|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لماذا نعجز عن استثمار مواسم الطاعات؟ (1) كتبه/ محمود عبد الحفيظ البرتاوي فلا شك أننا جميعًا، أو أكثرنا، نعلم فضل مواسم الطاعات، وفضل أيام العشر من ذي الحجة؛ ذلك الموسم العظيم من مواسم الرحمة والمغفرة، لكننا مع ذلك نقع في التقصير في حقِّ هذه المواسم المباركة، ويخرج الكثير منا منها نادمًا على تفريطه في استثمارها واستغلالها، ولعلنا نحاول الوقوف على بعض أسباب عدم الانتفاع بهذه المواسم، وعدم الاستغلال الأمثل لها. 1- ضعف الصدق مع الله وضعف التعلق بالآخرة: قال الله -تعالى-: (خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ) (البقرة: 63)، وقد تكلَّم أهل العلم عن نوعين من القوة يحتاجهما كل سائر في أي طريق، ويحتاجهما السائر إلى الله سبحانه وتعالى بالأولى، وهما: - أولًا: القوة العلمية المبصرة التي يرى بها طريقه. - ثانيًا: القوة العملية، وهي قوة الإرادة والعزم والتحرك بالفعل. ولا تغني إحدى القوتين عن الأخرى؛ فلا بد من قوة علمية مبصرة، وقوة عملية محركة، ومثل السائر إلى الله كمن يسير بسيارته في طريق مظلم، فإن لم يكن يبصر الطريق الذي يسير فيه فما أسرع أن يصطدم ويهلك، كما أن نور سيارته لا يكفيه حتى يكون محرك سيارته سليمًا يعمل جيدًا؛ لأنه لو توقف حتى مع وجود النور، لأوشك النور أن ينطفئ. وعندما يقال: غدًا أو بعد أيام الأول من ذي الحجة؛ فهذا ليس مفاجأة أو شيئًا غائبًا عن الأذهان حتى يفوت الإنسان الاستعداد لهذا الموسم العظيم من مواسم الرحمة والمغفرة، بل كلنا نعلم موعد حضور هذا الموسم المبارك؛ فلماذا لا نستعد لاستقباله؟! ومعلوم أن أحدنا إذا كان ينتظر صديقًا مسافرًا أخبره أنه اشترى له هدايا، سيكون في غاية الشوق لانتظاره، وربما يلح عليه في سرعة السفر والمسير، لأجل ما ينتظره من هداياه؛ فأين هذا الشوق مع مواسم الرحمة؟! فعدم هذا الشوق له دلالة على ضعف التعلق بالآخرة؛ قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) (التوبة: 46). 2- ضعف الإخلاص لله والنظر إلى الحسنات على أنها مجرد رصيد، وليس سبب نجاة: ومن أعظم ما يكشف الإنسان أمام نفسه في هذا الباب حاله في الخلوات، وفيما لا يطلع عليه إلا الله؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عز وجل هَبَاءً مَنْثُورًا) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني)، فالحسنات ليست مجرد رصيد يُجمع، بل هي سبب النجاة إذا قُبلت، ولا يقبلها الله إلا بالإخلاص. 3- طول الأمل والجهل بحقيقة الدنيا: رغم اعترافنا وإقرارنا جميعًا بأن الموت يأتي فجأة، وأنه لا يفرق بين صغير وكبير، ولا بسبب مرض أو غيره؛ إلا أن واقعنا العملي كأننا لا نعرف ذلك، فالإشكالية أننا نجهل حقيقة الدنيا، فنعامل مواسم الطاعات كأنها امتحانات شهرية، وليس على أنها تحديد مصير، فمعاملة الطالب لامتحان الشهر تختلف تمامًا عن امتحانات آخر العام أو الثانوية العامة، وامتحانات الآخرة أعظم وأكبر من ذلك بكثير، فتستوجب مزيد العناية والاهتمام. إن الهدف من هذه المواسم ليس أن نعاملها كمحطة وقود إن فاتتنا بسبب الزحام سنجد غيرها في الطريق، بل الواجب أن نعاملها على أنها محطة الوقود الوحيدة التي إن فاتنا التزود منها فسننقطع في الطريق، ونموت جوعًا وعطشًا، ونتعرض للحيوانات المفترسة وأحوال الصحراء المهلكة. 4- الغفلة عما خُلق الإنسان لأجله، وأن الدنيا دار امتحان واختبار: قال -تعالى-: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الملك: 2)، وقال: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) (الكهف: 7)، والنجاح في هذا الابتلاء يكون بالاستعانة بالله والصمود أمام فتن الدنيا وشهواتها؛ فقد قدَّر الله -وهو أحكم الحاكمين- في الأزل أن يكون طريق الجنة محفوفًا بالمكاره، وطريق النار مفروشًا بالشهوات، ليعلم -وهو علام الغيوب- من المخلص الصادق ومن الدعي الكاذب، من يؤثر مرضاة الله ومحابه، ومن يؤثر أهواء نفسه وشهواته؛ قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69). 5- الجهل بأن الجنة حجبت بالمكاره، والنار حجبت بالشهوات: فالجنة لها أمور حُفت بها وحُجبت، والنار كذلك لها أمور حُفت بها وحُجبت، ولا بد في هذه الحياة من مجاهدة النفس على السلامة مما حُفت به النار والوقاية منه، لئلا يقع العبد فيها فيدخل النار، وكذلك على الإقبال على ما حُفت به الجنة وحُجبت به ليفوز بدخولها؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (حُجِبَتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ) (متفق عليه). فإذا علم العبد أن للجنة حُجبًا، وأن للنار حُجبًا، فليعلم أن مَن هتك الحجاب وصل إلى ما وراءه، فمن هتك حُجب النار -وهي محجوبة بالشهوات- وصل إليها، ومن اقتحم حُجب الجنة -وهي حُجبت بالمكاره- وصل إليها. وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |