|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() محضر اجتماع .. استثنائي! هنادي الشيخ نجيب هل استطعتم - قرَّاءنا الكرام، خلال الأيام الماضية - إحصاء عدد الاجتماعات التي عُقدت من أجل إيجاد حلول للجرائم المرتكبة في حق الإنسانية، ومحاولة اتخاذ قرارات توقف إزهاق الأرواح التي استباحتها قوى الشرق والغرب؟! والعجيب أنَّ تلك الاجتماعات - على كثرتها - لم تستطِعْ أن تأخذ قرارًا واحدًا ينتصر لمظلوم، أو يشفي صدرَ مكلوم! ليست اجتماعات القوى العظمى والأقطاب العالمية هي فقط المقصودة في حديثنا اليوم، ولا اللقاءات ذات المضمون السياسي البحت؛ فعجز الاجتماعات - بكل أنواعها: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، وعلى كل المستويات: الدولية والإقليمية والمحلية - بات ظاهرةً تستدعي التوقُّف عندها، والنظر في أسباب فشلها!! أتعلمون - إخوتي أخواتي - ربما علينا أن نجتمع لنبحث فيما وراء هذه السمة السلبية التي لازمت اجتماعات هذا القرن، ترى: ماذا سيكون عنوان اجتماعنا؟! أين ومتى سيعقد؟ من هم المدعوون؟!؟ كيف سنرسل الدعوات؟ من سيفتتح الكلام؟ كيف سنجلس؛ حول طاولة مستديرة أم مستطيلة؟ كم لجنةً ستنبثق عن الاجتماع؟ أسئلة كثيرة من هذا النوع ستعصف في أذهاننا، راجعوها! ألم تلاحظوا شيئًا؟! إنها جميعًا أسئلة شكلية! نعم شكلية! برأيكم: هل وضَعْنا أصبعنا على الإشكالية؟! تعالوا - قراءنا الأعزاء - لنروي قصة بعنوان (محضر اجتماع)؛ لعلها ترشدنا في متاهات هذه القضية! في يوم من الأيام، تداعت حشرات الغابة لاجتماع طارئ وضروري، وبعد أن اكتمل نصابها، بدأت بالنظر فيما أصابها، فحيوانات المنطقة طَغَتْ وبَغَت، وبلغت من الإجرام ما بلغت، ولم يعُدِ السكوت يجدي نفعًا؛ فالاعتداء عليهم يدفعهم إلى الحراك دفعًا! بدأ الاجتماع بحضور الذبابة والبعوضة، والدبور والنحلة، والقملة والنملة، والبرغوث والعنكبوت، والصرصور والخنفساء... وفي كلمة الافتتاحية التي اشتملت على التحية، ثار الخلاف عندما بدأت النملة تتكلم بصوتها الرقيق قائلة: (أيها الإخوة)، لقد غضبت القملة واقترحت أن يُفتتح اللقاء بكلمة: (أيها الزملاء)، بينما انتفض الدبور صائحًا: (يجب أن نكون واقعيين وعقلاء؛ فكلمة أيتها الحشرات الكريمة حتمًا هي الأنسب)... اعترض العنكبوت وطلَب حذفها، فتصدت له الذبابة بقولها: (الأفضل أن نقول: أيها الناس)... صرخ الصرصور: (نحن لسنا ناسًا)، وهدَّد بالانسحاب! طلبت البعوضة الكلام فقالت: (هناك كلمة ستكون محلَّ إجماع منا، وهي كلمة: أيها الهوام)...، اتفق الجميع على أنها غير مفهومة! بادرت النحلة قائلة: (لماذا لا نوفِّر على أنفسنا الوقت والمشاكل، ونبدأ بكلمة أيها الحاضرون؟). استحسن الجمعُ العبارة، لكن الذبابة طلبت أن تكون أشمل، فأضافت إليها (وأيها الغائبون أيضًا)، وفيما كان المجتمعون يتجادلون، ولَمَّا يصلوا إلى رأي جامع بعدُ، تناهى إلى أسماعهم ضجيج الحيوانات المفترسة، فاقترحت الخنفساء في وجل، بأن يتم الاتفاق على عجل، قالت والغصّة تخنقها: (لم لا نخاطبُ المعتدين مباشرة فنناديهم: أيها البغاة الظالمون)! وافقت الحشرات أخيرًا على كلمة الافتتاح، وبإجماع، ثم أضافوا إليها توصيات الاجتماع، وكلفوا المتحدث الرسمي بنشرها بواسطة المذياع: (أيها البغاة الظالمون، إذا حشرج الجوع في بطونكم، ولمحتم بعض إخواننا في طريقكم، فلا بأس وقتها عليكم، تعالَوا وخذوهم، وبالهنا والشفا تلذذوا بهم وكلوهم..)! بالله عليكم، ألا تذكركم هذه القصة بمحاضر كثير من الاجتماعات واللجان، والهيئات والمؤتمرات، وغيرها من التشكيلات التي لم تُغْنِ مِن جوع، ولم تُوَاسِ مفجوعًا! إن النتائج المتوقعة، والتوصيات الفاقعة، لكل الهيئات المجتمعة والمتفرقة هي: الشجب والتنديد، وفي أحسن الحالات: التهديد "الإعلامي"، والوعيد "الميكروفوني"!، وإذا اشتد المخاض، وعمَّ الأسى وفاض، فقد يلد الاجتماعُ ولادة قيصرية، وينجب لنا "لجنة دولية أو محلية"! هذه هي حالنا، وتلك هي إنجازاتنا! • "لجنة متابعة" للملفات الأمنية، وهي لم تتابع يومًا ملفًّا واحدًا، ولم تتوصَلْ إلى معاقبة الجناة والمتسيِّبين! • "لجنة مسارعة" للمواضيع الاجتماعية، وهي لم تُنجِزْ بندًا من عشرات التوصيات التي أقرتها بنفسِها! • "هيئة ممانعة" على المستوى السياسي، وهي تمانع الحقَّ، وتدافع عن الباطل، وتستدرج الجميع نحو المواجهة! • و"لجنة مرافعة" للشؤون الحقوقية؛ حيث تتم تبرئة المجرم، ويُحبَس المظلوم على ذمة القضايا الملفَّقة والمدبلجة! كل ذلك يذكِّرنا بصاحب المبدأ الذي قال لزوجته: اسكتي، وقال لابنه: انكتم، لا تنبسا بكلمة، صوتُكما يجعلني مشوشَ التفكير، أريد أن أكتب مقالًا عن حرية التعبير! في ختام هذه الجولة، لا يسعني إلا أن أدعوكم لعقد اجتماع... نعم، لا تستغربوا، اجتماع تفرضه ظروف المرحلة؛ لنستيقظ من حمى الأشكال، ونخطوَ الخطوة الأولى لحل الإشكال، على جدول أعمالنا مهمة وحيدة، مضمونة التحقيق وإن طال الطريق، الكل بالاجتماع مَعْنيٌّ، ولكلٍّ فيه دور جوهري، لا مكان فيه للمظاهر والأشكال؛ لأن المعتبر: القلوب والأعمال، المهم ألا ننشغل باللجان والفروع، ونركز على الموضوع، ومن باب الحرص على حشد المناصرين والأتباع، هاكم توصية الاجتماع: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 55، 56]. نلتقي - بإذن الله - في ساحاتِ التَّطبيق.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |