|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الإسراء والمعراج.. دروس وعبر الشيخ أحمد أبو عيد الحمد لله رب العالمين واشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين واشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وبعد: العناصر: أولاً: تعريف الإسراء والمعراج. ثانياً: حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء والمعراج. ثالثاً: قصة الإسراء والمعراج. رابعاً: إخباره صلى الله عليه وسلم بالمعجزة للمشركين. خامساً: الدروس المستفادة منها. الموضوع أولاً: تعريف الإسراء والمعراج: الإسراء لغة من السَّرى، وهو السير ليلاً، وقال السخاوي في تفسيره: إنما قال: ليلاً. والإسراء لا يكون إلاَّ بالليل؛ لأن المدَّة التي أُسْرِيَ به فيها لا تُقْطَع في أقل من أربعين يومًا، فقُطعت به في ليلٍ واحد، فكان المعنى: سبحان الذي أسرى بعبده في ليلٍ واحد من كذا وكذا، وهو موضع التعجب، وإنما عدل عن ليلة إلى ليل؛ لأنهم إذا قالوا: سرى ليلة. كان ذلك في الغالب لاستيعاب الليلة بالسرى، فقيل: ليلاً. أي في ليل. انظر: تاج العروس، مادة (السرى) 38/262. وقيل: الإسراء: رحلة أرضية تمت بقدرة الله عز وجل لرسول الله عليه الصلاة والسلام من مكة إلى بيت المقدس. أما المعراج: فهو رحلة سماوية تمت بقدرة الله عز وجل لرسول الله عليه الصلاة والسلام من بيت المقدس إلى السماوات العلا ثم إلى سدرة المنتهى ثم اللقاء بالله سبحانه وتعالى. وقيل: الإسراء: هي تلك الرحلة الأرضية وذلك الانتقال العجيب، بالقياس إلى مألوف البشر، الذي تمَّ بقدرة الله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والوصول إليه في سرعة تتجاوز الخيال، يقول تعالى في سورة الإسراء: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾. وأما المعراج: فهو الرحلة السماوية والارتفاع والارتقاء من عالم الأرض إلى عالم السماء، حيث سدرة المنتهى، ثم الرجوع بعد ذلك إلى المسجد الحرام، يقول تعالى في سورة النجم: ﴿ وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾. ثانياً: حال النبي صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء والمعراج: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله في مكة فترة طويلة، ولما لم يجد قبولا كبيرا للدعوة أحب أن يفتح بابا جديدا للدعوة في مكان آخر، فذهب إلى الطائف ومشى على قدمه مسافة طويلة جداً، ولما وصل اليها وبدأ يدعوهم الى الله إذا بهم يغروا به سفهائهم وغلمانهم وصبيانهم فآذوه والقوه بالحجارة حتي أدموا قدميه صلى الله عليه وسلم وألجئوه إلى خارج الطائف، وعاد مهموما حزينا. ومع ذلك لما جاءه جبريل عليه السلام ومعه ملك الجبال قائلا له: كما جاء عن عروة أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال (لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا) صحيح البخاري. (( الأخْشَبَان )): الجَبَلان المُحيطان بمكَّة. وَالأخشبُ: هُوَ الجبل الغليظ. فيعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ويملأ الاسى قلبه ويملأ الحزن فؤآده، فزوجة حبيبة إلى قلبه قد فارقته، وعم كان يجود عنه قد فارقه، أصحابه في مكة والحبشة لا يستطيع حمايتهم، بل هو نفسه مطارد وقد فقد الأمل في أن يجد للدعوة ارضا خصبة في الطائف للدعوة إلى الله. أما لهذه الاحزان من نهاية، أما لهذا الليل الذي طال ظلامه من صبح صادق وفجر مشرق. نعم لقد كان هناك حدث عظيم وتسلية مذهلة مسحت أحزان النبي صلى الله عليه وسلم وآلامه،لقد طوى الله له المسافات حتى رأى في جزء من هذه الليلة الجميلة الجليلة ما خلق الله في السماوات من الكواكب والنجوم والجنة والنار........... كانت هذه المعجزة مكافئة ربانية من الله لنبيه صلى الله عليه وسلم على ما لاقاه من آلام وأحزان طوال فترة الدعوة، وكأن الله تعالى يقول لحبيبه المصطفى: إن كان اهل مكة وأهل الطائف قد طردوك فإن رب السماوات والارض يدعوك، قم ايها المصطفى لترحل من عالم الأرض إلى عالم السماء، رفعه الله تعالى إليه ووضع عليه من حلل الرضا ما أنساه كل ما لاقاه من حزن وألم. يا صاحب الهم إن الهم منفرج ![]() أبشر بخير فإن الفارج الله ![]() اليأس يقطع أحيانا بصاحبه ![]() لا تيأسن فإن الكافي الله ![]() الله يحدث بعد العسر ميسرة ![]() لا تجزعن فإن القاسم الله ![]() إذا بليت فثق بالله وارضَ به ![]() إن الذي يكشف البلوى هو الله ![]() والله مالَكَ غير الله من أحد ![]() فحسبك الله في كلٍ لك الله ![]() ثالثاً: قصة الإسراء والمعراج: قال تعالى ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾. وقال تعالى ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 1 - 18]. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ " أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ - وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ - قَالَ فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ - قَالَ - فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِى يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ - قَالَ - ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِى جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ فَقَالَ جِبْرِيلُ - صلى الله عليه وسلم - اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ، ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ فَرَحَّبَ بِى وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِابْنَىِ الْخَالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا فَرَحَّبَا وَدَعَوَا لِى بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. فَقِيلَ مَنْ أَنْتَ قَالَ جِبْرِيلُ.قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا هُوَ قَدْ أُعْطِىَ شَطْرَ الْحُسْنِ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ.قَالَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ.قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِهَارُونَ - صلى الله عليه وسلم - فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.قِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فَرَحَّبَ وَدَعَا لِى بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ مَنْ هَذَا قَالَ جِبْرِيلُ. قِيلَ وَمَنْ مَعَكَ قَالَ مُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم -. قِيلَ وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ قَالَ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ - صلى الله عليه وسلم - مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِى إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلاَلِ - قَالَ - فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا غَشِىَ تَغَيَّرَتْ فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَىَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَىَّ خَمْسِينَ صَلاَةً فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَإِنِّى قَدْ بَلَوْتُ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ. قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّى فَقُلْتُ يَا رَبِّ خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِى. فَحَطَّ عَنِّى خَمْسًا فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقُلْتُ حَطَّ عَنِّى خَمْسًا. قَالَ إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذَلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. - قَالَ - فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّى تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - حَتَّى قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِكُلِّ صَلاَةٍ عَشْرٌ فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلاَةً. وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئًا فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً - قَالَ - فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَى - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّى حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ ".صحيح مسلم. ومعني " وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ ": أي هل اذن له بالصعود الى السماء، وليس كما يتوهم بانه بعث اليه بالرسالة. وقال السيوطي أيضًا: "الحكمة في كون آدم في الأُولى أنه أوَّل الأنبياء وأوَّل الآباء، وهو أصلٌ فكان أوَّلاً في الآباء، ولأجل تأنيس النبوَّة بالأُبُوَّة، وعيسى في الثانية لأنه أقرب الأنبياء عهدًا من محمد، ويليه يوسف؛ لأنَّ أُمَّة محمد يدخلون الجنَّة على صورته، وإدريس قيل: لأنه أوَّل مَنْ قاتل للدِّينِ فلعلَّ المناسبة فيها الإذن للنبي بالمقاتلة ورفعه بالمعراج؛ لقوله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴾ [مريم: 57]، والرابعة من السبع وَسَط معتدل، وهارون لقربه من أخيه موسى، وموسى أرفع منه لفضل كلام الله، وإبراهيم لأنه الأب الأخير، فناسب أن يتجدَّد للنبي بلُقْيَاه أُنْس لتوجُّهه بعده إلى عالم آخر، وأيضًا فمنزلة الخليل تقتضي أن تكون أرفع المنازل، ومنزلة الحبيب أرفع؛ فلذلك ارتفع عنه إلى قاب قوسين أو أدنى". وقال أيضًا: اقتصر الأنبياء على وصفه بالصالح، وتواردوا عليها؛ لأن الصلاح تشمل خلال الخير؛ ولذا كرَّرها كلٌّ منهم عند كل صفة. وقد ذكر القرطبي كذلك أن الحكمة في تخصيص موسى بمراجعة النبي في أمر الصلاة، قيل: لأنه أوَّل من تلقَّاه عند الهبوط؛ ولأنَّ أُمَّته أكثر من أُمَّةِ غيره؛ ولأنَّ كِتَابَه أكبر الكتب المنزَّلة قبل القرآن تشريفًا وأحكامًا، أو لكون أُمَّة موسى قد كُلِّفت من الصلوات بما لم تُكَلَّف به غيرُها من الأمم، فثقلت عليهم، فأشفق موسى على أُمَّة محمد، ويُؤَيِّد ذلك ما ذُكِر في الرواية السابقة بقوله: "أنا أعلم بالناس منك". ولعلَّ الحكمة في تخصيص فرض الصلاة بليلة الإسراء والمعراج أنه لمَّا عُرج به في تلك الليلة تعبَّد الملائكة، وأن منهم القائم فلا يقعد، والراكع فلا يسجد، والساجد فلا يقعد، فجمع الله له ولأُمَّته تلك العبادات كلها؛ يصليها العبد في ركعة واحدة، بشرائطها من الطمأنينة والإخلاص، وفي اختصاص فرضيتها بليلة الإسراء إلى عظيم بيانها؛ ولذلك اختصَّ فرضها بكونه بغير واسطة بل بمراجعات تعدَّدت. ونضيف إلى ذلك أن الله تعالى أراد أن يُعِدَّ رسوله لمرحلة جديدة من مراحل الدعوة الإسلاميَّة، هذه المرحلة تُشبه المرحلة التي رأى فيها موسى آيات الله تعالى، وهي مرحلة مجابهة فرعون؛ فقد قال الله تعالى عن موسى: ﴿ لِنُرِيَكَ مِنْ آَيَاتِنَا الْكُبْرَى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 22-23]. فموسى الذي سيقابل فرعون الطاغية قد هُيِّئَ بهذه الرؤية لاحتقار كلِّ القوى الأرضيَّة ما دامت معه قوَّة الله تعالى، والرسول كان مأمورًا بالصبر طيلة الفترة المكية، ثم إنه بعد الهجرة أمر بالمجابهة، وكان الإسراء والمعراج قبل الهجرة بقليل - بعام واحد على أصحِّ الأقوال - فكانت رؤية آيات الله الكبرى تمهيدًا لهذه المرحلة التي سيقف فيها رسول الله بالقلة من أصحابه في وجه الدنيا كلها، فقال تعالى في أوائل سورة النجم عن المعراج: ﴿ لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ [النجم: 18]. رابعاً: إخباره صلى الله عليه وسلم بالمعجزة للمشركين: قال ابن كثير: أن أبا جهل لعنه الله رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الحرام و هو جالس واجم فقال له: هل من خبر؟ فقال نعم فقال: و ما هو؟ فقال: إني أسرى بي الليلة إلى بيت المقدس قال: إلى بيت المقدس؟ قال: نعم قال: أرأيت إن دعوت قومك لك لتخبرهم أتخبرهم بما أخبرتني به؟ قال: نعم فأراد أبو جهل جمع قريش ليسمعوا منه ذلك و أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم ليخبرهم ذلك و يبلغهم فقال أبو جهل: هيا معشر قريش و قد اجتمعوا من أنديتهم فقال أخبر قومك بما أخبرتني به فقص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى و أنه جاء بيت المقدس هذه الليلة و صلى فيه فمن بين مصفق و بين مصفر تكذيبا له و استبعادا لخيره و طار الخبر بمكة و جاء الناس إلى أبي بكر رضي الله عنه فأخبروه أن محمدا صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا فقال: إنكم تكذبون عليه فقالوا: و الله إنه ليقوله فقال: إن كان قاله فلقد صدق. ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و حوله مشركو قريش فسأله عن ذلك فأخبره فاستعلمه عن صفات بيت المقدس ليسمع المشركون و يعلموا صدقه فيما اخبرهم به و في الصحيح: أن المشركين هم الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك قال فجعلت أخبرهم عن آياته فالتبس على بعض الشئ فجلى الله لي بيت المقدس حتى جعلت أنظر إليه دون دار عقيل وأنعته لهم فقالوا: أما الصفة فقد أصاب و ذكر ابن إسحاق فأخبرنا عن عير لنا قادم من الشام، فأخبرهم رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بخبر القافلة التي يتقدمها جمل أورق، كما أخبرهم أنها ستصل يوم كذا مع طلوع الشمس، وعندما خرجوا ينتظرون وصول القافلة مع طلوع الشمس قالوا عندما رأوها: إن هذا سحر مبين. فأقام الله عليهم الحجة و استنارت لهم المحجة فآمن من آمن على يقين من ربه و كفر من كفر بعد قيام الحجة عليه كما قال الله تعالى ﴿ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ﴾ [الإسراء: 60] أي اختبارا لهم و امتحانا. السيرة النبوية لإبن كثير يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |