تغوّل التغريب والعَلمنة!! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5072 - عددالزوار : 2301218 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4656 - عددالزوار : 1582151 )           »          المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 12799 )           »          فهم السيدة عائشة لحديث الميت يعذب ببكاء اهله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          من أحكام النسخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          سياحة فى​ أحكام الشريعة​ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مقاصد المكلف في التصرفات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الأمثلة عند جمهور الأصوليين واقعها وآفاقها​ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          خواطر سائح في أصول الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          المناقل​ (نقل الأسماء عن مسمياتها و معانيها) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-11-2025, 12:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,845
الدولة : Egypt
افتراضي تغوّل التغريب والعَلمنة!!

تغوّل التغريب والعَلمنة!!

فيصل بن علي البعداني


من القيم التي تُقدَّم في الدولة العلمانية الحديثة المهيمنة في منطقتنا –كما يُلقَّن الناس– العدالةُ والحرية. فالعدالة ـ في وصفهم ـ تساوي بين جميع الفِرَق والمذاهب دون تمييز، والحرية تمنح كل صاحب معتقدٍ حقَّ التعبير عما يؤمن به دون خوف ولا تضييق.

غير أن من يطالع واقعنا يدرك أن هذه الشعارات تُرفع في الهواء ولا تُطبَّق على الأرض؛ إذ يلحظ تشويهًا ممهنجا، وإسقاطًا متعمدًا، وحصارًا خانقًا، واعتقالاتٍ متتابعة تطال كل ما هو دعويّ إسلامي. وتتعدد الأقنعة بينما الهدف واحد؛ فتارةً باسم مكافحة الإرهاب، وتارةً بذريعة مخالفة المذهب الرسمي، وتارةً تحت شعار درء الفتنة وحماية الوحدة الوطنية.

والحقيقة أن الأمر لا علاقة له بهذه الذرائع؛ بل هو اندفاعٌ محموم، ومخططاتٌ محسوبة، ومساعٍ واعية لفرض العلمنة وتعميق التغريب وتوسيع دوائره، وإقصاء كل ما يمكن أن يقف أمام هذا التيار، سواء أكان اتجاهًا فكريًا، أم مؤسسةً دعوية، أو عالمًا ربانيًا. ويُمارس ذلك بأساليب تتراوح بين غلظة فجة لا تمت إلى روح القانون بصلة، ونعومةٍ مموهة تتخفى خلف ستار التنظيم والأنظمة.
وهذا التغوّل –وإن بثّ الخوف في موطنٍ وألحق الأذى في آخر– لا يخدم القيم التي يدّعونها، ولا ينسجم مع ثوابت الإسلام التي تُشكّل روح هذه المنطقة وعمقها، ولا يؤدي إلى استقرارٍ ولا سلمٍ مجتمعيّ؛ فالأمة لا يمكن أن تتخلى عن ربها، ولا أن تفرّط بقيمها إرضاءً لسياساتٍ تستورد نماذج لا جذور لها هنا. وما عرف التاريخ دولةً اصطدمت بعقيدة شعبها فنجحت، ولا هوية أُريد لها أن تُقتلع فبقيت الأرض بعدها سالمة.
ولئن بدا هذا التغوّل محاولةً لفرض أنموذجٍ أحاديّ مستبد يهيمن ولا يسمح بالتعدد، فإنه يكشف عن أزمة بنيوية في إدارة التنوع: ضيقٌ بالمخالف، وخشية من الصوت الإسلامي الذي يجد الناس تأثيره العميق في حياتهم. وبدل أن تُدير الدولةُ هذا التنوع وتستوعب الامتداد الفطري للأمة نحو دينها، إذا بها تُساق خلف ضغوط التغريب وهواجس الخارج، فتحارب الأصيل وتفتح الباب للدخيل، مع أنّ الأول مصدر قوة وصلابة، والثاني مصدر اضطراب وتفكك.
علما بأن المجتمعات التي تُنتزع هويتها تضعف وتتصدع، أما تلك التي تستمد قوتها من قيمها فتنهض وتتماسك. وليس الإسلام ـ كما يزعم المغرَّبون ـ عائقًا أمام التطور؛ بل هو المنظومة التي جمعت بين الإيمان والعمران، والروح والعقل، والثبات على الأصول والانفتاح على العالم.
ولهذا، فالمسألة ليست خلافًا حول الحرية، بل صراع مشاريع: مشروعٌ أصيل متجذر في الإنسان والأرض والتاريخ، ومشروع دخيل يريد أن يعيد تشكيل المجتمع وفق قوالب لا يعرفها الناس ولا تقبلها فطرهم. فالحرية الحقيقية لا تحاصر الدعوة، والعدالة الحقة لا تسمح للباطل أن يتمدّد بينما يُضيَّق على الحق.
وما ينبغي أن يدركه السائرون في طريق التغريب القسري أن الدين محفوظ بحفظ الله، وأن هذه الأمة ـ وإن ضُيّق عليها حينًا ـ لا تتنازل عن عقيدتها ولا تُفرط في هويتها؛ فهي هوية تتغلغل في الوجدان، وتتوارثها الأجيال، وتنبثق من عمق هذه الأرض. ليست فكرة طارئة ولا ثقافة دخيلة، بل سرّ حياة هذا الإنسان الذي لا يستقيم من دونه.
وختاما: إن الحرب على الدعوة الإسلامية ليست مشروعًا ناجحًا ولا مسارًا واقعيًا ولا مدخلًا لمستقبلٍ مستقر. والدول التي تخاصم هويتها تصادم الحق وسنن التاريخ وقوانين الاجتماع، وتبني استقرارها على الرمال. أما التي تُصالح دين الأمة وتستند إلى قيمه، فإنها ترسّخ شرعيتها، وتحفظ وحدتها، وتستثمر أعظم قوة حضارية عرفتها هذه المنطقة منذ نشأتها.
وسيظل الإسلام نابضًا في القلوب، ظاهرًا في السلوك، متجذرًا في الأجيال، بعز عزيز أو بذل ذليل، ومهما ارتفع صوت التغريب أو اشتدت قبضة العلمنة. فهذه الأمة لا تُبنى إلا على ما تؤمن به، ولا تقوى إلا بما يوافق فطرتها، ولا تنهض إلا حين تتصالح مع هويتها الربانية التي كرمها الله بها.
وما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل.
والله الهادي.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 47.93 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 46.26 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.48%)]