معاقل الوحي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حكم من استعمل الصابون المعطر قبل الحلق أو التقصير في الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ما حكم ذبح الأضحية بعد صلاة العيد وقبل انتهاء الخطبة ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الإنابة في الحج عن المرأة الكبيرة التي لا تجد محرمًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم إلقاء جلد الأضحية وعدم الانتفاع به,فتوى عن التخلص من جلد الخروف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حكم الجمع بين الأضحية والعقيقة في ذبيحة واحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أحاديث في استحباب صيام العشر الأول من ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          معنى اسم الله العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          معنى اسم الله الحكيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          صلاة الفجر وما أدراك ما صلاة الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الشتات أقوى وسائل الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-07-2025, 12:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 164,350
الدولة : Egypt
افتراضي معاقل الوحي





معاقل الوحي


كنتُ أقلب نظري في مشهد هذا الزمن المتسارع، وأتأمل ذاتي في خلوة السكون، فجرى على خاطري سؤالٌ قديمٌ جديد: كيف تُبنى الأمم؟ سؤالٌ ما أزال أعود إليه كلما اختلطت عليّ الأصوات، واضطربت المعايير.
فوجدتني أُحدث نفسي: إنّ كل أمة لا تُبنى على مشاريعها الظاهرة ولا على موازناتها الصاخبة، بل على ما تُغرس في وجدان ناشئتها من المعاني الأولى، والمفاهيم المؤسسة، والموازين الفطرية.
فإن غُرست فيهم لغة السوق، تشكّلت نفوسهم على مقادير الأرباح والخسائر، وإن سُقوا الترفيه، ترسّخت فيهم هشاشةُ اللهو، وإن نُفث في أرواحهم من الوحي، استقامت الوجهة، وتعلّقت القلوب بالسماء، وصار للقرآن في حياتهم مقام المرجع والبوصلة.
ثم نظرتُ إلى طوفان المشاريع الإعلامية، وحراك المبادرات الجماهيرية، فإذا هي تُدهش العين في لحظتها، ثم لا تلبث بعضها أن تخفت وتغيب، أما الذي يمكث، فهو ذاك العمل البعيد عن الأضواء، البعيد عن لافتات التسويق، القريب من أصل الإنسان.
هو ذاك المجلس القرآني الصغير في مسجدٍ هادئ، حيث يُتلى القرآن لا لأجل المسابقة، بل لتتشرّب به النفس وتستقيم به الحياة، هو عملٌ لا تفتنه الشهرة، ولا يُغريه التصفيق، لأنه ببساطة: لا ينتمي لهذه الأرض، بل يتصل بالسماء.
حلقات القرآن في القرى والمدن ليست مشروعات تعليمية فحسب، بل هي مواطن إحياء، تُعيد للناس صلتهم بخالقهم، وتُعيد تشكيل الوعي على معيار الوحي، لا على موجات الرأي العام، من هذه الحلقات تخرج الفطرةُ من ركامها، وتُسقى الأرواح التي أرهقها الضجيج، وتُبنى الهوية من جذورها، لا من قشور الانفعال.
حين تنعقد حلقة في مسجد صغير بأطراف قرية، أو في زاوية مدرسة، قد لا يُحدث ذلك ضجيجًا في الواقع الظاهر، لكنك إن تأملتَ آثارها بعد سنوات، رأيتَ رجولةً تُبنى، وبصائر تُشحذ، وقلوبًا تتشكل على موازين الوحي، لا على هوى الواقع.
تأمل هذا الأثر البعيد في ضوء كلمةٍ جامعة قالها الإمام مالك:“فُتحت المدينة بالقرآن، يعني: أنَّ أهلها إنما دخلوا في الإسلام بسماع القرآن.” [ (تفسير ابن رجب الحنبلي: ١ / ٩٠) ]
ليس الحديث هنا عن مدينةٍ جغرافية فحسب، بل عن مدينة القلب، قلب الطفل الذي يبدأ الانتماء فيه من أول “ألف لام ميم”، قلب الشاب الذي لم تحصّنه أطروحات الحداثة، فحصّنه القرآن، قلب الفتاة التي لم تُقنعها الشعارات النسوية، لكن أبكتها آية.
المعلم في حلقة القرآن لا يُدرّس فقط، بل يُعيد تشكيل الإدراك، ويغرس مفاهيم الولاء، ويُعيد تعريف النصر، ويزرع في النفوس أن العاقبة للمتقين، معلّمو القرآن ومعلماته لا يعملون على نص جامد، بل يحيون النفوس بما أحيا الله به القلوب، هم يبنون الجدار الأعمق في معركة الهوية، يصنعون الوعي الذي لا يُغيّره الرأي العام، ويُقيمون سوق الآخرة في زمنٍ طغى فيه سوق الشهرة والهوى.
أما أولئك الذين ظنوا أن الحلقات تكرارٌ لما حُفِظ، أو تقليدٌ لما سبق، فقد غفلوا عن أن هذه الحلقات هي من أعظم مشروع لبناء الأمة، منها يخرج جيل يعرف من أين يبدأ، وإلى أين يتجه، وبماذا يرتبط.
فيا من رزقك الله مكانًا في تعليم كتابه، لا تظن أن دورك صغير، كل آية تُرسخ في قلب صغير، هي لبنة في بناء أمة، وكل حرفٍ يتعلمه تلميذك، قد يكون فارقًا يوم تُرفع الموازين، ويا من مررت على مسجد فيه حلقة قرآن، فلا تنظر إليه كأنه هامش في مشهد المدينة، ولربما كانت الهوامش في أعيينا هي مراكز التغيير الحقيقة.
وفي زمان الفوضى، كل بيتٍ يُخرّج حافظًا، وكل مسجد يُقيم حلقة، هو جدار صدّ في معركة الهوية الكبرى.
اللهم يا مؤنسَ أهل القرآن، ومُوقِدَ أنوار القلوب بكلامك، اجعل لمعلّمي كتابك نصيبًا من جلالك، وذخرًا من كرمك، وأثرًا لا يندثر في صدور العباد، وارفعهم مقاماتٍ لا تبلغها الألسن، بما علّموا من حروفك، وبما غرسوا من هُداك، فإنهم عمّار مساجدك، وسُقاة رياضك، وأمناءُ نورك في الأرض.
••

منقول








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.83 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (2.87%)]