الإحكام في فقه الرؤى والأحلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8862 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21978 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          النهي عن الانتساب إلى شيخ أو حزب أ و جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الفتاوى والرقى الشرعية وتفسير الأحلام > ملتقى تفسير الاحلام والرؤى
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى تفسير الاحلام والرؤى ملتقى يختص بتفسير الأحلام والرؤى على مذهب اهل السنة والجماعة .. هذا القسم متوقف حاليا عن طرح المنامات الجديدة الى ان يتيسر حضور المشرفين ومتابعة تفسير الاحلام القديمة المطروحة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-02-2011, 02:42 PM
الصورة الرمزية أم اسراء
أم اسراء أم اسراء غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
مكان الإقامة: اينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 3,066
افتراضي الإحكام في فقه الرؤى والأحلام

نعرض إن شاء الله لجملة من احكام الرؤى والأحلام بصورة سهلة ومبسطة :


معنى الرؤيا ، والحُلْم :


الرؤيـــا :
ما يراه الإنسان في نومه ، وجمعها (رُؤىً)
أما الرؤية بالتاء المربوطة ، فقد قال الراغب([1]) : إدراك المرء بحاسة البصر (بمعنى: ما يراه الإنسان بالعين) .
وتطلق على ما يدرك بالتخيل ، نحو : أرى أن زيدا مسافر ، وعلى التفكر النظري ، نحو : (إني أرى ما لا ترون) وعلى الرأي ، وهو : اعتقاد أحد النقيضين على غلبة الظن . انتهى

والحُــلْـمُ([2]) :
بضم الحاء ، يعني الرؤيا ، أي مايراه الإنسان في نومه أيضا ، وجمعه (أحلام)
فالرؤيا والحُلم بمعنى واحد ، إلا أنَّ النبي r قد فرَّقَ بينهما([3]) ، فجعل الرؤيا في الخير ، وهي من الله ، أما الحُلم فجعله في الشر ومن الشيطان.

قال ابن الجوزي رحمه الله([4]): اعلم أن الرؤيا والحلم بمعنى واحد ، غير أن صاحب الشرع ، خصَّ الخيرَ باسم الرؤيا ، والشرَ باسم الحُلم .
قال ابن حجر رحمه الله([5]): وظاهر قوله r" الْرُؤيا مِن اللهِ ، والْحُلْمُ مِن الشَّيْطَانِ " ([6])
أن التي تُضاف إلى الله لا يُقال لها حُلم ، والتي تُضاف للشيطان لا يُقال لها رؤيا ، وهو تصرف شرعي ، وإلا فالكل يُسمى رؤيا ، وقد جاء في حديث آخر

(الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ)([7]) فأطلق على كلٍ رؤيا .

بيان لمعنى بعض الكلمات :

- تعبير الرؤيا أو عبارة الرؤيا : أي تفسير الرؤيا .
قال المناوي رحمه الله([8]): التعبير مُخْتص بتفسير الرؤيا ، وهو العبور من ظواهرها إلى بواطنها ، وهو أخص من التأويل، فإن التأويل: يُقال فيه (أي : في تفسير الرؤيا) وفي غيره.

- مُعَبِرُ أو عَابر الرؤيا : يُقصد بهذا : مُفسر الرؤيا .

قال في القاموس ([9]): عبَرَ الرُّؤيا عَبْراً وعِبارةً وعَبَّرَها : فَسَّرَها وأخْبَرَ بآخِرِ ما يَؤُولُ إليه أمْرُها . واسْتَعْبَرَه إيَّاها : سَألَه عَبْرَها .
وفي المصباح([10]) : ( عَبَرْتُ ) الرؤيا ( عَبْرًا ) أيضا و ( عِبَارَةً ) فسرتها و بالتثقيل مبالغة وفي التنزيل ( إِنْ كُنْتُمْ للرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ )

يقال([11]) : عَبَرتُ الرُّؤْيا أعبُرُها عَبْراً وعَبَّرتُها تَعْبيراً إذا أوّلْتَها وفَسَّرتها وخَبَّرت بآخِر مَا يؤَول إليه أمرُها .
يقال : هو عَابِرُ الرُّؤْيا وعابرٌ للرُّؤْيَا وهذه اللام تُسَمى لاَمَ التَّعْقِيب لأنَّها عَقَّبَت الإضافَة.
وقال ابن منظور رحمه الله([12]): قيل لعابر الرؤيا : عابر ؛ لأنه يتأمل ناحيتي الرؤيا([13])، فيتفكر في أطرافها ، ويتدبر كل شيء منها ، ويمضي بفكره فيها ، من أول ما رأى النائم إلى آخره

- أضغاث أحلام : الأضغاث مفردها : الضِّغْث ، وهو الشيء المختلط في بعضه فلا يتضح ، أو الشيء الذي التبس بعضه ببعض.
فأضغاث أحلام : بمعنى الأحلام التي لا تأويل لها ولا خير فيها لاختلاطها ، ودخول بعضها في بعض.
فقوله تعالى : (قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ) {أي: رؤياك أخلاط([14]) (ملتبسة) ليست برؤية بَيِّنةٍ.

- الحِلْمُ ([15]): الحلم بالكسر الأناة والصفح ، فالحليم الذي لا يستفزه غضب ، ولا يستخفه جهل جاهل ولا عصيان عاص. ولا يستحق الصافح مع العجز اسم الحلم

وقال المناوي رحمه الله ([16]): الحلم احتمال الأعلى الأذى من الأدنى ، وهو ضبط النفس والطبع عند هيجان الغضب ، وعَبَّرَ عنه بعضهمبالطمأنينة عند الغضب.


أقسام الرؤى والأحلام([17])

الرؤيا أو الحُلم التي يراها الإنسان في نومه لا تخرج عن ثلاثة أقسام :

1-رؤيا حسنة. 2- حُلم سيء. 3- الأضغاث.

أولاً : الرؤيا الحسنة أو الصالحة أو الصادقة([18]):

هي التي ترى فيه ما تحب، أو ما يمنعك عن شر تريد فعله.

ثانياً :الحلم السيء : هو الذي ترى فيه ما يحزنك ، أو يفزعك.

ثالثاً : الأضغاث : أي الأخلاط : وهي أنواع :

الأول : تلاعب الشيطان بالإنسان ، كأن يرى رأسه قُطعت وهو يتبعه([19]).

الثاني : أن يرى بعض الأفاضل ، أو أهل الصلاح يحرضونه على الشر أو على المحرمات .

الثالث : أن يرى ما يحدث به نفسه أو يتمناه : كأن يشغلك أمر ما ، وتكثر التفكير فيه، فلمَّا تنام تراه في نومك.
أو تكون معتاد على فعل شيء في يقظتك كأن تتناول الطعام في وقت معين، ثم تنام فيه، فترى في منامك أنك تأكل، أو تنام ممتلأ البطن من الطعام، فترى أنك تتقيأ، أو ما شابه ذلك.
فمثل هذا النوع من الأحلام لا تعبير له أو تفسير إنما هو أضغاث أحلام فلا يشغلك. ودليل هذ : عن أبي هريرةt قال رسول الله r : (... الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنَ اللَّهِ ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ ...)([20])

قال البغوي رحمه الله([21]): قوله (الرُّؤْيَا ثَلاَثَةٌ) فيه بيان أن ليس كل ما يراه الإنسان في منامه يكون صحيحًا ، ويجوز تعبيره(تفسيره) ، إنما الصحيح منها ما كان من الله عزوجل يأتيك به ملك الرؤيا([22]) من نسخة أم الكتاب ، وما سوى ذلك أضغاث أحلام. انتهى.
آداب الــــــرؤى



ولكل نوع من هذه الرؤى آداب وسلوكيات يجب أن يراعيها العبد ، حتى يتم له الخير ، إن كانت حسنة ، أو يدفع عنه السوء إن كان الحلم سيئاً.



أولاً : الرؤيا الحسنة أو الصالحة : فَمَنْ أَنْعَمَ الله عليه برؤية حسنة فعليه :

أن يعلم أنها من الله .

وأن يستبشر بها خيراً.

وأن يحمد الله عليها.

وأن يحكيها إن شاء، ولكن لمن يحبه فقط([1]).

ويد ل على ما سبق :

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ t: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ r يَقُولُ : (إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا ، فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ ، فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا ..)([2])



وفي لفظ عند مسلم من حديث أبي قتادة t «... فَإِنْ رَأَى رُؤْيَا حَسَنَةً فَلْيُبْشِرْ وَلاَ يُخْبِرْ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ »([3])

الرؤيا الحسنة ، قد لا تتحق ، وقد تكون من تليس الشيطان.



- وقد يرى أحدهم رؤيا حسنة ، ولكنها قد تكون من تلبيس الشيطان وخداعه بالعبد ، وخاصة إذا كان قريب عهد بطاعة ربه ، وقليل العلم ، فيجعله يرى نفسه قد وصل إلى منزلة ، لم يصل غيره لها ، أو أنه أصبح من أهل الجنة ، فينخدع بعمله فيهلك .

عن حارثة بن مضرب : أن رجلا رأى رؤيا : من صلى الليلة في المسجد دخل الجنة ، فخرج عبد الله بن مسعود t وهو يقول : (اخرجُوا ، لا تَغْترُوا ، فَإِنَّمَا هِي نَفْخَةُ شَيْطَانٍ)([4])

و قال الطبري رحمه الله([5]): فإن قال قائل: فإن كانت كل رؤيا حسنة وحى من الله وبشرى للمؤمنين، فما باله يرى الرؤيا الحسنة أحيانًا، ولا يجد لها حقيقة فى اليقظة؟


فالجواب: أن الرؤيا مختلفة الأسباب فمنها من وسوسة وتخزين للمؤمن ، ومنها من حديث النفس فى اليقظة فيراه فى نومه ، ومنها ما هو وحى من الله ، فما كان من حديث النفس ووسوسة الشيطان ، فإنه الذي يكذب، وما كان من قبل الله فإنه لا يكذب.


الرؤية الصالحة : من مبشرات النبوة .


عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍt قَالَ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ r السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ t

فَقَالَ « أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ..»([6])

وفي حديث أبي هريرة قال رسول الله : r (لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلا الْمُبَشِّرَاتُ ، قَالُوا : وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ)([7])

قال ابن حجر رحمه الله([8]): عند قوله : r (لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلا الْمُبَشِّرَاتُ)
ظاهر هذا ، مع ما تقدم من أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة ، أن الرؤيا نبوة ، وليس كذلك ، إذ المراد تشبيه أمر الرؤيا بالنبوة ، أو لأن جزء الشيء لا يستلزم ثبوت وصفه له ، كمن قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، رافعا صوته ، لا يُسمى مؤذنا ، ولا يُقال : أنه أذن ، وإن كانت جزءا من الأذان ، وكذا لو قرأ شيئا من القرآن وهو قائم لا يُسمى مُصليا ، وإن كانت القراءة جزءا من الصلاة .

ويؤيده : حديث أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ : (ذَهَبَتْ النُّبُوَّةُ ، وَبَقِيَتْ الْمُبَشِّرَاتُ)([9]) أخرجه أحمد وبن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان

ولأحمد عن عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ : (لا يَبْقَى بَعْدِي مِنْ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ ، إِلا الْمُبَشِّرَاتُ)([10])

وعن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r (إِنَّ الرِّسَالَةَ وَالنُّبُوَّةَ قَدْ انْقَطَعَتْ ، فَلا رَسُولَ بَعْدِي وَلا نَبِيَّ ، قَالَ : فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ ، قَالَ : قَالَ : وَلَكِنْ الْمُبَشِّرَاتُ ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ : وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : رُؤْيَا الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ ، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ)([11])

قال المهلب : ما حاصله التعبير بالمبشرات خرج للأغلب فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يريها الله للمؤمن رفقا به ليستعد لما يقع قبل وقوعه. انتهى .

وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : } لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا { فَقَالَ : " مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُكَ مُنْذُ أُنْزِلَتْ هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ "([12])


الـرؤيــا الصــادقــة

بالجملة : فإن أهل العلم يتفقون على أن الرؤيا الصادقة من الله تعالى ، وأن التصديق بها حق ، وتحتاج إلى التأويل الحسن ، ولا ينبغي أن تُعبر إلا من أهل العلم العارفين بالتأويل ، كما أن فيها من بديع صنع الله ، وجميل لطفه ما يزيد المؤمن فى إيمانه .


الرؤيا الصادقة قسمان :

الأول : رؤيا لا تحتاج إلى تفسير ، كأن يرى الإنسان في نومه شيئاً ما ، ثم يُصبح يراه في الحقيقة كما رآه في النوم.

الثاني : رؤيا تحتاج إلى تفسير ، كأن يرى الإنسان في نومه إشارات أو دلالات ، أو إيحاءات تدل على شيء معين ، يحتاج إلى إدراكها وفهمها ، إعمال العقل والتفكير .

كما أن الرؤيا الصادقة ، ربما لا تكون سارة ، بل قد تأتي محذرة من شيء ، قد يقع بالإنسان فيستعد له ، أو تنبه على محرم هو يقع فيه ، فينتهي عنه .


أصناف الناس في رؤياهم من حيث الصدق والكذب ، وموافقتها للواقع .

1- الأنبياء ([13]): رؤياهم كلها صادقة ، إذ هي وحي من عند الله عز وجل ، وإن احتاجت أحياناً للتفسير. فَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ ، فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ"([14])

2- الصالحون([15]) : الأغلب في رؤياهم الصدق ، وقد لا تحتاج أحياناً إلى تفسير، فتقع كما يراها.

3- مستورون: بمعنى أن حالهم مع الله وسط، فكذلك يكون ما يرونه في نومهم، وسط بين الصواب والتخليط.

4- الفسقة والمبتدعة: فالغالب على رؤياهم التخليط والكذب، وإن ظهر أحيانا في رؤياه الصدق، فغالبا يكون من الشيطان، ليخدعه بنفسه ويزين له ما هو عليه من الباطل، فيعتقد أنه على خير، ويقول له أمارة ذلك أنك ترى الرؤيا فتقع لك.

5- الكفار : يندر في رؤياهم الصدق، وإن وُجِدَ أحياناً كما كان في رؤيا عزيز مصر، ورؤيا السجينين اللذين كانا مع يوسف u.

قال ابن حجر رحمه الله([16]): قال أهل العلم بالتعبير :

إذا رأى الكافر أو الفاسق الرؤيا الصالحة ، فإنها تكون بشرى له بهدايته إلى الإيمان مثلا أو التوبة ، أو انذار من بقائه على الكفر أو الفسق . وقد تكون لغيره ممن ينسب إليه من أهل الفضل .

وقد يرى ما يدل على الرضا بما هو فيه ، ويكون من جملة الابتلاء والغرور والمكر ، نعوذ بالله من ذلك .

قال العيني رحمه الله([17]) : معلقا على عنوان البخاري رحمه الله (باب رؤيا أهل السجون والفساد والشرك)
أشار (أي : البخاري رحمه الله) بهذا إلى أن الرؤيا الصالحة معتبرة في حق هؤلاء ، بأنها قد تكون بشرى لأهل السجن بالخلاص ، وإن كان المسجون كافرا تكون بشرى له بهدايته إلى الإسلام ، كما كانت رؤيا الفتيين اللذين حُبِسَا مع يوسف عليه السلام صادقة.

وقال أبو الحسن بن أبي طالب : وفي صدق رؤيا الفتيين حجة على من زعم أن الكافر لا يرى رؤيا صادقة .
وأما رؤيا أهل الفساد فتكون بشرى لهم بالتوبة والرجوع عمَّا هم فيه ، وأما رؤيا الكافر فتكون بشرى له بهدايته إلى الإيمان . انتهى.
الفرق بين رؤيا المؤمن الصادقة ، ورؤيا الكافر الصادقة



قال ابن بطال رحمه الله([1]) : فإن قيل: فإذا رأى الكافر رؤيا صادقة ، فما مَزيه المؤمن عليه فى رؤياه ، ومعنى خصوصه عليه السلام المؤمن بالرؤيا الصادق فى قوله: « يراها الرجل الصالح أو ترى له » ؟.

فالجواب: أن لمنام المؤمن مزية على منام الكافر ، في الإنباء ، والإعلام والفضل ، والإكرام ، وذلك أن المؤمن يجوز أن يُبشر على إحسانه ويُنبأ بقبول أعماله ، ويُحذر من ذنب عمله ، ويُردع من سوء قد أمله ، ويجوز أن يُبشر بنعيم الدنيا وينبأ ببؤسها.
والكافر فإن جاز أن يحذر ويتوعد على كفره فليس عنده ما عند المؤمن من الأعمال الموجبة لثواب الآخرة .

وكل ما بشر به الكافر من حالة وغبط به من أعماله ، فذلك غرور من عدوه ، ولطف من مكائده فنقص لذلك حظه من الرؤيا الصادقة عن حظ المؤمن ؛ لأن النبي عليه السلام حين قال: « رؤيا المؤمن ، ورؤيا الصالح جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة »
لم يذكر فى ذلك كافرًا ولا مبتدعًا ، فأخرجنا لذلك ما يراه الكافر من هذه التقدير والتجزئة ؛ لما فى الأخبار من صريح الشرط لرؤيا المؤمن . انتهى.
الرؤيا الصادقة جزء من أجزاء النبوة :
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ tأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ :
« الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ»(
[2])



1) شرح صحيح البخاري لابن بطال [ج9]



2) (صحيح) البخاري [6983] قال الإمام النووي رحمه الله في شرح مسلم [ج15]وفي رواية : رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة ، وفي رواية الرؤيا الصالحة : جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .
وفي رواية : رؤيا الرجل الصالح جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة .
وفي رواية : الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة.
فحصل ثلاث روايات : المشهور ستة وأربعين ، والثانية خمسة وأربعين ، والثالثة سبعين جزء.
وفي غير مسلم من رواية ابن عباس : من أربعين جزءا ، وفي رواية : من تسعة وأربعين ، وفي رواية العباس : من خمسين ، ومن رواية ابن عمر : ستة وعشرين ومن رواية عبادة من : أربعة وأربعين .
قلتُ : قال ابن حجر في الفتح [ج12-ص380] أصحها مطلقا رواية (ستة وأربعين جزءا) وانظر الجامع لأحكام القرآن[ج9-ص101]
ثم قال الإمام النووي رحمه الله : قال القاضي : أشار الطبري إلى أن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي ، فالمؤمن الصالح : تكون رؤياه جزءا من ستة وأربعين جزءا ، والفاسق جزءا من سبعين جزءا . (سنذكر كلام الطبري في آخر المسألة)
وقيل المراد : أن الخفي منها جزء من سبعين ، والجلي جزء من ستة وأربعين .
قال الخطابي وغيره : قال بعض العلماء أقام صلى الله عليه وسلم يوحى إليه ثلاثا وعشرين سنة منها عشر سنين بالمدينة وثلاث عشرة بمكة وكان قبل ذلك ستة أشهر يرى في المنام الوحي وهي جزء من ستة وأربعين جزءا .
قال المازرى : وقيل المراد أن للمنامات شبها مما حصل له وميز به من النبوة بجزء من ستة وأربعين .
قال وقد قدح بعضهم في الأول بأنه لم يثبت أن أمد رؤياه صلى الله عليه وسلم قبل النبوة ستة أشهر وبأنه رأى بعد النبوة منامات كثيرة فلتضم إلى الأشهر الستة وحينئذ تتغير النسبة .
قال المازرى : هذا الاعتراض الثاني باطل لأن المنامات الموجودة بعد الوحي بإرسال الملك منغمره في الوحي فلم تحسب قال ويحتمل أن يكون المراد أن المنام فيه إخبار الغيب وهو إحدى ثمرات النبوة ، وهو ليس في حد النبوة لأنه يجوز أن يبعث الله تعالى نبيا ليشرع الشرائع ويبين الأحكام ولا يخبر بغيب أبدا ولا يقدح ذلك في نبوته ولا يؤثر في مقصودها وهذا الجزء من النبوة وهو الإخبار بالغيب إذا وقع لا يكون إلا صدقا والله أعلم.
قال الخطابي : هذا الحديث توكيد لأمر الرؤيا وتحقيق منزلتها .
وقال وإنما كانت جزءا من أجزاء النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم وكان الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يوحي اليهم في منامهم كما يوحي اليهم في اليقظة . قال الخطابي وقال بعض العلماء معنى الحديث أن الرؤيا تأتي على موافقة النبوة لأنها جزء باقٍ من النبوة والله أعلم.

قال ابن بطال في شرح صحيح البخاري [ج9] قال الطبري: والصواب أن يقال إن عامة هذه الأحاديث أو أكثرها صحاح ، ولكل حديث منها مخرج معقول.
فأما قوله: « من سبعين جزءًا من النبوة » . فإن ذلك قول عام فى كل رؤيا صالحة صادقة لكل مسلم رآها فى منامه على أي أحواله كان. وهذا قول ابن مسعود وأبى هريرة والنخعي أن الرؤيا جزء من سبعين جزءًا من النبوة.
وأما قوله (أنها جزء من أربعين أو ستة وأربعين) فإنه يريد بذلك ما كان صاحبها بالحال التي ذكر عن الصديق رضي الله عنه أنه يكون بها. روى ابن وهب عن عمرو بن الحارث أنبكر بن سوادة حدثه أن زياد بن نعيم حدثه أن أبا بكر الصديق كان يقول: لأن يرى الرجل المسلم يسبغ الوضوء رؤيا صالحة أحب إلى من كذا وكذا. =
= قال الطبري: فمن كان من أهل إسباغ الوضوء فى ،والصبر فى الله على المكروهات وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فرؤياه الصالحة إن شاء الله جزء من أربعين جزءًا من النبوة ، ومن كانت حاله فى ذاته بين ذلك فرؤياه الصادقة بين الجزء من الأربعين إلى السبعين لا ينتقص عن سبعين ولا يزاد على الأربعين.
ثم قال ابن بطال رحمه الله : أصح ما فى هذا الباب أحاديث الستة وأربعين جزءًا ويتلوها فى الصحة حديث السبعين جزءًا، ولم يذكر مسلم فى كتابه غير هذين الحدثين
ثم قال أيضا : فإن قيل: فما معنى اختلاف الأجزاء فى ذلك فى القلة والكثرة ؟
قيل: وجدنا الرؤيا تنقسم قسمين لا ثالث لهما : وهو أن يرى الرجل رؤيا جلية ظاهرة التأويل مثل من رأى أنه يعطى شيئًا فى المنام فيعطى مثله بعينه فى اليقظة ، وهذا الضرب من الرؤيا لا إغراق فى تأويلها ولا رمز فى تعبيرها.
والقسم الثاني : ما يراه من المنامات المرموزة البعيدة المرام فى التأويل ، وهذا الضرب يَعسر تأويله إلا على الحذاق بالتعبير(المهرة بتفسير الرؤى) لبُعد ضرب المثل فيه ، فيمكن أن يكون هذا القسم من السبعين جزءًا كانت الرؤيا أقرب إلى النبأ الصادق ، وأمن من وقوع الغلط فى تأويلها، وإذا كثرت الأجزاء بَعُدَتْ بمقدار ذلك وخفي تأويلها ، والله أعلم بما أراد نبيه صلى الله عليه وسلم .وللمزيد انظر الفتح لابن حجر [ج12-ص 380] والاستذكار لابن عبد البر [ج8- ص 454]

__________________

مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 100.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 98.53 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.72%)]