التسبيح المضاعف - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اذكر الموت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الإنتصار على الهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الإقبال على الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 65 )           »          الخطاب فى القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 103 - عددالزوار : 64725 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 2279 )           »          إصلاح ذات البين.. مهمة.. وإنجاز عظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 7087 )           »          قواعد في الدعوة إلى الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2603 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-05-2021, 03:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,251
الدولة : Egypt
افتراضي التسبيح المضاعف

التسبيح المضاعف
الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل






سبحان الله (5)







التسبيح المضاعف






الْحَمْدُ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آلِ عِمْرَانَ: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النِّسَاءِ: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الْأَحْزَاب: 70-71].





أَمَّا بَعْدُ:


فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.





أَيُّهَا النَّاسُ:


لَا شَيْءَ أَعْظَمُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا ذِكْرَ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِهِ سُبْحَانَهُ، وَلِذَا كَانَ ذِكْرُهُ سُبْحَانَهُ أَكْبَرَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ [الْعَنْكَبُوت: 45]، وَالتَّسْبِيحُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِتَنْزِيهِهِ سُبْحَانَهُ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ. جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ نَعْرِفُهَا: لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ نَعْرِفُهَا: أَنَّ النِّعَمَ كُلَّهَا مِنْهُ، وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهَا، وَاللَّهُ أَكْبَرُ نَعْرِفُهَا: لَا شَيْءَ أَكْبَرُ مِنْهُ، فَمَا سُبْحَانَ اللَّهِ؟ قَالَ: كَلِمَةٌ رَضِيَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَفْسِهِ، وَأَمَرَ بِهَا مَلَائِكَتَهُ، وَفَزِعَ لَهَا الْأَخْيَارُ مِنْ خَلْقِهِ» رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ.





وَعَنِ ابْنِ عَائِشَةَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو التَّيْمِيِّ قَالَ: «الْعَرَبُ إِذَا أَنْكَرَتِ الشَّيْءَ وَأَعْظَمَتْهُ قَالَتْ: سُبْحَانَ، فَكَأَنَّهُ تَنْزِيهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ كُلِّ سُوءٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِغَيْرِ صِفَتِهِ...» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ.





وَأَفْضَلُ التَّسْبِيحِ: التَّسْبِيحُ الْمُضَاعَفُ، وَقَدْ حُفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ صِيغَتَانِ، يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ حِفْظُهُمَا، وَمَعْرِفَةُ مَا فِيهِمَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْمَعْنَى؛ فَذَلِكَ أَدْعَى لِلْإِكْثَارِ مِنْهُمَا، وَأَخْشَعُ لِلْقَلْبِ حَالَ النُّطْقِ بِهِمَا:


فَأَمَّا الصِّيغَةُ الْأُولَى: فَفِي حَدِيثِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهِيَ جَالِسَةٌ، فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.





وَمَعْنَى سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ أَيْ: أُسَبِّحُهُ حَامِدًا لَهُ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ التَّخْلِيَةِ وَالتَّحْلِيَةِ، خَلَّاهُ تَعَالَى عَنْ كُلِّ قَبِيحٍ، ثُمَّ حَلَّاهُ تَعَالَى بِكُلِّ ثَنَاءٍ صَحِيحٍ.





وَهَذَا التَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ بِعَدَدِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى. وَخَلْقُهُ سُبْحَانَهُ لَا يُحْصِيهِ غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ، سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْهُ فِي الْمَاضِي الَّذِي نَعْلَمُ بَعْضَهُ وَنَجْهَلُ أَكْثَرَهُ، أَوْ فِي الْحَاضِرِ الَّذِي نَرَى الْقَلِيلَ مِنْهُ وَيَخْفَى عَلَيْنَا أَكْثَرُهُ، فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَفِي الْكَوْنِ كُلِّهِ وَالْأَنْجُمِ وَالْأَفْلَاكِ الَّتِي لَا نَعْلَمُ مَا فِيهَا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمَا يَخْلُقُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّيْرِ وَالْحَشَرَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْجَمَادِ وَذَرَّاتِ الرَّمْلِ، وَحَبَّاتِ الْقَطْرِ، وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُحْصِيهِ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، أَوْ كَانَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الَّذِي لَا نَعْلَمُهُ مِمَّا سَيَخْلُقُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ﴿ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ [الرَّعْدِ: 16]، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [الْمُدَّثِّرِ: 31]. وَإِذَا اسْتَحْضَرَ الْمُؤْمِنُ أَنَّ السَّمَاءَ عَلَى سعَتِهَا مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ، وَأَنَّ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَتَعَبَّدُونَ فِيهِ وَلَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى؛ عَلِمَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَلْقٌ كَثِيرٌ لَا يُحْصِيهِمْ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَتَسْبِيحُ الْمُؤْمِنِ بِعَدَدِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوْعِبُ أَعْدَادَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ كَثِيرٌ جِدًّا. وَهَذَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَيْفَ إِذَنْ بِبَاقِي خَلْقِهِ مِنَ الْأَجْنَاسِ الْأُخْرَى الَّتِي لَا يُحْصِيهَا غَيْرُهُ عَزَّ وَجَلَّ؟!






وَيَجْزِمُ الْمُؤْمِنُ جَزْمًا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ تَعَالَى تَتَجَاوَزُ أَعْدَادُهَا مِلْيَارَاتِ الْمِلْيَارَاتِ بِكَثِيرٍ، وَتَنْزِيهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ يَتَجَاوَزُ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ، بَلْ لَا حَدَّ لِتَسْبِيحِهِ وَحَمْدِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْ كَانَ فِي الْعَدَدِ مَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ لَذَكَرَهُ؛ فَإِنَّ تَجَدُّدَ الْمَخْلُوقَاتِ لَا يَنْتَهِي عَدَدًا.





«وَأَمَّا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ رِضَا نَفْسِهِ فَيَعْنِي: أَنَّكَ تُسَبِّحُ اللَّهَ تَعَالَى وَتَحْمَدُهُ حَمْدًا يَرْضَى بِهِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَيُّ حَمْدٍ يَرْضَى بِهِ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا وَهُوَ أَفْضَلُ الْحَمْدِ وَأَكْمَلُهُ». «وَلَا رَيْبَ أَنَّ رِضَا نَفْسِ الرَّبِّ لَا نِهَايَةَ لَهُ فِي الْعَظَمَةِ وَالْوَصْفِ. وَالتَّسْبِيحُ ثَنَاءٌ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ يَتَضَمَّنُ التَّعْظِيمَ وَالتَّنْزِيهَ. فَإِذَا كَانَتْ أَوْصَافُ كَمَالِهِ، وَنُعُوتُ جَلَالِهِ؛ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَلَا غَايَةَ؛ بَلْ هِيَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَجَلُّ؛ كَانَ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِهَا كَذَلِكَ».





وَأَمَّا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ زِنَةَ عَرْشِهِ: فَزِنَةُ الْعَرْشِ لَا يَعْلَمُ ثِقَلَهَا إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لِأَنَّ الْعَرْشَ أَكْبَرُ الْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي نَعْلَمُهَا، وَهُوَ أَثْقَلُ الْمَخْلُوقَاتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَثْقَلَ مِنْهُ لَوُزِنَ بِهِ التَّسْبِيحُ. وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ، إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ.





وَأَمَّا سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ: فَالْمِدَادُ مَا يُكْتَبُ بِهِ الشَّيْءُ، وَكَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُقَارَنُ بِهَا شَيْءٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا [الْكَهْفِ: 109]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ [لُقْمَانَ: 27] فَكَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا نِهَايَةَ لَهَا.





وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْبَحْرُ مِدَادًا، وَبَعْدَهُ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ تَمُدُّهُ كُلُّهَا مِدَادًا، وَجَمِيعُ أَشْجَارِ الْأَرْضِ أَقْلَامًا، وَهُوَ مَا قَامَ مِنْهَا عَلَى سَاقٍ مِنَ النَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ، وَتَسْتَمِدُّ بِذَلِكَ الْمِدَادِ؛ لَفَنِيَتِ الْبِحَارُ وَالْأَقْلَامُ. وَكَلِمَاتُ الرَّبِّ لَا تَفْنَى وَلَا تَنْفَدُ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ.


فَتَسْبِيحٌ وَحَمْدٌ هَذَا شَأْنُهُمَا لَحَرِيٌّ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْهُمَا، وَيَلْهَجَ لِسَانُهُ بِهِمَا، مَعَ اسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِمَا.





سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ. وَمَنْ يُحْصِي خَلْقَ اللَّهِ تَعَالَى. سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ رِضَا نَفْسِهِ.. وَلَا تَسْبِيحَ وَلَا حَمْدَ يَبْلُغُ رِضَا الرَّبِّ إِلَّا كَانَ أَعْظَمَ. سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ زِنَةَ عَرْشِهِ.. وَلَا شَيْءَ فِي الْمَخْلُوقَاتِ أَثْقَلُ مِنَ الْعَرْشِ، وَلَا يَعْلَمُ ثِقَلَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ.. وَكَلِمَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَنْتَهِي.





فَهَذَا تَسْبِيحٌ وَحَمْدٌ بَلَغَ الْمُنْتَهَى فِي عَدَدِهِ وَوَصْفِهِ وَثِقَلِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ، فَمَنْ يُفَرِّطُ فِيهِ بَعْدَ هَذَا؟! وَلَا عَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الذِّكْرُ مِنْ أَذْكَارِ الصَّبَاحِ لِيَفْتَتِحَ الْمُسْلِمُ بِهِ يَوْمَهُ.





نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الذَّاكِرِينَ الشَّاكِرِينَ، وَمِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ، وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.


وَأَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ...





الخطبة الثانية


الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.





أَمَّا بَعْدُ:


فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ [الْبَقَرَةِ: 123].





أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:


الْعِلْمُ بِالذِّكْرِ الْمَأْثُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمُحَافَظَةُ عَلَيْهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَفِيهِ أَيْضًا مُوَافَقَةُ السُّنَّةِ، وَالْبعْدُ عَنِ الْأَذْكَارِ الْمُحْدَثَةِ الْمُبْتَدَعَةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ الْمُخَالَفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ. وَالْعِلْمُ بِالذِّكْرِ الْمُضَاعَفِ يَجْعَلُ الذَّاكِرَ يَحْصُدُ أُجُورًا عَظِيمَةً بِعَمَلٍ قَلِيلٍ، وَهَذَا مِنْ فَضْلِ الْعِلْمِ وَعُلُوِّ مَقَامِهِ فِي الدِّينِ ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ [الزُّمَرِ: 9].





وَمِنَ التَّسْبِيحِ الْمُضَاعَفِ وَهُوَ الصِّيغَةُ المَأْثُورَةُ الثَّانِيَةُ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ: مَاذَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟ قَالَ: أَذْكُرُ رَبِّي، قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ وَالنَّهَارَ مَعَ اللَّيْلِ؟ أَنْ تَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.






فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْفَظَ هَذَيْنِ التَّسْبِيحَيْنِ الْمُضَعَّفَيْنِ، وَأَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهِمَا، مَعَ اسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِمَا، وَالْخُشُوعِ فِيهِمَا؛ لِيَنَالَ الْأُجُورَ الْعَظِيمَةَ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ.


وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 90.34 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.87%)]