موارد مال اليتيم بين الحل والتحريم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13916 - عددالزوار : 744629 )           »          إزاي تفرقي بين العسل النقي والمغشوش؟ 4 طرق لاختباره بنفسك في البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          6 خطوات للعناية بالقدمين في الصيف.. الترطيب اليومي أساسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          10 حاجات لازم تبعديها عن البوتجاز.. ممكن تسبب حريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          سنة أولى أمومة.. اعرفى إزاى تهتمى بشعر طفلك وإمتى تغسليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          خطة طوارئ مضمونة لاستعادة نضارة بشرتك فى 72 ساعة.. مثالية للمناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          5 تريكات فعالة تسهل إنقاص الوزن من غير حرمان.. الدايت أسلوب حياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          طريقة عمل براونيز النوتيلا بمكونين فقط.. وصفة حلويات سريعة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          6 خطوات لاستعادة حيويتك بعد خروجة أو مقابلة استنزفت طاقتك النفسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          5 وصفات طبيعية قابلة للأكل هتنور وشك.. اتنين فى واحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 18-02-2020, 02:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,203
الدولة : Egypt
افتراضي موارد مال اليتيم بين الحل والتحريم

موارد مال اليتيم بين الحل والتحريم


الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد






الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه واتبع خطاه إلى يوم الدين، وبعد:
الأصلُ في أموال المسلمين وأعراضهم ودمائهم التحريمُ والحظر، فلا تُتَناوَلُ إلا بطيبِ نفسٍ من أصحابها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وأعراضَكُمْ [وأبشارَكُم] عَلَيْكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِى بَلَدِكُمْ هَذَا، فِى شَهْرِكُمْ هَذَا، [إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟»..] مختصر صحيح الإمام البخاري للألباني (3/ 108) ح (1831).

والتحليلُ والتحريمُ في الأموالِ ليس لاجتهادِ الناس وآرائهم، بل هو للهِ سبحانه، فقد قال: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ﴾ [يونس: 59]، وقال جل جلاله:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32].

وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

ومن الأموال المحرَّمَةِ تلك المكتسبةُ من الربا، ولو كانت عن طريق التراضي، قال سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ﴾ [البقرة: 275، 276].

والأموال التي أُخِذَت دون رضى أصحابها، مثل: الأموالِ المغصوبة، والمسروقةِ والمنهوبة، والتي تُحَصَّلُ عن طريق الغِشِّ والغَبْن، والبيوعِ الباطلة، ونحوِ ذلك من معاملاتٍ حرَّمتها الشريعة.

ومواردُ الأموال بالنسبةِ للأيتام كثيرة، واستيعابُها في هذه العُجالة عسير، فلنتكلَّم عمَّا تيسَّرَ، ويوزَّعُ الكلامُ على مواردِ المالِ المباحِ الحلال، ثم الحديثُ عن مواردِ المالِ المحظورِ الحرام.

أولا: موارد المال المباح الحلال للأيتام:
1- الميراث:
واليتيم لا يكون يتيما إلا بهلاك والده، قال ابن سيده: [العَجِيُّ من النَّاس؛ الَّذِي تَمُوت أمُّه فيُقامُ عَلَيْهِ، فَإِن مَاتَ أَبوهُ فَهُوَ يَتِيمٌ، وَإِن مَاتَا مَعًا فَهُوَ لَطِيمٌ،..]. [1]

فإذا فقد والده، وقد ترك له موردا من موارد الأموال، وهو الميراث الذي أصبح بمجرد موت المورِّث مِلْكا لليتيم، بطريق شرعي حلال؛ لذا قال سبحانه: ﴿ وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا ﴾ (النساء: 2).

وتُسلَّم إليهم أموالهم بتوافر شرطين؛ البلوغُ والرُشْدُ، قال سبحانه: ﴿ وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ﴾ [النساء: 6].

وهذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يمنعُ سعدًا رضي الله تعالى عنه مِنْ ترْكِ ورثته عالةً فقراء، فعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي وَأَنَا بِمَكَّةَ، وَهُوَ يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ بِالأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا، ... قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ؟) قَالَ: «لاَ»، قُلْتُ: (فَالشَّطْرُ؟) قَالَ: «لاَ»، قُلْتُ: (الثُّلُثُ؟) قَالَ: «فَالثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَإِنَّكَ مَهْمَا أَنْفَقْتَ مِنْ نَفَقَةٍ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ، حَتَّى اللُّقْمَةُ الَّتِي تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَكَ، فَيَنْتَفِعَ بِكَ نَاسٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ»، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا ابْنَةٌ. رواه البخاري. [2] وابنته هذهِ أمُّ الحَكَمِ الكبرى كما في الفتح. [3]

قوله: [(فينتفع بك ناس) من المسلمين بالغنائم مما سيفتح الله على يديك من بلاد الشرك (ويُضَرُّ) مبني للمفعول (بك آخرون) من المشركين الذين يهلكون على يديك]. [4]

وعند حضور اليتامى قسمةَ المواريثِ التي لا تخصُّهم حثَّ الشرعُ على منحهم شيئا عند التوزيع، قال سبحانه: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا * وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 7، 8].

2- الزكاة:
واليتيم ليس له أخذ شيء من الزكاة إذا كان غير مستحق لذلك، فالمستحقون للزكاة هم من ذكرهم الله جل جلاله في قوله: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

فلم يذكر اليتيم ليُتْمه، فإنه قد يكون غنيًّا مستغنيا بما تركه له والده، فإن كان فقيرا أو مسكينا، أو تَركَ والدُه ديونا ونحو ذلك جاز أن يُعطَى نصيبًا من الزكاة.

وعَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: سَأَلَتْهُ امْرَأَةٌ عَنْ حُلِيٍّ لَهَا أَفِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ: «إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَزَكِّيهِ»، قَالَتْ: (إِنَّ فِي حِجْرِي أَيْتَامًا فَأَدْفُعُهُ إِلَيْهِمْ؟) قَالَ: «نَعَمْ». [5]

عن عَبْدِ الْخَالِقِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ عَنِ الزَّكَاةِ، فَقَالَ: (أَمَّا أَنَا فَأُعْطِيهَا يَتِيمِي وَذَا فَاقَتِي، فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ). الأموال لابن زنجويه. [6]

3- المغانم والفيء:
[الغنيمة: اسم لما يؤخذ من أموال الكفرة بقوة الغزاة، وقهر الكفرة، على وجهٍ يكون فيه إعلاءُ كلمةِ اللهِ تعالى، وحُكْمُه أنْ يُخَمّسَ، وسائرُه للغانمين خاصة]. [7] و[الفيء: .. عرفا؛ ما حصل من الكفار بلا قتال؛ إما بالجلاء، أو بالمعالجة على جزية، أو غيرهما]. [8]

و[النفَل لغة؛ اسم للزيادة، ولهذا سميت الغنيمة نفلا؛ لأنه زيادة على ما هو المقصود من شرعية الجهاد، وهو إعلاء كلمة الله، وقهر أعدائه]. [9]

قال سبحانه: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ...﴾ [الأنفال: 41]. فأعطى اليتامى من الغنائم ونص عليهم، وأعطاهم من الأنفال ونص عليهم: قال جل جلاله: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].
فهناك نص لليتامى في هذه الموارد من الغنائم والفيء، فلهم نصيبهم منه.

4- التبرعات الفردية:
كأنْ يعطفَ إنسانٌ على يتيمٍ مرَّةً أو مرتين ونحو ذلك، بصفةٍ فردية، ولا يستديم على ذلك، ثبت أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ تَسْأَلُنِي، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي غَيْرَ تَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَأَعْطَيْتُهَا فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ البَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ». متفق عليه. [10]
والظاهر أنهما يتيمتان، فلو كان والدُهما حيًّا لسعى هو على نفقتهما، ولم تتركا لأمهما، والله تعالى أعلم.

لقد حضَّ الله سبحانه الأفرادَ أنْ يسارعوا في أعمال الخيرِ والبِرِّ، ويجعلوا جزءا من أموالهم لليتامى فقال سبحانه: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177].
ولْيبْدأ الفردُ باليتيم القريب، قال سبحانه: ﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ﴾ [البلد: 14، 15].

5- التبرعات الجماعية:
وهو عبارة عن تبرُّعٌ مؤقَّتٌ وحسبما تيسر، وليس بدائم، تقوم العائلة أو القبيلة، أو إمام مسجدٍ يحثُّ المصلين على جمع التبرعات ليتيمٍ معروفٍ لديه لفترة معينة، ثم ينقطع ذلك.

﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 215].
وعَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْيَتِيمِ: (إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، يُنْفِقُ عَلَيْهِ عَصَبَتُهُ مِنَ الرِّجَالِ، وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ شَيْءٌ). الأموال لابن زنجويه. [11]

6- الكفالات الفردية:
وأَقصِدُ بها كفالةَ اليتيمِ المستمرةَ الدائمةَ أو شبهَ الدائمة، طوال فترة اليُتْم، ويقومُ بها فرد يكفُلُ هذا اليتيمَ أو ذاك، وهذا كان منتشرا في عهد النبوة، ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 8].

فقد ثبت أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كَانَ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا إِلَّا وَعَلَى خِوَانِهِ يَتِيمٌ. الأدب المفرد. [12] وهذا يدلُّ على الدوام والاستمرار.

