
04-12-2006, 01:41 AM
|
عضو متميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: egypt
الجنس :
المشاركات: 405
|
|
طبع العقارب
كان "العقرب" يقف على إحدى ضفتي النهر.. يائسا.. حزينا .. يفكر في كيفية العبور إلى الضفة الأخرى من النهر.. وفجأة.. رأى "ضفدعا" يقفز في ماء النهر أمامه سعيدا بأوبشناته التي وهبها الله له( ع الارض شغال.. في الميه شغال).. ابتهج العقرب.. وأشار بزبانه إلى الضفدع.. "صباح الفل يا ضفدع".. فأجابه الضفدع بحرص واقتضاب وهو يواصل قفزه على أوراق الأشجار الطافية على سطح ماء النهر.. "صباح الفل يا عقرب".. خاطبه العقرب بلهجة حميمية.. "إيه يا عم الضفدع.. مالك.. بترد عليا من تحت ضرسك ليه.. دا إحنا أصحاب يا جدع".. فأجابه الضفدع وهو يقفز.. "بص يا عقرب..مبدئيا أنا مليش ضرس عشان أرد عليك من تحته.. ثانيا.. إحنا مش أصحاب.. ولا عمرنا حنبقى أصحاب".. مسح العقرب بزبانه دمعة حزن وشجن إنهمرت من عينه.. "بقى كده برضه يا ضفدع.. تهون عليك العشرة.. دا إحنا ولاد غابة واحدة يا صاحبي.. إزاي مش أصحاب.. يا شماتة حيوانات الغابة اللي جنبنا فينا".. مع نهاية الجملة كان لزاما على العقرب أن يلتقط ورقة شجر صغيرة من جانبه ليجفف بها دموعه التي بدأت تنهمر بغزارة من عيونه.. وبدأت في تكوين بركة صغيرة من حوله.. توقف "الضفدع" عن القفز.. ونظر إلى العقرب متأثرا بدموعه وحزنه وشجنه.. "خلاص بقى يا عقرب.. ما تعيطش.. إحنا أصحاب يا معلم".. انفرجت أسارير العقرب.. وتوقف عن البكاء.. وهو يشير للضفدع أن يقترب منه أكثر.. قفز الضفدع على ورقة شجر طافية على الماء قفزة جعلته في مواجهة العقرب.. "أؤمر يا عم العقرب".. اقترب العقرب أكثر من الماء وبدأ في الحديث.. "أيوه أهو كده نعرف نتكلم مع بعض.. بص بقى يا عم الضفدع.. أنا وقعت من السما.. وإنت استلقيتني".. تراجع الضفدع قليلا للوراء.. "خير فيه إيه يا عم العقرب.. قلقتني".. فأجابه العقرب.. "بص.. أنا حاجيبلك من الآخر.. أنا لازم أكون على ضفة النهر التانية خلال 5 دقايق من دلوقتي.. ومش عارف أعمل إيه".. أجابه الضفدع.. "طب وأنا إيه علاقتي"؟!.. أجابه العقرب "يا نهار أسود.. إلا إيه علاقتك.. دا إنت الوحيد اللي ممكن يساعدني"..أجابه الضفدع.. "إزاي"؟! أجابه العقرب.. "زي الناس.. حتاخدني على ضهرك.. وتعديني الناحية التانية.. ولا إحنا صحاب كلام وبس".. تردد الضفدع قليلا قبل أن يجيبه بشك وريبة وحيرة.. "إزاي بس يا عقرب.. ما أنا لو شيلتك على ضهري.. هتلدغني".. بدأت الدموع تنهمر من عيون الغقرب مرة أخرى.. "بقى كده برضه يا ضفدع.. وأنا اللي باقول عليك نبيه.. مبدئيا.. لازم تعرف إني ما أقدرش ألدغك لسببين مهمين جدا.. أولهم.. إزاي ألدغ صاحبي وابن غابتي.. تانيهم.. إني لو لدغتك حنغرق ونموت إحنا الاتنين.. إطمن يا ضفدع" فكر الضفدع لبرهة في كلمات العقرب.. واقتنع بها.. وبدأ في الاقتراب من ضفة النهر التي يقف عليها العقرب.. واستدار.. فصعد العقرب على ظهره.. وبدأ الضفدع في العوم بإتجاه ضفة النهر الأخرى.. وبدأ الشك والخوف يتبخران من عقله بعد أن اقتنع أنه ظلم العقرب في البداية.. وبينما هما يتجاذبان أطراف الحديث أثناء عبور النهر.. توقف فجأة العقرب عن الكلام.. وشعر الضفدع بدموع العقرب الحارة تسقط على ظهره.. فأدار رأسه بقلق تجاه العقرب الواقف يبكي على ظهره.. "فيه إيه يا عقرب.. مالك".. انفجرت الدموع من أعين العقرب وهو يخاطب الضفدع بنبرة حزينة.. "أنا آسف يا صاحبي.. معلش.. سامحني".. ومع إنهاء جملته الأخيرة.. كان زبانه السام مغروسا في عنق الضفدع.. الذي جحظت عيناه وهو لا يصدق ما يحدث.. أخذ الضفدع يتابع دماؤه الحارة تملأ ماء النهر من حوله.. وشعر بقواه تخور.. وقبل أن تختفي رأسه تحت الماء.. خاطب العقرب بكلمة واحدة هي التي استطلع أن ينطقها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.. "ليه"؟! كانت الدموع تنهمر من أعين العقرب.. وكان يقترب هو الآخر من سطح الماء.. وقبل أن تختفي رأسه تحت الماء.. رد على الضفدع بكلمة واحدة هي التي استطاع أن ينطقها قبل أن يلفظ أنفاسه الآخيرة هو الآخر.. ويغرق.. "طبعي"!.
تلك الحكاية الشهيرة من حكايات الحكيم " إيسوب" تثبت وتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الطبع غلاب.. فالضفدع لا يستطيع أن يعيش دون أن يقفز.. والعقرب لا يستطيع أن يعيش بدون أن يلدغ.. وفي قفزة هذا.. وفي لدغة ذاك.. تكمن نهايتهما معا!.
|