|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() 2-قصَّة موسى في القرآن الكريم بقلم : مجـْـد مكَّي لقد كانت أمّ موسى عليه السلام، من المتوكلين على الله حقاً إذ استوفت كلَّ الأسباب، وفوَّضت الأمرَ لله، واستسلمت لحكمته وإرادته.فالخطوة الأولى هي إرضاع الطفل، حتى إذا خافت عليه من القتل وانكشاف الأمر تلقيه في اليم. بين يدي فرعون: ويحمل اليمُّ التابوتَ كما أمره الله تعالى: [أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي اليَمِّ فَلْيُلْقِهِ اليَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي] {طه:39}. أي: ضَعي ابْنَك موسى بعد ولادته في الصندوق الذي تُعدِّينَهُ إعداداً حسناً؛ ليطفوَ على الماء دون أن يتعرَّض للغرق، فألقيه واطرحيه بسرعة في نهر النِّيل، فسوفَ يُلقيه النِّيل على شاطئ البحر، فيأخذُهُ فرعون عَدوِّي وعدوٌّ لموسى، وأنزلت بإلقاءٍ سريع عليك محبَّةً مني، فأحبَبْتُك وَحَبَّبْتُك إلى الخَلْق، وَلِتُربَّى ويُحسَنَ إليك، وأنا مُراعيك ومراقبك بمرأى مني. ويصل الصندوق لُقَطة من غير طلب، ويؤخذ أخذ اعتناء وصيانة له من الضياع. فَوَضَعتْهُ في صندوقٍ وألقته في النِّيل، فَعَثر عليه أعوان فرعون وأخذوه، ليتحقَّق ما قدَّره الله بأن يكون موسى رسولاً مُعادياً لهم، ومثيراً لحزنهم بنقد دينهم، والطعن على ظلمهم. {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}أي: إنَّ فرعون، ووزيره الأول هامان، وجنودهما كانوا مذنبين آثمين مُسْرفين في الطغيان والفَسَاد عن عَمْد وإصرار، اتِّباعاً للأهواء والشهوات، ومصالح الحكم والسلطان. ويفتح الصندوق، و يخرج موسى منه، ويوضع بين يدي فرعون وزوجه وثلة من زبانيته، الذين يشيرون بأن هذا الوليد من بني إسرائيل، فاقتله، ويكاد يفعل، ولكن كيف؟ والله قد وعد أمَّه بردّه إليها وهو الذي ألقى محبَّة منه، فيحبه كل من رآه لأول وهلة!. ومن كان في محبة الله وكنفه فمن ذا يملك أن يمسَّه بسُوء؟ ويتحرَّك هذا الحب في الذَّود عن الوليد ناطقاً عن لسان امرأة فرعون: [وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ] {القصص:9}والمعنى: وقالت امرأة فرعون حين رأت موسى لزوجها فرعون: هذا الطفل الذي التقطناه من اليمِّ، مَبْعثُ السُّرور لي ولك، لا تُصدر أوامرك لجندك بأن يقتلوه؛ رجاء أن ينفعنا إذا كَبِرَ وَنَمَا في قصرنا، أو نتبنَّاه، والحال أنَّ فرعون وآله لا يدركون أقلّ إدراك بما قدَّر الله في شأنه، بأن يكون هذا الصبيُّ سبباً في هلاك فرعون، وتقويض مملكته في مصر. ما أعجبها من مُقابلة، فرعون بقسوته وظلمه، والمحبَّة بشفافيتها ورقتها !! لقد كانت المحبة ستاراً للقدرة الإلهيَّة، في حماية الوليد من القتل، ولقد حقق الله رجاء امرأة فرعون، حين قالت: [عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا] {القصص:9}. لقد كانت أمور موسى تسير بتدبير الله سبحانه، ولقد دخل موسى عليه السلام قصر فرعون، رغم أنف الظالم وزبانيته، ليخرج منه حين اتَّجَه إلى مدْيَن، ثم يعود إليه مخلِّصاً أهلَه من الظلم، وشعبه من الاستعباد، وأهل مصر من الكفر والعناد... وقديماً دخل جدُّه يوسف عليه السلام قصر ملك مصر مُعزَّزاً مُكرَّماً ليخرج منه إلى السجن، ثم يعود إليه مخلِّصاً أهله كذلك من الموت جوعاً، فكان خيراً وبركة على مصر وأهلها، كما سيكون موسى عليه السلام، ذريَّة بعضها من بعض. انشغال أم موسى عليه السلام: [وأصبح فؤاد أمِّ موسى فارغاً إن كادت لتُبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين ] { القصص: 10} وأصبح عُمْق قلب أمِّ موسى بعد إلقاء وليدها في تابوته في النيل خفيفاً طائشاً، غيرَ ذي وزنٍ ثقيل يُثبِّتُه، وبخفَّته وطيْشه صار مُؤهَّلاً لأن يتأثَّر بآلام نفسها من أجل ولدها، فيُعطي توجيهَهُ لإرادتها، فتُصدر أوامرَها للسانها بأن يبوح بما فعلت سراً، أو المعنى: وصار فؤادها فارغاً من كل شيء سوى ذكر موسى عليه السلام وما حصل له. إنَّ الشأن الخطير أنَّ أمَّ موسى، كادت لتُصرِّح بأنه ابنها من شدَّة وَجَلها، وعندئذ يفتضح أمرها، ويشيع خبرها، لولا أنْ رَبَطْنا على قلبها بالعصمة والصَّبر والتثبيت؛ لتكون بخصائصها النفسيَّة من المؤمنين الصَّابرين الثابتين المتوكلين على الله من الرجال، الذين يضْبطون بإراداتهم الحازمات تصرُّفاتهم على مُقْتضى الحكمة، بخلاف النساء فإنَّ طبائعهنَّ تَغْلبُهُنَّ فتدفَعُهنَّ الخفّة إلى تصرُّفاتٍ لا تُحمد عُقْباها. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (فإنَّه لما توارى عنها ـ موسى ـ ندَّمها الشيطان، وقالت في نفسها: لو ذبح عندي فكفنته وواريته لكان أحب إليَّ من إلقائه ) تفسير ابن كثير 3/148.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |