شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 234 - عددالزوار : 27968 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4478 - عددالزوار : 983979 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4014 - عددالزوار : 502501 )           »          عيد أضحى مبارك ، كل عام وانتم بخير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 128 )           »          سفرة إفطار عيد الأضحى.. كبدة مشوية بخطوات سهلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 102 )           »          9 نصائح لمطبخ نظيف خلال عزومات عيد الأضحى.. التهوية أساسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          فتياتنا وبناء الذات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 80 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          ابن أبي الدنيا وكتابه “العيال” (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          خطبة عيد الأضحى المبارك 1445هـ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 08-03-2022, 01:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,504
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام --- متجدد فى رمضان


شرح العمدة لابن تيمية كتاب الصيام
تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية
من صــ 316الى صــ 330
(21)
المجلد الاول
كتاب الصيام









309 - وعن معاذ بن جبل؛ قال: «أحص العدة واصنع كيف شئت».
310 - وعن عمرو بن العاص؛ أنه قال: «فرق قضاء رمضان, إنما قال الله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}».
311 - وعن رافع بن خديج: أنه كان يقول: «أحص العدة وصم كيف شئت».
312 - 313 - وعن ابن عباس وأبي هريرة؛ قالا: «لا بأس بقضاء رمضان متفرقاً».

314 - وروى سعيد عن أنس بن مالك: أنه سُئل عن قضاء رمضان؟
فقال: «إنما قال الله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}؛ فإذا أحصى العدة؛ فلا بأس بالتفريق».
315 - وعن مجاهد؛ قال: «أما نحن أهل مكة: فلا نرى بالتفريق بأساً».
وهذه الآثار تعضد الأحاديث المتقدمة وتجعلها حجة عند من لا يقول بالمرسل المجرد.
316 - وقد روي عن سالم عن ابن عمر: أنه كان يقول: «صمه كما أفطرته».
317 - 318 - وعن ابن عباس: أنه كان لا يرى بالتفريق بأساً, وكان ابن عمر يقضيه متتابعاً.
319 - وعن الحارث عن علي؛ قال: «من كان عليه صوم من رمضان؛ فليقضه متصلاً ولا يفرقه».
وهذا محمول على الاستحباب؛ لأنه قد تقدم عن ابن عمر خلاف ذلك.
وأيضاً؛ فإن القضاء لا يزيد على الأداء, وفعل الصوم أداء لا تجب فيه الموالاة؛ فإنه لو أفطر أثناء الشهر لعذر أو غيره؛ بنى على صومه وقضى ما أفطره؛ إذا لم يشترط الموالاة في الأصل؛ ففي البدل أولى.
نعم؛ لما كان صوم الشهر واجباً وأيامه متوالية؛ وجبت الموالاة للفعل تبعاً للموالاة في الوقت؛ فإذا فات الوقت؛ سقطت الموالاة الواجبة فيه. . . .

ولأن الصوم وإن وجب جملة؛ فهو دين في الذمة, وقضاء الدين يجزئ متتابعاً. . . , ولأنه إذا جاز تأخيره كله إلى شعبان؛ فتأخير بعضه أولى.
الفصل الثاني: أنه ليس له أن يؤخره إلى رمضان آخر إلا لعذر؛ مثل أن يمتد به المرض أو السفر إلى أن يدخل الرمضان الثاني.
فإن أخره إليه لعذر؛ صام رمضان الذي أدركه, وقضى الرمضان الذي فاته بعده, ولا شيء عليه.
قال حرب: سألت أحمد: قلت: رجل أفطر في رمضان من مرض أو علة, ثم صحَّ ولم يقض حتى جاء رمضان آخر؟ قال: يصوم هذا اليوم الذي جاء, ويقضي الذي ترك, ويطعم لكل يوم مسكيناً. قلت: مُدّاً؟ قال: نعم.
قال القاضي: نص عليه في رواية الأثرم والمروذي وحنبل.
وإن امتدَّ العذر إلى آخر الرمضان الثاني؛ صام. . . .
وإن أخره إلى الثاني لغير عذر؛ أتمَّ وعليه أن يصوم الذي أدركه ثم يقضي الأول ويطعم لكل يوم مسكيناً.
وقيل: له أن يؤخره إلى الرمضان الثالث هنا. . . .
وذلك لما احتج به أحمد.
قال في رواية المروذي في الرجل يلحقه شهر رمضان وعليه شهر رمضان قبله: إن كان فرَّط؛ أطعم عن كل يوم مسكيناً, وإن كان لم يفرط؛ صام الذي أدركه وقضى بعدد ما عليه.
320 - رواه عن الحكم, عن ميمون بن مهران, عن ابن عباس.
321 - وعن أبي الخليل, عن عطاء, عن أبي هريرة.
322 - وقيس بن سعد, عن عطاء, عن أبي هريرة.
323 - وقد روى الدارقطني عن ابن عمر: أنه كان يقول: «من أدركه رمضان وعليه من رمضان شيء؛ فليطعم مكان كل يوم مسكيناً مدّاً من حنطة».
324 - وعن مجاهد, عن ابن عباس؛ قال: «من فرّط في صيام شهر رمضان حتى يدركه رمضان آخر؛ فليصم هذا الذي أدركه, ثم ليصم ما فاته, ويطعم مكان كل يوم مسكيناً».
325 - وعن مجاهد, عن أبي هريرة؛ فيمن فرط في قضاء حتى أدركه رمضان آخر؛ قال: «يصوم هذا مع الناس, ويصوم الذي فرط فيه, ويطعم لكل يوم مسكيناً».
326 - ورواه الدارقطني, عن عطاء, عن أبي هريرة, وقال: إسناد صحيح موقوف.
327 - ورواه مرفوعاً من وجهٍ غير مرضي.
328 - وقد ذكر يحيى بن أكثم: أنه وجد في هذه المسألة الإِطعام عن ستة من الصحابة لم يعلم لهم منهم مخالفاً, ولأن قضاء الرمضان مؤقت بما بين الرمضانين:

لوجوه:
329 - أحدها: ما رواه أحمد: عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: «من أدرك رمضان وعليه من رمضان شيء لم يقضه؛ لم يتقبل منه».
لأن العبادات إما أن تجب مؤقتة أو على الفور؛ فإنها لا تكون على التراخي عندنا؛ كما نذكر إن شاء الله في الحج, فلما لم يجب قضاء رمضان على الفور؛ علم أنه مؤقت.
وبهذا يتبين أن قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لولا حديث عائشة؛ لحُمل على الفور, وحديث عائشة إنما أفاد جواز التأخير إلى شعبان, وما زاد على ذلك؛ لا يعلم جواز التأخير فيه, ومطلق [الأمر] يقتضيه.
وقد احتج أصحابنا بأن عائشة ذكرت أنها كانت تقضيه في شعبان؛ لبيان تضييق وقته في شعبان, وأنها كانت تؤخره إلى آخر وقته, فعُلِم أن وقت القضاء كان محصوراً, وأنها إنما أخرت القضاء شغلاً برسول الله صلى الله عليه وسلم, وشعبان وغيره في الشغل سواء, فلولا تضيّق الوقت؛ لأخّرته.
لكن يقال: إنما أخرته إلى شعبان؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في شعبان, فتتمكن من الصوم معه.
وكذلك سياق الحديث يدل على ذلك.
الثاني: أن الصوم قد وُسِّع وقته على المسافر والمريض, فهو بالخيرة بين أن يصوم فيه أو فيما بعده, وضيق على الصحيح المقيم.

والعبادة الموسعة يخرج وقتها بدخول وقت مثلها؛ بدليل الصلاة.
330 - قال صلى الله عليه وسلم: «ليس في النوم تفريط, إنما التفريط في اليقظة: أن يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى».
فإذا كان هذا في الصلاة؛ فهو في الصوم أولى؛ لأن وقت الصلاة الثانية يتسع للصلاتين, ووقت الصوم الثاني لا يتسع لهما.
ولأن الصوم قد استقر في ذمته أعظم من استقرار الصلاة بأول الوقت.
الثالث: أنه إذا أخره إلى الرمضان الثاني عمداً؛ فقد أخره إلى وقت لا يمكنه فعله فيه, ويجوز أن يدرك ما بعد رمضان, ويجوز أن لا يُدركه, فأشبه تأخير الحج من عام وجوبه إلى العام الذي يليه.
الرابع: أنه إذا أخره إلى رمضان الثاني؛ فإنه يلزمه أن يبدأ بالحاضر قبل الفائت, والعبادات المؤقتة من جنس واحد يجب أن يبدأ بأولها فأولها وجوباً كالصلاتين المجموعتين والفائتتين والجمرات إذا أخَّر رميها اليوم الثالث.
الخامس: أن الصحابة رضي الله عنهم سمَّوه مفرطاً كما تقدم.
والتفريط إنما يكون فيمن أخرها عن وقتها.
وإذا ثبت أنه مؤقت؛ فقد ترك الصوم الواجب في وقته على وجه لا يوجب القضاء, فأوجب الفدية؛ كالشيخ الكبير والعجوز إذا تركا الصوم.
ومعنى قولنا: «لا يوجب القضاء»: أنه لا يجب عليه صوم بترك الصوم بين الرمضانين, وبهذا يظهر الفرق بينه وبين من أفطر عمداً؛ فإن نفس ذلك الترك أوجب القضاء فلا يوجب غيره.
وفوات العين لا سبيل إلى جبرها أصلاً, وهنا الفطر في رمضان أوجب من القضاء, والصوم الواجب بين الرمضانين لا بد له من بدل.
فإن قيل: فهلاَّ أوجب صوم يوم آخر.
قيل. . . .
ولأنها عبادة لا تفعل في العام إلا مرة.
* مسألة:

وأما إذا أخر القضاء لعذر؛ فإنه لم يجب عليه قضاؤه بين الرمضانين لوجود العذر, والصوم باقٍ في ذمته, فلا يجب عليه أكثر منه.
331 - فإن قيل: فقد روى سعيد, عن ميمون بن مهران, عن ابن عباس: أنه كان يقول فيمن مرض في رمضان فلم يزل مريضاً حتى جاء رمضان آخر؛ قال: «يطعم للأول ويصوم للثاني, فإن كان صح بينهما أو فرط في صيامه؛ صام هذا الذي أدرك, وأطعم للأول وصامه أيضاً».
وعن أبي هريرة وابن عباس نحوه.
ولأنه قد فوت للعجز عنه على وجه لا يوجب عليه القضاء, فلم يكن عليه إلا الفدية؛ كالشيخ الكبير.
قيل: قد تقدم عن أحمد أنه ذكر عنهما خلاف ذلك, ولأن القضاء قد وجب في ذمته, وفوات وقته لا يقتضي سقوطه كفوات وقت الأداء.
* فصل:
فإن كان قد أمكنه قضاء بعض ما فاته دون بعض؛ لزمه الإِطعام عن قدر ما أمكنه قضاؤه؛ لأنه هو الذي فرط فيه, فلم يلزمه إلا فديته؛ كما لو أفطر في رمضان أياماً؛ لم يلزمه إلا قضاؤها, والإِطعام قبل القضاء. . . .
* مسألة:
فإن أخره إلى رمضان ثالث؛ لم يلزمه أكثر من كفارة أخرى, مع الإِثم:
لأنه قد لزمه كفارة بتأخيره عن وقته, فلم يلزمه كفارة أخرى بزيادة التأخير؛ كمل لو أخَّر قضاء الحج من عام إلى عام.
ولأن وقت القضائين رمضان الأول ورمضان الذي يليه, فإذا فات وقته؛ لم يبق للقضاء وقت محصور؛ فلا شيء بتأخيره.
فإن لم يفرط حتى أدركه الرمضان الثاني, ثم قدر على القضاء, ففرط فيه حتى دخل الرمضان الثالث؛ فهنا ينبغي أن تلزمه الكفارة.
* فصل:
ومن عليه قضاء رمضان, لا يجوز أن يصوم تطوعاً.
وكذلك مَنْ عليه صوم واجب غير القضاء يجب أن يبدأ به قبل التطوع, فإن اجتمع عليه كفارة وقضاء أو نذر. . . .

وعلى هذا؛ فلا يكره قضاء رمضان في العشر, بل لا يجوز له أن يصوم فيه التطوع قبل القضاء. هذا إحدى الروايتين.
قال أحمد في رواية حنبل: يقضي رمضان في العشر.
لأنه لا يجوز له أن يصوم تطوعاً [وعليه] فرض, فيقضي رمضان كيف شاء إلا يوم الفطر والأضحى.
وإذا نذر أن يصوم وعليه أيام من رمضان؛ يبدأ بالفرض قبل التطوع.
وإذا كان عليه نذر؛ صامه بعد الفرض.
قال أحمد: رواية ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام تطوعاً وعليه من رمضان شيء لم يقضه؛ لم يقبل منه».
ورواه في «المسند»؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدرك رمضان وعليه من رمضان شيء لم يقضه؛ لم يتقبل منه حتى يصومه».
والفتيا المذكورة فيما بعد عن أبي هريرة تؤيد هذا المسند, واحتجاج أحمد به يدل على أنه من جيد حديث ابن لهيعة.

332 - ولأن في وصية أبي بكر لعمر رضي الله عنهما: «اعلم أنه لا تقبل النافلة حتى تؤدي الفريضة».
333 - وروي ذلك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما تقدم في الصلاة. لأنها عبادة [لا] يدخل في جبرانها المال فلم يصح التطوع بها ممن عليه فرضها؛ كالحج.
ولأنه إنما جاز له تأخير القضاء رفقاَ به وتخفيفاً عنه؛ فلم يجز له أن يشتغل عنه بغيره كالأداء؛ فإنه لو أراد المسافر أن يصوم في رمضان عن غيره؛ لم يجز له ذلك.
فعلى هذا: إذا اجتمع عليه نذر مطلق وقضاء رمضان؛ بدأ بقضاء رمضان. نص عليه لأن وجوبه آكد.
ولهذا يبدأ بقضاء الحجة الفاسدة قبل النذر.
ونقل عنه أبو الحارث: إذا نذر صيام أيام, وعليه من صوم رمضان؛ بدأ بالنذر.
وحمل ذلك القاضي وابن عقيل وغيرهما على أن الأيام المنذورة معينة.
ويتوجه: أن يقر على ظاهره؛ لأن وفاء النذر يجب على الفور, وقضاء رمضان مؤقت بما بين الرمضانين؛ فأشبه ما لو دخل عليه الزوال وعليه صلاة منذورة.

والثانية: يجوز أن يتطوع قبل القضاء.
لأن عائشة أخبرت أنها كانت تقضي رمضان في شعبان, ويبعد أن لا تكون تطوعت بيوم, مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى يقال: لا يفطر, ويفطر حتى يقال: لا يصوم, وكان يصوم يوم عرفة وعاشوراء, وكان يكثر صوم الاثنين والخميس, وكان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر.
ولأن القضاء مؤقت, فجاز التنفل قبل خروج وقته؛ كما يجوز التنفل أول وقت المكتوبة؛ بخلاف قضاء الصلاة؛ فإنه على الفور, وكذلك الحج هو على الفور.
ثم الحج لا يمكنه الخروج من نفله, وليس لبعض الأعوام على بعض مزية, ولا يعود إلى العام المقبل؛ بخلاف التطوع.
فعلى هذا: هل يكره رمضان فيه؟ على روايتين.
الأولى: يكره.
قال أحمد في رواية أبي طالب: لا يقضي رمضان في العشر.
334 - يروى عن علي: «لا يقضى رمضان في العشر؛ لأنها عبادة».
335 - وقد روى سعيد عن الحارث عن علي: «من كان عليه صوم من رمضان؛ فليقضه متصلاً, ولا يفرقه, ولا يصوم في ذي الحجة؛ فإنه شهر نسك».
336 - وعن الحسن عن علي؛ قال: «كره قضاء رمضان في العشر».
ولأن صوم هذه الأيام بمنزلة السنن والرواتب, فكره تفويتها بالفرض الذي لا يخاف فوته؛ كما لو صلى الفجر والظهر قبل سننهما.
والثانية: لا يكره.
قال حرب: قيل لأحمد: يُقضى رمضان في العشر؟ فقال: «يُروى عن علي كراهته». وكان أحمد يسهل فيه.
وتسهيله فيه يقتضي جوازه لا المنع من غيره؛ فإنه لو منع من غيره؛ لأوجب تقديمه.
337 - لما روى عن عثمان بن عبد الله بن موهب؛ قال: «سأل أبي هريرة رجل, فقال: إني كنت أصوم هذه الأيام أيام العشر (يعني: ذي الحجة) , وإني مرضت في رمضان, وعليَّ أيام من رمضان, أفأصوم هذه الأيام؟ قال: ابدأ بحق الله عليك». رواه سعيد.
338 - وتقدم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه كان يستحب قضاء رمضان في العشر.
والأوجه: أن يجوز صومهما تطوعاً وقضاءً, والتطوع أفضل؛ كالسنن الراتبة في أول وقت الصلاة.
ومن أصحابنا مَنْ بنى الروايتين في كراهة قضاء رمضان في العشر على الروايتين في وجوب تقديم القضاء على النفل.
فإن قلنا: يجب تقديم القضاء؛ لم يكره قضاؤه في العشر.
وإن قلنا: لا يجب تقديم القضاء؛ كره قضاؤه في العشر.
والطريقة التي ذكرناها أصوب؛ كما دل عليه كلام أحمد وأصوله, وهو أنَّا إذا قلنا يجوز التطوع قبل القضاء؛ ففي كراهة قضاء رمضان فيه روايتان.
وإذا قلنا: يجوز التطوع قبل القضاء؛ فلا معنى لكراهة القضاء فيه.


مسألة:
وإن ترك القضاء حتى مات لعذر؛ فلا شيء عليه, وإن كان لغير عذر؛ أطعم عنه لكل يوم مسكيناً؛ إلا أن يكون الصوم منذوراً؛ فإنه يصام عنه, وكذلك كل نذر طاعة.
في هذا الكلام مسائل:

المسألة الأولى: من استمر به العذر من سفر أو مرض حتى مات قبل إدراك رمضان الثاني أو بعده؛ فإنه لا شيء عليه من قضاء ولا كفارة.
قال في رواية المروذي فيمن صام من رمضان خمسة عشر يوماً ثم مرض فعاش شهرين ومات: أطعم عنه كل يوم مسكيناً, وإن مات في مرضه؛ فلا شيء عليه».
وقال حرب: سألت أحمد: قلت: رجل أفطر في رمضان في السفر, أو مرض, فلم يقضه, فمات؟ قال: إذا توانى في ذلك؛ يطعم عنه؛ إلا أن يكون من نذر. قلت: فإن كان من نذر؟ قال: يصام عنه. قال: أقرب الناس إليه أو غيره؟ قال: نعم.
وقال في رواية عبد الله في رجل مرض في رمضان: إن استمر به المرض حتى مات؛ فليس عليه شيء, وإن كان نذر؛ صام عنه وليه إذا هو مات.
وقد أطلق في رواية الأثرم: إذا مات وعليه نذر؛ يصام عنه, ولو مات وعليه صوم رمضان؛ يطعم عنه.
لأنه لم يجب عليه الصوم قضاءً ولا أداءً, فلم تجب عليه الكفارة, كالمجنون والصبي. فإن قيل: فالمريض الذي لا يرجى برؤه قد أوجبتم عليه الكفارة, وهذا أسوأ أحواله أن يكون بمنزلته.
ثم الوجوب في الذمة لا يشترط فيه التمكن من الفعل كالصلاة والزكاة؛ فإذا استقر وجوب الصلاة والزكاة أيضاً في الذمة قبل التمكن؛ فكذلك الصوم أولى, وإذا استقر في ذمته؛ فلا بد من الكفارة بدلاً عن ذلك الواجب.
قلنا: المريض الميئوس منه قد عزم على الفطر في الحال والمآل, ولهذا لم يجب الصوم في ذمته, ولا يجب عليه القضاء البتًّة, ولا بد من البدل, وهو الفدية.
وأما المريض المرجو والمسافر؛ فهما عازمان على القضاء بشرط القدرة, فلا يجمع عليهما واجبان على سبيل البدل. . . .
وأما استقرار العبادات في الذمة قبل التمكن؛ فكذلك نقول في الصوم: إنه بإدراك الشهر استقر الوجوب في ذمته, لكن هذه الواجبات في الذمة قبل التمكن معناها إيجاب القضاء عند التمكن, فأما إذا لم يتمكن من القضاء؛ فإنه يموت غير آثم بلا تردد.
كما لو حاضت في أثناء الوقت وماتت قبل الطهر, أو تلف النصاب قبل التمكن من الإِخراج, وليس له ما يخرج غيره, ومات قبل اليسار, ونحو ذلك.
وذلك لأن تكليف ما [لا] يطيقه العبد الطاقة المعروفة غير واقع في الشرائع, فالتكليف في العبادة لا بد فيه من القدرة في الحال والمآل, وأما مع انتفائهما؛ فمحال.

المسألة الثانية: إذا فرط في القضاء حتى مات قبل أن يدركه الرمضان الثاني؛ فإنه يطعم عنه لكل يوم مسكين.
وهل يأثم ويكون هذا الإِطعام بمنزلة ما لو مات ولم يحج؛ لقوله سبحانه: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] , وهذا قد أطاق الصوم ولم يصمه أداءً ولا قضاءً, فتجب عليه الفدية بظاهر الآية؟
يؤيد ذلك قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} , بعد قوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} , فيفيد ذلك أنه يَعمُّ منْ أطاق الصوم في رمضان وأفطر, ومَنْ أطاق الصوم في أيام أخر فلم يصم.
ثم نسخ الأول يوجب نسخ الثاني؛ لأنه إنما نسخ التخيير, أما وجوب الفدية مع الفطر الذي لا قضاء فيه, فلم يُنسخ البتَّة.
339 - لما روى أشعث, عن محمد, عن نافع, عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم: «من مات وعليه صيام شهر رمضان؛ فليطعم عنه مكان كل يوم مسكيناً». رواه ابن ماجه والترمذي وقال: لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه, والصحيح عن ابن عمر موقوف. قال: وأشعث هو ابن سوَّار, ومحمد هو ابن أبي ليلى.
ورواه الأثرم وأبو بكر, [كلاهما عن قتيبة, عن عمر بن القاسم, عن أشعث].

340 - وعن عبد العزيز بن رفيع, عن عمرة امرأة منهم؛ قال: توفيت أمها وعليها أيام من رمضان, فسألت عائشة رحمها الله أن تقضيه عنها؟ قالت: «لا؛ بل أطعمي مكان كل يوم مسكيناً». رواه سعيد.
341 - وعن ميمون بن مهران: أن ابن عباس سُئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صوم رمضان؟ قال: «أما رمضان؛ فيطعم عنه, وأما النذر؛ فيصام عنه». رواه أبو بكر.
ورواه الأثرم وأبو بكر, [كلاهما عن قتيبة, عن عمر بن القاسم, عن أشعث].
340 - وعن عبد العزيز بن رفيع, عن عمرة امرأة منهم؛ قال: توفيت أمها وعليها أيام من رمضان, فسألت عائشة رحمها الله أن تقضيه عنها؟ قالت: «لا؛ بل أطعمي مكان كل يوم مسكيناً». رواه سعيد.
341 - وعن ميمون بن مهران: أن ابن عباس سُئل عن رجل مات وعليه نذر صوم شهر وعليه صوم رمضان؟ قال: «أما رمضان؛ فيطعم عنه, وأما النذر؛ فيصام عنه». رواه أبو بكر.

342 - 343 - وعن ابن عباس وابن عمر مثله.
ولا يُعرف لهم في الصحابة مخالف.
344 - وعن ابن عباس؛ قال: «إذا مرض الرجل في رمضان, ثم مات ولم يصم؛ أُطعِم عنه, ولم يكن عليه قضاء, وإن نذر؛ قضى عنه وليه». رواه أبو داوود.
ولأنه قد وجب القضاء في ذمته, واشترطت له الفدية في المال؛ فإذا قدر عليه لم يكن بدٌّ من إيجاب الفدية؛ لأن الصوم الواجب لا يخلو من فعله أو فعل الفدية.
فإن قيل: قضاء رمضان موسَّع, والعبادة الموسعة إذا مات في أثناء وقتها؛ لم يكن آثماً؛ بدليل الصلاة, ومنْ لا إثم عليه؛ لا فدية عليه.
قلنا: نعم؛ إذا لم يغلب على ظنه الموت قبل القضاء؛ لم يأثم, وإن غلب على ظنه الموت قبله؛ أثم؛ كما قلنا في الصلاة, لكن الفدية تجب بدون الإِثم؛ كما تجب على الشيخ الكبير والمريض الميؤوس منه؛ لأنه بدل عن الصوم الواجب.
وإنما كان البدل هو الإِطعام؛ لما ذكرنا من الآية والحديث وإجماع الصحابة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 778.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 776.93 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.22%)]