|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاستبدادان إبراهيم السكران وهكذا أيضاً: تجد ضحايا (المستبد الخارجي) لو قلت لهم أنتم تميلون لتطويع النصوص والتراث لثقافة المستبد الخارجي؛ لغضبوا عليك، ورأوك جائراً ظالماً في الحكم والتقييم، ويرددون لك بأنهم لديهم نصوص وهم أقرب للشريعة منك.لكن لو تساءلنا: ما هي الآلية الداخلية التي يتم من خلالها تطويع النصوص الشرعية لأفكار المستبد، سواءً المستبد الداخلي أو المستبد الخارجي؟الواقع أن الأمر يتم على هذه الصورة: تجد كثيراً من النصوص الشرعية تحتمل عدة دلالات نتيجة طبيعة بنيتها اللغوية (وهي قضية دلالية/ سيميولوجية)، وعلماء المسلمين يتعاملون مع هذه الاحتمالات الدلالية بـ(منهج علمي) لتحديد الدلالة التي تعبر عن مراد الله، هذا هو المسار الطبيعي للعالم المستقل المتحرر من نوعي الاستبداد، أما الخانع لأحد نوعي الاستبداد فإنه لا يرجِّح بين هذه الاحتمالات الدلالية بمنهج علمي، وإنما ينتقي من هذه الدلالات ما يتوافق مع اتجاه المستبد الذي يخضع له، سواءً كان مستبداً داخلياً أو خارجياً، فصار المرجح في الاحتمالات الدلالية للنصوص ليس (المنهج العلمي) وإنما (هوى المستبد) الداخلي أو الخارجي.والخنوع للمستبد الداخلي يكثر عند بعض المنتسبين للسلفية ممن يسميهم السلفيون "أدعياء السلفية"، بينما الخنوع للمستبد الخارجي يكثر عند بعض المنتسبين للثقافة المعاصرة.ونحن اليوم في عصر (الليبرالية)، ولحظة انتصار وهيمنة (النموذج الليبرالي الغربي)، ولذلك تغزونا مقولاتها المدججة بأقوى وسائل التأثير، وتفرض على تفكيرنا أولوية أسئلتها وإشكالياتها، وتزودنا بقوالب تشكّل تفكيرنا، وتمارس استبداداً عقلياً ونفسياً على كثير من المتطلعين للثقافة المعاصرة، فحين تقرأ كتاباتهم أو تسمع كلامهم لا تخطئ عينك تلك الهزيمة المضمرة بين حروفهم، وتشعر أحياناً أن الكاتب يحاول أن يستقل، لكن ينهار مرة تلو مرة، ويظل تواقاً إلى مشابهة المنتصر في أفكاره، يشعر أنه الأقوى والأصح كلما شابهه.وأحياناً كثيرة يمارس الشخص هذه الهزيمة للمستبد الخارجي دون وعي، نتيجة انتشار مفاهيم المستبد الخارجي وتعملقها في تفاصيل أوعية المعرفة المعاصرة، فيتشربها من خلال الحوارات الفضائية، أو الرواية الحديثة، أو النص السينمائي، أو العمود الصحفي، أو التقرير الإخباري، الخ.دعنا نضرب أمثلة لهذا الاستبداد الخارجي، والخنوع الذي يعيشه الكثيرون لأفكار ومفاهيم وتصورات المستبد الخارجي:تجد بعض الناس صارت أهم قضاياه هي (الموقف من المخالف) وتجد لديه تأزم حقيقي في هذا الموضوع، برغم أنه موضوع عادي جداً خلال التراث الإسلامي، بكل ما فيه من نقد المخالف، وكان العلماء وأئمة السلف ينتقدون المخالف بكل وضوح وحسم، ولو سألته: لماذا صار الموقف من المخالف "أزمة" فقط في هذه اللحظة التأريخية التي انتصر فيها النموذج الليبرالي الذي يشيع روح المغالاة في الحرية؟ لربما كان هذا السؤال بالنسبة له مفتاحاً للتفكير المستقل في هذا الموضوع.وتجد البعض الآخر صار يعتبر أن الحديث عن خطر الرافضة وبيان ضلالهم وتفنيد شبهاتهم (طائفية مذمومة)، حسناً..لقد كان أهل السنة طوال التاريخ يقولون في الرافضة مالم يقل الدعاة المعاصرون مده ولا نصيفه، فلماذا صار الحديث عن ضلال الرافضة أزمة وطائفية في هذا العصر الذي انتصر فيه النموذج الغربي الليبرالي الذي يمنع المساس بالطوائف؟ أتمنى أن يكون هذا السؤال أيضاً- مفتاحاً للتفكير خارج استبداد المستبد الخارجي.وتجد بعض الناس يقول لك (انتقد الأشخاص لا الأفكار)، طيب.. ألم يكن السلف يا أخي الكريم ينتقدون الأشخاص والأفكار كلاهما، فلم يكن لدى السلف أصلاً هذا التمييز (انقد الفكرة لا الشخص)!، ألا ترى أننا صرنا خاضعين لسحر النموذج الليبرالي الذي يغلو في حرية الأشخاص ويرفع حساسية الموضوع؟وبعض الناس صار لديه مشكلة مع (شريعة إنكار المنكر) لأنها تخالف الحرية التي تشربها من النموذج الليبرالي المهيمن، فتراه إذا شاهد أحداً ينكر منكراً قال: هذا إقصاء، أو هذه وصاية، الخ. وعبارة (إقصاء ووصاية) ليست مجرد تعبير أدبي، بقدر ما هي تحمل (ثقافة) تنبض بالليبرالية في داخلها.ومن المقولات الليبرالية التي راجت بين كثير من المنتسبين للثقافة المعاصرة عبارة (تكلم لكن لا تمد يدك) وقريب منها عبارة (تنتهي حريتك حيث تبدأ حرية الآخرين)، فإذا سألته: لماذا يجوز أن تتكلم لكن لا يجوز أن تمد يدك؟ قال لك: حرية التعبير متاحة، لكن أن تمد يدك فهذا عدوان.حسناً يا أخي الكريم.. فإذا كان الكلام عدواناً على الله أو رسوله أو الصحابة أو أحد شرائع الإسلام الخ، فهل سيبقى الكلام أهون من اليد؟!مثل هذه المقولات ليست مجرد آراء، بل هي "معايير" تجري في عروقها دماء الليبرالية الغربية، حيث تفرق بين الرأي والفعل، وتميل إلى فتح المجال للرأي إلى نهاية الطريق، بينما تميل إلى ضبط الفعل بالقوانين، وهذا طبعاً نسبي عندهم.لكن هل هذا التصور موجود عندنا نحن المسلمين؟ لا، طبعاً فنحن المسلمين نعتبر العدوان على الله ورسوله أعظم من العدوان على حق شخصي، لأن الله ورسوله أعظم في نفوسنا من كل أحد، بخلاف هذا الغربي المسكين الذي لا يعظم إلا نفسه، فالرأي المنحرف في ميزان الشريعة قد يكون أخطر من الفعل المنحرف، والعدوان بالرأي على الشريعة، قد يكون أعظم من العدوان بالفعل على المسلمين، وقد وضح هذا ابو العباس ابن تيمية حيث يقول:" والمحاربة باللسان في باب الدين قد تكون أنكى من المحاربة باليد..، ولذلك كان النبي - ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |