فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الاكتفاءُ بغلبة الظن في أمور الدنيا والدين عند تعذُّر اليقين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الشروط الواجب توفرها في لباس المرأة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          القائم بالليل قريب من الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الدعاء للأبناء سنة الأنبياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الاطمئنان بالحياة الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          انقطع عمله إلا من ثلاث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          المعاصي بريد الكفر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الصداقة في حياة أبنائنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          اللهَ اللهَ في الصلاة يا أخي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الملحد ومشاعر الحياة والموت والعلاقات الإنسانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 26-08-2022, 03:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,510
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام



فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام
المؤلف:شيخ الاسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية.
سُورَةُ آل عمران
المجلد الخامس
الحلقة( 171)

من صــ 61 الى صـ 70

وَأَمَّا فِعْلُ الْبَدَنِ فَهُوَ بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ وَمَتَى كانت إرَادَةُ الْقَلْبِ وَكَرَاهَتِهِ كَامِلَةً تَامَّةً وَفِعْلُ الْعَبْدِ مَعَهَا بِحَسَبِ قُدْرَتِهِ: فَإِنَّهُ يُعْطَى ثَوَابَ الْفَاعِلِ الْكَامِلِ كَمَا قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ: فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَكُونُ حُبُّهُ وَبُغْضُهُ وَإِرَادَتُهُ وكراهته بحسب محبة نفسه وبغضها؛ لا بحسب محبة الله ورسوله وبغض الله ورسوله وهذا من نوع الهوى؛ فإن اتبعه الإنسان فقد اتبع هواه {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} فإن أصل الهوى محبة النفس ويتبع ذلك بغضها ونفس الهوى - وهو الحب والبغض الذي في النفس - لا يلام عليه؛ فإن ذلك قد لا يملك وإنما يلام على اتباعه؛ كما قال تعالى: {يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} وقال تعالى: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} وقال النبي صلى الله عليه وسلم {ثلاث منجيات: خشية الله في السر والعلانية والقصد في الفقر والغنى وكلمة الحق في الغضب والرضا. وثلاث مهلكات: شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه}.

والحب والبغض يتبعه ذوق عند وجود المحبوب والمبغض ووجد وإرادة؛ وغير ذلك فمن اتبع ذلك بغير أمر الله ورسوله فهو ممن اتبع هواه بغير هدى من الله؛ بل قد يصعد به الأمر إلى أن يتخذ إلهه هواه واتباع الأهواء في الديانات أعظم من اتباع الأهواء في الشهوات. فإن الأول حال الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين؛ كما قال تعالى: {فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله} وقال تعالى: {ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم} الآية؛ إلى أن قال: {بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم} وقال تعالى: {وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم} الآية وقال تعالى: {يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} وقال تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} وقال تعالى في الآية الأخرى: {ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين} وقال: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم}.

ولهذا كان من خرج عن موجب الكتاب والسنة من العلماء والعباد يجعل من أهل الأهواء؛ كما كان السلف يسمونهم أهل الأهواء وذلك إن كل من لم يتبع العلم فقد اتبع هواه والعلم بالدين لا يكون إلا بهدى الله الذي بعث به رسوله؛ ولهذا قال تعالى في موضع: {وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم بغير علم} وقال في موضع آخر: {ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله}. فالواجب على العبد أن ينظر في نفس حبه وبغضه. ومقدار حبه وبغضه: هل هو موافق لأمر الله ورسوله؟ وهو هدى الله الذي أنزله على رسوله؛ بحيث يكون مأمورا بذلك الحب والبغض. لا يكون متقدما فيه بين يدي الله ورسوله؛ فإنه قد قال: {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} ومن أحب أو أبغض قبل أن يأمره الله ورسوله ففيه نوع من التقدم بين يدي الله ورسوله. ومجرد الحب والبغض هوى؛ لكن المحرم اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله: ولهذا قال: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد} فأخبر أن من اتبع هواه أضله ذلك عن سبيل الله وهو هداه الذي بعث به رسوله. وهو السبيل إليه.
وتحقيق ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من أوجب الأعمال وأفضلها وأحسنها وقد قال تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} وهو كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله أخلصه وأصوبه. فإن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص: أن يكون الله والصواب أن يكون على السنة. فالعمل الصالح لا بد أن يراد به وجه الله تعالى؛ فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما أريد به وجهه وحده؛ كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {يقول الله أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو كله للذي أشرك}.
ثم قال - رحمه الله تعالى -:

والناس هنا ثلاثة أقسام: قوم لا يقومون إلا في أهواء نفوسهم؛ فلا يرضون إلا بما يعطونه ولا يغضبون إلا لما يحرمونه؛ فإذا أعطي أحدهم ما يشتهيه من الشهوات الحلال والحرام زال غضبه وحصل رضاه وصار الأمر الذي كان عنده منكرا - ينهى عنه ويعاقب عليه؛ ويذم صاحبه ويغضب عليه - مرضيا عنده وصار فاعلا له وشريكا فيه؛ ومعاونا عليه؛ ومعاديا لمن نهى عنه وينكر عليه. وهذا غالب في بني آدم يرى الإنسان ويسمع من ذلك ما لا يحصيه. وسببه: أن الإنسان ظلوم جهول؛ فلذلك لا يعدل بل ربما كان ظالما في الحالين يرى قوما ينكرون على المتولي ظلمه لرعيته واعتداءه عليهم؛ فيرضى أولئك المنكرون ببعض الشيء فينقلبون أعوانا له. وأحسن أحوالهم أن يسكتوا عن الإنكار عليه.

وكذلك تراهم ينكرون على من يشرب الخمر ويزني ويسمع الملاهي حتى يدخلوا أحدهم معهم في ذلك؛ أو يرضوه ببعض ذلك؛ فتراه قد صار عونا لهم. وهؤلاء قد يعودون بإنكارهم إلى أقبح من الحال التي كانوا عليها وقد يعودون إلى ما هو دون ذلك أو نظيره. وقوم يقومون ديانة صحيحة يكونون في ذلك مخلصين لله مصلحين فيما عملوه ويستقيم لهم ذلك حتى يصبروا على ما أوذوا. وهؤلاء هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم من خير أمة أخرجت للناس:يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله. وقوم يجتمع فيهم هذا وهذا؛ وهم غالب المؤمنين فمن فيه دين وله شهوة تجتمع في قلوبهم إرادة الطاعة وإرادة المعصية وربما غلب هذا تارة وهذا تارة. وهذه القسمة الثلاثية كما قيل: الأنفس ثلاث: أمارة؛ ومطمئنة؛ ولوامة. فالأولون هم أهل الأنفس الأمارة التي تأمره بالسوء.
والأوسطون هم أهل النفوس المطمئنة التي قيل فيها: {يا أيتها النفس المطمئنة} {ارجعي إلى ربك راضية مرضية} {فادخلي في عبادي} {وادخلي جنتي}. والآخرون هم أهل النفوس اللوامة التي تفعل الذنب ثم تلوم عليه؛ وتتلون: تارة كذا. وتارة كذا. وتخلط عملا صالحا وآخر سيئا. ولهذا لما كان الناس في زمن أبي بكر وعمر اللذين أمر المسلمون بالاقتداء بهما كما قال صلى الله عليه وسلم {اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر} أقرب عهدا بالرسالة وأعظم إيمانا وصلاحا؛ وأئمتهم أقوم بالواجب وأثبت في الطمأنينة: لم تقع فتنة؛ إذ كانوا في حكم القسم الوسط. ولما كان في آخر خلافة عثمان وخلافة علي كثر القسم الثالث؛ فصار فيهم شهوة وشبهة مع الإيمان والدين؛ وصار ذلك في بعض الولاة وبعض الرعايا ثم كثر ذلك بعد؛ فنشأت الفتنة التي سببها ما تقدم من عدم تمحيص التقوى والطاعة في الطرفين؛ واختلاطهما بنوع من الهوى والمعصية في الطرفين:

وكل منهما متأول أنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وأنه مع الحق والعدل ومع هذا التأويل نوع من الهوى؛ ففيه نوع من الظن وما تهوى الأنفس؛ وإن كانت إحدى الطائفتين أولى بالحق من الأخرى. فلهذا يجب على المؤمن أن يستعين بالله؛ ويتوكل عليه في أن يقيم قلبه ولا يزيغه: ويثبته على الهدى والتقوى؛ ولا يتبع الهوى كما قال تعالى: {فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم}. وهذا أيضا حال الأمة فيما تفرقت فيه واختلفت في المقالات والعبادات.

وهذه الأمور مما تعظم بها المحنة على المؤمنين. فإنهم يحتاجون إلى شيئين: إلى دفع الفتنة التي ابتلي بها نظراؤهم من فتنة الدين والدنيا عن نفوسهم مع قيام المقتضي لها: فإن معهم نفوسا وشياطين كما مع غيرهم فمع وجود ذلك من نظرائهم يقوى المقتضي عندهم؛ كما هو الواقع؛ فيقوى الداعي الذي في نفس الإنسان وشيطانه؛ وما يحصل من الداعي بفعل الغير والنظير. فكم ممن لم يرد خيرا ولا شرا حتى رأى غيره - لا سيما إن كان نظيره -يفعله ففعله فإن الناس كأسراب القطا؛ مجبولون على تشبه بعضهم ببعض. ولهذا كان المبتدئ بالخير والشر: له مثل من تبعه من الأجر والوزر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ من غير أن ينقص من أجورهم شيئا؛ ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة؛ من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا} وذلك لاشتراكهم في الحقيقة. وأن حكم الشيء حكم نظيره. وشبه الشيء منجذب إليه. فإذا كان هذان داعيين قويين: فكيف إذا انضم إليهما داعيان آخران؟ وذلك أن كثيرا من أهل المنكر يحبون من يوافقهم على ما هم فيه؛ ويبغضون من لا يوافقهم وهذا ظاهر في الديانات الفاسدة من موالاة كل قوم لموافقيهم؛ ومعاداتهم لمخالفيهم.
وكذلك في أمور الدنيا والشهوات كثيرا ما يختارون ويؤثرون من يشاركهم: إما للمعاونة على ذلك؛ كما في المتغلبين من أهل الرياسات وقطاع الطريق ونحوهم. وإما بالموافقة؛ كما في المجتمعين على شرب الخمر؛ فإنهم يختارون أن يشرب كل من حضر عندهم وإما لكراهتهم امتيازه عنهم بالخير: إما حسدا له على ذلك؛ لئلا يعلو عليهم بذلك ويحمد دونهم. وإما لئلا يكون له عليهم حجة. وإما لخوفهم من معاقبته لهم بنفسه؛ أو بمن يرفع ذلك إليهم؛ ولئلا يكونوا تحت منته وخطره ونحو ذلك من الأسباب قال الله تعالى: {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق} وقال تعالى في المنافقين: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء}. وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه ودت الزانية لو زنى النساء كلهن. والمشاركة قد يختارونها في نفس الفجور كالاشتراك في الشرب والكذب والاعتقاد الفاسد وقد يختارونها في النوع؛ كالزاني الذي يود أن غيره يزني؛ والسارق الذي يود أن غيره يسرق أيضا؛ لكن في غير العين التي زنى بها أو سرقها.
وأما الداعي الثاني فقد يأمرون الشخص بمشاركتهم فيما هم عليه من المنكر. فإن شاركهم وإلا عادوه وآذوه على وجه ينتهي إلى حد الإكراه؛ أولا ينتهي إلى حد الإكراه ثم إن هؤلاء الذين يختارون مشاركة الغير لهم في قبيح فعلهم أو يأمرونه بذلك ويستعينون به على ما يريدونه: متى شاركهم وعاونهم وأطاعهم انتقصوه واستخفوا به. وجعلوا ذلك حجة عليه في أمور أخرى. وإن لم يشاركهم عادوه وآذوه. وهذه حال غالب الظالمين القادرين. وهذا الموجود في المنكر نظيره في المعروف وأبلغ منه كما قال تعالى: {والذين آمنوا أشد حبا لله} فإن داعي الخير أقوى؛ فإن الإنسان فيه داع يدعوه إلى الإيمان والعلم؛ والصدق والعدل؛ وأداء الأمانة فإذا وجد من يعمل مثل ذلك صار له داع آخر؛ لا سيما إذا كان نظيره؛ لا سيما مع المنافسة وهذا محمود حسن. فإن وجد من يحب موافقته على ذلك ومشاركته له من المؤمنين والصالحين؛ ويبغضه إذا لم يفعل: صار له داع ثالث؛ فإذا أمروه بذلك ووالوه على ذلك وعادوه وعاقبوه على تركه صار له داع رابع.
ولهذا يؤمر المؤمنون أن يقابلوا السيئات بضدها من الحسنات؛ كما يقابل الطبيب المرض بضده. فيؤمر المؤمن بأن يصلح نفسه وذلك بشيئين: بفعل الحسنات. وترك السيئات مع وجود ما ينفي الحسنات ويقتضي السيئات. وهذه أربعة أنواع. ويؤمر أيضا بإصلاح غيره بهذه الأنواع الأربعة بحسب قدرته وإمكانه.
(ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون (110) لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون (111)
قال شيخ الإسلام - بعد كلام سبق -:

لما ذكر تعالى أهل الكتاب فقال: {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} {لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} {ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون} {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون} {يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين} وهذه الآية قيل: إنها نزلت في عبد الله بن سلام وأصحابه. وقيل: إن قوله {منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون}. هو عبد الله بن سلام وأصحابه. وهذا والله أعلم من نمط الذي قبله؛ فإن هؤلاء ما بقوا من أهل الكتاب وإنما المقصود من هو منهم في الظاهر وهو مؤمن؛ لكن لا يقدر على ما يقدر عليه المؤمنون المهاجرون المجاهدون كمؤمن آل فرعون هو من آل فرعون وهو مؤمن؛ ولهذا قال تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} فهو من آل فرعون وهو مؤمن. وكذلك هؤلاء منهم المؤمنون. ولهذا قال: {وأكثرهم الفاسقون} وقد قال قبل هذا {ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون} ثم قال: {لن يضروكم إلا أذى} وهذا عائد إليهم جميعهم لا إلى أكثرهم.

ولهذا قال: {وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون} وقد يقاتلون وفيهم مؤمن يكتم إيمانه يشهد القتال معهم ولا يمكنه الهجرة وهو مكره على القتال ويبعث يوم القيامة على نيته كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يغزو جيش هذا البيت فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خسف بهم فقيل: يا رسول الله وفيهم المكره قال: يبعثون على نياتهم}.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 1,339.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 1,337.98 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.13%)]