|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() منثورات في فضل العلم والطريق إليه مصطفى حمودة عشيبة إنما هي منثورات جمعتُها؛ حتى أَنظُر فيها إذا كسلتُ عن الطلب؛ فلذَّةُ العلم لا تَعدِلها لذَّة، ورفعة العلماء لا تَعدِلها رفعة، ولا يَقتصر الحديث على طلبة العلم الشرعي وفقط، وإن كان قد بَلَغَ مِن الشرف مُنتهاه، ومن المجد أعلاه، ولكن كل علم فيه نفع للبشرية لم يُخالِف طالبُه السننَ الكونية، فهو باسم الله؛ فقد تكرَّر الأمر بالقراءة في أوائل الآيات التي لابسَت قلب رسول الله مرَّتين؛ عُني بالأولي قراءة الوحي، والثانية قراءة الكون حسب ما يدلُّ عليه السياق. فهذه منثورات لكل طالب علم وشرف، كل علمٍ بشرفِ متعلقِه، ففيما أخرج ابن ماجه وصحَّحه الألبانيُّ عن كَثير بن قَيس، قال: كنتُ جالسًا عند أبي الدرداء في مسجد دمشق، فأتاه رجل، فقال: يا أبا الدرداء، أتيتُك من المدينة، مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحديث بلغَني أنك تُحدِّث به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فما جاء بك تجارة؟ قال: لا، قال: ولا جاء بك غيره؟ قال: لا، قال: فإني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لَتضعُ أجنحتَها رضًا لطالب العلم، وإن طالب العلم يَستغفِر له مَن في السماء والأرض، حتى الحيتان في الماء، وإن فضل العالِم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثوا العلم؛ فمَن أخذه، أخذَ بحظٍّ وافِر))، فيا له مِن حظٍّ ورِفعة، ويا له مِن أجر يشتاق إليه العاقلون، ويتنافس فيه المتنافسون! الحديث عن العلم حديث طويل لا يُمَلُّ، جميل بجماله؛ فهو مادَّة العقل، وسراج البدن، ونور القلب، وعماد الروح، فكمال كل إنسان يتمُّ بأمرَين: أولاهما: همَّة تُرقيه، وثانيهما: علم يُبصِّره ويَهديه. وقال مُعاذ بن جبل: تعلَّموا العلم؛ فإن تعلُّمه حسَنة، وطلبه عبادة، وبذْله لأهله قُربة، والعلم منار سبيل أهل الجنَّة، والأنيس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمُحدِّث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والزَّين عند الأخلاَّء، والسلاح على الأعداء، يرفع الله به قومًا فيجعلهم قادة أئمة، تُقتفى آثارهم، ويُقتَدى بفعالهم. والعِلم حياة القلب مِن الجهل، ومِصباح الأبصار مِن الظُّلمة، وقوة الأبدان مِن الضعف؛ يَبلُغ بالعبد منازل الأخيار، والدرجات العلا في الدنيا والآخِرة، الفكر فيه يعدل الصيام، ومذاكرته تعدل القيام، وبه تُوصَل الأرحام، ويُعرف الحلال من الحرام. وقال داود لابنه سليمان - عليهما السلام -: "لفَّ العلمَ حول عُنقِك، واكتبه في ألواح قلبك"، فكأن العلم زينة يَتزيَّن بها الإنسان ظاهرًا وباطنًا. وقال الشاعر: نعمَ الأنيسُ إذا خلوتَ كتابُ ![]() تَلهو به إن خانَكَ الأحبابُ ![]() لا مُفشيًا سرًّا إذا استودعتَه ![]() وتُفاد منه حكمةٌ وصَوابُ ![]() وقال الثاني: العلمُ يُحيي قلوبَ الميِّتين كما ![]() تَحيا البلادُ إذا ما مسَّها المطَرُ ![]() والعلم يَجلو العمى عن قلب صاحبِه ![]() كما يُجلِّي سوادَ الظُّلمةِ القمرُ ![]() وقال آخر: وفي الجهلِ قبلَ الموتِ موتٌ لأهلِه ![]() وأجسامُهم قبلَ القبورِ قُبورُ ![]() وأرواحُهم في وَحشةٍ مِن جسومِهم ![]() وليس لهم حتى النُّشورِ نُشورُ ![]() في شرف العلم ولذَّتِه قال سبحانه: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، وفيما أخرج الترمذي وحسنه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((الدنيا ملعونة، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكر الله، وعالمًا، ومُتعلِّمًا)). يقول أبو الأسود الدؤلي: الملوك حكَّام على الدنيا، والعلماء حكام على الملوك. وقال أبو قلابة: مَثَلُ العلماء في الأرض مثَل النجوم في السماء؛ مَن ترَكها ضلَّ، ومَن غابتْ عنه تحيَّر. قال الفُضيل بن عياض: عالِمٌ عاملٌ مُعلِّم يُدعى كبيرًا في ملكوت السموات. تَعلَّمْ ما الرزيةُ فقْدَ مالٍ ![]() ولا شاةٌ تموتُ ولا بَعيرُ ![]() ولكنَّ الرزيةَ فقْدُ حُرٍّ ![]() يموتُ بموتِه بشرٌ كثيرُ ![]() قال الإمام أحمد: "الناس محتاجون إلى العلم أكثرَ من حاجتهم إلى الطعام والشراب؛ لأن الطعام والشراب يُحتاج إليه في اليوم مرةً أو مرتين، والعلم يُحتاج إليه بعدَدِ الأنفاس". قال ابن القيِّم: "العلماء بالله وحده وأمره هم حياة الوجود وروحه، ولا يُستغنى عنهم طرفة عين".
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |