إلى شيء يحقق لها ما تريد، ويحصل لها بذلك العون والإعانة من الله عز وجل. وقد تكون طلبت من الحق أكثر مما لها من الفيء. طريق أخرى لحديث (اتقي الله يا فاطمة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن علي بن الحسين بهذه القصة قال: (ولم يخدمها) ] . أورد المصنف طريقاً آخر للحديث المتقدم، وفيه: (ولم يخدمها) يعني: ما حقق رغبتها، ولكنه علمها شيئاً يكون به قوة لها، وذلك خير لها من خادم، والحديث رجاله ثقات، ولكنه فيه انقطاع بين علي بن الحسين وعلي؛ لأن روايته عنه مرسلة. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث (اتقي الله يا فاطمة) قوله: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي] . أحمد بن محمد المروزي ثقة، أخرج له أبو داود. [حدثنا عبد الرزاق] . عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر] . معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري] . محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن علي بن الحسين] . علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [بهذه القصة] . يعني: بالقصة التي تقدمت في إسناد الحديث السابق، وهذا الإسناد لا يقوي الذي قبله؛ لانقطاعه، ولكن قضية التكبير والتحميد والتسبيح ثابتة. شرح حديث (لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عنبسة بن عبد الواحد القرشي قال: أبو جعفر -يعني ابن عيسى: - كنا نقول: إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من الموالي قال: حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة عن هلال بن سراج بن مجاعة عن أبيه عن جده مجاعة رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو سدوس من بني ذهل، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك، ولكن سأعطيك منه عقبى، فكتب له النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل، فأخذ طائفة منها وأسلمت بنو ذهل، فطلبها بعد مجاعة إلى أبي بكر رضي الله عنه، وأتاه بكتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكتب له أبو بكر باثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة: أربعة آلاف براً، وأربعة آلاف شعيراً، وأربعة آلاف تمراً، وكان في كتاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ مجاعة: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي لـ مجاعة بن مرارة من بني سلمى: إني أعطيته مائة من الإبل من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل عقبة من أخيه) ] . أورد أبو داود هذا الحديث عن مجاعة بن مرارة رضي الله تعالى عنه: (أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب دية أخيه قتلته بنو ذهل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت جاعلاً لمشرك دية لجعلتها لأخيك، ولكن سأعطيك عقبى) أي: يعوضه عن هذه الدية من أول خمس يخرج من مشركي بني ذهل، وهم هؤلاء الذين قتلوا أخاه، وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث للترجمة: أنه أعطاه من الخمس ما يقابل دية أخيه عقبى، أي: عوضاً عن الدية، فأراد أن يعطيه هذا تأليفاً له ولقومه، والخمس يصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يراه. فأخذ طائفة منها ثم إنها أسلمت تلك القبيلة التي وعده بأن يعطيه من خمسها، فجاء إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه اثني عشر ألف صاع من صدقة اليمامة مجزأة: أربعة آلاف بر، وأربعة آلاف شعير، وأربعة آلاف تمر. والحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه من هم مقبولون، يعني: لا تصح روايتهم إلا عند المتابعة، ولم يرو لهم إلا أبو داود، ولا توجد متابعة لهم، فالحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث (لو كنت جاعلاً لمشرك دية جعلت لأخيك) قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] . محمد بن عيسى الطباع، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة. [حدثنا عنبسة بن عبد الواحد] . عنبسة بن عبد الواحد، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود. قال محمد بن عيسى تلميذه: كنا نعده من الأبدال قبل أن نعلم أن الأبدال من الموالي. الأبدال وردت فيهم أحاديث ضعيفة غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: هم ثلاثون أو أربعون من الموالي، وكل هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي ثبت: (إن الله تعالى يبعث في كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد دينها) ، وأما ذكر الأبدال فلم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: كنا نعده من الأبدال قبل أن نعلم أنه من الموالي قيل: إن المقصود بالموالي هنا الأسياد والمقدمون، يعني كنا نعده من الموالي قبل أن نعلم أنه من الموالي، أي: قبل أن نعرف نسبه وأنه من قريش، وأنه ذو نسب رفيع. وقيل: المقصود بالموالي: غير العرب، وهذا كما في صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه: أنه كان له أمير على مكة، فجاء الأمير إلى عمر فقال له: من وليت على أهل مكة؟ قال: وليت عليهم ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: رجل من الموالي، قال: وليت عليهم مولى؟! قال: يا أمير المؤمنين! إنه عالم بكتاب الله، عارف بالفرائض، فقال رضي لله تعالى عنه: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين) . [حدثني الدخيل بن إياس بن نوح بن مجاعة] . هو مستور بمعنى: مجهول الحال، أخرج له أبو داود. [عن هلال بن سراج بن مجاعة] . هلال بن سراج بن مجاعة مقبول، أخرج له أبو داود. [عن أبيه] . قيل: له رؤية، أخرج له أبو داود. [عن جده مجاعة] . مجاعة صحابي، أخرج له أبو داود. فهؤلاء الأربعة كلهم أخرج لهم أبو داود، وأحدهم مستور، والثاني مقبول، والمستور هو مجهول الحال، وعلى هذا فالحديث غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. الأسئلة التسبيح بعد الفريضة السؤال قوله صلى الله عليه وسلم: (على إثر كل صلاة) هل المراد الفرض أو النفل؟ الجواب هذا الذكر يؤتى به بعد الفرائض وليس بعد النوافل. جواز التسمي بعبد المطلب السؤال لماذا استثني عبد المطلب من تحريم التعبيد لغير الله؟ الجواب الذي يظهر -والله أعلم- أن الأسماء التي غيرها النبي صلى الله عليه وسلم كانت غالباً معبدة للأصنام، مثل عبد العزى، فغيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما هذا فما غيره؛ لأنه ليس فيه تعبيد لصنم، ولكن الأولى عدم التسمية به، وإن كانت التسمية به جائزة. التعفف عن الزكاة مع الحاجة إليها الجواب إذا كان محتاجاً إليها وليست محرمة عليه فله أن يأخذها، ولكن آل البيت الله تعالى شرفهم، وجعل لهم هذه المنزلة، وقد عوضوا عنها بشيء يخصهم وهو إعطاؤهم من الخمس سهم ذي القربى؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إذا لم يعطوا من الخمس، وكانوا بحاجة إلى الصدقة؛ فإن لهم أن يأخذوها؛ لأن الشيء الذي منعوا منها بسببه غير موجود فلهم أن يأخذوها عند الضرورة أو الحاجة. حكم بيع العطور النسائية في بلد أكثر نسائه متبرجات السؤال ما حكم بيع عطور النساء في بلد النساء فيه أكثرهن متبرجات؟ الجواب بيع الطيب سائغ، وكون المرأة تفعله على وجه محرم فإن هذا شيء آخر، والإنسان له أن يبيع الشيء الذي يجوز بيعه، ولا يمنع من بيع الشيء الذي أحل الله تعالى بيعه. حكم من زوج أولاده واعتبر ذلك ديناً عليهم السؤال أب زوج بعض أبنائه، وكان يعتبر ما أعطاهم من مال دين عليهم، فهل له أن يسامح بعضهم، علماً بأن بعضهم قد سدد ما عليه من دين؟ الجواب كان ينبغي له ألا يجعل ذلك ديناً، وإنما يجعل ذلك إحساناً منه عليهم. حكم الزواج بفتاة لا يرغب فيها الأب السؤال أريد امرأة للزواج، ولكن أبي رفض ذلك؛ لأنه لا يحب هذه المرأة، فما قولكم؟ الجواب اجتهد في تحسين العلاقة بينك وبين أبيك، وإذا كانت هذه المرأة دينة ومستقيمة وهي صالحة لك فاحرص على إقناعه وإرضائه.
__________________
|
#595
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [352] الحلقة (384) شرح سنن أبي داود [352] كان للنبي عليه الصلاة والسلام سهم يدعى الصفي، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً، يختاره من رأس الغنيمة قبل أن تخمس، وكان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد المعركة، وهذا حق له أعطاه الله إياه عليه أفضل الصلاة والتسليم. سهم الصفي شرح أثر الشعبي: (كان للنبي عليه الصلاة والسلام سهم يدعى الصفي) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في سهم الصفي. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن مطرف عن عامر الشعبي أنه قال: (كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سهم يدعى الصفي، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس) ] . أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة: باب في سهم الصفي، والمقصود بسهم الصفي: أنه شيء للنبي صلى الله عليه وسلم يختص به، يأخذه من الغنيمة قبل أن تقسم، إن شاء فرساً، وإن شاء سيفاً، وإن شاء عبداً أو أمة، هذا يقال له: الصفي، ومعناه: أنه يصطفيه. وقد سبق باب صفايا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأموال، وكان يتعلق بالأراضي، وهذا يتعلق بالأشياء المنقولة. وقد أورد المصنف أثراً عن عامر بن شراحيل الشعبي أنه قال: (كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي، إن شاء عبداً، وإن شاء أمة، وإن شاء فرساً يختاره قبل الخمس) ، يعني: من أصل الغنيمة، ثم بعد ذلك تخمس الغنيمة، وهذا الحديث مرسل؛ لأن عامر الشعبي من التابعين، وقد أخبر بشيء حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو غير متصل بل منقطع، والمرسل غير حجة؛ لأنه يحتمل أن يكون الساقط صحابياً أو تابعياً، وعلى فرض أنه تابعي يحتمل أن يكون ضعيفاً أو يكون ثقة، فلأجل احتمال كونه تابعياً ضعيفاً رد المرسل، ولو كان الساقط صحابياً لم يذكر اسمه فلا إشكال؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ ولكن الإشكال في احتمال أن يكون من غيرهم، وهو إما أن يكون ثقة وإما أن يكون ضعيفاً، فهذا هو الذي يؤثر في الحديث. تراجم رجال إسناد أثر الشعبي: (كان للنبي عليه الصلاة والسلام سهم يدعى الصفي) قوله: [حدثنا محمد بن كثير] . هو محمد بن كثير العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا سفيان] . هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مطرف] . هو مطرف بن طريف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عامر الشعبي] . هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح أثر محمد بن سيرين: (كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم وأزهر قالا: حدثنا ابن عون قال: سألت محمداً عن سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصفي قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء] . أورد المصنف هذا الأثر عن محمد بن سيرين وهو قريب من معنى أثر عامر بن شراحيل، يقول ابن عون: سألت محمداً عن سهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصفي قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد، أي: وإن لم يشهد الغزوة؛ وذلك لأن الله عز وجل قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال:41] ، ففيه حق للرسول صلى الله عليه وسلم شهد أو لم يشهد، وكذلك ذوو القربى لهم حق سواء شهدوا أو لم يشهدوا. قوله: (والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء) يعني: أنه يؤخذ من الخمس، وليس من أصل الغنيمة. تراجم رجال إسناد أثر محمد بن سيرين: (كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد) قوله: [حدثنا محمد بن بشار] . محمد بن بشار هو الملقب بـ بندار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة، وهو من صغار شيوخ البخاري الذين روى عنهم البخاري، وكانت وفاته قبل وفاة البخاري بأربع سنوات، فـ البخاري توفي سنة (256) ، ومحمد بن بشار توفي سنة (252) ، ومثله في الوفاة في هذه السنة، وكونه من شيوخ أصحاب الكتب الستة: محمد بن المثنى، وكذلك يعقوب بن إبراهيم الدورقي، فهؤلاء الثلاثة من شيوخ أصحاب الكتب الستة وماتوا في سنة واحدة، وهي سنة (252) . [حدثنا أبو عاصم] . هو الضحاك بن مخلد النبيل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وأزهر] . هو أزهر بن سعد السمان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [حدثنا ابن عون] . هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [سألت محمداً] . هو محمد بن سيرين وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا الأثر مثل الذي قبله، فالإسناد صحيح إلى عامر وإلى محمد بن سيرين، ولكن كل منهما مرسل. شرح أثر قتادة: (كان رسول الله إذا غزا كان له سهم صاف) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمود بن خالد السلمي حدثنا عمر -يعني ابن عبد الواحد - عن سعيد -يعني ابن بشير - عن قتادة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاءه، فكانت صفية رضي الله عنها من ذلك السهم، وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه ولم يخير] . أورد أبو داود أثراً عن قتادة، وهو مرسل أيضاً كالذي قبله، إلا أن الإسناد إليه فيه من هو ضعيف. قوله: (كان إذا غزا كان له سهم صاف) أي: خالص له، يأخذه من حيث شاء، سواء كان فرساً أو عبداً أو أمة، وكانت صفية رضي الله عنها من ذلك السهم، أي: كانت من الصفي. قوله: (وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه ولم يخير) ، أي: أن هذا صفي يأخذه إذا حضر، وأما إذا لم يحضر فإن له سهمه الذي هو خمس الخمس، ولم يخير، وفي بعض الروايات: ولم يختر، أي: لم يكن له شيء يختاره من الصفي كما لو كان حاضراً. والوالي لا يحل محل النبي صلى الله عليه وسلم، فليس له أن يصطفي، فهذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، سواء في الصفايا الثابتة كالأراضي، أو المنقولة كالعبيد والسيوف ونحوها، لكن للوالي أجرته على عمالته، فيأخذ الخليفة رزقه من الفيء بقدر ما يقيت نفسه وأهله، وليس له أن يختار شيئاً يختص به كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يختص بالصفايا. تراجم رجال إسناد أثر قتادة: (كان رسول الله إذا غزا كان له سهم صاف) قوله: [حدثنا محمود بن خالد السلمي] . محمود بن خالد السلمي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [حدثنا عمر -يعني ابن عبد الواحد -] . عمر بن عبد الواحد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن سعيد -يعني ابن بشير -] . هو سعيد بن بشير الدمشقي، وهو ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [عن قتادة] . هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. شرح أثر عائشة: (كانت صفية من الصفي) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت صفية رضي الله عنها من الصفي) ] . أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كانت صفية من الصفي) أي: مما أصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم واختص به. تراجم رجال إسناد أثر عائشة: (كانت صفية من الصفي) قوله: [حدثنا نصر بن علي] . هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو أحمد] . هو محمد بن عبد الله الزبيري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد قال الحافظ: ثقة يخطئ في حديث الثوري، وهنا يروي عن الثوري. [أخبرنا سفيان] . هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن هشام بن عروة] . هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه] . هو عروة بن الزبير، وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة] . عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث اصطفاء رسول الله لصفية يوم خيبر قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سعيد بن منصور حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (قدمنا خيبر فلما فتح الله تعالى الحصن ذكر له جمال صفية بنت حيي رضي الله عنها، وقد قتل زوجها وكانت عروساً، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنفسه، فخرج بها حتى بلغنا سد الصهباء حلت فبنى بها) ] . أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه لما فتحت خيبر اصطفى الرسول صلى الله عليه وسلم صفية، وكان زوجها قتل يوم خيبر، وهي حديثة عهد بعرس، ولما بلغوا مكاناً في الطريق يقال له: سد الصهباء حلت -أي: طهرت من حيضة- بنى بها؛ لأن الأمة تستبرأ بحيضة، وليس لها عدة لحق الزوج، وإنما تستبرأ بحيضة حتى يعرف أنها غير حامل، فلما طهرت من الحيض دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. تراجم رجال إسناد حديث اصطفاء رسول الله لصفية يوم خيبر قوله: [حدثنا سعيد بن منصور] . سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري] . يعقوب بن عبد الرحمن الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [عن عمرو بن أبي عمرو] . عمرو بن أبي عمرو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس بن مالك] . أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من رباعيات أبي داود التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود. شرح حديث: (صارت صفية لدحية ثم لرسول الله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (صارت صفية رضي الله عنها لـ دحية الكلبي رضي الله عنه ثم صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم) ] . أورد المصنف حديث أنس بن مالك أن صفية كانت لـ دحية بن خليفة الكلبي، وأنها بعد ذلك صارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن دحية طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أمة، فأمره أن يأخذ واحدة، فاختار صفية، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تصلح إلا له، فأمر دحية أن يتركها ويأخذ غيرها، فاصطفاها رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، وصارت من أمهات المؤمنين، حيث أعتقها وجعل عتقها صداقها رضي الله عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث: (صارت صفية لدحية ثم لرسول الله) قوله: [حدثنا مسدد] . هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثنا حماد بن زيد] . حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد العزيز بن صهيب] . عبد العزيز بن صهيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس بن مالك] . أنس بن مالك رضي الله عنه مر ذكره، وهذا أيضاً إسناده رباعي. شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن خلاد الباهلي حدثنا بهز بن أسد حدثنا حماد أخبرنا ثابت عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (وقع في سهم دحية رضي الله عنه جارية جميلة، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بسبعة أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها -قال حماد: وأحسبه قال:- وتعتد في بيتها: صفية بنت حيي) ] . أورد المصنف حديثاً عن أنس أن صفية كانت في سهم دحية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أذن له أن يأخذ جارية من السبي، فأخذها، ثم اشتراها منه بسبعة أرؤس، قيل: ليس المقصود هو الشراء، ولكنه أمره أن يتركها ويأخذ مكانها، فزاده حتى بلغ ما أعطاه بدلها سبعة أرؤس ليرضيه عن تلك التي أخذها، وليس معنى ذلك أنه ملكها ثم اشتراها منه، وإنما أمره أن يتركها وعوضه مكانها، ولكنه زاده على المقدار الذي حصل له من قبل وهو الواحدة. قوله: [(ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها)] . أم سليم هي أم أنس، ومعنى تهيئها: أن تعدها لأن يدخل عليها صلى الله عليه وسلم، وقوله: (وتعتد في بيتها) المقصود به الخباء؛ لأنهم كانوا مسافرين، فأمرها أن تكون معها مرافقة لها، وتكون معها في خبائها حتى تطهر من الحيض، وهو استبراء للرحم، وليس عدة؛ لأن المرأة لا عدة عليها من زوجها الكافر، وإنما تستبرأ بحيضة حتى يطمأن أن رحمها بريء من الحمل، وهذا شأن الإماء إذا سبين، فإنهن يستبرأن بحيضة، ولا علاقة لأزواجهن بهن، سواء كانوا أحياء أو أمواتاً، والله عز وجل يقول: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء:24] أي: ذوات الأزواج لا يحل لكم نكاحهن، ولكن يستثنى من ذلك الإماء، فإنهن يحللن لكم وإن كن ذوات أزواج، فإنه لا علاقة لأزواجهن بهن بعد أن سبين، فالفراق يحصل بسبيهن، ولكن الذي يجب هو استبراء أرحامهن، فتستبرأ الأمة بحيضة حتى يعلم براءة رحمها من أن يكون فيه ولد. تراجم رجال إسناد حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى صفية بسبعة أرؤس من دحية قوله: [حدثنا محمد بن خلاد الباهلي] . محمد بن خلاد الباهلي ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [حدثنا بهز بن أسد] . هو بهز بن أسد العمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد] . هو حماد بن سلمة، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [أخبرنا ثابت عن أنس] . هو ثابت بن أسلم البناني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأنس بن مالك مر ذكره. شرح حديث: (جمع السبي بخيبر فجاء دحية) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا داود بن معاذ حدثنا عبد الوارث ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم المعنى قال: حدثنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس رضي الله عنه قال: (جمع السبي -يعني بخيبر- فجاء دحية رضي الله عنه فقال: يا رسول الله! أعطني جارية من السبي، قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي رضي الله عنها، فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا نبي الله! أعطيت دحية -قال يعقوب:- صفية بنت حيي سيدة قريظة والنضير! -ثم اتفقا- ما تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها، فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: خذ جارية من السبي غيرها، وإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعتقها وتزوجها) ] . أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه لما جمع السبي طلب دحية بن خليفة جارية، فقال: (خذ جارية) ، فأخذ صفية، ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها شريفة في قومها، وأنها لا تصلح إلا له، فجاء بها، وقال لـ دحية: (خذ غيرها) ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وجعل عتقها صداقها، وكانت من أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها. تراجم رجال إسناد حديث: (جمع السبي بخيبر فجاء دحية) قوله: [حدثنا داود بن معاذ] . داود بن معاذ ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي. [حدثنا عبد الوارث] . هو عبد الوارث بن سعيد العنبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم] . ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ثقة، وهو الذي ذكرت قريباً أنه من صغار شيوخ البخاري، وأنه شيخ لأصحاب الكتب الستة، وأنه مات هو وبندار ومحمد بن المثنى في سنة واحدة، وهي سنة اثنتين وخمسين ومائتين. [حدثنا ابن علية] . هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، المشهور بـ ابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد العزيز عن أنس] . قد مر ذكرهما، وهذا الإسناد من الرباعيات؛ لأن الطريقين فيهما رجلان ثم يلتقيان عند عبد العزيز بن صهيب عن أنس. شرح حديث كتاب رسول الله إلى بني زهير بن أقيش قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا قرة قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: (كنا بالمربد، فجاء رجل أشعث الرأس بيده قطعة أديم أحمر فقلنا: كأنك من أهل البادية؟ فقال: أجل، قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم التي في يدك، فناولناها فقرأناها فإذا فيها: من محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بني زهير بن أقيش، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسهم الصفي؛ أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا: من كتب لك هذا الكتاب؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) ] . أورد أبو داود هذا الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنه النمر بن تولب رضي الله تعالى عنه، وهو عن يزيد بن عبد الله بن الشخير قال: (كنا في المربد) وهو موضع في البصرة. قوله: [(كأنك من أهل البادية)] . يعني: لكونه أشعث الرأس. قوله: [(قلنا: ناولنا هذه القطعة الأديم)] . الأديم هو الجلد، وكان مكتوباً عليها هذا النص من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جماعة من العرب. والشاهد منه: ما جاء في آخره من ذكر الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم من الصفي، وهذا يشبه ما جاء في حديث وفد عبد القيس الذي فيه: (وأن تؤدوا خمس ما غنمتم) ، وفيه أيضاً ذكر الصفي، وهو محل الشاهد للترجمة. تراجم رجال إسناد حديث كتاب رسول الله إلى بني زهير بن أقيش قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم] . هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو أكبر شيخ روى عنه أبو داود؛ لأنه توفي سنة اثنتين وعشرين ومائتين وهو من صغار التاسعة، وقد أدرك قرة بن خالد وهو من السادسة، ومسلم بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا قرة] . هو قرة بن خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [سمعت يزيد بن عبد الله عن رجل] . هو يزيد بن عبد الله بن الشخير، وهو أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا الرجل قيل: إنه النمر بن تولب، وهو صحابي، أخرج له أبو داود والنسائي. الأسئلة حكم الاهتزاز عند تلاوة القرآن السؤال إذا كان من عادة اليهود الاهتزاز وقت تلاوة التوراة، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم؛ فما حكم من يفعل ذلك عند قراءة القرآن؟ الجواب لاشك أن هذا من التكلف، وبعض الناس يتحرك من أجل أن يحصل في الصوت شيء من الترجيع بسبب هذه الحركة، كما يحصل من بعض المتكلفين في القراءة حيث يجعل يديه في أذنيه عندما يقرأ، ويحرك رأسه يميناً ويساراً، والذين حوله يقولون: الله الله! يعني: تعجبهم هذه القراءة. أما القول بأن الاهتزاز من فعل اليهود فليس هذا حديثاً ولا أثراً عن الصحابة، وإنما هو قول بعض العلماء، لكن إذا ثبت أن هذا من عادتهم، وأن هذا موجود فيهم، ونقله من يعرف أحوالهم؛ فلا شك أنه يكون فيه تشبه بهم. المجددون لهذا الدين السؤال يبعث الله في رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، فهل هو واحد أو أكثر؛ لأن بعض الناس يقول: يبعث الله مجددين في الفقه، ومجددين في العقيدة، ومجددين في غير ذلك؟ الجواب لفظ الحديث عام، فيمكن أن يكون المجددون عدداً أو واحداً، وبيان أمور الدين سواء فيما يتعلق بالتفسير أو فيما يتعلق بالحديث أو فيما يتعلق بالفقه لا شك أنه كله من بيان الحق، ومن نشر الحق وإظهاره. حكم طلاق الحائض السؤال هل يقع الطلاق على من طلق زوجته وهي حائض أو نفساء أو في طهر جامعها فيه؟ الجواب يقع الطلاق. حكم الطلاق ثلاثاً السؤال من قال لزوجته: أنت طالق ثلاثاً، فهل تعتبر واحدة؟ الجواب إذا كان بهذا اللفظ: أنت طالق ثلاثاً، فتعتبر واحدة؛ لحديث ابن عباس. حكم التغني بالقرآن السؤال ما حكم من تغنى بالقرآن؟ الجواب إذا كان المقصود التغني الذي جاء في الحديث -وهو القراءة المجودة بدون تكلف- فهذا محمود، وأما إذا كان المقصود أن يجعله من باب الغناء؛ فهذا لا يجوز، وفاعله على خطر. حكم الاقتباس من القرآن في الشعر السؤال ما حكم الاقتباس من القرآن في الشعر؟ الجواب إذا كان فيه استهزاء فلاشك أنه كفر، أما أن يأتي بكلمات من القرآن في ضمن الشعر فلا بأس. حكم الكذب لأجل الدعوة السؤال ما رأيكم فيمن يقول: الكذب جائز لأجل الدعوة؛ قياساً على الإصلاح بين الاثنين إذا تنازعا؟ الجواب الكذب يؤثر في قبول الدعوة، وإذا عرف عن الداعية الكذب فلا يطمأن إلى دعوته. حكم إزالة الشعر من الوجنتين السؤال هل يجوز للرجل الذي في وجهه شعر كثير حتى في وجنتيه زيادة على اللحية أن يزيله؟ الجواب على الإنسان ألا يجعل الموس يقرب من وجهه؛ لأنه إذا قربه إلى وجهه قضى على كل الشعر. الدعاء لإمام المسلمين السؤال هل صح عن أحد من العلماء أنه قال: لو علمت أن لي دعوة مستجابة لجعلتها للإمام؟ الجواب جاء هذا عن الإمام أحمد والفضيل بن عياض، فكل منهما قال: لو كان لي دعوة مستجابة لجعلتها للسلطان؛ وذلك لأن السلطان إذا صلح صلحت الرعية، وكان في صلاحه الخير الكثير، من جهة نصره الحق، والقضاء على الأمور المنكرة، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب الحسبة.
__________________
|
#596
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود [353] اليهود هم من غضب الله عليهم لخبث قلوبهم، وفساد أعمالهم، وقد عاملهم نبي الرحمة بالحسنى عندما هاجر إلى المدينة، ولكنهم قلبوا له الأمور، ونقضوا العهود والمواثيق، فكان جزاؤهم أن قتل بعضهم وأخرج بعضهم من المدينة، وما ظلمهم ولكن هم الذين ظلموا أنفسهم. إخراج اليهود من المدينة شرح حديث كتابة النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المسلمين واليهود في المدينة قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة؟ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه -وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم- (كان كعب بن الأشرف يهجو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويحرض عليه كفار قريش، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين قدم المدينة وأهلها أخلاط منهم المسلمون والمشركون يعبدون الأوثان، واليهود، وكانوا يؤذون النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، فأمر الله عز وجل نبيه بالصبر والعفو، ففيهم أنزل الله: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [آل عمران:186] الآية. فلما أبى كعب بن الأشرف أن ينزع عن أذى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم سعد بن معاذ رضي الله تعالى أن يبعث رهطاً يقتلونه، فبعث محمد بن مسلمة رضي الله عنه، وذكر قصة قتله، فلما قتلوه فزعت اليهود والمشركون، فغدوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: طرق صاحبنا فقتل، فذكر لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يقول، ودعاهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبينهم وبين المسلمين عامةً صحيفة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة؟ أي: الكيفية التي حصل بها إخراجهم، ومعلوم أنهم قد أجلوا من المدينة، ومنهم من ذهب إلى خيبر، ومنهم من ذهب إلى الشام. وقد أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله تعالى عنه، وكان أحد الثلاثة الذي تيب عليهم أي: الذين خلفوا في غزوة تبوك، وأنزل الله تعالى فيهم قرآناً يتلى بعد أن ذكر توبته على المهاجرين والأنصار {الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ} [التوبة:117] ذكر التوبة على الثلاثة الذين خلفوا وهم: كعب بن مالك وصاحباه، ولم يكونوا منافقين ولا معذورين، فهجرهم النبي صلى الله عليه وسلم خمسين ليلة، وأنزل الله عز وجل توبته عليهم، وقد نجاهم الله تعالى بالصدق، وأنزل الله عز وجل فيهم الآية: {وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة:118] ، وبعدها قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة:119] أي: كونوا مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هم صادقون، والذين نجاهم الله تعالى بالصدق. ذكر كعب بن مالك أن كعب بن الأشرف -وهو من كبار اليهود في المدينة من بني النضير- كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال لـ سعد بن معاذ سيد الأوس: (ابعث من يقتل كعب بن الأشرف) ؛ وذلك لإيذائه الرسول صلى الله عليه وسلم وسبه، فأرسل محمد بن مسلمة وقتله، وقد مر في كتاب الجهاد قصة قتله. والرسول صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان فيها أخلاط من أهل الكتاب من اليهود وهم من بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، والمسلمون من الأوس والخزرج، والمشركون الذين بقوا على شركهم وعلى عبادتهم للأوثان، وكانوا متمالئين مع اليهود، وأنزل الله عز وجل فيهم: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [آل عمران:186] ، وأمر الله عز وجل نبيه أن يصبر، وبعد أن قتل كعب بن الأشرف جاء اليهود إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام وقالوا: إنه طرق صاحبنا -أي: طرق بليل- وقتل، فأراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكتب بينه وبينهم عهداً يلتزمون به، وينتهون إلى ما كتب فيه، ويعتمدونه، فكتب صحيفة صلح بين المسلمين وبينهم، ولكنهم بعد ذلك نقضوا العهد، وأرادوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم بإلقاء صخرة عليه وهو جالس تحت جدار، وبعد ذلك حصل إجلاؤهم من المدينة. وهذا بالنسبة لبني النضير، وأما بنو قريظة فإنهم بقوا على العهد حتى جاء الأحزاب من مكة وغيرها لقتال الرسول صلى الله عليه وسلم، فصاروا معهم، فنقضوا بذلك العهد، ولما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ذهب إلى بني قريظة. وأما بنو قينقاع فإنهم أول من أُخرج من المدينة قبل بني النضير وقبل بني قريظة. تراجم رجال إسناد حديث كتابة النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً بين المسلمين واليهود في المدينة قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس] . محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [أن الحكم بن نافع حدثهم] . هو أبو اليمان الحكم بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا شعيب] . شعيب بن أبي حمزة الحمصي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري] . هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الرحمن] . عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [عن أبيه] . أي: عن جده كعب بن مالك، وهو الذي تيب عليه، وأما عبد الله والد عبد الرحمن بن كعب فإنه تابعي وليس بصحابي، وعبد الرحمن روى عن جده كما روى عن أبيه، ورواية أبيه تكون مرسلة، ولكنه هنا قال: وكان من الذين تيب عليهم، فالمقصود به الجد الذي هو كعب بن مالك، فالرواية إنما هي عن الجد كعب بن مالك، والجد يقال له: أب. وكعب بن مالك رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث: (يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مصرف بن عمرو الأيامي حدثنا يونس -يعني ابن بكير - حدثنا محمد بن إسحاق حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قريشاً يوم بدر وقدم المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع، فقال: يا معشر يهود! أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً، قالوا: يا محمد! لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس، وأنك لم تلق مثلنا، فأنزل الله عزوجل في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران:12] ، قرأ مصرف إلى قوله: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران:13] ببدر (وَأُخْرَى كَافِرَةٌ [آل عمران:13] ) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قصة اليهود، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قاتل المشركين في بدر ونصره الله عز وجل عليهم جمع اليهود في سوق بني قينقاع، وهم طائفة من اليهود، ومنهم عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، وقال لهم: (أسلموا قبل أن يصيبكم مثلما أصاب قريشاً) فقالوا: يا محمد! لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفراً من قريش كانوا أغماراً لا يعرفون القتال، يعني: ليس عندهم خبرة ومعرفة في الحروب، إنك إن قاتلتنا لعرفت أننا الناس، أي: الذين لا يوقف في وجوهنا، وتحصل منا النكاية بمن يقاتلنا. فأنزل الله عز وجل في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمران:12] . قوله: [(قرأ مصرف إلى قوله: {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران:13] ببدر)]. هذا تفسير للآية، وأن المقصود بذلك ما حصل بين المسلمين وكفار قريش في بدر. وهذا الحديث غير ثابت؛ لأن في إسناده رجلاً مجهولاً وهو محمد بن أبي محمد. تراجم رجال إسناد حديث: (يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم مثل ما أصاب قريشاً) قوله: [حدثنا مصرف بن عمرو الأيامي] . مصرف بن عمرو الأيامي ثقة، أخرج له أبو داود. [حدثنا يونس يعني ابن بكير] . يونس بن بكير وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [حدثنا محمد بن إسحاق] . محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [حدثني محمد بن أبي محمد] . محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت وهو مجهول، أخرج له أبو داود. [عن سعيد بن جبير وعكرمة] . سعيد بن جبير وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعكرمة هو مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عباس] . عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مصرف بن عمرو حدثنا يونس قال ابن إسحاق: حدثني مولى لـ زيد بن ثابت قال: حدثتني ابنة محيصة عن أبيها محيصة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه، فوثب محيصة على شبيبة رجل من تجار يهود كان يلابسهم فقتله، وكان حويصة إذ ذاك لم يسلم، وكان أسن من محيصة، فلما قتله جعل حويصة يضربه ويقول: يا عدو الله! أما والله لرب شحم في بطنك من ماله) ] . أورد أبو داود حديث محيصة بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) ، فوثب محيصة إلى رجل من اليهود من تجارهم يقال له: شبيبة فقتله، وكان حويصة أخوه لم يسلم، وكان أكبر من محيصة، فجعل يضرب أخاه الذي أسلم لأنه قتل شبيبة، ويقول: يا عدو الله! أما والله لرب شحم في بطنك من ماله. يعني: إنك أكلت منه كثيراً إما أعطاه إياه أو عن طريق الشراء، وإن جسمك نبت على شيء من ماله. وقوله: كان يلابسهم أي: يختلط بهم. وهذا الحديث أيضاً غير ثابت؛ لأن فيه ذلك الرجل المبهم الذي هو مولى زيد بن ثابت، وفيه أيضاً ابنة محيصة، وهي مجهولة لا تعرف. تراجم رجال إسناد حديث: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) قوله: [حدثنا مصرف بن عمرو عن يونس عن ابن إسحاق عن مولى لـ زيد بن ثابت عن ابنة محيصة] . ابنة محيصة قال الحافظ: لا تعرف، أخرج لها أبو داود. [عن محيصة] . محيصة رضي الله عنه، صحابي، أخرج له أصحاب السنن. شرح حديث: (يا معشر يهود أسلموا تسلموا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (بينما نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئناهم فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فناداهم فقال: يا معشر يهود! أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم! فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أسلموا تسلموا. فقالوا: قد بلغت يا أبا القاسم! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ذلك أريد، ثم قالها الثالثة: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه وإلا فاعلموا أنما الأرض لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم) ] . قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا معشر يهود! أسلموا تسلموا) يعني: إذا أسلمتم حصلت لكم السلامة، وهذا فيه ترغيب لهم في الإسلام، وأنه يحصل لهم السلامة إذا أسلموا، والنبي صلى الله عليه وسلم كان في مكاتبته للملوك يأتي بهذه العبارة، كما جاء في أول حديث هرقل: (أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وإن أبيت فإنما عليك إثم الأريسيين) ، ففيه ترغيب وترهيب، وأنه يحصل لهم بالإسلام السلام والأمن على أنفسهم وعلى أموالهم وعلى ذراريهم ونسائهم. قوله: (ذلك أريد) يعني: أنه قد أقام عليهم الحجة، وأنه قد بلغهم الشيء الذي أمر بتبليغه، وإذا حصل منه بعد ذلك عقوبة لهم من إجلاء أو قتال أو ما إلى ذلك فإنه قد سبق أن دعاهم إلى الإسلام، وأمرهم أن يسلموا لتحصل لهم السلامة. قوله: [(ثم قال الثالثة: اعلموا أنما الأرض لله ورسوله، وإني أريد أن أجليكم من هذه الأرض)] . يعني: الحكم في الأرض لله ورسوله، وهو يريد أن يجليهم منها إذا لم يسلموا. قوله: (فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه) ]. يعني: الشيء الذي يريد أن يبيعه يبيعه، والشيء الذي يريد أن ينقله معه يحمله معه. وهذا الحديث فيه ذكر أنه يريد أن يجليهم، وفيه ذكر أبي هريرة، وأبو هريرة إنما أسلم عام خيبر، وهذا يفيد بأن هذا وقع بعد خيبر، ومعلوم أن اليهود كلهم قد أجلوا قبل خيبر إلى خيبر وإلى الشام، فيحمل حديث أبي هريرة هذا على بقايا بقيت من اليهود في المدينة، وكان ذلك بعد أن رجع من خيبر؛ لأن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر. يقول الخطابي: أخذ بعضهم من هذا الحديث: أن بيع المكره في حق واجب عليه ماض لا رجوع فيه، وهذا مأخوذ من قوله: (فليبعه) ؛ لأنهم سيخرجون، وإذا أرادوا أن يبيعوا شيئاً فليبيعوه، وبيعهم ليس باختيارهم، وإنما هم مضطرون، فهذا من جنس بيع المكره. تراجم رجال إسناد حديث (يا معشر يهود أسلموا تسلموا) قوله: [حدثنا قتيبة بن سعيد] . قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا الليث] . الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد بن أبي سعيد] . سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه] وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة] . عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. خبر النضير شرح حديث (لقد بلغ وعيد قريش بكم المبالغ) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في خبر النضير. حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن كفار قريش كتبوا إلى ابن أبي ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج -ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر-: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه أو لتخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم. فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقتلوا أبناءكم وإخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وآله وسلم تفرقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولايحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء -وهي الخلاخيل-، فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبراً، حتى نلتقي بمكان المنصف، فيسمعوا منك؛ فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك، فقص خبرهم. فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكتائب فحصرهم، فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا أن يعطوه عهداً فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه فانصرف عنهم، وغدا على بني النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير، واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة أعطاه الله إياها وخصه بها فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ} [الحشر:6] يقول: بغير قتال، فأعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثرها للمهاجرين، وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار وكانا ذوي حاجة، لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي الله عنها) ]. أورد أبو داود خبر بني النضير وهم طائفة من اليهود الذين كانوا في المدينة، وفيه: أن كفار قريش كتبوا إلى المشركين وعبدة الأوثان في المدينة الذين منهم عبد الله بن أبي بن سلول كتاباً قبل غزوة بدر، أما بعد غزوة بدر ظهر النفاق، وكان من لم يدخل الإيمان في قلبه يظهر الإيمان ويبطن الكفر، وهم في الدرك الأسفل من النار، قال الله عنهم: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة:14] . وكان هذا قبل غزوة بدر، فأرادوا أن يقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن هذا كيد من قريش، وأنها تريد من وراء ذلك أن يقتلوا أقاربهم؛ لأنهم من قبيلتي الأوس والخزرج الذين كانوا في المدينة، ولكنهم كانوا يعبدون الأوثان، وفيهم من دخل في الإسلام، وفيهم من بقي على كفره. وبعد غزوة بدر ونصر الله عز وجل رسوله على كفار قريش، كتبت قريش إلى اليهود الذين في المدينة يطلبون منهم أن يقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم إن لم يقاتلوه فإنهم سيأتون إليهم ويقاتلونهم ويسبون نساءهم. قوله: [(فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون)] . أهل الحلقة يعني: أهل السلاح، وهذا ثناء عليهم لتحريضهم على قتال النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: إنها الدروع؛ لأنها تكون فيها حلق، والحصون هي: الأماكن المحصنة التي يتحصنون بها. قوله: [(وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم شيء وهي الخلاخيل)] . وهذه كناية أنه لا يحول بيننا وبين سبي نسائكم شيء، يعني: يهددونهم بأنهم سيأتون إليهم ويقاتلونهم ويسبون نساءهم. قوله: [(فلما بلغ كتابهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حبراً حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك فقص خبرهم)] . مكان المنصف يعني: في وسط الطريق بين منازلنا وبين منازلك، يعني في مكان منصف متوسط بيننا وبينك. فأجمعت بنو النضير بالغدر بالرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا الكلام من الغدر بالرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [(فقص خبرهم)] . يوجد شيء محذوف، والمعنى: علم أنهم أرادوا أن يقتلوه صلى الله عليه وسلم. قوله: [(فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالكتائب فحصرهم)] . الكتائب: جمع كتيبة، وهي الجيوش. قوله: [(فقال لهم: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدوني عليه، فأبوا)] . يعني: لا يحصل لكم الأمان إلا بعهد يكون بيني وبينكم. قوله: [(فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب)] . كأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قاتل بني النضير ذهب إلى بني قريظة حتى يجعل بينه وبينهم عهداً لئلا ينصروهم ويتعاونوا معهم على قتاله، فذهب إليهم وحصل بينه وبينهم العهد ثم رجع إلى هؤلاء فقاتلهم. قوله: [(فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء)] . يعني: حاصرهم حتى نزلوا على أنهم يجلوا عن المدينة ويخرجوا منها. قوله: [(فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها)] . أي: خرجوا وحملوا على الإبل ما تحمله من أمتعة بيوتهم وخشبها وأبوابها. قوله: [(فكان نخل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة)] . لأنه فيء، فهم نزلوا على أن يجلوا ويتركوا أرضهم، ويحملوا الشيء الذي تحمله إبلهم، وبقيت الأراضي فيئاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة يضعها حيث حيث شاء، فكان ينفق على أهله منها، والباقي يضعه في مصالح المسلمين. قوله: [(فأعطى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم)] . أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها للمهاجرين؛ لأنهم بحاجة إليها؛ لأنهم تركوا بلادهم وخرجوا من أموالهم، وصاروا عند إخوانهم ضيوفاً في المدينة، ولم يعط الأنصار شيئاً، وإنما أعطى اثنين منهم كان بهما حاجة. وهذا يفيد بأن الفيء للجميع، ولكنه قدم المهاجرين لحاجتهم، ولأنهم خرجوا من ديارهم وأموالهم، وأما الأنصار فهم في بلادهم وعندهم أموالهم. تراجم رجال إسناد حديث (لقد بلغ وعيد قريش بكم المبالغ) قوله: [حدثنا محمد بن داود بن سفيان] . محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج له أبو داود. [حدثنا عبد الرزاق] . عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر] . معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك] . الزهري مر ذكره، وعبد الرحمن بن كعب بن مالك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] . هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والمجهول منهم في حكم المعلوم. شرح حديث: (أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم، حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمنهم وأسلموا، وأجلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهود المدينة كلهم بني قينقاع وهم قوم عبد الله بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي كان بالمدينة) ] . أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير أولاً وأقر بني قريظة؛ لأنهم عقدوا عهداً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقاتل بني النضير حتى وافقوا على أن يجلوا عن المدينة، وبقيت بنو قريظة حتى جاءت الأحزاب التي تريد أن تقاتل النبي صلى الله عليه وسلم، فعند ذلك نقضت بنو قريظة العهد، وصاروا مع الأحزاب، وبعد فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من غزوة الأحزاب -وهي الخندق- أمر بأن يذهب إلى بني قريظة، وحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه، فحكم بقتل المقاتلة، وسبي الذراري والنساء، وقسم أموالهم بين المسلمين. قوله: [(حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأمنهم وأسلموا)] . يعني: بعض بني قريظة لحقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمنهم وأسلموا، فلم يحصل لهم ما حصل لإخوانهم. تراجم رجال إسناد حديث: (أن يهود النضير وقريظة حاربوا رسول الله) قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج] . ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن موسى بن عقبة] . موسى بن عقبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع] . نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عمر] . عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. الأسئلة مجددو هذا العصر السؤال من هم في نظركم مجددو هذا القرن؟ الجواب لا شك أن منهم الشيخ ابن باز رحمة الله عليه، والشيخ الألباني كذلك، والشيخ ابن عثيمين كذلك، فكل واحد منهم تنطبق عليه أوصاف المجددين. حكم الاغتيالات السؤال حادثة قتل كعب بن الأشرف، وحديث: (من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه) ، هل هو دليل على جواز الاغتيالات للكفار؟ الجواب حديث: (من ظفرتم) غير ثابت، وأما كعب بن الأشرف فإنه كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، وقتله كان بإذنه عليه الصلاة والسلام، فلا يدل على أن من أراد أن يغتال فعل، وإنما هذا يكون بأمر الإمام. التعامل مع الحزبيين السؤال هذا رجل يسأل ويقول: له أبناء عم من الإخوان المسلمين، وهم متعصبون، وقد بين لهم الحق مرات عديدة وأصروا على ما هم فيه، وسببوا له مشاكل كثيرة مع والده، حيث كادوا له حتى كاد والده أن يخرجه من البيت، ويمنعه من الذهاب إلى المسجد، ويكذبون على أبيه، فهل يذهب هذا الرجل إلى أبناء عمه ويزورهم؟ وكيف يتعامل معهم، مع العلم بأنهم يحذرون الناس منه، ويقولون: هو تكفيري وهابي؟ الجواب إذا كان ذهابه إليهم لينصحهم وليدعوهم وليستفيدوا منه فليفعل، وإذا لم يكن كذلك فإنه لا يذهب إليهم. بنو إسرائيل السؤال من هم بنو إسرائيل؟ الجواب إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ومعنى إسرائيل عبد الله، وكل من اليهود والنصارى من بني إسرائيل، وقد خوطب النصارى كما قال الله عن عيسى في سورة الصف: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} [الصف:6] . حكم وقف بعض الكتب السؤال هل للشخص أن يوقف بعض كتبه التي لا يقرأ فيها حالياً؟ الجواب له أن يوقف كتبه كلها أو بعضها، ويمكن أن يستفيد من القراءة منها بعد أن يوقفها ويكون مثل غيره، مثل عثمان رضي الله عنه عندما أوقف البئر على المسلمين وكان يشرب منها ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين. حكم لبس الكرفتة السؤال هل من التشبه بالكفار لبس الكرفته؟ الجواب لا شك أن لبسها من التشبه بالكفار، وكان يسميها الشيخ حماد رحمة الله عليه: الغل الذي يكون في الرقبة.
__________________
|
#597
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [354] الحلقة (386) شرح سنن أبي داود [354] فتح المسلمون بعض حصون خيبر عنوة، وبعضها صلحاً، وقد أقرهم النبي عليه الصلاة والسلام فيها ما شاء المسلمون؛ ليقوموا بإصلاح الأرض والنخل، ويعطوا نصف ما يخرج منها، ثم أجلاهم منها عمر رضي الله عنه. ما جاء في أرض خيبر شرح حديث: (قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في أرض خيبر. حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال: أحسبه عن نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة، ولهم ما حملت ركابهم على ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد، فغيبوا مسكاً لـ حيي بن أخطب، وقد كان قتل قبل خيبر، وكان احتمله معه يوم بني النضير حين أجليت النضير، فيه حليهم، قال: فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ سعية: أين مسك حيي بن أخطب؟ قال: أذهبته الحروب والنفقات، فوجدوا المسك، فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم، فقالوا: يا محمد! دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك، ولكم الشطر، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقاً من تمر، وعشرين وسقاً من شعير) ] . أورد أبو داود هذه الترجمة (باب ما جاء في أرض خيبر) يعني: كيف كانت وكيف آلت إلى المسلمين؟ فالرسول صلى الله عليه وسلم حينما فتحها أراد اليهود أن يبقوا فيها ليحرثوها ويعملوا فيها، ولهم النصف مقابل عملهم، والنصف الآخر يدفع للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأجابهم إلى ذلك. قوله: [(أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم)] . يعني: أنهم تحصنوا في القصور، والنخل والأرض غلب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [(فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة)] . الصفراء أي: الذهب، والبيضاء أي: الفضة، والحلقة أي: السلاح. قوله: [(ولهم ما حملت ركابهم)] . مثل ما حصل لبني النضير لما حملوا ما تحمله الإبل. قوله: [(على ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً)] . يعني: من هذه الأشياء التي هي الصفراء والبيضاء والحلقة. قوله: [(فغيبوا مسكاً لـ حيي بن أخطب)] . مسكاً أي: جلداً فيه حلي لـ حيي بن أخطب الذي قتل قبل خيبر، وكان من بني النضير الذين جلوا من المدينة. قوله: [(فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لـ سعية: أين مسك حيي بن أخطب؟ قال: أذهبته الحروب والنفقات)] . قيل: سعية هو عم حيي، والمعنى: نفد بسبب الحروب والنفقات، وبعد ذلك وجدوا الجلد وافتضح كذبهم. قوله: [(وسبى نساءهم وذراريهم وأراد أن يجليهم، فقالوا: يا محمد! دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ما بدا لك، ولكم الشطر)] . يعني: دعنا نعمل في هذه الأرض، ولنا الشطر المدة التي تريد. قوله: [(وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقاً من تمر وعشرين وسقاً من شعير)] . يعني: أنه كان ينفق على نسائه قوت السنة من هذه الغلة والثمرة التي هي من نخل وزرع أرض خيبر. وهذا الحديث فيه إثبات المساقاة والمزارعة؛ لأنهم يعملون في الزرع وفي حرث الأرض وفي سقي النخل؛ لأن المزارعة تتعلق بالأرض وزرعها، والمساقاة تتعلق بسقي الأصول التي هي النخل الموجود، فالمساقاة والمزارعة جائزة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل اليهود بهذه المعاملة، وهي شبيهة بالمضاربة المجمع عليها، وهذه مختلف فيها، ولكن الصحيح أن حكمها واحد، فالمضاربة تتعلق بالعمل بالنقود، بحيث يكون النقود من شخص والعمل من شخص، والمساقاة والمزارعة من هذا القبيل، فالأرض من شخص والعمل من شخص، ولا يجعل مقدار معين يأخذه أحد الطرفين والباقي للآخر؛ لأن هذا فيه غرر وجهالة. ولكن إذا كان بالنسبة بأن يكون لأحدهما نصف أو ثلث أو ثلثين أو ربع أو ثلاثة أرباع فهذا شيء جائز، ويشتركون في القليل والكثير منه. تراجم رجال إسناد حديث: (قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والأرض وألجأهم إلى قصرهم) قوله: [حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء] . هارون بن زيد صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [حدثنا أبي] . وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي. [حدثنا حماد بن سلمة] . حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن عبيد الله بن عمر] . عبيد الله بن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن نافع عن ابن عمر] . قد مر ذكرهما. شرح أثر إجلاء عمر ليهود خيبر قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال: (أيها الناس! إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان عامل يهود خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا، فمن كان له مال فليلحق به، فإني مخرج يهود؛ فأخرجهم) ] . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل يهود خيبر على أن يخرجهم المسلمون متى شاءوا، وعمر رضي الله عنه وأرضاه في هذا الأثر بين أنه سيخرجهم، وطلب من كل من له مال أن يلحق به حتى يأخذه منهم، وحتى يقوم بالعمل فيه بعد جلائهم من خيبر، بحيث يقوم به ويتسلمه منهم ويقوم بشئونه. وهنا عمر بين مستنده في إخراجهم، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم ما شئنا، وعمر رضي الله عنه عزم على إجلائهم، ولكنه طلب من الناس أن يتسلموا أموالهم منهم، فمن كانت له قطعة من الأرض أو بستان فإنه يلحق به ويأخذه منهم. تراجم رجال إسناد أثر إجلاء عمر ليهود خيبر قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] . أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا يعقوب بن إبراهيم] . يعقوب بن إبراهيم بن سعد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبي] . وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا ابن إسحاق] . وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [حدثني نافع] . نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عمر] . عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [عن عمر] . عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أمير المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين الهاديين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه. شرح حديث: (أقركم فيها على ذلك ما شئنا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد الليثي عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (لما افتتحت خيبر سألت يهود رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرهم على أن يعملوا على النصف مما خرج منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أقركم فيها على ذلك ما شئنا، فكانوا على ذلك، وكان التمر يقسم على السهمان من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخُمُس، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخُمُس مائة وسق تمراً، وعشرين وسقاً من شعير، فلما أراد عمر إخراج اليهود أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهن: من أحب منكن أن أقسم لها نخلاً بخرصها مائة وسق فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها، ومن الزرع مزرعة خرص عشرين وسقاً فعلنا، ومن أحب أن نعزل الذي لها في الخمس كما هو فعلنا) ] . أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما فتح خيبر طلب منه اليهود أن يقرهم على أن يعملوا في أرض المسلمين بنصف ما يخرج منها، فقال عليه الصلاة والسلام: (أقركم فيها على ذلك ما شئنا) يعني: أن تحرثوا وتقوموا بسقي الأشجار وزرع الأرض على أن لكم الشطر ولنا الشطر، وذلك المدة التي نشاء، فإذا أردنا إخراجكم فإنا نخرجكم، وقد أخرجهم عمر رضي الله عنه في زمن خلافته، وهذا هو المستند الذي استند عليه عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه. [(وكان التمر يقسم على السهمان من نصف خيبر، ويأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الخمس)] . يعني: كل من له سهم يأخذ نصيبه، والنبي صلى الله عليه وسلم له الخمس أي: خمس الخمس؛ لأنها غنيمة، فكان النصف الذي يخص المسلمين من ثمرة الأرض زرعاً وتمراً يكون للمسلمين، والباقي الذي هو النصف الثاني لليهود، ويؤخذ هذا كل سنة. قوله: [(وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطعم كل امرأة من أزواجه من الخمس مائة وسق تمراً، وعشرين وسقاً شعيراً)] . وقد مر أنه ثمانون وسقاً من التمر، وهنا قال: مائة وسق، ولعل المسألة تقريبية، وبعضهم قال هذا، وبعضهم قال هذا. قوله: [(فلما أراد عمر إخراج اليهود أرسل إلى أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهن: من أحب منكن أن أقسم لها نخلاً بخرصها مائة وسق فيكون لها أصلها وأرضها وماؤها ومن الزرع مزرعة خرص عشرين وسقاً فعلنا)] . أي: أن عمر رضي الله عنه لما أراد إجلاء اليهود شاور أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يعطى لهن من نفقة السنة، فخيرهن أن يبقين على ما كن عليه بحيث يقتطع لهن من الثمرة هذا المقدار أو أن يجعل لهن من النخل بمائة وسق تمراً، ومن الأرض خرص عشرين وسقاً بقدر ما كن يعطين من التمر والشعير. تراجم رجال إسناد حديث: (أقركم فيها على ذلك ما شئنا) قوله: [حدثنا سليمان بن داود المهري] . سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي. [أخبرنا ابن وهب] . عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني أسامة بن زيد الليثي] . أسامة بن زيد الليثي وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن نافع عن عبد الله بن عمر] . قد مر ذكرهما. شرح حديث: (غزا خيبر فأصابها عنوة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا داود بن معاذ حدثنا عبد الوارث ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم وزياد بن أيوب أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزا خيبر فأصابها عنوة، فجمع السبي) ] . أورد أبو داود حديث أنس بن مالك: (أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصابها عنوة -يعني: فتحها عنوة- فجمع السبي) ومعناه: أنه قسم على الغانمين، وهذا يدل على أن أرض خيبر فتحت عنوة، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على أن بعضها فتح صلحاً، وقال الخطابي: خيبر هي بساتين وقرى، وبعضها فتح صلحاً، وبعضها فتح عنوة، وما فتح صلحاً يكون فيئاً، وما فتح عنوة يكون غنيمة. وبعض أهل العلم قال: إنها فتحت عنوة، وكلها غنيمة، ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم عاملهم على أن يكون لهم نصفها في مقابل عملهم، ولو فتحت صلحاً لبقيت في أيديهم، ولكن الذي أعطوا منها هو مقابل عملهم، ولهذا طلبوا الإقرار والبقاء على أن يعملوا فيها ولهم الشطر، قالوا: فهذا يدل على أنها فتحت عنوة، وأن المسلمين غنموها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قسم بعضها وأبقى بعضها لنوائبه وفي المصالح التي يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرف فيها كما سيأتي في بعض الروايات. وأرض خيبر أخذت عنوة، والحصار حصل على حصونهم، ففتحت بعض الحصون، ثم نزلوا على أن يمن عليهم والذرية تسبى، ثم صاروا يعملون للمسلمين في هذه البساتين. تراجم رجال إسناد حديث: (غزا خيبر فأصابها عنوة) قوله: [حدثنا داود بن معاذ] . داود بن معاذ ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي. [حدثنا عبد الوارث] . عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا يعقوب بن إبراهيم] . يعقوب بن إبراهيم الدورقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وزياد بن أيوب] . زياد بن أيوب وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [أن إسماعيل بن إبراهيم حدثهم] . إسماعيل بن إبراهيم هو ابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد العزيز بن صهيب] . عبد العزيز بن صهيب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس] . أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذان الطريقان في الأول نزول وفي الثاني علو؛ لأن الأول إسناده خماسي، والثاني رباعي. شرح حديث: (قسم رسول الله خيبر نصفين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال: حدثنا أسد بن موسى حدثنا يحيى بن زكريا حدثني سفيان عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه قال: (قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً) ] . أورد أبو داود حديث سهل بن أبي حاتم رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم أرض خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين) وهذا يدل على ما قاله الخطابي: إن فتح خيبر منها ما هو صلح، ومنها ما هو عنوة، فالذي فتح صلحاً هو النصف الذي قسم بين المسلمين، والذي حصل عنوة هو الذي بقي لحاجة النبي صلى الله عليه وسلم ونوائبه. وابن القيم يقول: كلها فتحت عنوة، ولم يكن في أرض خيبر صلح، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قسم نصفها في مصارف الغنيمة، والنصف الثاني أبقاه لينفق منه في حاجته ونوائبه وفي المصالح العامة التي يراها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فعلى هذا التقسيم إن فتحت عنوة فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أبقى بعضها وقسم بعضها، وإن فتحت صلحاً فالذي أبقى هو ما فتح صلحاً، واعتبر من الفيء، والذي قسم هو الذي فتح عنوة. قوله: [قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر نصفين: نصفاً لنوائبه وحاجته، ونصفاً بين المسلمين، قسمها بينهم على ثمانية عشر سهماً] . يعني: النصف الذي قسمه جعله على ثمانية عشر سهماً، وكان كل سهم فيه مائة شخص، وهي قسمت على أهل الحديبية وكانوا ألفاً وأربعمائة على القول الصحيح، وقيل: ألف وخمسمائة، وسيأتي عند أبي داود: (أن الرسول صلى الله عليه وسلم قسمها على أهل الحديبية وكانوا ألفاً وخمسمائة، وكانت ثمانية عشر سهماً، وكان فيهم ثلاثمائة فارس) أي: فكان لكل فارس سهمان: سهم له، وسهم لفرسه، على أساس أن الفرس له سهم واحد، لكن هذا مخالف لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الفارس له ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه) . لكن على القول الذي جاء في الرواية الضعيفة التي فيها أنهم ألف وخمسمائة، وأن فيهم ثلاثمائة فارس، فيكون للشخص سهم، ولفرسه سهم، ولكن هذا غير صحيح؛ لأن الذي ثبت بالنسبة للفرسان أن الشخص له سهم، وفرسه له سهمان، ويقول ابن القيم: إن أهل الحديبية ألف وأربعمائة، والفرسان منهم كانوا مائتين، وعلى هذا يستقيم الحساب، فستمائة توزع على مائتين، فيكون للفارس سهم، ولفرسه سهمان. تراجم رجال إسناد حديث: (قسم رسول الله خيبر نصفين) قوله: [حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن] . الربيع بن سليمان المؤذن هو المرادي المصري، ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [حدثنا أسد بن موسى] . أسد بن موسى الملقب: أسد السنة، وهو صدوق يغرب، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والنسائي. [حدثنا يحيى بن زكريا] . يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني سفيان] . سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن سعيد] . يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن بشير بن يسار] . بشير بن يسار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سهل بن أبي حثمة] . سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. طريق أخرى لحديث: (قسم رسول الله خيبر نصفين) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن علي بن الأسود أن يحيى بن آدم حدثهم عن أبي شهاب عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أنه سمع نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: -فذكر هذا الحديث- قال: (فكان النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعزل النصف للمسلمين لما ينوبه من الأمور والنوائب) ] . هذا الحديث مثل الذي قبله. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (قسم رسول الله خيبر نصفين) قوله: [حدثنا حسين بن علي بن الأسود] . صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود والترمذي. [أن يحيى بن آدم حدثهم] . يحيى بن آدم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي شهاب] . هو عبد ربه بن نافع وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] . وقد مر ذكرهم، وهنا ذكر نفراً من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم. شرح حديث (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن علي حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار مولى الأنصار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً، جمع كل سهم مائة سهم، فكان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وللمسلمين النصف من ذلك، وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والأمور ونوائب الناس) ] . أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم إلا أنه ذكر أن كلاً من النصفين ثمانية عشر سهماً، فثمانية عشر سهماً لألف وأربعمائة، والنصف الثاني وهو ثمانية عشر سهماً لنوائب الرسول صلى الله عليه وسلم وما يحصل من الأمور التي يحتاج إلى الصرف فيها في مصالح المسلمين. تراجم رجال إسناد حديث: (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قوله: [حدثنا حسين بن علي حدثنا محمد بن فضيل] . حسين بن علي هو ابن الأسود مر ذكره، ومحمد بن فضيل بن غزوان صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم] . مر ذكر يحيى وبشير. طريق أخرى لحديث (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي حدثنا أبو خالد -يعني سليمان - عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار قال: (لما أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهماً، جمع كل سهم مائة سهم، فعزل نصفها لنوائبه وما ينزل به، الوطيحة والكتيبة وما أحيز معهما، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين الشق والنطاة وما أحيز معهما، وكان سهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما أحيز معهما) ] . أورد أبو داود الحديث عن بشير مرسلاً، وهو مطابق لما تقدم، ولكن فيه تفصيل ذكر للأماكن التي بقيت، والأماكن التي قسمت غنيمة للمسلمين. والوطيحة والكتيبة أسماء مواضع، وما أحيز معهما، يعني: المواضع الأخرى التي ما سماها. تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قوله: [حدثنا عبد الله بن سعيد الكندي] . عبد الله بن سعيد الكندي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو خالد يعني سليمان] . هو سليمان بن حيان الملقب بـ الأحمر، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار] . قد مر ذكرهما. طريق ثالثة لحديث: (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن مسكين اليمامي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا سليمان -يعني ابن بلال - عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهماً جمع، فعزل للمسلمين الشطر ثمانية عشر سهماً، يجمع كل سهم مائة، النبي صلى الله عليه وسلم معهم له سهم كسهم أحدهم، وعزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمانية عشر سهماً -وهو الشطر- لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين، فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها، فلما صارت الأموال بيد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اليهود فعاملهم) ] . هذا الحديث مثل ما تقدم، وقوله: ستة وثلاثين سهماً جمع أي: جمعها جميعاً، وهذا حديث مرسل. تراجم رجال إسناد الطريق الثالثة لحديث: (قسم خيبر على ستة وثلاثين سهماً) قوله: [حدثنا محمد بن مسكين اليمامي] . محمد بن مسكين اليمامي وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [حدثنا يحيى بن حسان] . يحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [حدثنا سليمان يعني ابن بلال] . سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار] . قد مر ذكرهما. شرح حديث: (قسمت خيبر على أهل الحديبية) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى حدثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري قال: سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر لي عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه -وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن- قال: (قسمت خيبر على أهل الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ثمانية عشر سهماً، وكان الجيش ألفاً وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين، وأعطى الراجل سهماً) ] . أورد أبو داود حديث مجمع بن جارية رضي الله عنه وفيه: أن خيبر قسمت على أهل الحديبية، وقد قال الله عز وجل: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح:20] يعني: التي في خيبر، وقسمها عليهم ثمانية عشر سهماً، وكانوا ألفاً وخمسمائة، وكان فيهم ثلاثمائة فارس، والفارس أعطي سهمين: سهم له وسهم لفرسه، وهذا الحديث سبق أن مر في كتاب الجهاد، ولكن الأحاديث التي صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أعطى الفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه، وهذا الحديث يخالف تلك الأحاديث، وسبق أن أبا داود قال: الأول أصح، وهو الذي فيه ثلاثة أسهم، وهذا الحديث في إسناده راو مقبول، فهو حديث ضعيف. والصحيح أن أهل الحديبية كانوا ألفاً وأربعمائة؛ لأن فيهم ثلاثة أقوال: قيل: ألف وأربعمائة، وقيل: ألف وخمسمائة، وقيل: ألف وثلاثمائة، وأصحها الوسط الذي هو ألف وأربعمائة. والفرسان ذكر هنا أنهم ثلاثمائة، وابن القيم قال: إنهم مائتان، وأن ستمائة سهم تكون للمائتين، للفارس سهم، ولفرسه سهمان، لكن ما أدري ما هو دليل ابن القيم على كون الفرسان مائتين.
__________________
|
#598
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد حديث: (قسمت خيبر على أهل الحديبية) قوله: [حدثنا محمد بن عيسى] . محمد بن عيسى ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة. [حدثنا مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الأنصاري] . وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي. [سمعت أبي يعقوب] . وهو مقبول، أخرج له أبو داود. [عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري] . قيل: له رؤية، وقيل: إنه ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [عن عمه مجمع بن جارية الأنصاري] . مجمع بن جارية الأنصاري صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة. شرح حديث (بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حسين بن علي العجلي] . حدثنا يحيى -يعني ابن آدم - حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا: (بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل، فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خاصة؛ لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب) ]. هذا الحديث مرسل وفيه: بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل أي: حقن دماءهم وأجلاهم، ولكنه أبقاهم بعد ذلك. تراجم رجال إسناد حديث (بقيت بقية من أهل خيبر تحصنوا) قوله: [حدثنا حسين بن علي العجلي هو ابن الأسود الذي مر ذكره. [حدثنا يحيى بن آدم] . يحيى بن آدم مر ذكره. [حدثنا ابن أبي زائدة] . ابن أبي زائدة أيضاً مر ذكره. [عن محمد بن إسحاق] . مر ذكره. [عن الزهري] . محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وعبد الله بن أبي بكر] . عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وبعض ولد محمد بن مسلمة] . هؤلاء مجهولون، وهذا الحديث مرسل. شرح حديث: (افتتح بعض خيبر عنوة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الله بن محمد عن جويرية عن مالك عن الزهري أن سعيد بن المسيب أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم افتتح بعض خيبر عنوة] . هذا أثر عن ابن المسيب أن الرسول صلى الله عليه وسلم افتتح بعض أرض خيبر عنوة، وسبق في حديث أنس: (أنه افتتح خيبر عنوة) يعني: فتحها كلها عنوة، وهذا يؤيد ما سبق عن الخطابي أنه قال: فتح بعضها صلحاً وبعضها عنوة. تراجم رجال إسناد حديث: (افتتح بعض خيبر عنوة) قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس] . مر ذكره. [حدثنا عبد الله بن محمد] . عبد الله بن محمد بن أسماء وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. [عن جويرية] . جويرية هو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [عن مالك] . مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري عن سعيد بن المسيب] . الزهري مر ذكره، وسعيد بن المسيب ثقة من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث أيضاً مرسل. قول الزهري في فتح خيبر [قال أبو داود: وقرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم ابن وهب قال: حدثني مالك عن ابن شهاب: أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً، والكتيبة أكثرها عنوة وفيها صلح. قلت لـ مالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق] . هذا الحديث عن ابن شهاب مرسل، وهو مثل مرسل ابن المسيب الذي مر، وفيه أن بعض أرض خيبر فتح عنوة وبعضها صلحاً. وفيه أن الكتيبة -وهي موضع- أكثرها فتح عنوة، وفيها ما فتح صلحاً. قوله: [وهي أربعون ألف عذق] . عذق يعني: نخلة؛ لأن العَذق بالفتح هو النخلة، والعِذق هو القنو. تراجم رجال إسناد قول الزهري في فتح خيبر [قال أبو داود: وقرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد] . هذا يسمونه العرض، يعني: كونه يقرأ على الشيخ ويعبر عنه بأخبرنا، إذا كان مما قرئ على الشيخ وهو يسمع. وهنا قال: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد يعني: وأنا أسمع، فهذا من العرض على الشيخ، والرواية هذه صحيحة معتبرة، ويعبر عنها غالباً بأخبرنا. والحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي، وهو الذي كان بينه وبين النسائي وحشة، وكان يروي عنه بقوله: قرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع. [أخبركم ابن وهب] . ابن وهب مر ذكره. [حدثني مالك عن ابن شهاب] . مر ذكرهما. طريق أخرى لقول الزهري في فتح خيبر وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال، ونزل من نزل من أهلها على الجلاء بعد القتال] . أورد المصنف هذا الأثر عن الزهري، وهو مثل ما تقدم أنه افتتح خيبر عنوة بعد القتال، ونزل من نزل على الجلاء بعد القتال، والجلاء هو الخروج منها، ولكنهم بقوا لحاجة المسلمين إليهم حتى يعملوا في أرضها. قوله: [حدثنا ابن السرح] . أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة. [حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد] . يونس بن يزيد الأيلي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب] . مر ذكره. وهذا الحديث مرسل. شرح حديث: (خمس رسول الله خيبر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: خمس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر، ثم قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية] . أورد المصنف هذا الأثر عن الزهري قال: خمس رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض خيبر، ثم قسم سائرها على من شهدها ومن غاب عنها من أهل الحديبية؛ لأنه جاء في القرآن أن أهل الحديبية وعدوا بخيبر، قال الله: {فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح:20] . وغزوة الحديبية كانت في السنة السادسة وخيبر في السنة السابعة، وصلح الحديبية سماه الله تعالى فتحاً فقال: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح:1] ؛ لأنه ترتب عليه الخير الكثير للمسلمين، وأعطاهم الله عز وجل هذه الغنيمة التي وعدهم الله بها في قوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح:20] وهي خيبر. تراجم رجال إسناد حديث: (خمس رسول الله خيبر) قوله: [حدثنا ابن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب] . مر ذكرهم جميعاً. شرح أثر عمر: (لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها) قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر] . أورد أبو داود هذا الأثر عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، والمقصود من هذا أن عمر رضي الله عنه رأى أن الأراضي المفتوحة لا تقسم، وإنما تبقى وقفاً يستفيد منها المسلمون جميعاً؛ لأنها لو قسمت لأخذها الذين قسمت عليهم، ولم يبق لمن يأتي بعدهم شيء، ولكنها إذا بقيت واستفيد من غلتها في كل عام فإنها تكون للمسلمين على مر العصور والدهور، بخلاف ما لو قسمت على الحاضرين فإنه لا يبقى شيء لمن جاء بعدهم، والرسول صلى الله عليه وسلم قسم أرض خيبر وأبقى بعضها كما عرفنا. تراجم رجال إسناد أثر عمر: (لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا قسمتها) قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل] . مر ذكره. [حدثنا عبد الرحمن] . عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه] . مالك مر ذكره، وزيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه أسلم العدوي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمر] . عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره. الأسئلة كيفية قسمة خيبر السؤال هل النصف الذي للمسلمين من أرض خيبر يقسم خمسة أخماس: أربعة للغانمين والخمس الباقي يقسم خمسة أخماس: أحدها للنبي صلى الله عليه وسلم والأربعة الباقية للأصناف المذكورة في الآية: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ} [الأنفال:41] ؟ الجواب لا، وقد مر أن النصف يقسم بين المسلمين، ومر في بعض الروايات: أن الرسول صلى الله عليه وسلم له سهم كالمسلمين، وأما النصف الثاني فإنه يكون وقفاً للنوائب. عدد الفرسان في غزوة خيبر السؤال ما هو القول الراجح في عدد الفرسان في غزوة خيبر؟ وعلى القول بأنهم ثلاثمائة كيف يصح التقسيم إذا قلنا: للفارس ثلاثة أسهم؟ الجواب كونهم ألفاً وخمسمائة لا يستقيم تقسيمه لثمانية عشر سهماً، وإنما يستقيم على القول الذي جاء في الحديث، وفيه أن الفارس له سهمان: سهم له، وسهم لفرسه، ولكن هذا غير صحيح؛ لأن الحديث في إسناده رجل مقبول وهو يعقوب والد مجمع، والصحيح أن الفارس له ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه، وهو صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وأهل بيعة الرضوان كانوا ألفاً وأربعمائة، وإذا جعل عدد الفرسان مائتين يستقيم التقسيم، ومعناه أن اثنا عشر سهماً تكون للراجلين، ويبقى ستة أسهم للمئتي فارس، لكل فارس سهم لنفسه، وسهمان من أجل فرسه، وهذا على القول الذي ذكره ابن القيم من أن أهل بيعة الرضوان كانوا ألفاً وأربعمائة، والفرسان مائتان، فيكون لكل فارس سهم واحد له، وسهمان لفرسه، فتكون ستمائة سهم للفرسان، ويبقى اثنا عشر سهماً للراجلين، وهم ألف ومائتان، كل سهم يشترك فيه مائة منهم. وحديث مجمع بن جارية ضعفه الألباني في كتاب الجهاد، وحسنه في هذا الكتاب، وقد قال أبو داود: حديث أبي معاوية أصح، والعمل عليه، وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وكانوا مائتي فارس، فقد سبق ابن القيم أبو داود في كون الفرسان مائتي فارس. لم تقسم خيبر إلا على الفاتحين وأعطي غيرهم من غير إسهام السؤال جاء في كتب السير: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يشهد معنا خيبر إلا من شهد البيعة، فما خرج معه إلا أصحاب الحديبية) . الجواب هذا الحديث من نقل أهل السير وقد يكون بدون إسناد، ولكن والظاهر أنها قسمت عليهم، وأن الغنائم خاصة بهم، وقد جاء في بعض الأحاديث أن أناساً جاءوا بعد فتح خيبر مثل جعفر بن أبي طالب ومن جاء معه من الحبشة، وأعطاهم من خيبر، ولعله أعطاهم من النصف الثاني الذي أعده للنوائب والضيوف ومن نزل بهم. حكم الأناشيد الإسلامية السؤال ظهرت الأناشيد الإسلامية بصور متعددة، وإنتاج فني لها، وتصوير للمنشد بالفيديو وهو ينشد على البحر أو على الرمال، وأصبحت فرق شبابية مخصصة للأناشيد تقوم بالإنشاد في المناسبات كالزواجات والاحتفالات، بل ويربى عليها في بعض حلق تحفيظ القرآن يومياً، ويعمل لها مهرجانات موسمية للتنافس فيها، فما حكم هذه الأناشيد؟ الجواب الأناشيد هذه من الأشياء الجديدة، والغالب فيها عشق الأصوات والاستمتاع بالأصوات، وليس الاهتمام بالمعاني، وهي محدثة، وتشغل عما هو خير منها من الاشتغال بالقرآن والحديث وما يعود على الناس بالنفع؛ ولهذا فترك هذه الأناشيد وعدم الاشتغال بها هو الذي يليق بالإنسان وينبغي له، وهذا التطور الذي حصل لها مما يؤكد تركها وعدم الالتفات إليها. حكم جعل الرحلات من أساليب الدعوة السؤال اتخذ البعض الرحلات والزيارات طريقة لدعوة الشباب إلى الهداية والاستقامة على الدين، فما حكم هذه الوسائل في الدعوة؟ الجواب هذا على حسب الذي يدعون إلى الله عز وجل، فإذا كانوا مستقيمين فعملهم طيب، وإذا كانوا غير مستقيمين فعملهم سيئ. تخصيص الاجتماع في يوم مع صلاة ركعتين السؤال لاحظت على أصدقائي شيئاً يحتاج إلى وقفة، وهو تخصيص يوم في الشهر للاجتماع، ثم يصلي كل واحد ركعتين، ثم يبدأ كل واحد بقول الشهادة ثم التكبير ثم يبدءون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدد لا حدود له لمدة ساعة أو ساعتين أو ثلاث، ويكون بعد ذلك وليمة عشاء؟ الجواب هذا من محدثات الأمور.
__________________
|
#599
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن أبي داود (عبد المحسن العباد) كتاب الإمارة شرح سنن أبي داود [355] الحلقة (387) شرح سنن أبي داود [355] من أهم أحداث السيرة النبوية فتح مكة، فهو الفتح الأكبر، وبعده دخل الناس في دين الله أفواجاً، وفي هذا الحدث العظيم دروس كثيرة، وعبر عديدة، قد بينها أهل العلم رحمهم الله تعالى. ما جاء في خبر مكة شرح حديث: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في خبر مكة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن إدريس عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام الفتح جاءه العباس بن عبد المطلب بـ أبي سفيان بن حرب رضي الله عنهما؛ فأسلم بمر الظهران، فقال له العباس: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فلو جعلت له شيئاً؟ قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن) ] . يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب ما جاء في خبر مكة) أي: في فتحها وكيف عامل النبي صلى الله عليه وسلم أهلها، وكيف صنع بأرضها، وأورده في كتاب الفيء من أجل أن مكة فتحت عنوة، والرسول صلى الله عليه وسلم منّ على أهلها، واعتبرهم طلقاء، ولم يغنم شيئاً من أموالهم، وإنما ترك أموالهم لهم، وهذا يدل على أن الإمام له أن يقسم الأراضي أو الأموال التي يغنمها كما حصل في خيبر، وله أن يمن على أهلها دون أن يأخذ شيئاً من أموالهم كما حصل في مكة. أورد أبو داود حديث ابن عباس أن العباس بن عبد المطلب جاء بـ أبي سفيان فأسلم بمر ظهران، وهو موضع قريب من مكة، وهو الذي يقال له: وادي فاطمة، ويقال له: جموم، فقال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فلو ذكرته؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن) يعني: أن أهل مكة إذا وضعوا السلاح وتركوا المقاتلة واستسلموا ودخلوا بيوتهم أو المسجد أو دار أبي سفيان فإنهم آمنون، والرسول صلى الله عليه وسلم أمن أهل مكة كلهم إلا نفراً قليلاً جداً منهم ابن خطل الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: (من وجده فليقتله وإن كان متعلقاً بأستار الكعبة) . وقول العباس: إنه يحب الفخر يعني: يحب الذكر، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم نص عليه وقال: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) فنص عليه وإن كان داخلاً تحت قوله: من دخل داره فهو آمن، فالنبي صلى الله عليه وسلم راعى هذا الجانب وذكر أبا سفيان بالنص. والصحيح أن مكة فتحت عنوة لا صلحاً. تراجم رجال إسناد حديث: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة] . عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل واليوم والليلة. [حدثنا يحيى بن آدم] . يحيى بن آدم الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا ابن إدريس] . عبد الله بن إدريس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد بن إسحاق] . محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن الزهري] . هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة] . عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن ابن عباس] . عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث: (لما نزل رسول الله بمر الظهران) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة -يعني ابن الفضل - عن محمد بن إسحاق عن العباس بن عبد الله بن معبد عن بعض أهله عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمر الظهران قال العباس: قلت: والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فإني لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء، فقلت: يا أبا حنظلة! فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس. قال: فما الحيلة؟ قال: فركب خلفي، ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم، قلت: يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئاً قال: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، قال: فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد) ] . أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه إيضاح كيف جاء العباس بـ أبي سفيان، وكيف التقى به، وأنه أسلم. تراجم رجال إسناد حديث: (لما نزل رسول الله بمر الظهران) قوله: [حدثنا محمد بن عمرو الرازي] . محمد بن عمرو الرازي، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة. [حدثنا سلمة يعني ابن الفضل] . سلمة بن الفضل وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة في التفسير. [عن محمد بن إسحاق عن العباس بن عبد الله بن معبد] . ابن إسحاق مر ذكره، والعباس بن عبد الله بن معبد ثقة، أخرج له أبو داود. [عن بعض أهله] . قال الحافظ: يحتمل أن يكون عكرمة وأن يكون إبراهيم بن معبد أو شخصاً ثالثاً، وكل منهم صدوق، وهذا الإبهام لا يؤثر؛ لأن الحديث الذي قبله شاهد له؛ لأنه بمعناه. [عن ابن عباس] . ابن عباس مر ذكره. سبب ترك تقسيم مكة مكة فتحت عنوة، والنبي عليه الصلاة والسلام عفا عنهم، وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ، فمن عليهم، والإمام له أن يقسم وله أن يعفو ويمن، والنبي عليه الصلاة والسلام ترك نساءهم وصبيانهم وأموالهم فلم يغنم منها شيئاً، ولا يقال: هذا خاص بمكة، بل لو رأى الإمام المصلحة أن يعفو ويتنازل عن الغنائم فلا بأس بذلك، وحق المقاتلين من الغنائم يسقط إذا رأى الإمام المصلحة في ترك تقسيمها. شرح حديث: (لم يغنموا يوم الفتح شيئاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا إسماعيل -يعني ابن عبد الكريم - حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال: (سألت جابراً رضي الله عنه: هل غنموا يوم الفتح شيئاً؟ قال: لا) ] . أورد أبو داود حديث جابر: (أنه سئل: هل غنموا يوم الفتح شيئاً؟ قال: لا) يعني: أنه من عليهم، ولم يأخذ شيئاً من أموالهم، ولم يسب نساءهم وذريتهم، وإنما من عليهم وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) . تراجم رجال إسناد حديث: (لم يغنموا يوم الفتح شيئاً) قوله: [حدثنا الحسن بن الصباح] . الحسن بن الصباح صدوق يهم، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي. [حدثنا إسماعيل يعني ابن عبد الكريم] . صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير. [حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل] . صدوق، أخرج له أبو داود. [عن أبيه] . هو صدوق، أخرج له أبو داود. [عن وهب بن منبه] . وهب بن منبه وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة في التفسير. [عن جابر] . جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث: (لما دخل مكة سرح الزبير) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا سلام بن مسكين حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما دخل مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل رضي الله عنهم، وقال: يا أبا هريرة! اهتف بالأنصار. قال: اسلكوا هذا الطريق فلا يشرفن لكم أحد إلا أنمتموه، فنادى مناد: لا قريش بعد اليوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دخل داراً فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن. وعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم، وطاف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصلى خلف المقام ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الإسلام) ] . أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لما دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة سرح الزبير بن العوام وأبا عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد على الخيل) . يعني: أرسلهم على الخيل عند فتح مكة. قوله: [(وقال: يا أبا هريرة! اهتف بالأنصار)] . إنما خص الأنصار لأنهم ليسوا من أهل مكة، بخلاف المهاجرين فإنهم من أهل مكة، وأقرباؤهم في مكة، فقد يكون عندهم شيء من الرأفة بهم، بخلاف الأنصار فإنه لا قرابة بينهم، وهم سيكونون أشد نكاية بأهل مكة إذا قاتلوا ولم يستسلموا وينقادوا، وهذا وجه تخصيص الأنصار في الأمر بمناداتهم. قوله: [(قال: اسلكوا هذا الطريق، فلا يشرفن لكم أحد إلا أنمتموه)] . يعني: قتلتموه، وجعلتموه يلتصق بالأرض ميتاً. قوله: [(فنادى مناد: لا قريش بعد اليوم)] . معناه: يريد أن يفتك بهم ويستأصلهم ما دام أنه من أشرف لهم فإنهم يقتلونه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أمّن من دخل بيته أو المسجد، ولم يؤاخذهم عليه الصلاة والسلام، بل من عليهم وقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [(فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من دخل داراً فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن)] . يعني: أي دار سواء داره أو دار غيره. قوله: [(وعمد صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم)] . صناديد قريش هم: كبار قريش وزعماؤهم، وقوله: فغص بهم يعني: غص بهم البيت لكثرتهم وازدحامهم فيه، ولعلهم دخلوا الكعبة ليحصل لهم الأمان وهم الكبار والزعماء، فالرسول صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وصلى خلف المقام ثم وقف على جانبتي الباب فخرجوا وبايعوه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه على الإسلام. تراجم رجال إسناد حديث: (لما دخل مكة سرح الزبير) قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم] . مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا سلام بن مسكين] . سلام بن مسكين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي. [حدثنا ثابت البناني] . ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن رباح الأنصاري] . عبد الله بن رباح الأنصاري وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن أبي هريرة] . عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. قول أحمد في فتح مكة [قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل سأله رجل قال: مكة عنوة هي؟ قال: أيش يضرك ما كانت؟ قال: فصلح؟ قال: لا] . يعني: على أي حالة فتحت فإن الرسول صلى الله عليه وسلم من على أهلها، ولم يسب ولم يغنم صلى الله عليه وسلم. ما جاء في خبر الطائف شرح حديث: (سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في خبر الطائف. حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا إسماعيل -يعني ابن عبد الكريم - حدثني إبراهيم -يعني ابن عقيل بن منبه - عن أبيه عن وهب قال: (سألت جابراً رضي الله عنه عن شأن ثقيف إذ بايعت قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ألا صدقة عليها ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك يقول: سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا) ] . أورد أبو داود هذه الترجمة: (باب ما جاء في خبر الطائف) يعني: فتحه، وكيف كان حال أهله، فذكر حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: أنه لما أسلمت ثقيف اشترطت أنها لا تتصدق ولا تجاهد، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا) . ومعنى ذلك: أنه علم أنه سيحصل منهم ذلك، ولكنهم في الحال لا يجب عليهم الجهاد، والزكاة لا تجب عليهم إلا بعد مرور سنة، والجهاد لا يكون إلا عند الحاجة إليه والدعوة إليه، وهم في حال بيعتهم ليس عليهم شيء من هذا ولا هذا، ولكونه صلى الله عليه وسلم علم أنهم سيجاهدون وسيتصدقون إذا أسلموا لم يمنعهم أن يدخلوا في الإسلام بهذه الطريقة، بل وافقهم على ذلك لما علمه أنهم سيجاهدون وسيتصدقون، ومن المعلوم أن هذا من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو اشترط أحد ألا يتصدق أو لا يعمل شيئاً من أعمال الإسلام لا يقر على ذلك، والرسول عليه الصلاة والسلام قد أطلعه الله أنهم سيحصل لهم ذلك بعد دخولهم الإسلام، فلم يشأ النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتلهم وأن ينابذهم إن لم يحصل منهم ذلك؛ لما أطلعه الله عز وجل عليه من أنهم سيحصل منهم ذلك بعد دخولهم في الإسلام. تراجم رجال إسناد حديث: (سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا) قوله: [حدثنا الحسن بن الصباح حدثنا إسماعيل -يعني ابن عبد الكريم - قال: حدثني إبراهيم -يعني ابن عقيل بن منبه - عن أبيه عن وهب عن جابر] . كل هؤلاء مر ذكرهم. شرح حديث: (لا خير في دين ليس فيه ركوع) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن علي بن سويد -يعني ابن منجوف - حدثنا أبو داود عن حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: (أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا عليه ألا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لكم ألا تحشروا ولا تعشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع) ] . أورد أبو داود حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال: (إن وفد ثقيف لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم) بحيث يروا الصحابة يخشعون في صلاتهم، فيكون في ذلك رقة لقلوبهم، وتليين لها. قوله: [(فاشترطوا عليه ألا يحشروا ولا يعشروا ولا يجبوا)] . معناه: أنهم لا يحشرون للجهاد والقتال وهو الذي مر في الحديث السابق، ولا يؤخذ من أموالهم العشر أو نصف العشر زكاة. (ولا يجبوا) أي: لا يصلون، فالتجبية هي الركوع، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم ألا يحشروا ولا يعشروا، قال: (ولا خير في دين لا ركوع فيه) يعني: الصلاة ما وافقهم على تركها؛ وذلك لأن الصلاة تكون في الحال وليست متأخرة كالزكاة، فإنها لا تجب إلا بعد مضي حول، وفي هذه الفترة يحصل منهم التفكر في الإسلام فيزكون، وكذلك الجهاد إذا مضت فترة سيحصل أن يدعوا للجهاد فيجاهدون، ولكن الصلاة هي في اليوم والليلة خمس مرات، وليس زمنها متأخراً وإنما هي حاضرة. والحديث في إسناده ضعف؛ لأنه من رواية الحسن عن عثمان بن أبي العاص وهو لم يسمع منه، ولكن ما يتعلق بالصدقة والجهاد مر ذكرهما في الحديث الذي قبل هذا، وهو صحيح، وذلك لأن زمنهما متأخر، والله أطلع نبيه أنهم سيتصدقون وسيجاهدون إذا أسلموا. تراجم رجال إسناد حديث: (لا خير في دين ليس فيه ركوع) قوله: [حدثنا أحمد بن علي بن سويد يعني: ابن منجوف] . أحمد بن علي بن سويد بن منجوف صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي. [حدثنا أبو داود] . هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن حماد بن سلمة] . حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن حميد] . حميد بن أبي حميد الطويل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الحسن] . الحسن بن أبي الحسن البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عثمان بن أبي العاص] . عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. ما جاء في حكم أرض اليمن شرح حديث كتاب رسول الله لعك ذي خيوان قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في حكم أرض اليمن. حدثنا هناد بن السري عن أبي أسامة عن مجالد عن الشعبي عن عامر بن شهر رضي الله عنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت لي همدان: هل أنت آت هذا الرجل ومرتاد لنا، فإن رضيت لنا شيئاً قبلناه، وإن كرهت شيئاً كرهناه؟ قلت: نعم، فجئت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فرضيت أمره وأسلم قومي، وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذي مران قال: وبعث مالك بن مرارة الرهاوي إلى اليمن جميعاً، فأسلم عك ذو خيوان قال: فقيل لـ عك: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخذ منه الأمان على قريتك ومالك، فقدم وكتب له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله لـ عك ذي خيوان، إن كان صادقاً في أرضه وماله ورقيقه فله الأمان وذمة الله وذمة محمد رسول الله، وكتب خالد بن سعيد بن العاص) ] . أورد أبو داود (باب في حكم أرض اليمن) وأورد حديث عامر بن شهر رضي الله عنه قال: خرج رسول صلى الله عليه وسلم يعني: بعث بالرسالة، وظهر أمره وانتشر حتى وصل إلى اليمن، فقالت همدان لـ عامر بن شهر: هل أنت آت هذا الرجل ومرتاد فإن رضيت لنا شيئاً قبلناه، وإن كرهت شيئاً كرهناه؟ يعني: إن رضيت لنا أن نتبعه فعلنا ذلك، وإن كرهت فإنا نكره، فقال: إنه يفعل، وقولهم: ومرتاد يعني: تستطلع الخبر وتأتي بالنتيجة، والمرتاد هو الرائد، ومنه قولهم: إن الرائد لا يكذب أهله. قوله: (فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضيت أمره وأسلم قومي) لأنهم علقوا هذا على كونه يرضى بما يشاهده من النبي صلى الله عليه وسلم، فرضي فأسلموا بناء على قولهم: فإن رضيت شيئاً رضيناه، فأسلموا ورضوا بالدين الذي رضيه هذا الرائد الذي أرسلوه رائداً لهم. قوله: [(وكتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذا الكتاب إلى عمير ذي مران قال: وبعث مالك بن مرارة الرهاوي إلى اليمن جميعاً)] . إلى اليمن جميعاً يعني: جميع مخاليف اليمن. وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه. تراجم رجال إسناد حديث كتاب رسول الله لعك ذي خيوان قوله: [حدثنا هناد بن السري] . هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن. [عن أبي أسامة] . أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مجالد] . مجالد بن سعيد وهو ليس بالقوي، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن الشعبي] . الشعبي عامر بن شراحيل وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عامر بن شهر] . وهو صحابي، أخرج له أبو داود. شرح حديث: (يا أخا سبأ لابد من صدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن أحمد القرشي وهارون بن عبد الله أن عبد الله بن الزبير حدثهم قال: حدثنا فرج بن سعيد قال: حدثني عمي ثابت بن سعيد عن أبيه سعيد -يعني ابن أبيض - عن جده أبيض بن حمال رضي الله عنه: (أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصدقة حين وفد عليه فقال: يا أخا سبأ! لابد من صدقة. فقال: إنما زرعنا القطن يا رسول الله! وقد تبددت سبأ ولم يبق منهم إلا قليل بمأرب، فصالح نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم على سبعين حلة بز من قيمة وفاء بز المعافر كل سنة عمن بقي من سبأ بمأرب، فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن العمال انتقضوا عليهم بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما صالح أبيض بن حمال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الحلل السبعين، فرد ذلك أبو بكر رضي الله عنه على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه انتقض ذلك وصارت على الصدقة) ] . أورد أبو داود حديث أبيض بن حمال رضي الله عنه، والحديث ضعيف؛ ففيه رجلان مقبولان لا يحتج بهما إلا عند المتابعة. قوله: [عن أبيض بن حمال: (أنه كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة حين وفد عليه، فقال: لابد من الصدقة) ] . هو جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليتنازل عن الصدقة وتترك كما في قصة في ثقيف، فقال: يا أخا سبأ! لابد من صدقة. فقال: إنما زرعنا القطن، ومعلوم أن القطن ليس فيه زكاة؛ لأنه ليس من الثمار، وإنما هو قطن يتخذ ملابس. قال: وقد تبددت سبأ، ولم يبق منهم إلا قليل بمأرب يعني: قد تفرقوا ولم يبق منهم إلا قليل، ومعناه أنه ما يحصل منهم إلا شيء قليل، فصالحوه على سبعين حلة، والحلة إزار ورداء، ولو صح هذا الحديث فيحمل على أنها زكاة عروض تجارة. قوله: [(فلم يزالوا يؤدونها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإن العمال انتقضوا عليهم بعد قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما صالح أبيض بن حمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلل السبعين)] . يعني: أنهم مانعوا من هذا الذي اتفق عليه، ولم يرضوا أن يدفعوا هذا المقدار فقط. قوله: [(فرد ذلك أبو بكر رضي الله عنه على ما وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو بكر، فلما مات أبو بكر رضي الله عنه انتقض ذلك وصارت على الصدقة)] . يعني: هذا الشيء الذي كان يؤخذ منهم صار على الصدقة أي: على مقدارها وعلى نسبتها بدون كمية يصالح عليها ويتفق عليها، لكن الحديث ضعيف. تراجم رجال إسناد حديث: (يا أخا سبأ لابد من صدقة) قوله: [حدثنا محمد بن أحمد القرشي] . محمد بن أحمد القرشي قال الحافظ: يحتمل ثلاثة أشخاص كل منهم صدوق. [وهارون بن عبد الله] . هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن عبد الله بن الزبير] . عبد الله بن الزبير الحميدي المكي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير، وهذا أول شيخ روى عنه البخاري في صحيحه حديث: (إنما الأعمال بالنيات) . [حدثنا فرج بن سعيد] . فرج بن سعيد وهو صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة. [حدثني عمي ثابت بن سعيد] . ثابت بن سعيد وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن أبيه سعيد بن أبيض] . وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة. [عن جده أبيض بن حمال] . أبيض بن حمال رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
__________________
|
#600
|
||||
|
||||
![]() الأسئلة حكم دخول الكافر المسجد السؤال هل في الأحاديث السابقة دليل على جواز دخول الكفار للمسجد؟ الجواب الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل الكافر المسجد كما في قصة ثمامة في الحديث الصحيح ثم بعد ذلك أسلم. ذم صفة الفخر السؤال ذكر في الحديث أن أبا سفيان رضي الله عنه يحب الفخر، فهل هذه الصفة محمودة أو مذمومة؟ الجواب صفة الفخر مذمومة، والتواضع هو المحمود، وهذا شيء كان في الجاهلية معروف فيه، ولكنه بعدما جاء الإسلام فإنه كغيره من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم صاروا على أحسن حال وعلى خير حال رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. زكاة القطن السؤال ما حكم زكاة القطن؟ الجواب لا زكاة عليه إلا إذا كان للتجارة، فعروض التجارة فيها زكاة. حكم تأمين السفارات السؤال بعض الكتاب استدل بحديث من دخل دار أبي سفيان فهو آمن على تأمين دور السفارات اليوم، فهل يستقيم الاستدلال؟ الجواب لا يستقيم الاستدلال، ودار أبي سفيان إنما نص عليه لقول العباس: إنه يحب الفخر، وإلا فدخول دار أبي سفيان يدخل في عموم قوله: (من دخل داراً فهو آمن) ، ويجب تأمينهم. حال حديث: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) السؤال الشيخ الألباني رحمه الله يضعف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (اذهبوا فأنتم الطلقاء) في تعليقه على فقه السيرة، فما قولكم؟ الجواب على كل المن عليهم ثابت، فلم يحصل عليهم سبي ولا غنيمة كما قال جابر: لم يغنموا شيئاً. حكم ركعتي الطواف السؤال ما حكم ركعتي الطواف؟ الجواب صلاة ركعتين بعد الطواف خلف المقام مستحبة وليست واجبة. حكم إسلام الكفار بعد فتح المسلمين لبلادهم السؤال لو فتح المسلمون أرض كفار؛ فأعلن الكفار إسلامهم، فهل تسبى نساؤهم، وتؤخذ أموالهم، وتوزع أراضيهم؟ الجواب هم يدعون إلى الإسلام أولاً قبل القتال، فإذا أسلموا فلا حاجة لقتالهم، كما جاء في حديث علي عندما أعطاه الراية وقال: (ثم ادعهم إلى الإسلام) فالدعوة إلى الإسلام تكون قبل القتال. حكم قول العصمة لله وحده السؤال ما حكم قول: العصمة لله وحده؟ الجواب الله عز وجل هو الذي يعصم ومنه العصمة، لكن قول: الله عز وجل له العصمة أو هو معصوم، غير مستقيم، ولكن كلامه فيه العصمة، ومن أخذ بكلام الله عز وجل وبما جاء عن الله في كتابه وسنة رسوله فقد اعتصم، ولا يقال عن الله: معصوم، ولكن كلامه معصوم، فأخباره صادقة، وأحكامه عادلة، ومن أخذ به سعد في الدنيا وفي الآخرة، ومن أعرض عنه خسر الدنيا والآخرة. كتاب رجال حول الرسول السؤال ما رأيكم في كتاب: رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم لـ خالد محمد خالد؟ الجواب هو كتاب فيه خلط. دعاء الاستفتاح لا يشرع في صلاة الجنازة السؤال ما هي الصلوات التي لا يقرأ فيها دعاء الاستفتاح؟ الجواب صلاة الجنازة لا يقرأ فيها دعاء الاستفتاح. حرمة دخول الكفار المسجد الحرام السؤال هل يجوز إدخال اليهود والنصارى عموماً إلى مكة إذا كان هناك مصلحة لكي يروا المشاعر؟ الجواب هذه ليست مصلحة، بل فيها مفسدة وتشويه لصورة المسلمين. حكم جلسة الاستراحة للمؤتم السؤال ما حكم جلسة الاستراحة للمؤتم؟ الجواب لا بأس بجلسة الاستراحة للمؤتم، وليس فيها مخالفة للإمام؛ لأنها قصيرة جداً لا يترتب عليها التأخر عن الإمام. سبب قول النبي من دخل دار أبي سفيان فهو آمن السؤال في تهذيب الكمال وفي تهذيب التهذيب لـ ابن حجر في ترجمة أبي سفيان عن جعفر بن سليمان الضبعي عن ثابت البناني أنه قال: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن) ؛ لأنه أوذي في الجاهلية فدخل داره، فهل هذا صحيح؟ الجواب كيف هذا وهو من أشد أعدائه؟! وكيف يدخل داره وهو الذي كان يؤذيه؟! بل قاله بناءً على قول العباس: إنه رجل يحب الفخر. حكم الزواج ببنت متدينة أبوها يعمل في تجارة محرمة السؤال ما حكم الزواج بابنة رجل يشتغل بالتجارة المحرمة مثل بيع الدخان وغيره من أنواع المحرمات، علماً أن البنت متدينة وطالبة في مدرسة البنات في آخر المراحل؟ الجواب لا بأس بالزواج منها، ولا يمنع من ذلك كون أبيها سيئاً وهي صالحة، والله تعالى يقول: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} [الأنعام:95] . وقت غسل الجمعة السؤال متى يبدأ وقت غسل يوم الجمعة؟ الجواب يبدأ من دخول النهار، والنهار يدخل بطلوع الفجر، وقد سبق عند أبي داود في كتاب الجمعة أن الإنسان لو كان عليه جنابة واغتسل بعد طلوع الفجر فإنه يجزئ عن غسل الجمعة؛ لأنه حصل الغسل في النهار. حكم قول العصمة لله ورسوله السؤال الشيخ الألباني رحمه الله كان يقول في مصنفاته القديمة: العصمة لله ورسوله، وفي مصنفاته الحديثة صار يقول: المعصوم من عصمه الله، وقد أخبرني الشيخ علي حسن الحلبي أن الشيخ الألباني رجع عن قوله في المصنفات القديمة إلى هذا القول في المصنفات الجديدة، وذلك بعد ما تبين له أن لفظ العصمة لا تطلق على الله عز وجل، فما رأيكم؟ الجواب نعم، وقد جاء في حديث: (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كان له بطانتان: بطانة تدله على الخير، وتعينه عليه، وبطانة تدله على الشر، وتعينه عليه، والمعصوم من عصمه الله) رواه البخاري، فالتعبير عن الله بأنه معصوم لا يستقيم، ولفظ العصمة لا يطلق إلا على من يتصور منه صدور الخطأ، لكن إذا قيل: كلام الله تعالى فيه عصمة، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فيه عصمة، فلا خطأ فيهما، فهذا كلام صحيح. حكم بقاء المدرسة في قرية لمدة سنة بلا محرم السؤال امرأة تدرس العلوم الطبية في إحدى المدارس الحكومية، وفي نهاية دراستها أمرت المدرسة هذه الفتاة بالتدريب العملي في إحدى القرى لمدة سنة، فهل يجوز لها أن تبقى في تلك القرية وهي بعيدة عن بيتها بدون محرم، لعدم إمكانية أن يأتي معها محرم، علماً بأن معها مجموعة طالبات؟ الجواب إذا كانت في مكان مأمون فلا بأس بذلك، ولكن لا يجوز أن تسافر إلى القرية إلا مع محرم. حكم الجمع بين الصلاتين تقديماً لأجل السفر السؤال رجل في مطار المدينة أذن عليه المغرب فصلى المغرب والعشاء جمع تقديم، وهو بإذن الله سيصل إلى المدينة التي سيسافر إليها قبل خروج وقت العشاء، فهل عمله صحيح؟ الجواب المسافر يبدأ بأحكام السفر إذا فارق بيوت القرية، والمطار الذي في المدينة خارج البنيان، فجمعه للصلاتين لا بأس به، لكن لو ترك الجمع لكان أولى؛ لأنه قد لا يسافر ويرجع. حكم من نذر صيام أربعة أشهر متتابعة السؤال نذرت لله أني سأصوم أربعة أشهر إذا عدت لبعض المعاصي، وأريد أن أخوف نفسي، ثم عدت إلى تلك المعصية، والآن لا أستطيع أن أصوم أربعة أشهر متتابعة، فماذا أفعل؟ الجواب هذا الصيام مستطاع، إلا إذا كان مريضاً أو يوجد شيء يمنعه من الصيام، أما مجرد كونه شاقاً فالتكاليف كلها شاقة، فالواجب أن يفي بما نذر.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 0 والزوار 16) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |