مدة الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4884 - عددالزوار : 1886970 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4452 - عددالزوار : 1216372 )           »          فضل الذكر في العشر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          عبادة المراغمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          عالَم مُفلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          فضائل الاجتماع علي تلاوة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          المختصر في أحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          كنوز عشر ذي الحجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإنابة في الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          العتاب بين الغلو والجفاء. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-11-2020, 01:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,182
الدولة : Egypt
افتراضي مدة الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها

مدة الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها
د. علاء شعبان الزعفراني





اتفق العلماء على أن المسافر إذا عاد على بلده، أو توطن في بلد آخر فإنه يعتبر مقيمًا وينقطع عنه حكم السفر[1].
كما اتفق الجمهور على أن من لم يجمع النية على إقامة محددة، كمن يقول اليوم أخرج أو غدًا أخرج، فإن حكم السفر لا ينقطع عنه وإن طالت مدة إقامته[2].

أما إذا نوى الإقامة مدة معينة، فقد اختلف العلماء في مقدار مدة الإقامة التي إذا نواها المسافر اعتبر مقيما وأتم الصلاة على أقوال كثيرة تصل إلى ثمانية عشر قولاً[3]، لكن المشهور منها أربعة أقوال.
القول الأول: أن المسافر إذا نوى الإقامة مدة أربعة أيام قصر الصلاة، وإن نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام لزمه الإتمام، وضابطه أن من نوى الإقامة أكثر من عشرين صلاة لزمه الإتمام.
وهذا القول هو المشهور من مذهب الحنابلة[4].

واستدلوا بالدليل الآتي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع قدم لصبح رابعة من ذي الحجة، فأقام بمكة الرابع والخامس والسادس والسابع، وخرج على منى في الثامن، وكان يقصر الصلاة في هذه الأيام.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ لِصُبْحِ رَابِعَةٍ مُهِلِّينَ بِالحَجِّ...»[5].
وقَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صُبْحَ رَابِعَةٍ مَضَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ[6].

فالنبيَّ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ في صَبِيحَةِ ليلةٍ رابعةٍ من ذي الحجة، بعد أن صلى فجر اليوم الرابع من ذي الحجة بذي طوى، فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «بَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِذِي طُوًى حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ دَخَلَ مَكَّةَ»[7].
وخروجه من مكة إلى منى كان بعهد أن صلى الفجر يوم الثامن بمقر إقامته بالأبطح، فعَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، "أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى"، قُلْتُ: "فَأَيْنَ صَلَّى العَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالأَبْطَحِ"، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ[8].

ففي الحديث يَحكي عبدُ العزيزِ بنُ رُفَيْعٍ أنَّه سَألَ أَنَسَ بنَ مَالِك رضي الله عنه أن يُخبِرَه بشَيء عقَلَه، أي: فَهِمَه وفَقهَه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فسَألَه عن مكانِ صلاةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهرَ والعَصرَ يوم التَّرويةِ، أي: يوم الثَّامن من ذي الحِجَّة، فأجابَه: بِمنًى، ثمَّ سألَه عن مكانِ صلاةِ النَّبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّفر، أي: الرُّجوع من مِنًى، فأجابه: بالأبطحِ وهو الْمُحَصَّب، ثمَّ أخبَرَه بأن يَفعَل كما يَفعَل أُمراؤُه، أي: صلِّ حيثُ يُصلُّون، وفيه إشارةٌ إلى الجَوازِ، وأنَّ الأُمراءَ إذ ذاك ما كانوا يُواظِبون على صَلاةِ الظُّهر ذلك اليومَ بمكانٍ مُعيَّن.
فيكون مجموع صلواته في هذه الأيام عشرين صلاة.

ووجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن أقصى مدة نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجزم إقامتها هي إقامته تلك الأربعة أيام، وذلك لعلمه صلى الله عليه وسلم أنه يخرج من منى يوم الثامن. فمن أجمع الإقامة فوق هذه المدة لزمه الإتمام عملاً بالأصل في حق المقيم وهو الإتمام[9].

ونوقش هذا الاستدلال من عدة أوجه:
الوجه الأول: عدم التسليم بأن هذه المدة هي أقصى مدة قصر أقام النبي صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة فيها[10]، فقد ثبت في حديث جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»[11].
وعَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: "غَزَوْنَا خُرَاسَانَ فِي زَمَنِ مُعَاوِيَةَ فَإِنَّا لَمُحَاصِرُونَ حِصْنًا مِنْ حُصُونِ حَارِزْمَ، وَأَقَمْنَا سَنَتَيْنِ نُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ"[12].

الوجه الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عازمًا على الإقامة في مكة حتى يقضي نسكه، وإنما يتم له ذلك في عشرة أيام[13]، كما في حديث أنس المتقدم رضي الله عنه[14].

ونوقش: بأن أنسًا رضي الله عنه حسب إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ومنى وعرفة، ولا شك أن انتقاله من مكة إلى منى، ومن منى إلى عرفة، ثم رجوعه إلى منى قاطع لحكم الإقامة، فإن كل انتقال هو في الحقيقة إنشاء لسفر جديد[15].

ويناقش: أن كل ما ذكر من أماكن هي داخل مكة وليس لها حكم إنشاء سفر جديد، فالمسافة بين مكة والمدينة في حدود الأربعمائة وخمسين كيلومترًا، ومنى ومزدلفة وعرفة كلها في مكة ومنى ومزدلفة داخل حدود الحرم، وعرفات خارج الحرم، والمسافة بينها أي عرفة ومنى ومزدلفة وبين الحرم بضع كيلومترات، وأبعدها عرفة ثم مزدلفة، ثم منى، فمنى تبعد عن المسجد الحرام سبعة كيلومترات تقريبا ومزدلفة تبعد عن المسجد الحرام عشرة كيلو مترات تقريبًا، وعرفات تبعد في حدود العشرين كيلومترا، والمسافة بين عرفات ومزدلفة في حدود سبعة كيلومترات. وعليه فلا يكون هذا إنشاء لسفر جديد على قول من يقول بتحديد المسافة بالعرف أو بالكيلومتر.

الوجه الثالث: أن غاية ما دلت عليه تلك الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في المدة المذكورة، ولكن لا دليل فيها أنه لو زاد عليها بأن قدم في اليوم الثالث أو الأول لم يقصر[16].

الوجه الرابع: لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للأمة من قدم مكة قبل اليوم الرابع فليتم، ولو كانت شريعة الله أن من قدم قبل اليوم الرابع من ذي الحجة إلى مكة لزمه أن يتم لوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيّنه لدعاء الحاجة للبلاغ والتبيين، فلما لم يبين ولم يقل للناس من قدم قبل اليوم الرابع فليتم علم أنه لا يلزمه الإِتمام، فيكون هذا الحديث دليلاً على أنه لا يلزم الإِتمام من نوى إقامة أكثر من أربعة أيام[17].

القول الثاني: أن المسافر إذا نوى الإقامة ثلاثة أيام قصر الصلاة، فإن نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر أتم الصلاة.
وهذا قول: المالكية[18]، والشافعية[19]، ورواية عند الحنابلة[20].

واستدلوا بالأدلة الآتية:
1- ما جاء من حديث جابر وابن عباس رضي الله عنهم في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الرابع وخرج إلى منى يوم الثامن، كما تقدم في دليل القول الأول.
ووجه الاستدلال: أن المدة التي مكثها النبي صلى الله عليه وسلم في مكة جازمًا الإقامة ثلاثة أيام، ولم يحتسب اليوم الذي دخل فيه واليوم الذي خرج فيه لانشغاله بالسفر والاستعداد له فيهما، فيكون قد أقام ثلاثة أيام صحاحًا[21].

ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أنه لو سلم بعدم احتساب يوم الثامن لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من مكة ضحى، فلا يسلم عدم احتساب اليوم الرابع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة صبيحة اليوم الرابع وأقام بقية النهار وهو معظم اليوم، فلا وجه لعدم احتسابه[22]. كما أن عدم احتساب أحد اليومين دليل على احتساب الآخر.

الوجه الثاني: أن غاية ما دل عليه تلك الأدلة أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر في المدة المذكورة، ولكن لا دليل على أنه لو زاد عليها بأن قدم في اليوم الثالث أو الأول لم يقصر الصلاة[23].

الدليل الثاني: عن العلاء بن الحضري قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يُقِيمُ الْمُهَاجِرُ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا»[24].
ووجه الاستدلال: أن المهاجرين قد منعوا من العودة للإقامة بمكة، ورخص لهم بالإقامة ثلاثة أيام، فعلم منه أن الثلاثة أيام ليست بإقامة. وأن من زاد على الثلاثة صار مقيمًا ولزمه إتمام الصلاة[25].
ونوقش هذا الاستدلال: بأن غاية ما يدل عليه الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم منع المهاجرين من الإقامة بمكة فوق ثلاثة أيام لعلمه أن الثلاثة أيام بعد النسك كافية لقضاء الحاجات، وليس فيه لإشارة ولا دلالة على المدة التي إذا أقامها المسافر أتم[26].

القول الثالث: أن المسافر إذا نوى الإقامة مدة خمسة عشر يومًا فأكثر أتم الصلاة، وإن نوى دون ذلك قصر.
وهذا قول الحنفية[27].

واستدل أصحاب هذا القول بالأدلة الآتية:
الدليل الأول: عَنْ عُمَرَ بْنِ ذَرٍّ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: «كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً سَرَّحَ ظَهْرَهُ فَأَتَمَّ الصَّلَاةَ»[28].
وفي لفظ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «إِذَا كُنْتَ مُسَافِرًا، فَوَطَّنْتَ نَفْسَكَ عَلَى إِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، فَأَتْمِمِ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي مَتَى تَظْعَنُ فَأَقْصِرْ»[29].

ووجه الاستدلال: أن التقدير بخمسة عشر يوما، تحديد لا مجال للرأي فيه فلابد أن يكون صادرًا عن توقيف، فيكون قول الصاحب فيه كالخبر[30].
ونوقش: أن قول الصحابي يكون حجة لو لم يرد عنه أو عن غيره ما يخالفه، وبخصوص مسألتنا فقد ورد عن ابن عمر نفسه، وعن ابن عباس رضي الله عنهم ما يخالف التحديد بخمسة عشر يومًا.

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: «إِذَا أَجْمَعْتَ أَنْ تُقِيمَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً فَأَتِمَّ الصَّلَاةَ»[31].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ، فَنَحْنُ إِذَا سَافَرْنَا تِسْعَةَ عَشَرَ قَصَرْنَا، وَإِنْ زِدْنَا أَتْمَمْنَا»[32].

الدليل الثاني: أن مدة الإقامة أو السفر لا سبيل على إثباتها عن طريق القياس، وإنما سبيلها النص أو الإجماع، وحيث لا نص في التحديد، فقد حصل الاتفاق على أن خمسة عشر يومًا تعد إقامة، وما دونها مختلف فيه، فيؤخذ بما هو محل اتفاق[33].
ونوقش: بعدم التسليم بأن الخمسة عشر يومًا محل اتفاق، فقد قيل بأكثر من ذلك، كما مر قريبًا عن ابن عباس، أنه حدد الإقامة بتسعة عشر يومًا، كما قيل بأن المسافر أبدًا ما لم يجمع الاستيطان ببلد[34].

القول الرابع: أنه لا حد لأكثر مدة الإقامة للمسافر، بل له الترخص بالقصر والفطر وأنه مسافر ما لم يجمع على إقامة ويستوطن.
وهذا اختيار ابن تيمية[35].

