حياة شيخ الإسلام ابن تيمية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصحبة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 110 )           »          فوائد من قصة يونس عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 88 )           »          ثمرات الابتلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          نهي العقلاء عن السخرية والاستهزاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          فتنة المسيح الدجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          معجزة الإسراء والمعراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          كيف أتعامل مع ابني المدخن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          حقوق الأخوة في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الأقصى: فضائل وأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          الشباب أمل وألم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 27-06-2022, 12:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,210
الدولة : Egypt
افتراضي حياة شيخ الإسلام ابن تيمية

حياة شيخ الإسلام ابن تيمية
سعد محسن الشمري


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعةٌ، وكل بدعة ضلالةٌ، وكل ضلالة في النار.
عباد الله:
إن الله سبحانه وتعالى قيَّض لهذا الدين من يحييه ويدافع عنه، ويحافظ على أصوله، ويعظم السنة ويقمع البدعة، ويقيم حدود الله عز وجل ويبيِّنها للناس، يجمع بين العلم والعمل، والدعوة والجهاد، علماء ربانيين عاملين هداة مهتدين، أنوارَ الدجى، جبالَ الإسلام، ورثة الأنبياء، أهل الخشية والعبادة، أهل العلم والطاعة.

ومن رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد ما انْدَرَسَ من الدين وأصول الملة؛ كما صح عن المصطفي المختار صلى الله عليه وسلم؛ عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة مَن يجدِّد لها دينها))[1].

من هؤلاء الأئمة الأفذاذ العلماء النبلاء: شيخ الإسلام الإمام الرباني، مفتي الأمة في زمانه، سيد الحفاظ، فارس المعاني والألفاظ، فريدُ عصره، قريع دهره، العالم العابد الزاهد أحمدُ بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن تيمية الحراني، الملقب بتقي الدين، المكنَّى أبا العباس، عليه من ربه الرحمة والرضوان.

إمام عالم فقيه مجتهد أثنى عليه العلماء قديمًا وحديثًا، ومدحه الأتقياء؛ وقد عليه الصلاة والسلام: ((أنتم شهداء الله في أرضه))[2].

أظْهَرَ عقيدة السلف، وردَّ على خصومها بالحجة والبرهان؛ فكان قوةً في الحجة، رسوخًا في العلم.

قال عنه ابن دقيق العيد العالم العابد الزاهد: "رأيت رجلًا كل العلوم بين يديه بين عينيه، يأخذ ما يريد، ويَدَعُ ما يريد".

نشأ شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني النميري في بيت علمٍ وفضل وصلاح وتقًى.

أبوه عالم فاضل، وجَدُّهُ عالم متبحِّرٌ، وأمه شيخة صالحة، وله إخوة فيهم خير وبركة، ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 34].

مشى رحمه الله في حفظ ورعاية نفسه في عبادة وزهادة، كان بارًّا بوالديه، صوامًا قوامًا، مقتصدًا في مأكله وملبسه، وهكذا يكون حال من استعملهم الله عز وجل لطاعته ولدينه.

﴿ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ[النساء: 113].

نبغ شيخ الإسلام مبكرًا، وأخذ العلم عن 36 شيخًا.

حفِظ القرآن الكريم وهو صغيرٌ، أتقن العلوم من التفسير والحديث، والفقه واللغة، والتاريخ وغيرها، قبل العشرين من عمره.

ناظر واستدل وهو دون البلوغ، ومن هنا - عباد الله - لا بد أن نوطِّن أبناءنا وأطفالنا على حفظ القرآن وطلب العلم، ونحفزهم على حفظه وطلبه، فإنه طلبه في الصغر أثبتُ له في قلبه، وأوعى له إذا كَبِرَ.

جلس شيخ الإسلام ابن تيمية للتدريس في الحادية والعشرين من عمره، درس التفسير ونشر العلم وألف وهو ابن 17 سنة، قد منحه الله تعالى القوة في الاجتهاد والتجديد، والإمامة والجهاد.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعنْ بالله ولا تَعجِزْ))[3].

شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جعل عمره وحياته لله وفي الله، عن دينه ينافح ويدافع، حياته جادةٌ لا تعرف الهَزْلِ، نزَّه نفسه عن أراذل الأخلاق من الغِيبة والنميمة، بل لا يغتاب أحده عنده، ولا يجرؤ عنده أحدٌ على غيبة أحدٍ.

امتثِل قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة))، فأولى الولاة منها نصيبًا عظيمًا، يأمرهم وينهاهم ويرشدهم إلى ما فيه الخير والصلاح، لا يكفِّرهم ولا يخرج عليهم، بل يرى السمع والطاعة لهم مع النصح والأمر والنهي، رحمه الله رحمة واسعة.

قوَّى نفسه بحول الله وقوته في عبادة الله عز وجل، داوم على ذكره وأوراده، لا يشغله عن ذلك شاغل، ولا يصرفه صارف، كان يجلس بعد الفجر حتى تتعالى الشمس يقرأ سورة الفاتحة يكررها؛ لِما فيها من عظيم الثناء على الله عز وجل.

أين من يُظْهِرُ القوة في أمور الدنيا، وإذا حضرت العبادة تثاقلت أعضاءه، وأُصيب بالخمول؟!

اقتصد شيخ الإسلام في أمور معاشه، زهِد في المناصب وكفَّ عن زخرفها.

ما تزوج ولا تسرَّى، لا رغبةً في السنة، لكنه مُثْقَلٌ بواجب العلم والدعوة والجهاد.

جاهد أعداء الله بلسانه من أهل الأهواء والبدع، وأهل الكلام والفلسفة.

جاهد أهل الصليب والتثليث من أمة النصارى، وأفحم اليهود على ما هم عليه من التبديل والتزوير، كشف باطل أهل الإلحاد.

جاهد بسيفه وسِنانه التتار، وأبلى في معركة شقحب بلاء حسنًا.

وقد نال شيخ الإسلام عظيمُ الأذى من خصومه، ادَّعوا عليه الدعاوى الكاذبة، حتى أُوذِيَ بالحبس سبع مرات، فصبر رحمه الله.

بالصبر واليقين تُنال الإمامة بالدين:
قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 73]؛ قال سفيان رحمه الله: "هكذا كان هؤلاء، ولا ينبغي للرجل أن يكون إمامًا يُقتدى به حتى يتحامى عن الدنيا".

هذا شيخ الإسلام رغِب عن الدنيا وملذاتها، وقام بالدعوة والجهاد، وجدَّد دين الله تعالى، حقَّق التوحيد، ولا سيما توحيد الأسماء والصفات، رمى بشُهُبِ الحق على المبتدعة عامة؛ من جهمية ومعتزلة، وخوارج ورافضة، وضَعَ مجمل اعتقاد أهل السنة والجماعة بما دل عليه الكتاب والسنة، وأجمعت عليه الأمة من أركان الإيمان وصفات الرب سبحانه تعالى؛ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى: 11].

وأن الله تعالى عالٍ على خلقه، قد استوى على عرشه، وذلك في (رسالة الواسطية) رسالة مجملة فريدة.

وأبطل ما عليه الرافضة في كتابه: (منهاج السنة النبوية).

وقمع كل من تجرأ على سبِّ الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابه: (الصارم المسلول على شاتم الرسول).

وفنَّد كل ما يتعلق به القبوريون من شدِّ الرحال إليها والتمسح بها، ونحو ذلك، بكتابه (التوسل والوسيلة)، وأسقط بنيان النصارى بكتابه: (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح).

كل ذلك قاعدته كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى خطى سلفنا الصالح الذين أُمِرْنا باتباع طريقهم، وغير ذلك من الكتب التي لا تُحصى كثرة.

نسأل الله تعالى أن ينفع بها.

ثم في ليلة الاثنين، العشرين من ذي القعدة سنة 728، توفي رحمه الله في السجن الذي حُبس فيه ظلمًا، وكانت جِنازته مهولة عظيمة، حتى إن العساكر يحفظونها من الناس من شدة الزحام، رحمه الله رحمة واسعة.

حياة واسعة بالعلم والجهاد والدعوة.
نسأل الله أن يرحمه، ويغفر له، ويعفو عنه.
نسأل الله أن يمُنَّ علينا بمَن يجدد أمر هذا الدين، ويُزيل ما شوَّه جماله.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ فاستغفروه من كل ذنب، يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
فلتعلموا - عباد الله - أن أهل السنة والجماعة؛ أهل الحديث والأثر، أتباع السلف الصالحين - لا يقدِّسون الأشخاص، بل ينزلونهم منزلتهم التي أنزل الله عز وجل.

شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني، شأنه شأن غيره من أئمة الإسلام يخطئون ويصيبون، وصوابهم أكثر، وخطؤهم مغفور، إن شاء الله.

قال تلميذه ابن كثير رحمه الله:
"وبالجملة كان رحمه الله من كبار العلماء، وممن يخطئ ويصيب، ولكن خطؤه بالنسبة إلى صوابه كنقطة في بحر لجيٍّ، وخطؤه أيضًا مغفور له؛ كما في صحيح البخاري: ((إذا اجتهد الحاكم، فأصاب، فله أجران، وإذا اجتهد، فأخطأ، فله أجر))، فهو مأجور.

وقال الإمام مالك بن أنس: "كل أحد يُؤخَذ من قوله ويُترك إلا صاحب هذا القبر".

هذه قاعدتنا مع علمائنا، نحفظ لهم مكانتهم ونوقرهم ونحترمهم، ونعتقد أن توقيرهم توقير للعلم الذي يحملون، والشريعة التي عنها ينافحون، ونحن ندور مع الدليل حيث دار، أما المبغضون لأهل الحديث والأثر، الشانئون لطريقة أهل السنة، فلا نعبأ بهم، ونسير حيث سار سلفنا الصالح.
﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا[النساء: 115].

[1] رواه أبو داود رقم: 4291، وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" رقم: 599.

[2] أخرجه البخاري (1367).

[3] مسلم: 2664.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.46 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.78 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]