|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد حديث سعد بن أبي وقاص في شكوى أهل الكوفة منه قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. هو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن حجاج الواسطي ، ثم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبيد الله أبي عون ]. هو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن جابر بن سمرة ]. جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. شرح حديث (حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد -يعني النفيلي - حدثنا هشيم ، أخبرنا منصور ، عن الوليد بن مسلم الهجيمي ، عن أبي الصديق الناجي ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ثلاثين آية، قدر الم * تَنزِيلُ [السجدة:1-2] السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، وفيه دلالة على مقدار ما يقرأ به، أو الحزر الذي حزره الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حزروا صلاته صلى الله عليه وسلم في الأوليين من الظهر بمقدار ثلاثين آية في كل ركعة، كما جاء ذلك في بعض الروايات الصحيحة، وليس المقصود ثلاثين آية في الركعتين، وفي الأخريين على النصف من ذلك، أي: في كل ركعة من الركعتين الأخريين مقدار خمس عشرة آية، وهذا يدل على القراءة في الركعتين الأخريين غير الفاتحة، فكونه يقرأ في الركعتين الأوليين ثلاثين آية في كل ركعة، وفي الأخريين على النصف من ذلك لا يتأتى ذلك إلا إذا كان قرأ غير الفاتحة؛ لأن قراءة الفاتحة بالنسبة لثلاثين آية شيء يسير، ومعنى هذا أن هناك قراءة بغير الفاتحة، فتقرأ الفاتحة وغيرها، ويكون مجموع ذلك على النصف مما قرأ في الركعتين الأوليين، أي: خمس عشرة آية في كل ركعة. قوله: [ وحزرنا قيامه في في الأخريين من العصر فكانت على النصف من ذلك ] أي: على النصف من صلاة الظهر، فإذا كان يقرأ في الأخريين من الظهر خمس عشرة آية، فسيقرأ في الأوليين من العصر على النصف من ذلك، أي: سبع آيات، فهذا يدل على تخفيف الركعتين الأخريين، وعلى أنه يقرأ فيهما بغير الفاتحة، أي: في كل من الأخريين من الظهر ومن العصر، كما جاء في هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وهذا -أيضاً- يبين ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناية بسنته، ومعرفة أحكام الشريعة والسنن التي تأتي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فإنهم كانوا يقدرون القراءة في الصلاة السرية يقدرون ذلك بمقدار طول القيام الذي فيه تلك القراءة، فيقدرونه بثلاثين آية في كل ركعة من الأوليين في الظهر، ومعناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ ولكن مقدار قراءته في الركعتين الأوليين ثلاثون آية في كل ركعة وفي الركعتين الأخريين خمسة عشرة آية في كل ركعة، والعصر على النصف من ذلك، فالأوليان منها تساويان الأخيرتين من الظهر، والأخيرتان على النصف من ذلك، أي أنها ستكون القراءة سبع آيات في الركعتين الأخيرتين بعد الفاتحة. تراجم رجال إسناد حديث (حزرنا قيام رسول الله في الظهر والعصر ...) قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد -يعني النفيلي- ]. عبد الله بن محمد النفيلي هو عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ، وكلمة (يعني) قالها من دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يحتاج إلى أن يقول: (يعني النفيلي)، وإذا أراد أن ينسبه فسيقول (حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي)، فهو لم يأت إلا باسمه واسم أبيه، وأضاف من دون أبي داود هذه النسبة (النفيلي) وأتى بكلمة (يعني) حتى يعرف بأنها ليست من أبي داود ، وإنما هي مِنْ تصرّف مَنْ دونه على سبيل توضيح ذلك الرجل الذي لم يذكر أبو داود نسبته، وإنما ذكر اسمه واسم أبيه، والنفيلي هذا ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا منصور ]. هو ابن معتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن مسلم الهجيمي ]. هو ثقة، أخرج له البخاري في (جزء القراءة)، ومسلم وأبو داود والنسائي . [ عن أبي الصديق الناجي ]. اسمه بكر بن عمرو الناجي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته ونسبته. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان ، مشهور بكنيته ونسبته، فكنيته: أبو سعيد ، ونسبته: الخدري ، واسمه: سعد بن مالك بن سنان ، وهو صحابي جليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر شرح حديث (أن رسول الله كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (السماء والطارق) ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر. حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، عن سماك بن حرب ، عن جابر بن سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (والسماء والطاق) (والسماء ذات البروج) ونحوهما من السور) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يخفف القراءة أحياناً في هاتين الصلاتين، وكان يطيلها أحياناً، والذي جاء في هذا الحديث هو التخفيف لهما، أي: للصلاتين، حيث كان يقرأ (والسماء والطارق) (والسماء ذات البروج)، وهذا من التخفيف، وجاء عنه أنه كان يدخل في الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ويرجع إلى منزله، ويتوضأ ثم يأتي ويدرك الركعة الأولى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لا يتأتى إلا بإطالة الركعة الأولى، فيؤخذ من هذا أنه كان أحياناً يطيل هذه الصلاة، وأحياناً يخفف صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فقد جاء في حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: [ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر والعصر بـ (والسماء والطارق) (والسماء وذات البروج) ونحوهما من السور ] ، أي: ونحوهما من السور التي هي بهذا القدر، وسبق أن مر بنا حديث أبي سعيد الذي قال فيه: (فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قد ثلاثين آية)، والحديث الذي أشرت إليه هو أن الذاهب يذهب إلى البقيع ويقضي حاجته فيرجع ويتوضأ ويأتي ويدرك الركعة، ومعنى ذلك أن صلاته كانت أحياناً أطول من ذلك بكثير. إذاً: فكل ذلك جاء عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان يقرأ في الظهر والعصر بـ( السماء والطارق) ...) قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. وهو التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. وهو ابن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن. وإذا جاء ذكر حماد يروي عنه موسى بن إسماعيل ، وهو غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة ، وليس حماد بن زيد . [ عن سماك بن حرب ]. وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم ، وأصحاب السنن. [ عن جابر بن سمرة ]. جابر بن سمرة رضي الله عنه قد مر ذكره. وهذا الحديث من الرباعيات، وهي أعلى ما يكون عند أبي داود رحمه الله، فموسى بن إسماعيل يروي عن حماد بن سلمة ، وحماد يروي عن سماك بن حرب ، وسماك بن حرب يروي عن جابر بن سمرة ، فهو رباعي. شرح حديث (كان رسول الله إذا دحضت الشمس صلى الظهر وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى)...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دحضت الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1]، والعصر كذلك، والصلوات كذلك إلا الصبح، فإنه كان يطيلها) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دحضت الشمس) ] أي: زالت ومالت إلى جهة المغرب بعد أن كانت في كبد السماء، فالشمس تتجه إلى المغرب، والظل يتجه إلى المشرق، وهو الذي يسمى بالفيء، فيصلي بالناس الظهر في ذلك الوقت، وكان يقرأ بنحو: (والليل إذا يغشى) أي: مثل هذه السورة القصيرة، وهذا في بعض الأحيان كما هو معلوم، وكذلك في بقية الصلوات يقرأ مثل هذه السورة، إلا الفجر فإنه كان يطيل فيها القراءة أكثر من غيرها. تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا دحضت الشمس صلى الظهر، وقرأ بنحو من (والليل إذا يغشى) ...) قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي . [ حدثنا أبي ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة هو ابن الحجاج الواسطي ، ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ، عن جابر ]. قد مر ذكرهما. شرح حديث (أن النبي سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ (تنزيل السجدة) ..) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى ، حدثنا معتمر بن سليمان ويزيد بن هارون وهشيم ، عن سليمان التيمي ، عن أمية ، عن أبي مجلز عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ تَنزِيلُ [السجدة:2] السجدة) . قال ابن عيسى : لم يذكر أمية أحدٌ إلا معتمر ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم الظهر فسجد، ثم قام وركع، فظنوا أنه قرأ (الم) السجدة، وهذا فيه إشارة إلى مقدار القراءة، وقد مر حديث أبي سعيد أنهم حزروا قراءته في الظهر فكانت ثلاثين آية على قدر (الم) السجدة، وهذا الحديث فيه: أنه قرأ في الظهر وأنه سجد سجود التلاوة، وقام، ثم ركع بعد قيامه صلى الله عليه وسلم، والإتيان بالحديث من أجل مقدار القراءة. لكن هذا الحديث فيه كلام من حيث ثبوته، وهو دال على أنه يقرأ في السرية سجدة ويسجد بها، والحديث -كما قلنا- متكلم فيه، وقد تكلم فيه الألباني بأنه منقطع، وأنه غير صحيح، ثم كونه يسجد في الصلاة السرية قد يشوش على الناس من جهة أنهم يظنون أنه ناسٍ، وأنه بدلاً من أن يركع سجد، فيقولون: سبحان الله، سبحان الله. فالسجود إنما يكون في الصلاة الجهرية، وأما الصلاة السرية فالسجود فيها يترتب عليه تشويش على المصلين، ولو ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان حجة، ولكن حيث إنه لم يثبت فإن عدم سجود التلاوة في الصلاة السرية هو الذي ينبغي؛ لما يترتب على السجود من التشويش. تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي سجد في صلاة الظهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ (تنزيل السجدة) ..) قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. هو: محمد بن عيسى الطباع ، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في (الشمائل)، والنسائي ، وابن ماجة . [ عن أبي مجلز ]. هو لاحق بن حميد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معتمر بن سليمان ]. هو: معتمر بن سليمان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويزيد بن هارون ]. هو: يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وهشيم ]. هو: ابن بشير الواسطي أيضاً، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان التيمي ]. هو: سليمان بن طرخان التيمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أمية ]. هو مجهول، أخرج له أبو داود وحده. [ عن أبي مجلز ]. هو لاحق بن حميد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال ابن عيسى : لم يذكر أمية أحد إلا معتمر ]. أي: قال ابن عيسى -وهو شيخ أبي داود- : لم يذكر أمية إلا معتمر ، أي: من شيوخه الثلاثة؛ لأن محمد بن عيسى في هذا الحديث له ثلاثة شيوخ: الأول: معتمر بن سليمان والثاني: يزيد بن هارون ، والثالث: هشيم بن بشير ، والذي ذكر أمية هو شيخه الأول، وأما الآخران فإنما ذكرا رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز ، وليس هناك واسطة. شرح حديث ابن عباس وقد سئل (أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال لا ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن موسى بن سالم حدثنا عبد الله بن عبيد الله قال: (دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم، فقلنا لشاب منا: سل ابن عباس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال: خمشاً! هذه شر من الأولى، كان عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به، وما اختصنا دون الناس بشيء إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزي الحمار على الفرس) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس أنه سئل عن الرسول صلى الله عليه وسلم هل كان يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا، قيل: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال: [ خمشاً ]، وهي كلمة دعاء على السائل، ثم قال [ هذه شر من الأولى ]، يعني: شرّ من السؤال الأول، [ كان رسول الله عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به ]، أي أن ابن عباس ما علم أنه كان يقرأ، وقد مر في الحديث: (ما أسمعناه أسمعناكم إياه، وما أخفاه علينا أخفينا عليكم) ، وهذا فيه أن ابن عباس ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ، وسيأتي في الرواية التي بعدها أنه كان يشك هل كان يقرأ أو لا يقرأ، ولكن الإثبات قد جاء عن غيره من الصحابة، وجاء عنه -أيضاً- ما يوافق رواية الجماعة، وهي رواية الإثبات، وعلى هذا فإن القراءة في صلاة الظهر والعصر ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن من الأدلة على ذلك أنه كان يسمعهم الآية أحياناً، وأنهم كانوا يستدلون على ذلك باضطراب لحيته، وكذلك -أيضاً- حديث أبي سعيد أنهم حزروا قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر بثلاثين آية، أي: في كل ركعة من ركعات الصلاة. يقول عبد الله بن عبيد الله، وهو ابن عبيد الله بن عباس [ دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم ] أي: مجموعة من شباب بني هاشم، وهو واحد منهم. قوله: [ فقلنا لشاب منا ] أي: لواحد من هؤلاء الشباب [ سل ابن عباس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الظهر والعصر؟ فقال: لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال: خمشاً ] أي: دعا عليه بأن يخمش وجهه، ويحصل له شيء من هذا السوء، وهذا يقال في حالة الإنكار، وهو مثل بعض العبارات التي تذكر ولا يراد ظاهرها، مثل: (عقرى حلقى)، و(تربت يداك)، و(ثكلتك أمك)، وما إلى ذلك من الألفاظ. قوله: [ وما اختصنا ] أي: بني هاشم [ دون الناس بشيء ] أي: نتميز به. [ إلا بثلاث خصال: أمرنا أن نسبغ الوضوء ]. قوله: [ أمرنا بأن نسبغ الوضوء ] إسباغ الوضوء يكون بإبلاغه إلى ثلاث غسلات، ويكون بالدلك، ويكون -أيضاً- بالمبالغة في إيصال الماء إلى العضد، فهذا كله يدخل تحت الإسباغ، لكنّ ذلك لا يختص ببني هاشم، فقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أسبغ الوضوء، وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)، وهذا حكم عام. وأما الخصلة الثانية فهي قوله: [ وأن لا نأكل الصدقة ] وهذا خاص ببني هاشم. والخصلة الثالثة قوله: [ وأن لا ننزي الحمار على الفرس ] وهذا لا يختص ببني هاشم، بل هذا لهم ولغيرهم، والمقصود من ذلك أن لا ينقطع نسل الخيل التي هي عدة الجهاد في سبيل الله؛ لأنه إذا أنزي الحمار على الفرس يخرج منهما البغل، وليس فيه ما في الفرس من القدرة على الكر والفر الذي يكون في وقت القتال في سبيل الله تعالى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) فإنزاء الحمار على الفرس يكون فيه تولد البغل بينهما، فيؤدي ذلك إلى عدم كثرة نسل الخيل التي هي العدة في الجهاد، والتي فيها الكر والفر أثناء الجهاد في سبيل الله، والحاصل أن هذه الثلاث الخصال واحدة منها مختصة ببني هاشم، والاثنتان الباقيتان ليستا مختصتين بهم. وقال بعض أهل العلم: لعل المقصود أن هذه تجب على بني هاشم، فيجب عليهم إسباغ الوضوء، وغيرهم لا يجب عليه ذلك، ويمكن أن يقال: إن هذا هو الذي بلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك مثلما جاء عن علي رضي الله عنه أنه قال: ما اختصنا بشيء دون الناس إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في كتاب الله، وما في هذه الصحيفة. يعني أن ما في هذه الصحيفة ليس خاصاً بهم. تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس وقد سئل (أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال لا...) قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث ]. مسدد مر ذكره، وعبد الوارث هو ابن سعيد العنبري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن موسى بن سالم ]. موسى بن سالم صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عبيد الله ]. هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. شرح حديث ابن عباس (لا أدري أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر أم لا) قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا. ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن ابن عباس ، وقد شك في كون النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر، فقال: [ لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا ]، فهنا شك في ذلك، وأما في الحديث السابق فإنه جزم بأنه ما كان يقرأ. تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس (لا أدري أكان رسول الله يقرأ في الظهر والعصر أم لا) قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ]. زياد بن أيوب ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ حدثنا هشيم ، أخبرنا حصين ]. هشم هو هشيم بن بشير ، وحصين بن عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. وعكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. قد مر ذكره. والله تعالى أعلم."
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |