الإسلام دين الوفاء - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إطعام الطعام من أفضل الأعمال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          { لا تكونوا كالذين كفروا.. } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          دعاء من القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تخريج حديث: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أخلاق وفضائل أخرى في الدعوة القرآنية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مراتب المكلفين في الدار الآخرة وطبقاتهم فيها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القدوس، والسلام) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          منهج البحث في علم أصول الفقه لمحمد حاج عيسى الجزائري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          {أو لما أصابتكم مصيبة} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4931 - عددالزوار : 2011286 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى حراس الفضيلة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-07-2020, 05:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,729
الدولة : Egypt
افتراضي الإسلام دين الوفاء

الإسلام دين الوفاء
صلاح نجيب الدق


الحمد لله (الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا * وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا) [الفرقان: 61، 62]، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ الذي أرسله ربه هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، أما بعد:
فإن الوفاء بمعناه الشامل من أخلاق الإسلام الضائعة، التي تهاون بها الكثير من المسلمين، إلا من عصمه الله تعالى؛من أجل ذلك أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الكرام بمنزلة الوفاء في الإسلام.

معنى الوفاء:
الوفاء: إتمامُ العهد، وإكمال الشرط.

يقال: أوفيته الشيء، إذا قضيته إياه وافيًا،وتوفيت الشيء واستوفيته: إذا أخذته كله حتى لم تترك منه شيئًا؛ (معجم مقاييس اللغة - لأحمد بن فارس ج- 6 ص- 129).

وأوفى الكيل: أي أتمه، ولم ينقص منه شيئًا،الوفي: الذي يعطي الحق ويأخذ الحق، والجمع: أوفِياء؛ (لسان العرب لابن منظور ج- 6 ص- 4885).

منزلة الوفاء:
الوفاء له قيمة إنسانية وأخلاقية كبيرة؛ فهو يضع دعائم الثقة بين الناس، ويؤكد أواصر التعاون في المجتمع، الوفاء: أخو الصدق والعدل، والغَدْر: أخو الكذب والجَور؛ ذلك أن الوفاء: صدق اللسان والفعل معًا، والغدر كذبٌ بهما؛ لأن فيه مع الكذب نقضًا للعهد، والوفاء يختص بالإنسان؛ فمن فُقد فيه الوفاءُ فقد انسلخ من الإنسانية، وقد جعل الله تعالى العهد من الإيمان، وصيَّره قوامًا لأمور الناس؛ فالناس مضطرون إلى التعاون، ولا يتم تعاونهم إلا بمراعاة العهد والوفاء به، ولولا ذلك لتنافرت القلوب، وارتفع التعايش؛ولذلك عظَّم الله تعالى أمره فقال: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) [البقرة: 40]؛ (الذريعة إلى مكارم الشريعة - للراغب الأصفهاني - ص- 209).

الوفاء من صفات الله تعالى:
(1) قال تعالى: (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) [البقرة: 80].

(2) وقال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 111].

الوفاء وصيةُ رب العالمين:
(1) قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) [المائدة: 1].

(2) قال سبحانه: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل: 91].

(3) وقال جلَّ شأنه: (وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء: 34].

(4) وقال تعالى: (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [الإسراء: 35].

الوفاء سبيل الحسنات:
قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح: 10].

الوفاء من صفات الأنبياء:
قال تعالى: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم: 37].

قال الإمام ابنُ جرير الطبري (رحمه الله): وفَّى جميعَ شرائع الإسلام، وجميعَ ما أُمر به من الطاعة؛ (تفسير الطبري ج- 22 ص- 545).

وقال تعالى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا) [مريم: 54، 55].

الوفاء مِن صفات المؤمنين:
(1) قال تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة: 177].

(2) وقال سبحانه: (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ) [الرعد: 20].

(3) وقال جل شأنه: (وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) [المؤمنون: 8].

(4) وقال سبحانه: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].

الله تعالى في عون مَن ينوي سَداد الدَّين:
(1) روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أخذ أموال الناس يريد أداءَها، أدَّى الله عنه، ومَن أخَذ يريد إتلافَها، أتلَفه الله))؛ (البخاري حديث: 2387).

• أدَّى الله عنه: يسَّر الله تعالى له ما يؤدِّي منه من فضله، وأرضَى صاحبَ الدَّين في الآخرة، إن لم يستطعِ المَدينُ الوفاءَ بدَينه في الدنيا.

• أتلَفه الله: أذهب الله تعالى مالَه في الدنيا، وعاقَبه على الدَّين يوم القيامة.

(2) روى النسائي عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها استدانت، فقيل لها: يا أم المؤمنين، تستدينين وليس عندك وفاء؟ قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن أخذ دَينًا وهو يريد أن يؤديه، أعانه الله عز وجل))؛ (حديث صحيح) (صحيح سنن النسائي ج- 3 ص- 260).

(3) روى الطبراني عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: سمعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَن ادَّان دَينًا ينوي قضاءه، أدَّى الله عنه يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني حديث: 5862).

نبيُّنا صلى الله عليه وسلم هو القدوة في الوفاء:
(1) روى مسلم عن حذيفة بن اليمان، قال: ما منعني أن أشهد بدرًا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، فأخذنا كفار قريشٍ، قالوا: إنكم تريدون محمدًا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه الخبر، فقال: ((انصرِفا، نَفِي لهم بعهدهم، ونستعينُ اللهَ عليهم))؛ (مسلم حديث 1787).

(2) روى أبو داود عن أبي رافعٍ، قال: بعثتني قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أُلقِيَ في قلبي الإسلامُ، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لا أَخِيسُ (أي: أنقُض) بالعهد، ولا أحبس البُرُدَ (حامل الرسالة)، ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن، فارجِعْ))،قال: فذهبتُ، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمتُ؛(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2396).

(3) روى أحمد عن أبي هريرة، قال: كنت مع علي بن أبي طالبٍ حين "بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة"،فقال: ما كنتم تنادون؟ قال: كنا ننادي: أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدٌ، فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهرٍ، فإذا مضتِ الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسوله، ولا يحج هذا البيت بعد العام مشرك،قال: فكنت أنادي حتى صَحِلَ (أي: غلُظ) صوتي؛(حديث حسن) (مسند أحمد ج- 13 ص- 356 حديث 7977).

(4) روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غِرْتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرْتُ على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر ذِكرها، وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائقِ خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجة، فيقول: ((إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولدٌ))؛ (البخاري حديث: 3818).

(5) روى أحمد عن عائشة، قالت: ابتاع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم من رجلٍ من الأعراب جزورًا بوسقٍ من تمر الذخرة، وتمر الذخرة: العجوة، فرجع به رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فالتمس له التمر، فلم يجده، فخرج إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ((يا عبد الله، إنا قد ابتعنا منك جزورًا بوسقٍ من تمر الذخرة، فالتمسناه، فلم نجده))، قال: فقال الأعرابي: واغدراه،قالت: فنَهَمَه الناسُ، وقالوا: قاتلك اللهُ! أيغدِرُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟! قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعُوه؛ فإن لصاحبِ الحق مقالًا))،ثم عاد له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((يا عبد الله، إنا ابتَعْنا منك جزائرك، ونحن نظن أن عندنا ما سمَّينا لك، فالتمسناه، فلم نجده))، فقال الأعرابي: واغدراه، فنَهَمَه الناس، وقالوا: قاتلك الله! أيغدِرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوه؛ فإن لصاحبِ الحق مقالًا))، فردَّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين، أو ثلاثًا، فلما رآه لا يفقَهُ عنه، قال لرجلٍ من أصحابه: ((اذهب إلى خويلة بنت حكيم بن أمية، فقل لها: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك: إن كان عندك وسق من تمر الذخرة، فأسلِفِيناه حتى نؤديَه إليك إن شاء الله))،فذهب إليها الرجل، ثم رجع الرجل، فقال: قالت: نعم، هو عندي يا رسول الله، فابعث مَن يقبِضُه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: ((اذهَبْ به، فأوفِه الذي له))، قال: فذهب به، فأوفاه الذي له، قالت: فمرَّ الأعرابي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه، فقال: جزاك الله خيرًا؛ فقد أوفيتَ وأطيبتَ،قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أولئك خيارُ عباد الله عند الله يوم القيامة، الموفون المطيبون))؛ (حديث حسن) (مسند أحمد ج- 43 ص- 337 حديث: 26312).

الوفاء للعلماء:
الوفاء لعلمائنا، سواءٌ الأحياء منهم والأموات، يكون بالدعاء، والاستغفار لهم، من حين لآخر، وذكر مناقبهم، والتجاوز عن زلَّاتهم، والتصدي لكل من يخوض في أعراضهم، ونصح طلاب العلم باقتناء كتبهم، ودراستها، ونشر ما فيها من العلم.

الوفاء لا يكون على حساب الدين:
ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمرٍ يتعلق بالدِّين، بل من الوفاء له المخالفة والنصح لله.

كان الإمام الشافعي (رحمه الله) يحب محمد بن عبدالحكم، ويقرِّبه، ويقبل عليه، ويقول: ما يقيمني بمصر غيره، فمرض محمدٌ، فعاده الشافعي فقال:
مرِض الحبيبُ فعدتُه *** فمرِضتُ مِن حذري عليه
وأتى الحبيبُ يعُودني *** فبرِئتُ مِن نظري إليه

وظن الناسُ - لصِدق مودتهما - أنه يفوِّض أمر حلقته العلمية إليه بعد وفاته،فقيل للشافعي في علته التي مات فيها رضي الله تعالى عنه: إلى مَن نجلس بعدك يا أبا عبدالله؟ فاستشرف له محمد بن عبدالحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه، فقال الشافعي: سبحان الله! أيُشَكُّ في هذا؟! أبو يعقوب البويطي، فانكسر لها محمد، ومال أصحابُه إلى البويطي، مع أن محمدًا كان قد حمل عنه مذهبه كله، لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهدِ والورع، فنصح الشافعيُّ لله وللمسلمين، وترك المداهنة، ولم يؤثِرْ رضا الخَلق على رضا الله تعالى؛ (إحياء علوم الدين للغزالي ج- 2 ص- 188).

الوفاء بالعهد مع غير المسلمين:
أوصانا الإسلام برعاية حقوق غير المسلمين المقيمين في ديار الإسلام، مع حفظ حقوقهم كاملة، وفي مقدمتها الأمان لهم، وحرم الإسلامُ الاعتداء على أعراضهم وممتلكاتهم، وأماكن عبادتهم.

يقول الله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الممتحنة: 8].

روى البخاريُّ عن عبدالله بن عمرٍو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قتَل معاهَدًا، لم يَرَحْ رائحة الجنة، وإن ريحَها توجد من مسيرة أربعين عامًا))؛ (البخاري حديث 3166).

قال ابن حجر العسقلاني: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَن قتَل معاهَدًا)): المراد به مَن له عهد مع المسلمين، سواء كان بعقد جزيةٍ، أو هدنةٍ من سلطانٍ، أو أمانٍ من مسلمٍ؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج- 12 ص- 271).

روى أبو داود عن صفوان بن سليمٍ، عن عدةٍ من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن آبائهم دنيةً (متصلي النسب)، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا مَن ظلم معاهَدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفسٍ - فأنا حَجيجُه (خَصمه) يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 2626).

روى أحمد عن عمرو بن الحمق، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أمَّن رجلًا على نفسه فقتله، أُعطيَ لواءَ الغدر يوم القيامة))؛ (حديث صحيح) (مسند أحمد ج- 36 ص- 279 حديث: 21948).

روى البخاري عن عمرو بن ميمونٍ: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين خيرًا؛ أن يعرف لهم حقهم، وأن يحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا، الذين تبوؤوا الدار والإيمان؛ أن يقبَلَ من محسنهم، ويُعفى عن مسيئهم، وأوصيه بذمة الله، وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم (أي: أهل الذمة من أهل الكتاب)؛ أن يوفى لهم بعهدهم، وأن يقاتل من ورائهم (أي: يدافع عنهم)، وألا يكلَّفوا فوق طاقتهم؛ (أي ما يستطيعون دفعه من الجزية)؛ (البخاري حديث: 1392).

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 116.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 115.20 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.47%)]