|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
![]() «عون الرحمن في تفسير القرآن» الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم قال الله تعالى:﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ... ﴾ قوله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]. ســبب النزول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: «أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوها في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح» فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه، فجاء أُسيد بن حضير، وعبّاد بن بشر، فقالا: يا رسول الله، إن اليهود قالت: كذا وكذا، أفلا نجامعهن؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ظننا أن قد وَجَدَ عليهما، فخرجا، فاستقبلتهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل في آثارهما، فسقاهما، فعرفا أن لم يجد عليهما»[1]. قوله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾؛ أي: ويسألك أصحابك يا محمد عن المحيض. و«المحيض» مصدر ميمي، بمعنى الحيض، أي: يسألونك عن الحيض، لقوله بعده: في الجواب: ﴿ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾، وقيل: المحيض مكان الحيض، وهو الفرج. ﴿ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾؛ أي: قذر نجس نتن، قدره الله على النساء- ولهذا أوجب الشرع على الحائض الاغتسال بعد انقطاعه، وأمر صلى الله عليه وسلم النساء بِحَتِّ ما أصابهن منه، ثم قرصه بالماء، ثم نضحه[2]. ومُنعت بسببه الحائض من الصلاة والصوم والطواف ومس المصحف. قال صلى الله عليه وسلم: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين، أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل؟ ولم تصم؟ قلن: بلى. قال: فذلك من نقصان دينها»[3]. ﴿ فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ الاعتزال: الاجتناب والترك. وأظهر في مقام الإضمار، ولم يقل: (فاعتزلوا النساء فيه) للتنصيص على أن الحيض هو سبب الاعتزال. وقدم العلة، وهي كونه أذى ليكون أدعى للامتثال، وقبول الحكم، وتنفيرًا من المخالفة. والمعنى: فاعتزلوا جماع النساء الحائضات ﴿ فِي الْمَحِيضِ ﴾؛ أي: في مكان الحيض وهو الفرج، وقت الحيض. قال صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح»[4]. وعن مسروق قال: قلت لعائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضًا؟ قالت: «كل شيء إلا الفرج»[5]. وفي هذا إبطال لما كان عليه اليهود في معاملة الحائض، حتى إنهم لا يؤاكلونها، ولا يجتمعون معها في البيوت، فلا يحرم من الحائض إلا جماعها في الفرج، وما عدا ذلك، من مباشرتها فيما عدا ذلك، ومن مؤاكلتها، والاجتماع معها فجائز. عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري، وأنا حائض، فيقرأ القرآن»[6]. وعنها قالت: «كنت أشرب وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع فيَّ فيشرب، وأتعرق العَرْق[7]، وأنا حائض، ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ»[8]. وعنها قالت: «كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت في الشعار الواحد، وإني حائض طامث، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه لم يَعْدُه، وإن أصاب- يعني ثوبه- شيء غسل مكانه لم يَعْدُه، وصلى فيه»[9]. ﴿ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ قرأ حمزة والكسائي وخلف وأبوبكر عن عاصم بتشديد الطاء والهاء «حتى يطَّهَّرن» أي: حتى يغتسلن، وقرأ الباقون بتخفيفهما: ﴿ حَتَّى يَطْهُرْنَ﴾ أي: حتى يطهرن من الدم. وهذا توكيد وتفسير لما قبله، أي: ولا تقربوهن في مكان الحيض، وهو الفرج، أي: لا تجامعوهن ﴿ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ أي: حتى ينقطع دم الحيض عنهن ويغتسلن- كما دلت عليه القراءتان، وهما بمثابة آيتين. ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ ﴾ الفاء: استئنافية، و«إذا»: ظرفية شرطية، و«تطهرن»: فعل الشرط، وجوابه: «فأتوهن». ومعنى قوله: ﴿ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ﴾ أي: فإذا اغتسلن بالماء، أو تيممن بالصعيد عند فقد الماء أو تعذر استعماله، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6]. ﴿ فَأْتُوهُنَّ ﴾ الفاء: رابطة لجواب الشرط، أي: فجامعوهن. والأمر للإباحة لأنه أمر بعد حظر، فنهى عن قربانهن حال الحيض، حتى يطهرن، ثم أمر بإتيانهن، إذا تطهرن واغتسلن، بعد انقطاع الحيض. كقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾ [المائدة: 2]، وقوله تعالى: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]. ﴿ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾؛ أي: في المأتى الذي أمركم الله بإتيانهن فيه، وأحله لكم، وأمركم باعتزالهن فيه حال الحيض، وهو الفرج، كما قال تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223]؛ أي: فجامعوهن في محل الحرث، لبذر الولد بالنطفة وهو القبل، وقال تعالى: ﴿ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 187]؛ أي: من الولد وغيره. ويفهم من هذا تحريم الوطء في الدبر، كما دل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون: 5، 6]. ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ تعليل لما سبق، من الأمر باعتزال النساء في المحيض، وعدم جماعهن، حتى يطهرن، ويتطهرن، وإباحة جماعهن بعد ذلك. و«التوابين» جمع توّاب. على وزن «فعّال» صيغة مبالغة تفيد الكثرة، فالتوابون كثيرو التوبة. قال صلى الله عليه وسلم: «توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب إلى الله وأستغفره في كل يوم مائة مرة، أو أكثر من مائة مرة»[10]. والتوبة: هي الإنابة إلى الله- عز وجل- والرجوع من معصيته إلى طاعته. وفي الآية: إثبات محبة الله- عز وجل- للتوابين على ما يليق بجلاله وعظمته، والترغيب في التوبة، ويفهم منها عدم محبته- عز وجل- للمصرين على الكفر والمعاصي. ﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ أي: ويحب المتطهرين من الأذى والنجاسات الحسية، من جماع الحائض، أو إتيان النساء في أدبارهن، ومن الحدثين الأكبر والأصغر، وسائر النجاسات. فجمعوا بين طهارة الباطن، بالتطهر من النجاسات المعنوية، من الشرك والمعاصي بالتوبة، وبين طهارة الظاهر، بالتطهر من النجاسات الحسية باعتزال النساء في المحيض، وفي أدبارهن والتطهر من الأحداث والأخباث. قوله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾. ســبب النـزول: عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: «كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾»[11]. قوله: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾؛ أي: زوجاتكم أيها المؤمنون ﴿ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾ أي: موضع حرث وزرع وبذر لكم، تضعون فيها هذا الماء الدافق، فيخرج الولد بإذن الله- عز وجل- كما يوضع البذر في الأرض ويسقى فيخرج النبات بإذن الله عز وجل. ﴿ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ ﴾ أي: فأتوا موضع حرثكم، وهو «الفرج». ﴿ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ «أنى» ظرف مكان، أي: جامعوا زوجاتكم من أي جهة شئتم، وعلى أي حال كن، متى شئتم، إذا كان ذلك في موضع الحرث، وهو الفرج، كما في حديث أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، وقال: «يعني صمامًا واحدًا»[12]. وعن بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده أنه قال: يا رسول الله، نساؤنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «حرثك، ائت حرثك أنى شئت، وأطعمها إذا طعمت، واكسها إذا اكتسيت، ولا تقبح الوجه، ولا تضرب»[13]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أتى ناس من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن أشياء، فقال له رجل: إني أَجُبُّ النساء[14] فكيف ترى في ذلك، فأنزل الله، ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾»[15]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله، هلكت، قال: ما الذي أهلكك؟ قال: حولت رحلي[16] البارحة، قال: فلم يرد عليه شيئًا، فأوحى الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾: أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة»[17]. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أنزلت هذه الآية: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ﴾ في أناس من الأنصار، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ائتها على كل حال إذا كان في الفرج»[18]. فدل الكتاب والسنة والآثار عن سلف الأمة على أن للرجل أن يجامع زوجته على أي هيئة كانت إذا كان ذلك في الفرج موضع الحرث والولد. أما مباشرتها في الدبر فهي محرمة؛ لأنها مخالفة لحكمة مشروعية النكاح في الفرج من إعفاف كل من الزوجين، وتكثير النسل، والبعد عن الأذى؛ لأن الغائط أشد أذى من الحيض، فهي مخالفة لمقتضى أدلة الكتاب والسنة. وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سمى إتيان النساء في أدبارهن اللوطية الصغرى[19]. وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملعون من أتى امرأة في دبرها»[20]. وما رُوي عن ابن عمر من أنه أباح إتيان المرأة في دبرها، فهو محمول على أنه يجوز إتيانها في قبلها من دبرها- كما تقدم في معنى الآية- يدل على هذا ما رواه ابن علقمة عن أبي النضر، أنه أخبره، أنه قال لنافع مولى ابن عمر: إنه قد أكثر عليك القول: أنك تقول عن ابن عمر أنه أفتى أن تؤتى النساء في أدبارهن. قال: كذبوا عليَّ، ولكن سأحدثك كيف كان الأمر: إن ابن عمر عرض المصحف يومًا وأنا عنده، حتى بلغ ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾. فقال: يا نافع، هل تعلم من أمر هذه الآية؟ قلت: لا. قال: إنا كنا معشر قريش نُجَبِّي النساء، فلما دخلنا المدينة، ونكحنا نساء الأنصار، أردنا منهن مثل ما كنا نريد، فإذا هن قد كرهن ذلك، وأعظمنه، وكانت نساء الأنصار قد أخذن بحال اليهود، إنما يؤتين على جنوبهن، فأنزل الله: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾»[21]. وعن سعيد بن يسار أبي الحباب، قال: قلت لابن عمر: ما تقول في الجواري، أنحمض لهن؟ قال: وما التحميض؟ فذكر الدبر. فقال: «وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين»[22]. قال ابن كثير[23] بعد ذكر هذا الأثر عن ابن عمر- نقلًا عن مسند الدارمي، قال: «وهذا إسناد صحيح، ونص صريح منه بتحريم ذلك، فكل ما ورد عنه مما يحتمل ويحتمل فمردود إلى هذا المحكم». ﴿ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ ﴾؛ أي: وقدموا لأنفسكم بامتثال أوامر الله، والأعمال الصالحة، ما ينفعكم غدًا عند الله- عز وجل- كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [المزمل: 20]. ومن ذلك حسن معاشرة الزوجات، واستحضار النية الصالحة، بأن ينوي عند الجماع تحصين نفسه وزوجه، والولد الصالح، وتكثير الأمة مع ذكر اسم الله- عز وجل- والدعاء الوارد عند الجماع، كما في الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: «لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدًا»[24]. ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ أمرنا أولًا بالتقديم لأنفسنا، وذلك بامتثال أوامره، والأعمال الصالحة، ثم أمر بتقواه، وذلك باجتناب نواهيه عمومًا، وفي أمر النساء خصوصًا. ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ ﴾ في هذا وعد ووعيد، أي: واعلموا أنكم ملاقوه يوم القيامة، فيحاسبكم على أعمالكم، ويجازيكم عليها، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ [الفجر: 14]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ 25 ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [الغاشية: 25، 26]. ﴿ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي: بشر يا محمد، ويا أيّ مبشر ﴿ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بشارة مطلقة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: ﴿ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [يونس: 64]. والبشارة: الإخبار بما يسر، وسمي الخبر السار بشارة؛ لأن به تنبسط البشرة، ويستنير الوجه، وقد كان صلى الله عليه وسلم، إذا سر استنار وجهه، كأنه قطعة قمر[25]؛ أي: وأخبر المؤمنين المصدقين بقلوبهم وألسنتهم، المنقادين بجوارحهم ظاهرًا وباطنًا لما جاءهم من الحق، أي: أخبرهم بما يسرهم، مما أعد