موعظة وتذكير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وصف الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الحرص على مصروف الأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          صلة الأرحام وبركة الأرزاق والأيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (9) إسلام أم سلمة رضي الله عنها وهجرتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          صلة الأخت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تضخم الأنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الهمة التي لا يُحدِّثك عنها أحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ما جاء في صلاة الضحى وبيان فضلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          عظّموا أقداركم بالتغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صلاة الفجر (الفريضة الغائبة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-02-2025, 07:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,187
الدولة : Egypt
افتراضي موعظة وتذكير

موعظة وتذكير

الشيخ عبدالله محمد الطوالة

الحَمْدُ للهِ رفيعِ الدرجاتِ، فاطرِ الأَرْضِ والسَّماواتِ، عالمِ السِّرِ والخفِياتِ، ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ﴾ [الشورى:25]..

وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، باسِطُ الخيراتِ، واسِعُ الرَّحماتِ، مُجِيبُ الدَّعواتِ، أهلُ التقوى والمغفرةِ، وأهلُ المكرُماتِ.. ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾ [الحديد:9]..

وأشهدُ أن محمدًا عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، القمرُ جبينُهُ، والبحرُ يمينُهُ، والحنيـفيــةُ دينـُــهُ، والقرآنُ تبيينه، والحــقُّ جـــلَّ وعـــلا ناصِـــرُهُ ومُعينُـــهُ، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله النجوم الزاهرات، وصحابتهِ الكرام أولي السبقِ والمقاماتِ، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ، ما دامت الأرضُ والسماوات، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا..

أمَّا بعدُ: فأوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ والعملَ بطاعته، والمجانبةَ لسخطهِ ومعصيتهِ، وأحثُكم على أفضل ما يقربكم إليهِ، ويرفعكم عندهُ.. تقوى اللهِ يا عبادَ اللهِ، فتقوى اللهِ خيرُ ما عمِلتُم، وأجملُ ما أظهَرتُم، وأكرَمُ ما أسررتُم، وأفضلُ ما ادَّخرتُم، وهي وصيةُ اللهِ لكم ولمن كان قبلكم: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء:131]..

معاشر المؤمنين الكرام: لو تفكر العاقلُ في سرعة مرورِ الليالي والأيام، لرأى من ذلك عجبًا لا ينقضي، ولو تأمّل متأمّلٌ فيما مضى من عمره لوجده قد مَرّ كلمح البصر.. ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِين* قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّين ﴾ [المؤمنون:112]، ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ﴾ [فاطر:37]..
إنا لنفرح بالأيام نقطعها
وكل يومٍ مضى يدني من الأجل




ألا وإنه لا آفةَ تأكلُ العمر، وتمحق بركة الوقت، مثل الغفلةِ والتسويف بالأماني، ولا علاج يحسِمُ ذلك كالمحاسبةِ الجادة، ومراجعة النفس بصدق.. ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد:16]..

فاحذروا الغفلةَ يا عباد الله فهي أَعْظَمُ أَدْوَاءِ القلوب خطرًا، وأشدُّها ضررًا، وأسوئها أثرًا..

الغَفْلَةُ يا عباد الله: ركونٌ إلى الدنيا ونسيانُ للآخرة.. ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون ﴾ [الروم:7]..

الغفلةُ: إِفْرَاطٌ في الشَّهَوَاتِ، واسْتغراقٌ في الملَذَّاتِ، قَالَ جلَّ وعلا: ﴿ وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف:28]..

الغفلةُ: مَرَضٌ مُستَحكِم، وداءٌ مُستشرٍ، قلَّ أن يسلمَ منه أحد، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ ﴾ [يونس:92]..

الغفلةُ: قلبٌ خاويٍ من تعظيم الله، وعقلٌ لا يتفكرُ في آيات الله، ولسانٌ جافٌ من ذكر الله، وجوارحٌ تتكاسلُ عن طاعة الله، قال تعالى: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ ‌الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [النحل:108]..

والإنسان كلما غفلَ قلبهُ عن الله، تمكنَ الشيطانُ منه أكثر، حتى يصبحَ له قرينَ سوءٍ لا يفارقه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف:37].. ولقد ذمَّ الله تعالى المعرضين عن آياته، وتوعدهم جلَّ وعلا بقوله: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى ﴾ [طه:124].. وفي المقابل حثَّ المولى جلّ وعلا على التفكر في مخلوقاته، والإكثار من ذكره وتدبر آياته، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار ﴾ [آل عمران:191].. وأمر الله المؤمنين بقوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾ [الأحزاب:41].. وفي الحديث الصحيح، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: "بلى يا رسول الله"! قال: «ذكر الله عز وجل».. وفي الحديث الصحيح: (يَا مُعَاذُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ).. فشَرَفَ الذِّكرِ وَعُلُوَّ مَنزِلَتِهِ، وَعَظِيمَ فَضلِهِ، مَعَ سُهُولَتِهِ وَيُسرِهِ، وَكثرةِ فضائلهِ وأَجورِهِ، كُلُّ ذلك ممّا يَحثُّ المسلمَ على أَنْ يَكُونَ مِنَ الذَّاكِرِينَ اللهَ تَعَالى كَثِيرًا: قال تعالى: ﴿ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُون ﴾ [الأنفال:45]، وفي المقابل يحذِّرُ الله عباده المؤمنين من الغفلة عن ذكره فيقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون:9]..

فالموفق من عباد الله: هو من يلْحَظُ نِعَمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيهِ، ولا يغيبُ عن قلبه وعقلهِ شُعُورهُ بعِظم فضلِ اللهِ عليه، وكلما استشعرَ القلبُ ترادفَ النعمِ لهجَ بحمد اللهِ وشكره والثناءِ عليه بما هو أهله.. ومن كان هذا حاله فهو موعودٌ بالمزيد: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم:7]، وقال تعالى: ﴿ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِين ﴾ [آل عمران:145]..

فحريٌ بِالمسلم أَنْ يَشْكُرَ اللهَ تَعَالَى كثيرًا عَلَى مَا هَدَاهُ لِنعمة الإسلام، ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين ﴾ [يوسف:103]، وأن يشكر الله كثيرًا عَلَى مَا عَلَّمَهُ مِنْ شَرَائِعِ الدين، فإن أكثر الناس لا يعلمون، وأن يشكر الله كثيرًا على ما وفقه لطاعته وعبادته، ﴿ فَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِين ﴾ [البقرة:64]، وأن يشكر الله كثيرًا على ما صرف عنه من الشرور والفتن، ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلا ﴾ [النساء:83]، ونعم الله لا تعد ولا تحصى، ﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ﴾ [النحل:53]، ﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم ﴾ [النحل:18]، وَكُلُّ نِعْمَةٍ تَسْتَوْجِبُ الشُّكْرَ.. وَالإِنْسَانُ بين حالين لا ثالث لهما، إما شكرٌ أو جحود، كما قال ربنا جلَّ وعلا: ﴿ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴾ [الإنسان:3]..

وإذا كان أعزُّ ما على المسلم سلامةُ دينِه، وثباتهُ على الإيمان والتقوى، فليحذر الفتن، فما من شيءٍ أخطرُ على دين المرءِ من الفتن، في الحديث الصحيح: "إنَّ السعيدَ لمن جُنّبَ الفتن"، قالها صلى الله عليه وسلم ثلاثًا.. وفي محكم التنزيل: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ ﴾ [القصص:55].. وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: "يكونُ في آخرِ الزمانِ فِتَنٌ كقِطَعِ الَّليلِ المظلِمِ"، وفي الحديث المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الحلالَ بيِّن، وإنَّ الحرامَ بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهات، لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام"..

ثم اعلموا أن صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ.. وَأن اللَّهُ تعالى في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ.. وأنّ من تعرَّفَ إلى اللهِ في الرخاءِ، يعرفُه في الشدَّةِ.. ﴿ وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيم ﴾ [فصلت:34].. ﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِين ﴾ [القصص:77]، ﴿ وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى:40].. و﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون ﴾ [النحل:97]، و﴿ مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا ﴾ [النساء:85]، ﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِين ﴾ [آل عمران:85]..

أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى،

أما بعد فاتقوا الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

معاشر المؤمنين الكرام: أيها الموفقون: القناعةُ كنزٌ، والحلال بركةُ، والخيرُ كلُّه في الرضا.. والصدقةُ تدفعُ البلاء، وما نقصَ مالٌ من صدقة، واللهُ طيبٌ لا يقبَلُ إلا طيبًا، وخزائنُه ملئا، لا تنفَد أبدًا.. والراحمون يرحمهم الرحمن، وما كان الرِّفقُ في شيءٍ إلا زانَه، وما نُزِع من شيءٍ إلا شانَه، وأهلُ المعروف في الدني ا هم أهل المعروف في الآخرة.. وصانِعُ المعروف لا يقع، وإن وقعَ وجدَ مُتَّكئًا ومخرجا.. وأشرفُ الأوقات ما صُرِف في طاعة الله، والنفسُ إن لم تشغَلها بطاعة الله شغَلَتك بما لا ينفعُ، ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير ﴾ [هود:112].. وإذا وهبَ اللهِ تعالى لعبده المؤمن أُذُنًا تعي وتَسمَعُ، وَقَلبًا يَخشَى وَيَخشَعُ، وعقلًا يمنعُ ويردع.. فقد والله وفِقه توفيقًا عظيمًا، ومنحهُ عطاءً جزيلًا، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴾ [النساء:66]..

ألا وإن طولُ الأملِ يُنسي الآخرةَ، واتِّباعُ الهوى يصدُّ عن الهدى، وإنَّ القلوبَ المتعلقةَ بالشهوات والهوى، محجُوبةٌ عن اللهِ بقدر تعلُقِها، والنفسُ أمارةٌ بالسوء.. فإن عصتْك في الطاعة.. فلا تُطعِها في المعصية.. ﴿ قَدْ جَاءكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظ ﴾ [الأنعام:104]، ﴿ فَٱسْتَبِقُواْ ٱلْخَيْرٰتِ ﴾ [البقرة:148].. واحذروا الغفلات، فالغفلةُ أشدُّ ما يفتِكُ بالقلوب.. وإنما صلاحُ القلب بمحاسبة النّفس، وفسادهُ بإهمالها والاسترسالِ معها في غيها.. فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله: ﴿ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ ﴾ [الحاقة:18].. ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَاللّهُ رَؤُوفُ بِالْعِبَاد ﴾ [آل عمران:30]..

نعم يا عباد الله: سيقف كلٌّ منا أمام ربه عاريًا حافيًا، يُختمُ على فيهِ، وتنطِقُ جوارحهُ، فتهيأ يا عبدالله لهذا الموقفِ العصيب الرهيب، واجلس مع نفسك وحاسِبها، ففي الحديث الصحيح، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تَزُولُ قَدَمَا عَبدٍ يَومَ القِيَامَةِ حَتى يُسأَلَ عَن عُمُرِهِ فِيمَ أَفنَاهُ، وَعَن عِلمِهِ فِيمَ فَعَلَ فِيهِ، وَعَن مَالِهِ مِن أَينَ اكتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنفَقَهُ، وَعَن جِسمِهِ فِيمَ أَبلاهُ".. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ ﴾ [الحشر:18].. وإذا علمتَ يا عبد الله، أنك محاسَبٌ على أوقاتِك، مُحصىً عليكَ كلُّ أقوالِك وأفعالِك، فاحرص على ما ينفعُك، واترك ما لا يَعنيك، ودعْ ما يُريبُك إلى ما لا يُريبُك، واستعن بالله ولا تعجز، وقل أمنت بالله ثم استقم.. وخالق الناس بخلق حسن، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران:102].. ﴿ فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الأعراف:35]..

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِين*وَيُنَجّى ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ بِمَفَازَتِهِمْ لاَ يَمَسُّهُمُ ٱلسُّوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزمر:60]..

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

اللهم صل على محمد...

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.08 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]