نظرات في قصة الذبيح - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         لو بتتخانقوا كل ما تتكلموا.. 5 خطوات تحسن التواصل بين الزوجين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إيه الفرق بين الدعم والتدخل فى حياة الآخرين؟ شعرة هتغير شكل علاقاتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          5 خطوات لعمل ميكب عيون ناعم.. مكياج احترافى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          طريقة عمل أومليت السبانخ والجبنة القريش.. فطار صحى غير تقليدى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          5 حيل نفسية للتغلب على العصبية لو الأطفال بيخرجوكى عن شعورك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          لو عندك أرضيات رخام فى بيتك.. 5 طرق سهلة وفعالة لتنظيفها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          5 منتجات للعناية بالبشرة لا غنى عنها فى الصيف.. لبشرة ناعمة ومشرقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          إزاى تعاتب حد بتحبه من غير ما تخسره؟.. ما تخلطش بين العتاب واللوم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طريقة عمل السمك الفيليه مع بطاطس محمرة لايت.. صحية ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          4 ربطات تمنع شعرك من النمو تجنبيها واعرفي النوع الأفضل لحمايته من التلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-08-2020, 04:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,987
الدولة : Egypt
افتراضي نظرات في قصة الذبيح

نظرات في قصة الذبيح


السيد طه أحمد






الحمد لله رب العالمين.. ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ ﴾ [الملك: 2].

فنحمده تعالى على نعمة الإسلام، وكفى به نعمة، ونشكره تبارك وتعالى أن هدانا للقرآن ولولاه ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا ونتوب إليه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.... له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير.. وضع الإنسان دائما في ابتلاء ليختبر فيه الإيمان واليقين فقال تعالى ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 2، 3].

وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. خير من واجه الابتلاء بحب وتسليم ورضا فبين أن الابتلاء على قدر الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم (يبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان في دينه صلابة زيد له في البلاء وإن كان في دينه رقة خفف له في البلاء فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة).

فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا...

أما بعد: فيا أيها المؤمنون
إن الإيمان ليس كلمة تقال وإنما هو حقيقة ذات تكاليف، وأمانة ذات أعباء، وجهاد يحتاج إلى صبر وجهد يحتاج إلى احتمال فلا يكفي أن يقول الناس آمنا وهم لا يتركون لهذه الدعوى حتى يتعرضوا للفتنة فيثبتوا عليها ويخرجوا منها صافية عناصرهم خالصة قلوبهم كما تفتن النار الذهب لتفصل بينه وبين العناصر الدخيلة العالقة به.

لذلك ابتلانا الله عز وجل بهذا الدين وأمرنا أن نضحي له ونتجرد له عز وجل وأن لا نقدم أي شيء من حطام الدنيا عليه سبحانه وتعالى لذلك توعد كل من قدم الدنيا والأهل والولد على الله ورسوله والدين الإسلامي.

فقال تعالى ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

ولنا في الحج الأعظم دروس وعبر ففيه يتجلي لنا درس التضحية والاستسلام الكامل والثبات أمام المحن.

فهذا خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام يتعرض للمحن أكثر من مرة فيثبت ويكون حاله الاستسلام الكامل لأمر الله تعالى.

لقد ابتلاه الله تعالى بأمر عظيم، ابتلاه بذبح ابنه إسماعيل بنفسه، فلذة كبده، وثمرة سعيه، فلم يتراجع أو يتوانى مع حبِّه الشديد له وتعلقه به ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 103 - 105].

لقد كان- عليه السلام- مثالاً رائعًا ونموذجًا فريدًا في الامتثال الكامل لأمر الله تعالى، والتسليم المطلق لحكمه ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131].

اسمحوا لي الأخوة الأحباب أن نطوف سويا مع هذا الحدث العظيم الذي يهز القلوب هزا ويحرك فيها الإيمان بالغاية وبالمبدأ فهذا الشيخ الوقور المقطوع من الأهل والقرابة المهاجر من الأرض والوطن هاهو ذا يرزق في كبرته وهرمه بغلام طالما تطلع إليه فلما جاءه جاء غلاما ممتازا يشهد له ربه بأنه غلام حليم، وهاهو ذا ما يكاد يأنس به وصباه يتفتح ويبلغ معه السعي ويرافقه في الحياة، هاهو ذا ما يكاد يأنس ويستروح بهذا الغلام الوحيد حتى يرى في منامه أنه يذبحه ويدرك أنها إشارة من ربه بالتضحية.

فماذا إنه لا يتردد ولا يخالجه إلا شعور الطاعة ولا يخطر له إلا خاطر التسليم.

نعم إنها إشارة مجرد إشارة وليست وحيا صريحا ولا أمرا مباشرا ولكنها إشارة من ربه وهذا يكفي ليلبي ويستجيب ودون أن يعترض ودون أن يسأل ربه لماذا يارب أذبح ابني الوحيد؟ ولكنه لا يلبي في انزعاج ولا يستسلم في جزع ولا يطيع في اضطراب كلا! إنما هو القبول والرضي والطمأنينة والهدوء. يبدو ذلك في كلماته لابنه وهو يعرض عليه الأمر الهائل في هدوء وفي اطمئنان عجيب.

﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102] فهي كلمات المالك لأعصابه المطمئن للأمر الذي يواجهه، الواثق بأنه يؤدي واجبه وهي في الوقت ذاته كلمات المؤمن الذي لا يهوله الأمر فيؤديه في اندفاع وعجلة ليخلص منه وينتهي ويستريح من ثقله على أعصابه والأمر شاق ما في ذلك شك فهو لا يطلب إليه أن يرسل بابنه الوحيد إلى معركة ولا يطلب إليه أن يرسل بابنه الوحيد إلى معركة ولا يطلب إليه أن يكلفه أمرا تنتهي به حياته، إنما يطلب إليه أن يتولي هو بيده ماذا؟ يتولي ذبحه وهو مع هذا يتلقى الأمر هذا التلقي ويعرض على ابنه هذا العرض ويطلب إليه أن يتروى في أمره وأن يري فيه رأيه إنه لا يأخذ ابنه على غرة لينفذ إشارة ربه وينتهي، إنما يعرض الأمر عليه كالذي يعرض المألوف من الأمر، فالأمر في حسه هكذا! ربه يريد فليكن ما يريد على العين والرأس، وابنه ينبغي أن يعرف وأن يأخذ الأمر طاعة وإسلاما، لا قهرا واضطرار لينال هو الآخر أجر الطاعة وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم، فماذا يكون من الغلام الذي يعرض عليه الذبح تصديقا لرؤيا رآها أبوه.

إنه يرتقي إلى الأفق الذي ارتقى إليه من قبل أبوه ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102] إنه يتلقى الأمر لا في طاعة واستسلام فحسب ولكن في رضى كذلك وفي يقين.

يا أبت في مودة وقربي فشبح الذبح لا يزعجه ولا يفقده رشده بل لا يفقده أدبه ومودته ﴿ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾. فهو يحس ما أحسه من قبل قلب أبيه يحس أن الرؤيا إشارة وإن الإشارة أمر وإنها تكفي لكي يلبي وينفذ بغير لجلجة ولا تمحل ولا ارتياب.

ثم هو الأدب مع الله ومعرفة حدود قدرته وطاقته في الاحتمال والاستعانة بربه على ضعفه ونسبة الفضل إليه في إعانته على التضحية ومساعدته على الطاعة. ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]. لم يأخذها بطولة ولم يأخذها شجاعة ولم يأخذها اندفاعا إلى الخطر دون مبالاة ولم يظهر لشخصه ظلا ولا حجما ولا وزنا إنما أرجع الفضل كله لله إن هو أعانه على ما يطلب إليه.

يا للأدب مع الله، ويا لروعة الإيمان، ويا لنبل الطاعة، ويا لعظمة التسليم.

بر عظيم، وتوفيق من الله أعظم، وإيمان وثيق، ونفس راضية بما أراد الله وقدر.

وهنا يسدل الستار على موفق الأب والابن ويكشف الستار على العدو الأكبر لبني الإنسان وهو الشيطان الذي يريد أن يفسد على الأب وابنه طاعتهما لله وأن يعطل عبادة الله عز وجل في الأرض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرض العرب ولكنه رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرونه من أعمالكم).

جاء الشيطان الأكبر لخليل الرحمن ليفسد عليه إيمان القمة.

جاء ليقول له ما الذي تتولى أن تفعله بابنك الوحيد وما معني أن تذبحه وأنت شيخ كبير محتاج إليه وكيف تصدق هذه الرؤيا إنها كاذبة. والشيطان لا ييأس من أي جزئية يدخل منها بل يحاول أن يدفع الإنسان إلى المعصية بأي وسيلة، ولذلك فإن الشيطان لم يترك وسيلة مع إبراهيم وإسماعيل وهاجر إلا اتبعها عله يفسد طاعة من أعلى الطاعات وأكثرها ثوابا عند الله طاعة الإيمان القمي.

وبمجرد أن غادر إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما البيت، بدأ الشيطان مهمته وهو يقول لنفسه هذه محنة،هذا ابتلاء عظيم فإن لم أستطع أن أفتن هؤلاء في هذه المحنة فلن أستطع أن أفتنهم أبدا.

وجاء لهاجر وقال لها أتعرفين إلى أين ذهب إبراهيم بابنك فقالت ذهب به لبعض حاجته فقال لها الشيطان إنه لم يذهب به لحاجته، إنما ذهب به ليذبحه فقالت هاجر ولماذا يذبحه فرد عليها الشيطان زعم أن الله أمره بذلك فقالت اغرب عن وجهي مادام الله قد أمر فلابد أن يطاع.

انصرف الشيطان عنها مدحورا وأسرع ليلحق بإبراهيم وابنه عليهما السلام وبدأ بإبراهيم لقد حاول أن يمنعه من تنفيذ أمر الله فقال له ما الذي أعلمك أن هذه الرؤيا من الله ربما كانت أضغاث أحلام وماذا يستفيد الله من ذبح ابنك , لا تطع الأمر وإلا فسوف تندم طول حياتك، إذا قمت بذبحه فلن يفارقك وجه ابنك وهو يموت سيظل وجهه دائما أمامك يعذبك طول حياتك وأنت شيخ كبير في الرابعة والثمانين لن ترزق ولدا بعده , وظل يحاول مع إبراهيم ولكن إبراهيم لم يستمع إليه.

ولما يئس من إبراهيم ذهب إلى إسماعيل وقال له إن أباك سيذبحك فقال إسماعيل إذا كان الله قد أمره أن يفعل ذلك فليفعل ما أراد الله، حينئذ حاول إبليس أن يمنع إبراهيم وإسماعيل من الذهاب إلي مكان الذبح , حاول الشيطان أن يمنع إبراهيم عند الجمرة الكبرى في منى من الاستمرار في السير لتنفيذ أمر الله , فأمسك إبراهيم بالجمرات السبع ورجم إبليس , ولكن إبليس وذريته لم ييأسوا وتابعوا إبراهيم وإسماعيل علهم يستطيعوا أن يمنعوهما من تنفيذ أمر الله فرجمهم إبراهيم وإسماعيل لينصرفوا ويبتعدوا عنها.

هنا يسدل الستار على محاولة الأبالسة مع الأسرة المباركة، ونعود إلى الشيخ الوقور وابنه عليهما السلام عندا هما بتنفيذ أمر الله عز وجل ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103] ومرة أخرى يرتفع نبل الطاعة وعظمة الإيمان وطمأنينة الرضى وراء كل ما تعارف عليه بنوا الإنسان.

إن الرجل يمضي فيكب ابنه على جبينه استعدادا للأمر وإن الغلام يستسلم فلا يتحرك امتناعا , لقد وصل إلى أن يكون عيانا , لقد أسلما فهذا هو الإسلام في حقيقته ثقة وطاعة وطمأنينة ورضى وتنفيذ وكلاهما لا يجد في نفسه إلا هذه المشاعر التي لا يصنعها غير الإيمان العظيم.

ثم أراد إسماعيل أن يخفف على أبيه لوعة الثكل ويرشده إلى أقرب السبل إلي قصده فقال يا أبت اشدد وثاقي وأحكم رباطي حتى لا أضطرب واكشف عني ثيابي حتى لا ينتضح عليها شيء من دمي فينقص أجري وتراه أمي فيشتد حزنها وتفيض شئونها (دموعها) واشحذ شفرتك وأسرع إمرارها على حلقي ليكون أهون علي فإن الموت شديد ووقعه أليم واقرأ على أمي السلام وإن أردت أن ترد قميصي عليها فافعل فإن ذلك فيه تسرية لهمها وسلوة لها في مصابها وهو ذكرى لوليدها تشم منه عبيره وتتنسم فيه أريجه وتعود إليه حين تبحث حولها فلا تجدني وتفتش عني فلا تراني. قال إبراهيم نعم العون أنت يا بني على أمر الله ثم ضمه إلى صدره وأخذ يقبله وتباكيا وانتحبا.

ثم أسلم إبراهيم ابنه فصرعه على شقه وأوثقه بكتافه وأمسك السكين وأخذ يصوب النظر إليه مرة ويحدق في ابنه مرة أخرى ثم تدفقت عبراته وتتابعت زفراته رحمة به واشفاقا عليه وأخيرا وضع السكين على حلقه وأمرها فوق عنقه ولكنها لم تقطع لأن قدرة الله قد كسرت حدتها وفلت من غربها.

فقال إسماعيل: يا أبت كبني على وجهي فإنك إذا نظرت إلي أدركتك رحمة بي تحول بينك وبين تنفيذ أمر الله تعالي , ففعل ثم وضع السكين على قفاه فلم تمض الشفرة وأدركت إبراهيم الحيرة وشق ذلك على نفسه فتوجه إلى الله أن يجعل له مخرجا فرحم الله ضعفه واستجاب لدعائه وكشف غمته، وتحركت الكائنات بقوة حركاتها واستغاث الكل بلسان واحد اللهم ارحم هذا الشيخ الكبير وافد هذا الطفل الصغير فجاء النداء من العزيز الجليل ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 104 - 107].


فاضت بالعبرة عيناه
أضناه الحلم وأشقاه

شيخ تتمزق مهجته
تتندى بالدمع لحاه

ينتزع الخطوة مهموما
والكون يناشد مسراه

وغلام جاء على كبر
يتعقب في السير أباه

والحيرة تثقل كاهله
وتبعثر في الدرب خطاه

ويهم الشيخ لغايته
ويشد الإبن بيمناه

بلغ في السعي نهايته
والشيخ يكابد بلواه

لكن الرؤيا لنبي
صدق وقرار يرضاه

والمشهد يبلغ ذروته
وأشد الأمر وأقساه

إذ تمرق كلمات عدلى
ويقص الوالد رؤياه

وأمرت بذبحك ياولدي
فانظر في الأمر وعقباه


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 114.40 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 112.67 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.51%)]