واستدل -رحمه الله- بالأدلة الآتية:
الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاَةِ ﴾ [النساء: 101] فقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [النساء: 101] عام يشمل كل ضارب، ومن المعلوم أن الضرب في الأرض أحيانًا يحتاج إلى مدة طويلة بحسب حاجته.
قال الله تعالى: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ ﴾ [المزمل: 20] فالذين يضربون في الأرض للتجارة مثلاً، هل يكفيهم أن يقيموا أربعة أيام فأقل في البلد؟

ربما يكفيهم وربما لا يكفيهم، فالتاجر قد يكفيه يوم واحد، وقد يتأخر أربعة أيام أو خمسة أيام أو عشرة أيام، وقد يطلب سلعة لا تحصل له في أربعة أيام؛ لأنه يجمعها من هنا وهناك.
الدليل الثاني: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «الصَّلاَةُ أَوَّلُ مَا فُرِضَتْ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلاَةُ السَّفَرِ، وَأُتِمَّتْ صَلاَةُ الحَضَرِ»[36].

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ اللهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ»[37].
وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع للمسافر أن يصلي إلا ركعتين، ولم يحد السفر بزمان أو بمكان ولا حد الإقامة أيضًا بزمن محدود، فيقصر كل مسافر وإن طالت مدة إقامته[38].

الدليل الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام مددًا مختلفة يقصر فيها:
عن جابر: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ»[39].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «أَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ عَشَرَ يَقْصُرُ»[40].

ووجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قصر مدة مقامه، مع علمه أن حاجته في الموضعين مما لا ينقضي في أربعة أيام أو نحوها، ولم يخبر أصحابه أنه لو أقام أقل أو أكثر لأتم الصلاة، فدل على أن من فارق محل إقامته مسافرًا، ولم يجمع الاستيطان أنه مسافر، وإن طالت مدة مكثه، وأن التحديد بمدة لا دليل عليه[41].

وأقام في مكة عام حجة الوداع عشرة أيام يقصر الصلاة، فعن أنس يَقُولُ: " خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ فَكَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، قُلْتُ: أَقَمْتُمْ بِمَكَّةَ شَيْئًا؟ قَالَ: أَقَمْنَا بِهَا عَشْرًا"[42].
لأنه أضاف أيام الحج إلى الأيام الأربعة، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في يوم الأحد الرابع من ذي الحجة، وخرج في اليوم الرابع عشر من ذي الحجة، فتكون إقامته عشرة أيام.

ففي حديث أنس أنهم خرَجوا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مُسافرين مِن المدينةِ إلى مكَّةَ، فظلَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّي الصَّلاةَ قصرًا ركعتينِ ركعتينِ حتَّى رجَع إلى المدينةِ مرَّةً أخرى، وقد ظلُّوا ماكثين في مكَّةَ عشَرةَ أيَّامٍ، ولم يترُكِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قَصْرَ الصَّلاةِ مدَّةَ إقامتِه بمكَّةَ، فظَلَّ على الرُّخصةِ حتَّى بعد وُصولِه المكانَ الَّذي خرَج إليه، ورغمَ طُولِ المُدَّةِ؛ فإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَدَعْ قَصْرَ الصَّلاةِ، وظلَّ آخِذًا برُخصةِ اللهِ سبحانه وتعالى الَّتي رخَّص له طُولَ سَفرِه.

الترجيح:
الذي يظهر من مجموع الأحاديث أنه لا توقيت للقصر بشيء من المدة المختلفة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره في بعض المواطن، مثل إقامته في مكة وتبوك، فإن ذلك واقع على ما اقتضاه الحال من الحاجة إلى تلك المدة فهي إقامات وقعت اتفاقًا، وما وقع اتفاقًا لا يصح أن يكون حدًا كما هو معلوم، وهذا ما فهمه عنه بعض الصحابة رضي الله عنهم، فهذا ابن عمر رضي الله عنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وكان يقول: "إذا أزمعت إقامة أتم"[43].
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.65 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.40%)]