قاتل العجوز حر....بأمر الشرطة

[ياسمينة دمشق]

في وقت الظهيرة والشمس في كبد السماء .. والحرارة مرتفعة جداً
والطرقات خلت من المارة
جلس رجل عجوز في العقد الخامس تحت شجرة يستظل بظلها
وفي وجهه آثار التعب والإرهاق
فلقد كان العمل في هذا اليوم متعباً جدا مع ارتفاع درجات الحرارة
أسند ظهره لجذع الشجرة .. ووضع أمامه طعام أعطته المؤسسة التي يعمل بها
وما أن بدأ بتناول الطعام تذكر أبناءه الصغار الذين يسكنون بالقرب من مكان عمله
وتذكر أنهم جياع .. فآثر ذلك الطعام على نفسه
وقال في نفسه سوف أسرع المسير إليهم وأعطيهم الطعام وأرجع لمكان عملي
وآثر أيضاً وقت الراحة الذي سيقضيه في المسير إلى منزله والعودة لمقر عمله
فهو لا يملك عربة وسوف يكون ذلك المشوار سيراً على الأقدام
نهض من مكانه متوجهاً نحو منزله .. ووصل إلى شارع من الشوارع في طريقه
توجه إلى مكان عبور المشاة .. نظر يميناً ونظر شمالاً ولم يرى أي عربة
أسرع المسير في ممر عبور المشاة .. وفجأة علا صوت مزمار عربة
نظر العجوز وإذا به يرى عربة تسير بسرعة جنونية جداً تقترب منه
حاول تفاديها ولكن سرعتها الهائلة لم تمهله
وما هي إلا لحظات .. وإلا وترتطم به بقوة
ويطير فالهواء ويعود ويرتطم بقوة في ذلك الشارع .. وإذا به يلفظ أنفاسه
وما هي إلا لحظات إلا وأصبح جثة هامدة
ومن حوله تناثر الطعام الذي كان ذاهب به إلى أبناءه الجوعا
عم السكون المكان
نزل صاحب العربة ينظر إليه غير مبالي
فالدية سوف يدفعها التأمين .. والقضية قتل بالخطأ
وصاحب العربة عنده كما يقال بالعامي ( واسطة )
والقتيل من العمال .. من أحدى الدول الفقيرة
أتصل بالشرطة ازدحم المكان .. وذلك العجوز ملقى على الأرض مكشوف العورة
ولم يكلف صاحب العربة نفسه أن يستره
بل ظل ينتظر حضور الشرطة وهو جالساً في عربته المكيفة
إلى أن جاءت إحدى السيدات وأوقفت عربتها ومع ما بها من صدمة من هول ما ترى
تحاملت على نفسها
وحملت في يديها عباءة كانت للتو اشترتها من محل لبيع العباءة
وسترت بها جميع جسد ذلك العجوز
ونظرت إلى صاحب العربة وعيناها امتلأت بالدمع
ثم عادت لعربتها تحاول أن تكفكف دمعاتها
وتحاملت على نفسها وانطلقت بعربتها
وصلت الإسعاف والشرطة لموقع الحادث .. بل الجريمة
حُمل العجوز أدخل لعربة الإسعاف .. وانطلق به للمستشفى
وأخذت الشرطة إجراءاتها مع صاحب العربة .. تلك الإجراءات المضحكة
يدخل السجن لمدة ساعات ثم يأتي شخص ويكفله ويخرج ذلك المجرم
نعود لعائلة العجوز
هم الآن تلقوا الخبر الأطفال يبكون زوجته تبكي فلقد رحل معيلهم الوحيد
وسوف يتم ترحيلهم .. وكثير من أحلامهم تهدمت
والقائمة تطول .. والقصة تطول
وقائمة القتلى في معابر المشاة تطول