خطبة عن سورة النازعات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 129 - عددالزوار : 1150 )           »          خواطرفي سبيل الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 21817 )           »          قلبٌ وقلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 20434 )           »          حياة البرزخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          مذاهب العلماء في نفقة الزوجة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 85 )           »          سعي المرأة لطلب الرزق بين الوجوب وعدمه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          الغُمة الشعورية الكئيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 76 )           »          التفسير بالعموم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 70 )           »          فشكر الله له فغفر له (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          وتعاونوا على البر والتقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-03-2021, 03:46 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,352
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن سورة النازعات

خطبة عن سورة النازعات
الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي التميمي



الْخُطْبَةُ الْأُولَى
إنَّ الحمدَ للهِ، نَحْمَدُهُ، ونستعينُهُ، ونستغفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ، وَخَلِيلُهُ - صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا. أمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاِعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، نَعِيشُ اليَوْمَ مَعَ سُورَةٍ مِنْ سُوَرِ هَذَا القُرْآنِ العَظِيمِ، مَعَ سُورَةِ النَّازِعَاتِ؛ حَيْثُ أَقْسَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِمَلَائِكَتِهِ الْكِرَامِ، فَقَالَ:
﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴾ فَأَقْسَمَ بِالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَقْبِضُ أَرْوَاحَ الكُفَّارِ، فَلَا تَأْخُذُهَا إِلَّا غَرْقًا مِنْ أَقَاصِي الْأَجْسَادِ، مِنَ الْأَنَامِلِ وَالْأَظْفَارِ بِعُسْرٍ وَشِدَّةٍ.

ثُمَّ أَقْسَمَ بِالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَنْزِعُ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ فَقَالَ: ﴿ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴾: فَتَسُلُّ أَرْوَاحَهُمْ سَلًّا رَقِيقًا، ثُمَّ أَقْسَمَ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَسْبَحُ فِي الْفَضَاءِ؛ فَقَالَ:
﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا ﴾ فَتَشْمَلُ المَلَائِكَةَ الَّتِي تَقْبِضُ الْأَرْوَاحَ بَعْدَ أَخْذِهَا مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ فَتَذْهَبُ بِكُلِّ رُوحٍ إِلَى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لَهَا، وَالْمَلَائِكَةَ الَّتِي تَسْبَحُ فِي الْفِضَاءِ فِي صُعُودٍ وَنُزُولٍ تُنَفِّذُ أَوَامِرَ اللهِ، وَبِالْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَسَابَقَتْ إِلَى الإِيمَانِ بِاللهِ وَتَنْفِيذِ أَوَامِرِهِ وَتَسْبِقُ الشَّيَاطِينَ بِإِنْزَالِ الْوَحْيِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِقُوا مِنْهُ شَيْئًا، وَأَقْسَمَ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ الَّتِي يَأْمُرُهَا اللهُ بِتَدْبِيرِ الْكَوْنِ وَتَوَلِّي مَهَامِّ إِدَارَتِهِ فَهَذَا مُوَكَّلٌ بِالسَّحَابِ، وَذَاكَ بِالرَّعْدِ، وَذَلِكَ بِالْمَطَرِ، وَلكُلٍّ مُهِمَّةٌ. وَقَدْ أَخْفَى اللهُ الْقَسَمَ هُنَا فَهُوَ مَحْذُوفٌ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَأَقْسَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَنَّهَا سَتَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى قُرْبِ يَوْمِ القِيَامَةِ فَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ إِلَّا أَنْ تَهْتَزَّ الْأَرْضُ مِصْدَاقًا لِقَوْلِه تَعَالَى: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا ﴾ فَهُنَاكَ ثَلَاثُ صَعَقَاتٍ: صَعْقَةُ الْمَوْتِ، وَنَفْخَةُ الْبَعْثِ، وَصَعْقَةُ الْفَزَعِ. ﴿ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ ﴾ وَهِيَ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي تَرْدُفُ الْأُولَى.

﴿ قُلُوبٌ يَوْمِئِذٍ وَاجِفَةٌ ﴾ قُلُوبُ الْكُفَّارِ فِي هَذَا الْيَوْمِ مُضْطَرِبَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا مَا كَانُوا يُنْكِرُونَ، وَالْأَمْرُ أَصْبَحَ أَمَامَهُمْ حَقِيقَةً مَاثِلَةً، لَا مَجَالَ فِيهِ لِلْهَرَبِ وَالْإِنْكَارِ ﴿ قَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ ﴾.

﴿ أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴾ أَيْ: ذَلِيلَةٌ مُنْكَسِرَةٌ كَئِيبَةٌ خَاشِعَةٌ، مِنْ هَوْلِ ذَلِكَ اليَوْمِ فَلَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُهُمْ مِنَ الْخَوْفِ وَالذُّلِّ النَّظَرَ (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ)، فَتِلْكَ الْأَبْصَارُ الَّتِي كَانَتْ تَهْزَأُ بِأَهْلِ الْإِيمَانِ وَتَسْخَرُ تَعِيشُ الْيَوْمَ فِي ذُلٍّ وَهَوَانٍ، لَقَدْ كَانَتْ تَسْخَرُ بِآيَاتِ اللهِ، تَرَاهَا الْيَوْمَ خَاشِعَةً مِنَ الذُّلِّ، يَقُولُونَ وَهُمْ فِي ذُلٍّ وَهَوَانٍ: أَحَقًّا إِنَّنَا سَنَعُودُ إِلَى الْحَافِرَةِ، سَنَعُودُ لِلْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَمَاتِ سَنَعُودُ إِلَى الْأَرْضِ بَعْدَمَا غَادَرْنَاهَا؟ كَيْفَ عُدْنَا بَعْدَمَا كُنَّا عِظَامًا بَالِيَةً مُتَهَشِّمَةً؟ لَقَدْ كَانُوا يُنْكِرُونَ الْعَوْدَةَ وَهُمْ فِي الْحَيَاةِ وَيَقُولُ أَحَدُهُمْ: ﴿ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ﴾؟! فَيَأْتِي الجَوَابُ: ﴿ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ﴾، ثُمَّ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُم إِذَا بُعِثُوا مِنْ جَدِيدٍ فَقَدْ خَسِرُوا فَقَالُوا:
﴿ تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ ﴾: فقالوا: لَقَدْ خَسِرْنَا بَعْدَ هَذِهِ الْعَوْدَةِ وَكُلُّ مَنْ لَا يَسْتَعِدُّ لِلْآخِرَةِ فَهُوَ خَاسِرٌ لَا مَحَالَةَ فَالْأَمْرُ لَا يَسْتَغْرِقُ إِلَّا زَجْرَةً وَاحِدَةً صَيْحَةً كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ ﴾ وَبَعْدَ الصَّيْحَةِ إِذَا هُمْ قَدْ جُمِعُوا بِالسَّاهِرَةِ، وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا، يُسَاقُ إِلَيْهَا كُلٌّ بِحَسَبِهِ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ لِمُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-: هَلْ أَتَاكَ خَبَرُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ تَسْلِيَةً مِنَ اللهِ لِرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- بَعْدَمَا نَالَهُ الْأَذَى مِنَ الْكُفَّارِ فَيُخْبِرُهُ اللهُ بِخَبَرِ مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ - عِنْدَمَا نَادَاهُ اللهُ وَكَلَّمَهُ فِي الْوَادِي الْمُقَدَّسِ، وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُبَيِّنَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَقَدْ أَمَرَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مُوسَى- عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يَذْهَبَ دَاعِيًا إِلَى اللهِ إِلَى أَكْبَرِ طَاغِيَةٍ عُرِفَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِي تَكَبُّرِهِ وَتَمَرُّدِهِ، يَالَعِظَمِ الْمُهِمَّةِ! يَخْرُجُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَارِبًا مِنْ فِرْعَوْنَ ثُمَّ أَمَرَهُ اللهُ أَنْ يَعُودَ دَاعِيًا فِرْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾، إِنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْجَبِ الْعَجَائِبِ، ذَكَرَهُ اللهُ هُنَا لِبَيَانِ قُوَّةِ مَا كُلِّفَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ فَمَا أَصْعَبَ مُوَاجَهَةَ مَنْ هَرَبْتَ مِنْهُ. لَقَدْ طَغَى فِرْعَوْنُ حَيْثُ تَجَاوَزَ الْحَدَّ مَعَ الْخَلْقِ وَالْخَالِقِ، فَمَعَ الرَّبِّ قَالَ: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ بَلْ قَالَ: و﴿ أَنَا رَبَّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ أَمَّا مَعَ الْبَشَرِ فَفَعَلَ مَا لَا يَتَخَيَّلُهُ بَشَرٌ؛ فَوَصَلَ طُغْيَانُهُ لِحَدِّ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الرُّضَّعِ، وَحَتَّى زَوْجَتِهِ ضَرَبَهَا بِالْأَطْنَابِ. فَقُلْ لَهُ يَا مُوسَى هَل لَكَ يَا فِرْعَوْنُ مَيْلٌ أَوْ رَغْبَةٌ إِلَى أَنْ تَتَطَهَّرَ مِنَ الشَّرِّ الَّذِي فِيكَ؛ فَتُزَكِّيَ نَفْسَكَ؟ فَتُطَهِّرَهَا مِنْ قُبْحِ قَوْلِكَ إِنَّكَ إِلَهٌ وَمِنْ تَعْذِيبِكَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. لَقَدْ أَتَيْتُكَ لِأُخَلِّصَكَ مِمَّا وَرَّطْتَ بِهِ نَفْسَكَ.

﴿ وَأَهْدِيكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى ﴾ فَأَنَا عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَنْ أَدُلَّكَ عَلَى الطَّرِيقِ الْقَوِيمِ، وَسَأَقِفُ مَعَكَ وَأُعَرِّفُكَ عَلَى الْحَقِّ لِيَرْضَى عَنْكَ خَالِقُكَ وَفَاطِرُكَ وَيَغْفِرَ لَكَ، فَإِذَا عُدْتَ يَا فِرْعَوْنُ إِلَى الْحَقِّ فَسَوْفَ تُصِيبُكَ الْخَشْيَةُ مِنَ اللهِ إِذَا عَرَفْتَهُ وَالْخَوْفُ مِنْ عِقَابِهِ، وَهَذَا سَيَكُونُ قَائِدَكَ لِتَرْكِ أَعْمَالِكَ الْمُنْكَرَةِ، وَسَوْفَ تَزْولُ عَنْكَ يَا فِرْعَوْنُ الْقَسْوَةُ وَالْغِلْظَةُ. ﴿ فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى ﴾: أَيِ الْمُعْجِزَةَ الَّتِي لَا يَقْدِرُ فِرْعَوْنُ عَلَى إِنْكَارِهَا؛ عَصًا تَتَحَوَّلُ إِلَى حَيَّةٍ، وَيَدٌ عَادِيَّةٌ يُخْرِجُهَا مُوسَى لَهُمْ وَهِيَ قِمَّةٌ فِي الْبَيَاضِ وَالْجَمَالِ تَتَلَأْلَأُ، فَهَذِهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صُنْعِ بَشَرِيٍّ وَلَكِنَّ فِرْعَوْنَ تَمَادَى ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى ﴾ لَقَدْ أَدْبَرَ فِرْعَوْنُ يَسْعَى بَعْدَمَا رَأَى الْحَيَّةَ قِيلَ خَوْفًا مِنْهَا، وَسَعَى لِيَتَآمَرَ عَلَى مُوسَى، وَيُبَيِّنَ لِمَنْ حَوْلَهُ بِأَنَّ مَا أَحْضَرَهُ مُوسَى مَا هُوَ إِلَّا سِحْرٌ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِسِحْرٍ. فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَجُنُودَهُ حَيْثُ أَعْلَنَ لَهُمْ أَنَّهُ الرَّبُّ، فَزَادَ عَلَى تَكْذِيبِ الرُّسُلِ التَّطَاوُلَ عَلَى مَقَامِ الْأُلُوهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ؛ فَجَمَعَ جُنُودَهُ لِلْقِتَالِ وَالْمُحَارَبَةِ، وَالسَّحَرَةَ لِلْمُعَارَضَةِ، وَالنَّاسَ لِلْحُضُورِ، وَلِمُشَاهَدَةِ أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، وَوَقَفَ وَسَطَ هَذَا الْحَشْدِ الْهَائِلِ لِيَقُولَ: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى ﴾، تَعَالَى اللهُ عَمَّا يَقُولُ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَخَسِرَ الْمَعْرَكَةَ عِنْدَمَا انْكَشَفَتْ لِلسَّحَرَةِ الْحَقِيقَةُ. لَكِنَّ فِرْعَوْنَ قَادَهُ طُغْيَانُهُ إِلَى التَّجَبُّرِ مِنْ جَدِيدٍ.

﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى ﴾: فَعَاقَبَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا بِالْغَرَقِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْإِحْرَاقِ فِي النَّارِ ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ﴾. كَذَلِكَ عَاقَبَهُ اللهُ عَلَى مَقُولَتِهِ الْأُولَى إِنَّهُ إِلَهٌ، وَعَلَى مَقُولَتِهِ الْأَخِيرَةِ إِنَّهُ رَبٌّ. إِنَّ مَا حَدَثَ لِفِرْعَوْنَ عِبْرَةٌ لِمَنْ فِي قَلْبِهِ أَوْ مِنْ شَأْنِهِ خَشْيَةُ اللهِ. ثُمَّ يَقُولُ اللهُ لِمَنْ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ﴾، أَلَا تُثِيرُكُمْ هَذِهِ السَّمَاءُ؟! مَنِ الَّذِي بَنَاهَا؟

﴿ رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا ﴾: أَلَا تَرَوْن عَظِيمَ ارْتِفَاعِهَا وَسُمْكَهُ؛ فَخَلَقَهَا خَلْقًا مُسْتَوِيًا لَا تَفَاوُتَ فِيهِ، وَلَا شُقُوقَ، وَلَا ثُقُوبَ. وَيِالَعِظَمِ الْقُرْآنِ وَجَمَالِ تَعَابِيرِهِ! فَكَيْفَ عَمَّهَا اللهُ بِالظَّلَامِ فِي فَتْرَةٍ زَمَنِيَّةٍ مَحْدُودَةٍ فِي الْيَوْمِ، فَفِي دَقَائِقَ مَعْدُودَةٍ يُظْلِمُ الْكَوْنُ فَيَعُمُّهُ الظَّلَامُ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَ ضُحَاهَا فَأَذْهَبَ الظَّلَامَ عَنْكُمْ وَأَبْدَلَهُ بِالنُّورِ وَالضَّوْءِ؛ فَحَيَاتُكُمْ تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا وَذَاكَ. لَقَدْ عَمَّ النُّورُ الكَوْنَ الْجِبَالَ وَالْبِحَارَ، وَالْأَسْرَابَ وَالْمَغَارَاتِ. أَلَا تَرَوْنَ يَا مُنْكِرِي الْبَعْثِ كَيْفَ بَسَطَ اللهُ الْأَرْضَ وَحَرَثَهَا وَشَقَّهَا، حَيْثُ مَلَأَهَا بِالْخَيْرَاتِ. وَمِنْ عِظَمِ الْإِعْجَازِ أَنْ جَعَلَ اللهُ فِي الْأَرْضِ: النَّبَاتَ وَفِيهَا الْمَاءُ الَّذِي يَسْقِي النَّبَاتَ، لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إِلَّا الْخَالِقُ. أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ أَرْسَى الْجِبَالَ وَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَادًا؟ ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ﴾. لَقَدْ جَعَلَ اللهُ هَذَا كُلَّهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا بِالْحَيَاةِ، وَتَهْنَؤُوا، وَتَرْتَاحَ الْأَنْعَامُ، وَتَتَمَتَّعُوا بِهَا. ثُمَّ قَالَ اللهُ تَعَالَى:
﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى ﴾: فَانْتَظِرُوا يَا مُنْكِرِي الْبَعْثِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِي يَطِمُّ كُلَّ مَا سَبَقَهُ مِنَ الْأَهْوَالِ فَتَصْغُرُ أَمَامَهُ.

﴿ يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى ﴾: فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَيَتَذَكَّرُ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا سَعَى يُعِيدُ شَرِيطَ ذِكْرَيَاتِ الْحَيَاةِ فَيَتَذَكَّرُ الظُّلْمَ الَّذِي فَعَلَهُ وَالْمَحَارِمَ الَّتِي انْتَهَكَهَا وَالْمَعَاصِيَ الَّتِي ارْتَكَبَهَا.

﴿ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى ﴾: وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سَتَبْرُزُ النَّارُ لِكُلِّ أَهْلِ الْمَوْقِفِ لِيَرَوْهَا، إِنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوهَا يَرَوْنَهَا الْيَوْمَ بَارِزَةً لِلْعِيَانِ، يَرَاهَا أَهْلُ الْكُفْرِ وَالْإِيمَانِ وَهِيَ مُسْتَعِدَّةٌ لِمَنْ يُسَاقُونَ إِلَيْهَا؛ وَقَانَا اللهُ وَوَالِدِينَا وَذَرَارِينَا شَرَّهَا! سَيَنْقَسِمُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى قِسْمَيْنِ:
فَأَهْلُ الطُّغْيَانِ مَآلُهُمْ إِلَى الْجَحِيمِ، لِأَنَّهُمْ تَجَاوَزُوا الْحَدَّ فَقَدْ آثَرُوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ.

أَمَّا أَهْلُ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ مِنَ اللهِ، وَالَّذِينَ يَنْهَوْنَ النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى وَمَنْهَجِهِمْ (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) فَيَغُضُّوا الْأَبْصَارَ عَنِ الْمَحَارِمِ، وَيُطْبِقُوا الْأَلْسُنَ عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ؛ فَإِنَّ مَآلَهُمْ وَمَصِيرَهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدَهُ وَرَسُولُهُ، وَخَلِيلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً. أمَّا بَعْدُ.. فَاِتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

وَمَعَ إِخْبَارِ اللهِ عَن هَذِهِ الدَّلَائِلِ العَقْلِيَّةِ إِلَّا أَنَّ أَهْلَ الكُفْرِ مَا زَالُوا فِي غَيِّهِمْ وَغُرُورِهِمْ؛ فَيَقُولُونَ بَعْدَ كُلِّ هَذَا ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ ﴾ مَتَى مَوْعِدُهَا تَكْذِيبًا وَاسْتِهَانَةً بِهَا وَاسْتِهْتَارًا ﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ ﴾ [الشورى: 18] مِنْ رَبِّهِمْ فَيَقُولُ اللهُ: يَا مُحَمَّدُ -صلى الله عليه وسلم-﴿ فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا ﴾؟ أَيْ أَنْتَ عَلَامَةٌ مِنْ عَلَامَاتِهَا. وَكَذَلِكَ كَيْفَ يَسْأَلُونَكَ عَنْهَا وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِكَ عِلْمُهَا ﴿ إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا ﴾ يَقُولُ اللهُ: ﴿ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ﴾، فَمَا دَوْرُكَ يَا مُحَمَّدُ -صلى الله عليه وسلم- إِلَّا إِنْذَارُ مَنْ يَخْشَاهَا، فَلَسْتَ مُعَيِّنًا لِوَقْتِهَا.

ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾: فَانْتَظِرْ يَا مُحَمَّدُ -صلى الله عليه وسلم- قِيَامَهَا فَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يَنْفَعْ مَعَهُمُ الْإِنْذَارُ حَيْثُ سَيَتَبَيِّنُ لَهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ الْقِيَامَةَ يَتَبَيَّنُ لَهُمْ قِصَرَ مَا عَاشُوهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا - قِيَاسًا إِلَى طُولِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ - فَيَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَيْ ضُحَى تِلْكَ الْعَشِيَّةِ؛ فَكَأَنَّهُمْ لَبِثُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا أَوْ مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا إِلَى زَوَالِهَا، اسْتِقْصَارًا لِمُدَّةِ لَبْثِهِمْ فِي الدُّنْيَا حَتَّى كَأَنَّهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾، ثُمَّ مَاذَا؟ إِمَّا جَنَّةٌ أَبَدًا وَإِمَّا نَارٌ أَبَدًا.

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجِنَانِ، وَأَعَاذَنَا مِنَ النِّيرَانِ.

الَّلهُمَّ احْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا، لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، الَّلهُمَّ اجْعَلْهُ سِلْمًا لِأْوْلِيَائِكَ، حَرْباً عَلَى أَعْدَائِكَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَأَقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ أَهْلِ الإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مَا سَأَلَكَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، ونَسْتَعِيذُ بِكَ مِمَّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ، رَبَّنَا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ.

سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُمْ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 89.68 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 88.00 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.88%)]