قَالَ دَاوُدُ: (كُنَّ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ كَذَلِكَ تَحْصُدُ، مَا أَقْبَحَ الْفَقْرَ بَعْدَ الْغِنَى، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ -أَوْ أَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ- الضَّلَالَةُ بَعْدَ الْهُدَى، وَإِذَا وَعَدْتَ صَاحِبَكَ فَأَنْجِزْ لَهُ مَا وَعَدْتَهُ، فَإِنْ لَا تَفْعَلْ يُورِثُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ صَاحِبٍ إِنْ ذَكَرْتَ لَمْ يُعِنْكَ، وَإِنْ نَسِيتَ لَمْ يُذَكِّرْكَ). الأدب المفرد. [13]

بل ويجوز للكافل أن يخرج زكاة ماله على من يلي من الأيتام، فقد بوب البخاري رحمه الله في صحيحه فقال: (بَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالأَيْتَامِ فِي الحَجْرِ) وساق بسنده عَنْ زَيْنَبَ -امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَتْ: كُنْتُ فِي المَسْجِدِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تَصَدَّقْنَ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ» وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُنْفِقُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ -زوجِها-، وَأَيْتَامٍ فِي حَجْرِهَا، قَالَ: فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ: (سَلْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْكَ وَعَلَى أَيْتَامٍ -لبني أخي- فِي حجْرِي مِنَ الصَّدَقَةِ؟) فَقَالَ: (سَلِي أَنْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى البَابِ، حَاجَتُهَا مِثْلُ حَاجَتِي، فَمَرَّ عَلَيْنَا بِلاَلٌ، فَقُلْنَا: (سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَجْزِي عَنِّي أَنْ أُنْفِقَ عَلَى زَوْجِي، وَأَيْتَامٍ لِي فِي حَجْرِي؟) وَقُلْنَا: (لاَ تُخْبِرْ بِنَا)، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: «مَنْ هُمَا؟» قَالَ: (زَيْنَبُ)، قَالَ: «أَيُّ الزَّيَانِبِ؟» قَالَ: (امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ)، قَالَ: «نَعَمْ، لَهَا أَجْرَانِ، أَجْرُ القَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ». رواه البخاري. [14]

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَلِيَ أَجْرٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ، إِنَّمَا هُمْ بَنِيَّ؟) فَقَالَ: «أَنْفِقِي عَلَيْهِمْ، فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ». رواه البخاري. [15]

7- الكفالات الجماعية:
كأن تقوم قبيلةُ اليتيم، أو الجمعيات الخيرية، أو المؤسسات الأهلية، فتلتزم بالكفالة طوالَ فترة اليُتْم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، جَاءُوا بِيَتِيمٍ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: (أَنْفِقْ عَلَيْهِ)، قَالَ: (فَلَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا أَقْصَى عَشِيرَتِهِ لَفَرَضْتُ عَلَيْهِمْ). مصنف ابن أبي شيبة. [16]

8- كفالة الدولة للأيتام:
وفيها تقوم جهةٌ معينة في الدولة كوزارة الداخلية، أو الشئون الاجتماعية، أو أو ... بكفالة الأيتام فترة اليتم كاملة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعًا فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». رواه مسلم. [17]

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَمَالُهُ لِمَوَالِي العَصَبَةِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا أَوْ ضَيَاعًا فَأَنَا وَلِيُّهُ، فَلِأُدْعَى لَهُ» الكَلُّ: العِيَالُ. رواه البخاري. [18]

[(أو ضَياعًا) بفتح الضاد المعجمة، أي من لا يستقل بنفسه، ولو خُلِّيَ وطبعَه لكانَ في معرضِ الهلاك -والضياع- (فإليّ) أي فينتهي إليّ وأنا أتداركه، أو هو بمعنى عليّ، أي فعليّ قضاؤه والقيام بمصالحه]. [19]

إنه أمرٌ اهتم به الشرع؛ حيث ترك الأموالَ الموروثة للورثة، بينما إذا ماتَ الميتُ ولم يترك شيئًا فوليُّ الأمرِ يتولَّى ذلك، ويؤمِّنُ النفقةَ لأوليائه، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلًّا فَإِلَيْنَا». رواه البخاري. [20]

فوليُّ أمرِ المسلمين هو الذي يتولّى هؤلاء اليتامى، ويجعلُ لهم نصيبًا في مؤسسات الدولة، فقد أخرج البخاري [21] عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! هَلَكَ زَوْجِي، وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللَّهِ! مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، -وهُوَ مَا دُونَ الْكَعْبِ مِنَ الشَّاةِ-، وَلَا لَهُمْ زَرْعٌ وَلَا ضَرْعٌ، -وليس لهم كا ينبتونه ولا ما يحلبونه-، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمْ الضَّبُعُ، -أَيِ السَّنَةُ الْمُجْدِبَةُ وَمَعْنَى تَأْكُلُهُمْ أَيْ تُهْلِكُهُمْ - وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الْغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ). فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: (مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ)، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ -[يَعْنِي شَديد الظَّهر قَويّاً عَلَى الرِّحْلة]. [22].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 122.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.26 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]