الله لهم عنده من الكرامة، والنعيم المقيم، كما قال صلى الله عليه وسلم عن الجنة- فيما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: «فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» ثم قال: «اقرؤوا إن شئتم هذه الآية: ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 17] »[26]. [1] أخرجه مسلم في الحيض- جواز غسل الحائض رأس زوجها (302)، وأبو داود في الطهارة- مؤاكلة الحائض ومجامعتها (258)، والنسائي في الطهارة- تأويل قول الله عز وجل: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ﴾، وفي الحيض (369)، والترمذي في تفسير سورة البقرة (2977)، وابن ماجه في الطهارة- ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها (644). [2] أخرجه البخاري في الوضوء- غسل الدم (227)، ومسلم في الطهارة- نجاسة الدم وكيفية غسله (675)، من حديث أسماء رضي الله عنها. [3] أخرجه البخاري في الحيض (304)، ومسلم في الإيمان (80)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. [4] سبق تخريجه. [5] أخرجه الطبري في «جامع البيان» (3/ 726- 727). [6] أخرجه البخاري في الحيض (297)، ومسلم في الحيض (301)، وأبو داود في الطهارة (260)، والنسائي في الحيض (381)، وابن ماجه في الطهارة وسننها (634). [7] العَرْق: العظم، إذا أخذ عنه معظم اللحم، وتَعرَّق العظم: أخذ عنه اللحم بأسنانه. [8] أخرجه مسلم في الحيض (300)، وأبو داود في الطهارة (259)، والنسائي في الطهارة (279)، وابن ماجه في الطهارة وسننها (643). [9] أخرجه أبوداود في الطهارة (269)، والنسائي في الطهارة (284). [10] أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2702)، وأب وداود في الصلاة (1515)، وأحمد (4/ 211، 260)، من حديث الأغر المزني رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجه في الأدب (3815)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [11] أخرجه البخاري في التفسير- ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ﴾ (4528)، ومسلم في النكاح- جواز جماع امرأته في قبلها (1435)، وأبو داود في النكاح- جامع النكاح (2163)، والترمذي في تفسير سورة البقرة (2977)، وابن ماجه في النكاح- النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (1925)، والطبري في «جامع البيان» (3/ 756). [12] أخرجه أحمد (6/ 305)، والترمذي في التفسير (2979)، وقال: «حديث حسن صحيح». [13] أخرجه أبوداود في النكاح (2143)، وابن ماجه في النكاح (1850). [14] أي: أجامع المرأة من نسائي منكبّة على وجهها. [15] أخرجه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 404). [16] هذا كناية عن إتيان زوجته مدبرة. [17] أخرجه أحمد (1/ 297)، والترمذي في التفسير (2980)، وقال: «حديث حسن غريب»، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (2/ 405). [18] أخرجه أحمد (1/ 268). [19] أخرجه أحمد (2/ 210)، من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ورواه بعضهم موقوفًا عليه؛ قال ابن كثير في «تفسيره» (1/ 385): «وهذا أصح». [20] أخرجه أبو داود في النكاح (2162)، وابن ماجه في النكاح (1923). [21] أخرجه النسائي- فيما ذكر ابن كثير في «تفسيره» (1/ 384)- قال ابن كثير: «وهذا إسناد صحيح، وقد رواه ابن مردويه». [22] أخرجه الدارمي في «مسنده» (1/ 260)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (3/ 41)، والنسائي في «الكبرى» (8979)، والطبري في «جامع البيان» (3/ 752). [23] في «تفسيره» (1/ 388). [24] أخرجه البخاري في الوضوء (141)، ومسلم في النكاح (1434)، وأبو داود في النكاح (2161)، والترمذي في النكاح (1092)، وابن ماجه في النكاح (1919)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. [25] أخرجه البخاري في المناقب (3556)، ومسلم في التوبة (2769)، من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه. [26] أخرجه البخاري في بدء الخلق (3244)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها (2824)، والترمذي في التفسير (3197)، وابن ماجه في الزهد (4328).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |