حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وقعة عمورية الشهيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          من أجل بناء إنسان سليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تَعَلُم فقه التمكين العلمي الإيماني من سورة يوسف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          فضيلة المحبة في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5065 - عددالزوار : 2270387 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 63 - عددالزوار : 18315 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4648 - عددالزوار : 1547923 )           »          فتح بلاد السند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أجر الصدقة ثابت وإن وقعت في يد فاسق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جامع العوينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #11  
قديم 11-09-2025, 03:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 165,455
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري

حول مصنفات وآثار الإمام ابن جرير الطبري[11]



محمد تبركان



الرَّدُّ على الحُرْقُوصِيَّة ...


كتاب (الرد على الحُرقُوصية)، لعله[1] كتابه الذي سمَّاه «كتاب أهل البغي» في رسالته «التبصير في معالم الدين»[2].

وموضوع الكتاب أحكام الخوارج في مسألة الإمامة، وصفات الإمام، وشروطه، والخروج عليه، وأحكام ذلك تفصيلًا.

وقد اختُلف[3] في نسبة هذا الكتاب؛ فنسبه إلى محمد بن جرير الطبري السُّنِّي كلٌّ من:
1- الشيخ أبو العباس أحمد بن علي بن أحمد النجاشي الرافضي (ت: 450هـ) في كتاب الرجال (ص322 رقم 879 حرف الميم).

2- الشيخ ابن طاوس الشيعي (ت: 646هـ) في الإقبال (2/ 239)[4].

3- الشيخ أبو علي الحائري الرجالي الشيعي (ت: 1216هـ) في منتهى المقال (5/ 388 رقم 2525).

4- بروكلمان في تاريخ الأدب العربي (3/ 50).

ونسبه إلى محمد بن جرير بن رستم[5] الطبري الرافضي المعتزلي (ت[6]: الربع الأول من القرن الرابع) كلٌّ من:
1- الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت: 1389هـ = 1969م) في الذريعة إلى تصانيف الشيعة (10/ 193، 194 رقم 383).

2- د. عبدالرحمن حسين العزاوي في: الطبري السيرة والتاريخ (ص163).

3- د. فؤاد سزكين في تاريخ التراث العربي (1/ 2/ 168، 169 الهامش230/ التدوين التاريخي).

4- نبيلة بنت زيد بن سعد الحليبة في منهج الإمام ابن جرير الطبري في تضعيف الأحاديث وإعلالها (ص43).


5- أ. د. أحمد العوايشة في: الإمام ابن جرير الطبري ودفاعه عن عقيدة السلف (ص186، 187 الفصل الرابع)[7].


وأفاد بروكلمان في تاريخه[8] أن ممن اطلع على هذا الكتاب، واستفاد منه الإمام [أبو عبدالله] ابن الداعي [العلوي (ت: 359هـ)]، نقله عنه محمد بن الفضل الكازروني الشافعي؛ "انظر Massignon, al-Hallaj II, 659 n. 2".

ومن أسانيد الكتاب ما أسنده النجاشي في رجاله (ص 322 رقم 879 حرف الميم) لنفسه بقوله: "أخبرنا القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد [بن جعفر، ت: 410هـ]، قال: حدثناأبي قال: حدثنا محمد بن جرير بكتابه الرد على الحرقوصية".

هذا، و(الحرقوصية) نسبة إلى الخوارج أتباع حُرقوص[9] بن زهير[10] البجلي[11]السعدي، من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كان شهِد معه صفين، وهو من الخوارج المحكِّمة الأولى الذين خرجوا يوم النهروان، وقتلهم علي رضي الله عنه وأصحابه، وقد عُدَّ من كبارهم ودعاتهم.

ومن خبره[12] ما رُوي عن أبي سعيد الخدري قال: "حضرت مع عليٍّ يوم قتالهم بالنهروان، قال: فالتمسه عليٌّ فلم يجده - يعني ذا الثُّديَّة – قال: حتى وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت، قال: فقال: من يعرف هذا؟ فقال رجل من القوم: نحن نعرفه؛ هذا حرقوص، وأمه ها هنا، فأرسل إلى أمه، فقال لها: ممن هذا؟ فقالت: ما أدري يا أمير المؤمنين، إلا أني كنت أرعى غنمًا [لي] في الجاهلية بالرَّبذة، فغشيَ عليَّ شيء كهيئة الظلمة[13] فحملتُ منه، فولدت هذا"[14].

"ويُذكر عن الواقدي أنه قال: هو حرقوص بن زهير السعدي، وقد كان لحرقوص هذا مشاهد محمودة في حرب العراق مع الفرس أيام عمر، ثم كان خارجيًّا"[15].

بل يقال: إنه هو المعيبة يده الذي جاء وصفه في الحديث الوارد في الخوارج في الصحاح من أن إحدى يديه «عضديه» مثل ثدي المرأة، أو مثل البَضْعَة تَدَرْدَرُ، والذي قُتل يوم النهروان سنة 37هـ = 657م، قتله أبو المغيرة حبيش بن ربيعة.

لكن وصف المستشرق كارل بروكلمان[16] في تفسير اسم كتاب الطبري (الرد على الحرقوصية) أن المراد بـ(الحرقوصية) هم الحنابلة؛ بناءً على أن أحمد بن حنبل من أولاد حرقوص بن زهير، وصف غير صحيح؛ فقد كان حرقوص بن زهير خارجيًّا، ثم على فرض أن حرقوص بن زهير هذا تميميٌّ، فإن أحمد بن حنبل شيباني من بني ذهل بن شيبان، وأين شيبان من تميم؟

(وأما "روزنثال" فقد احتمل أن تكون تسمية الكتاب قد جاءت بسبب احتقار الطبري أبا بكر بن أبي داود السجستاني وازدرائه، وهو الأمر الذي دعاه إلى تأليف كتاب "الولاية"، كردٍّ على السجستاني هذا، مشيرًا إلى أن كلمة "حرقوص" في اللغة تعني "ذبابة" أو "دويبة نحو البرغوث"، وربما أمكننا إضافة الاحتمال التالي إلى ما سبق؛ وهو أن الطبري في استخدامه لهذا الاسم أراد الإشارة إلى فلسفته في تصنيف هذا الكتاب للرد على شخص ناصبي، إذا ما علمنا أن الخوارج كانوا أعداءً لعلي رضي الله عنه، وأن زعيمهم كان حرقوص بن زهير، ومن هنا استلهم الطبري اسم كتابه، يريد بذلك إظهار الحنابلة المتطرفين بمظهر الخوارج والناصبين، وبذلك ينتفي الزعم القائل بكون الاسم [الحرقوصية] مستوحًى من نسب أحمد بن حنبل)[17].


ولكن الرافضة قوم بهت، فقد روى:
1- الصدوق [!] (ت: 381هـ) في علل الشرائع (3/ 108 [1047/ 23]) بسنده إلى إبراهيم بن محمد بن سفيان أنه قال: "إنما كانت عداوة أحمد بن حنبل مع علي بن أبي طالب عليه ‌السلام أن جدَّه ذا الثُّديَّة الذي قتله علي بن أبي طالب يوم النهروان، كان رئيس الخوارج).


2- النجاشي (ت: 450هـ) في رجاله (ص322 رقم 879 حرف الميم): "وعليه، لا بد أن يكون انتساب جده حنبل إلى بني شيبان بالتحالف؛ تهربًا من نسبه إلى حرقوص التميمي ذي الثدية؛ لأنه نسب منفور عند جميع المسلمين" كذا "لا بد" بصيغة الجزم، رجمًا بالغيب، والله الموعد، وعنده عز وجل تجتمع الخصوم.

3- ابن طاوس علي بن موسى (ت: 646هـ)[18]، عنه علي الحسيني الميلاني في نفحات الأزهار (6/ 80، 81).

4- نعمة الله الجزائري (ت: 1112هـ)، في الأنوار النعمانية (1/ 128): "وقد روى حديث يوم الغدير محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ من خمس وسبعين طريقًا، وأفرد له كتابًا سماه كتاب الولاية، ذكر أنه إنما صنفه للرد على الحرقوصية يعني الحنبلية؛ لأن أحمد بن حنبل من ولد حرقوص بن زهير الخارجي".

ثم توالى مشايخ الشيعة يجترون الباطل عن أسلافهم، ويلوكون بأكفِّهم الافتراء على مخالفيهم من أهل السنة من غير تبصُّر ولا تبيُّن كما أمر الله تعالى في سورة الحجرات، لكن فساد المعتقد، وخبث الطويَّة، أوردهم هذه الموارد إلا ما رحم ربي وقليل ما هم.

وممن لاك هذا الإثم المبين أيضًا من المعاصرين، وأذاع في الناس هذا الافتراء العظيم على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى قدحًا في نسبه العربي، وقذفًا لأمه الحصان من مؤلفي الكتب من الشيعة:
1- الشيخ آغا بزرك الطهراني (ت: 1389هـ = 1969م) في الذريعة (10/ 193، 194 رقم 383)[19].

2- عبدالعزيز الطباطبائي (ت: 1416هـ - 1996م) في: كتاب الغدير في التراث الإسلامي (ص36).

3- علي الكوراني العاملي (ت: 1445هـ - 2024م) في:
أ‌- الإمام علي الهادي عليه السلام عمر حافل بالجهاد والمعجزات (ص216).


ب‌- مقالة: الإمام الحسن العسكري عليه السلام والد الإمام المهدي الموعود[20].



بين ذي الخويصرة[21] اليماني (اليمامي)، وذي الخويصرة التميمي:
قال الحافظ ابن حجر: "حكى أبو بكر التاريخي عن عبدالله بن نافع المزني أنه الأقرع بن حابس التميمي، وقيل غيره"[22]، وقال أيضًا: "وقد فرق بعضهم بينه [ذي الخويصرة التميمي]، وبين [ذي الخويصرة] اليماني، لكن له أصل أصيل ... ‌وقد ‌تقدم ‌قول التاريخي إنه الأقرع [بن حابس]، ونقل عن أبي الحسين بن فارس أنه عيينة بن حصن"[23].

1- ذو الخويصرة اليمامي (اليماني): صحابي[24]، وكان رجلًا أعرابيًّا جافيًا، قال الزبيدي: هكذا بالميم على الصواب، ويوجد في بعض نسخ المعاجم بالنون[25]، وهو البائل في المسجد، هكذا يُروى في حديث مرسل.

2- وأما ذو الخويصرة التميمي (‌‌ت: 37هـ)، فهو عند الواقدي[26] حرقوص بن زهير السعدي من سعد تميم، ضِئْضِئُ الخوارج، ورئيسهم، وعن محمد بن سعد كاتب الواقدي[27] أن اسم ذي الخويصرة: ‌حرقوص ‌بن ‌زهير.

قال ابن حجر: "وزعم أبو عمر ابن عبدالبر [في التمهيد (15/ 279، 281)] أنه ذو الخويصرة التميمي، رأس الخوارج المقتول بالنهروان.

وذكر الطبري في تاريخه (4/ 76) أن عتبة بن غزوان كتب إلى عمر بن الخطاب يستمده، فكتب إليه عمر يأمره بقصده، وأمده والمسلمين بحرقوص بن زهيرالسعدي، وأمَّره على القتال على ما غلب عليه، فاقتتل المسلمون والهرمزان الفارسي صاحب خوزستان، الذي كفر ومنع ما قبله، واستعان بالأكراد، فكثف جمعه؛ فاقتتلوا فوق الجسر مما يلي سوق ‌الأهواز، حتى هزم الهرمزان، وافتتح حرقوص سوق الأهواز، بعدما استولى عليه، وأقام بها، وقد كان لحرقوص أثر كبير في قتال الهرمزان.


وبقيَ حرقوص إلى أيام عليٍّ رضي الله عنه، وشهد معه صفين، وبعد الحكمين صار من أشدالخوارج عليه، بل رئيس الخوارج، قيل: هو الذي خاصم الزبير في شراج الحرة؛ فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باستيفاء حقه منه، وهو ذو الثدية - بالثاء المثلثة – وهو المشهور ‌المعروف ‌عند ‌المحدثين، وقيل: ذو اليُديَّة بالمثناة من تحت، وِزان سُمَيَّة، لقبه.


وهو القائل للنبي صلى الله عليه وسلم حين أعطى المؤلفة قلوبهم: ((إني أرى قسمةً ما أريد بها وجه الله؛ فقال صلى الله عليه وسلم: أيأمنني الله في السماء، ولا تأمنوني))[28]، وفي رواية: ((يا رسول الله، اعدِل)).


وهو في صحيح الإمام البخاري من حديث أبي سعيد الخدري،قال: ((بينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقسم ذات يوم قسمًا [قال ابن عباس: كانت غنائم هوازن يوم حنين] إذ جاءه ذو الخويصرة رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ويلك - وفي رواية: ويحك - إذا لم يكن العدل عندي، فعند من يكون؟ وفي رواية: ومن يعدل إذا لم أعدل؟)).

وحديث أبي سعيد ورد من طريق تفسير الثعلبي (13/ 415)، ثم من طريق تفسير عبدالرزاق (1/ 277) كذلك، ولكن قال فيهما: (إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التميمي)[29]، وزاد الثعلبي: "وهو ‌حرقوص ‌بن ‌زهير أصل الخوارج"؛ قال ابن الأثير (2/ 172): "فقد جعل في هذه الرواية اسم ذي الخويصرة: ‌حرقوص ‌بن ‌زهير، والله أعلم".

ومن صفته وأتباعه في الحديث: ((يخرج من ضِئْضِئِهِ قوم تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، يمرُقون من الدين كما يمرق السهم من الرمِيَّة))؛ [الحديث].

وهذا من صفة الخوارج، وأصل الحديث في الصحيحين، فكان كما قال صلى الله عليه وسلم، وظهر صدق الحديث في الخوارج، وكان أولهم من ضئضئ ذلك الرجل، أي: من أصله، وكانوا من أهل نجد؛ التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام: ((منها يطلع قرن الشيطان))؛ فكان بدؤهم من ذي الخويصرة، وكان آيتَهم ذو الثدية الذي قتله علي رضي الله عنه، وكانت إحدى يديه كثدي المرأة.

واسم ذي الثدية نافع، ذكره أبو داود[30]، وغيره يقول اسمه: حرقوص بن زهير السعدي؛ قال السهيلي: ‌"وقول ‌أبي ‌داود ‌أصح"[31]، وقال الحافظ: "‌حرقوص ‌بن ‌زهير ... وزعم بعضهم أنه ذو الثدية الآتي ذكره، وليس كذلك"[32].

من نكت هذا المبحث:
1- هذا الكتاب (الرد على الحرقوصية) لا أعلم أحدًا من علماء أهل السنة نسبه لابن جرير الطبري السني، وقد انفرد بذكره بعض علماء الشيعة كالنجاشي (ت: 450هـ) في رجاله (ص322 رقم 879 حرف الميم)، وعلي بن موسى بن طاوس (ت: 646هـ) في الإقبال (2/ 239)، والسيد هاشم البحراني (ت: 1107هـ) في كشف المهم (ص48)، بينما عده أ. د. أحمد العوايشة في: الإمام ابن جرير الطبري ودفاعه عن عقيدة السلف (ص186، 187 الفصل الرابع) من الكتب المنسوبة إلى ابن جرير الطبري السني؛ ومما قاله: "ولم يذكر هذا الكتاب [الرد على الحرقوصية] مؤرخ واحد من أهل السنة، ممن ترجم للإمام ابن جرير - فيما أعلم - ولعل الإمام ابن جرير ألف هذا الكتاب -‏ إن صحت نسبته إليه - للرد على الخوارج؛ لأن تسمية الحرقوصية بالخوارج أسلم تفسیر للکتاب، وقد يكون هذا الكتاب من تأليف محمد بن جرير بن رستم، وهذا الذي يغلب على الظن، والله سبحانه وتعالی أعلم".


2- قال ابن حجر: "وذكر بعض من جمع المعجزات أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((لا يدخل النار أحد شهد الحديبية إلا واحدٌ))، فكان هو ‌حرقوص ‌بن ‌زهير، فالله أعلم"[33].

قلت: سكت عنه، ولا أعلم أحدًا أورد هذا الحديث بهذا اللفظ غيره، فالله أعلم.

3- ‌قال ابن حجر: "حرقوص ‌العنبري: له إدراك، وشهد فتح تستر مع أبي موسى الأشعري، وهو غير حرقوص بن زهير السعدي، وجزم ابن أبي داود بعد تخريج قصته بأنه ذو الثدية، وقد قيل في ذي الثدية: إنه ذو الخويصرة، وقيل في ذي الخويصرة: إنه حرقوص"[34]، فليُحرَّر.


4- هذا، وقد وجد هذا الشقي (ذو الخويصرة): الغائر العينين، المشرف الوجنتين، الناتئ الجبين، الكث اللحية، المحلوق الرأس، في زمننا من[35] ينحاز لصفه، فيرى رأيه في قسمة غنائم حنين حين قال للرسول عليه الصلاة والسلام: ((اعدل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم))، وفي رواية: ((اتق الله يا محمد))، فيُسوغ له مواقفه الضالة مع الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، ثم مع خليفة المسلمين علي رضي الله عنه، حين خرج عليه، وقاتله في النهروان، فتراه – خاب سعيه - وهو يشيد به، وبمبادئه، ومواقفه التي كان يعلن بها ويجاهر، ثم هو يأسف لكون هذه الشخصية الفذة – عنده - لم تَنَلْ حظها من الدرس؛ وهو بذلك يهمز ويلمز المؤرخين والعلماء الذين – على رأيه الآفن – تعمدوا تشويه صورته، وتحريف سيرته، فحطوا من شخصه لأغراض ومآرب قد تكون ذاتيةً أو دينيةً أو سياسيةً أو غيرها.

5- قال محقق التفسير البسيط[36]: "وعندي شكٌّ أن ابن ذي الخويصرة هو حرقوص المذكور، فقد روى البخاري في صحيحه[37]، (6933) كتاب استتابة المرتدين، باب: من ترك قتال الخوارج للتألف 9/ 30 عن أبي سعيد قال: ((بينا النبي صلى الله عليه وسلم يقسم، جاء عبدالله بن ذي الخويصرة التميمي فقال: اعدل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ويلك من يعدل إذا لم أعدل؟ قال عمر بن الخطاب: دعني أضرب عنقه، قال: دعه؛ فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته، وصيامه مع صيامه، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ...))؛ الحديث، فهذا يفيد:
أولًا: أن اسم ابن ذي الخويصرة عبدالله.

ثانيًا: أن عمر رضي الله عنه كان حاضرًا القصة وكان شديدًا على الرجل، فهل يليق بالفاروق أن يوليه قيادة الجيوش، وإمرة ما فتح بعد أن سمع نعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!

ويؤكد هذا الشك ما ذكر الحافظ ابن حجر[38] عن الهيثم بن عدي قال: إن الخوارج تزعم أن حرقوص بن زهير كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قُتل معهم يوم النهروان، قال: فسألت عن ذلك، فلم أجد أحدًا يعرفه.

وقال محمد سالم الخضر[39]: "حرقوص ‌بن ‌زهير السعدي ... زعم بعض من ترجم له أنه هو ذو الخويصرة التميمي، ولا دليل ينهض بهذا، وقد كنت أميل إلى التفريق بينهما؛ لاستحالة أن يكون عمر بن الخطاب الذي شهد ما فعله ذو الخويصرة في تقسيم غنائم حنين، حتى طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يضرب عنقه، هو الذي يعتمد عليه في القتال، ويرتضيه بعد ذلك، حتى وقفت على قول الهيثم بن عدي[40]: إن الخوارج تزعم أن ‌حرقوص ‌بن ‌زهير كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه قُتل معهم يوم النهروان، قال: فسألت عن ذلك، فلم أجد أحدًا يعرفه".

6- بين ذي الثُّديَّة وذي اليُّدية: قال الزبيدي في التاج: "وذو اليدية، كسُمَيَّة؛ نقله الفرَّاء عن بعضهم، قال: ولا أرى الأصل كان إلا هذا، ولكن الأحاديث تتابعت بالثاء، وقال الجوهري: ذو الثدية لقب رجل اسمه ثرملة".

وقال أيضًا: "وقد أوضحه شراح الصحيحين، خصوصًا شراح مسلم في قضايا الخوارج، وحكى الوجهين الجوهري [ص144 ثدي] والحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح [ص130 هدي الساري]".

7- ومن طريف ما يورد في هذا المقام ما أودعه الشيخ أبو بكر بن علي بن أبي بكر المشهور كتابه "التليد والطارف شرح منظومة التحولات وسنة المواقف" (ص82، 83) بشأن حرقوص بن زهير[41] الخارجي، من خلال استعراض موقفه المشؤوم حين اعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في قسمة غنائم هوازن يوم حنين:
من فقه عصر المصطفى ما حصلا
في غزوة الطائف لما نزلا
نبينا يقسم الغنائما
فجاء حرقوص يماري قائما
وقال: اعدل قسمة الغنائم
وما أردت الله في المقاسم
فاحمرَّ وجه المصطفى وقال: مه
ويحك من يعدل ومن يقسمه؟
إن لم يكن عدلي جديرًا بالثقة
فمن عساه يقسمن الصدقة؟
وحدق النبي في ظهر الرجل
وقال: من ضئضئه شر يصل
يظهر قوم منه في الأزمان
ميزتهم قراءة القرآن
يحسنون الصوت بالآيات
في واقع محطم الغايات
فاستأذن الفاروق أن يقتله
وقال: دعني عبرةً أجعله
فقال: دعه إن من ورائه
أرى رجالًا شأنهم كشأنه
ولا يقول الناس: إن أحمدًا
يقتل من أصحابه من يسجدا


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 319.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 318.02 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.54%)]