|
|||||||
| ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#2
|
||||
|
||||
|
وقد يكون طلب المال دافعًا للأعمال الصالحة: كما في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ خَيْبَرَ، فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلا فِضَّةً، إِلَّا الأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ وَالمَتَاعَ، فَأَهْدَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ، يُقَالُ لَهُ: رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ، لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلامًا، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى وَادِي القُرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ بِوَادِي القُرَى، بَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِذَا سَهْمٌ عَائِرٌ فَقَتَلَهُ. فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الجَنَّةُ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَلَّا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ - لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا)). فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ، جَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ - أَوْ شِرَاكَيْنِ - إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ: ((شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ - أَوْ: شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ))[10]. فهذا رجل لم يدفعه للغزو وتعريض حياته للخطر إلا طلبُ المال عياذًا بالله، فلم يكن مصيره إلا النار، أعاذنا اللهُ من شَرِّها! واحترامُ الإنسانِ لنفسه من دوافع الإحسان أيضًا: كما حدث عندما طلب هرقل من أبي سفيان أن يخبره بحال النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر أتباعه أن يكذِّبوه إذا كذب. فقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: "وَاللَّهِ لَوْلَا الحَيَاءُ يَوْمَئِذٍ مِنْ أَنْ يَأثُرَ أَصْحَابِي عَنِّي الكَذِبَ، لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي عَنْهُ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأثُرُوا الكَذِبَ عَنِّي؛ فَصَدَقْتُهُ"[11]. فإنَّ نفسَ أبي سفيان كانت أعزَّ عليه من أن تشتهر بالكذب بين النَّاس، وهذا كان مانعَه من الكذب، وليس خشية الله سبحانه وتعالى! ومن أعظم دوافع الإحسان وأجلها: نفاسة المعدِن: كما أخبر صلى الله عليه وسلم قائلًا: ((النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَالأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ، وَتَجِدُونَ خَيْرَ النَّاسِ فِي هَذَا الشَّأْنِ أَشَدَّهُمْ لَهُ كَرَاهِيَةً))[12]. فهذا (أبو أميَّة) أبو أُمِّنا أمِّ سلمة رضي الله عنها، كان يُدعى بـ: "زاد الراكب" من كرَمِه، وكان هو وأبو وداعة يسقيان العسل وهما كافران، "وهذا عُثْمَان بْن طلحة رضي الله عنه قبل أن يرزقه الله سبحانه وتعالى الإسلام يرى أم سلمة رضي الله عنها تهاجر وحدَها، فيأبى كرمُ أصله، ونفاسة معدنه أن يتركها وحدَها فيصحبها، وَكَانَ ينزل بناحية منها إذا نزلت، ويسير معها إذا سارت، ويرحل بعيرها، ويتنحَّى إذا ركبت، حتى أوصلها المدينة، ثم انصرف بغير أن ينتظر مالًا، أو حتَّى كلمة شكر، أو على الأقل حق الرِّفادة والضيافة"[13]. فقالت عنه رضي الله عنها: ما رأيت مَنْ لا يصلِّي الخمسَ أحسنَ منه! وهذا عنترة بن شداد مع كفره كان متعففًا كريم الأصل، ويظهر ذلك من قوله[14]: وأغضُّ طرْفي ما بدتْ لي جارَتِي ![]() حتى يوارِي جارتي مأوَاها ![]() إني امرؤٌ سمحُ الخليقة ماجدٌ ![]() لا أتبع النفسَ اللجوجَ هواها ![]() ومن قوله: ولقد أَبِيتُ على الطَّوَى وأظلُّه ♦♦♦ حتى أنالَ به كريمَ المأكلِ وكان رجلًا شهمًا شجاعًا نبيلًا فاضلًا، له مآثر جليلة، وفضائل خطيرة! ومن أراد جمع فضائل بعض الكفار والضالين والظالمين والمفسدين، وبعض أعمالهم التي نفع الله سبحانه وتعالى بها الإسلام - جمَعَ مجلداتٍ كثيرةً. والواقع يشهدُ أنك قد تجد من حكام الكافرين جدية وصدقًا وإخلاصًا لقومه وبلاده، وتجده شجاعًا يجلب المنافع لبلده، ومنهم من يحتلُّ بلاد الإسلام طمعًا في نقل ثرواتها لبلاده هو. فالجدية والصرامة والحزم وإعلان الحرب ليس بالضرورة أن يكون في سبيل الله سبحانه وتعالى؛ بل قد يكون لنهب الثروات وبسط النفوذ وغير ذلك من الدوافع الخبيثة! وكثرةُ الدوافع للأعمال الصالحة له فوائدُ ودروس، ونستعين بالله سبحانه وتعالى على دراسة بعض تلك الفوائد من وراء دراسة فوائد الأعمال الصالحة. وعدم التسرع في الحكم على الناس من أهم الفوائد لهذه الدراسة: إذ رأينا كيف أنَّ رجلًا جاهد مع النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وخدمه وقُتِل في الجهاد، ولم ينفعه كلُّ ذلك؛ لسوء دافعه، وخبث نيته، وقد شهد عليه صلى الله عليه وسلم بالنَّار عياذًا بالله. وقد أكَّد الفاروقُ رضي الله عنه على ذلك في خطبته إذ جاء فيها: "... وَأُخْرَى: يَقُولُونَ لِمَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ هَذِهِ: قُتِلَ فُلَانٌ شَهِيدًا، أَوْ مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، وَلَعَلَّهُ يَكُونُ قَدْ أَوْقَرَ عَجُزَ دَابَّتِهِ، أَوْ دَفَّ رَاحِلَتِهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا يَطلُبُ التِّجَارَةَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مَاتَ، فَلَهُ الجَنَّةُ))[15]. فمهما رأيتَ من الصلاح على الرجل، فلا يجوز لك أن تشهد له بالجنَّة أبدًا! فلا يجوز لك أن تشهد بالجنَّة أبدًا لأحدٍ إلَّا لمن شهد له نبيُّنا صلى الله عليه وسلم فحسب، كائنًا من كان! ولعلَّك تسأل: ما الحكمة الإلهية من وراء اتِّصاف بعض الفاجرين والكافرين بهذه الصفات الحميدة؟! ألا إنَّ تأييد الدين ونُصرته من أعظم الحكم الإلهية في ذلك. وهذه إجابة لكلِّ من يتساءل عن بعض الحكم الإلهية من وراء إحسان بعض الكافرين والضالين؛ فتأتيك الإجابة من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ ليُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ))[16]. فالمؤمنون قلَّة كما أخبر سبحانه وتعالى بمواضعَ كثيرة؛ منها قوله عز وجل: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، وقيام الدين يقتضي أعدادًا أكبر، فسخَّر الله سبحانه وتعالى بعض المنافقين والفاجرين والكافرين لنصرة الدين بدوافعَ كثيرةٍ، وأهدافٍ متنوعة، كما بيَّن صلى الله عليه وسلم بقوله: ((إنَّ أَكْثَرَ مُنَافِقِي هَذِهِ الأُمَّةِ لَقُرَّاؤُهَا))[17]. إذ المسلمون يحتاجون من يعلِّمهم القرآن، فيسَخِّر الله عز وجل المنافقين في تعليمهم، وليحقق بهم عز وجل هذه الفائدةَ الجليلةَ مع أنَّ المنافقين أنفسَهم لم ينتفعوا به؛ إذ القرآن حجةٌ عليهم بإعراضهم عن تطبيقه! ومن ذلك أن الله سبحانه وتعالى انتقَم من قتَلة الحسين رضي الله عنه بالمختار الثقفي، وهو كذَّابٌ دجَّالٌ، وانتقم من الجهمية بهشام بن عبدالملك، وخالد بن عبدالله القسري، وانتقم من المعتزلة بالمتوكل العباسي، ولم يكونوا على الصراط المستقيم، وغير هذا كثير، فالكون لله عز وجل يدَبِّره كيفما شاء. واليوم: نرى الكثيرين من الكافرين أو الملحدين قد يتَّصفون ببعض صفاتِ الإسلام، ويتخلَّقون بأخلاقه الحميدة، ويتأدبون بآدابه السامية، فتجد فيهم من الصدق، والأمانة، والنظافة، والنظام، والرحمة، والالتزام بالمواعيد، وقول الحق، والصدع به، ورفض الضيم، والمروءة والشهامة - ما يفتقر له بعض المسلمين، وهو ما يثير الدهشة، ويبعث التعجب! ولكن هم لا يعملون ذلك ابتغاءَ مرضاة الله سبحانه وتعالى، والنَّجاة من النَّار، والفوز بالجنة؛ ولكن لأنَّ منهجَ الإسلام في الحقيقة لا يحقِّق السعادة في الآخرة فحسب؛ بل يحقق السعادة في الدارين، في الدنيا قبل الآخرة، وهم يوقنون بهذه الحقيقة الدامغة! ولذلك يلتزمون بهذا المنهج؛ لأنهم يعلمون بأنه لا صلاح لدنياهم إلا به! لكنهم قد تلبَّسوا بعقائد توجب لهم الخلود في النار، عياذًا بالله عز وجل. ولِسَائلٍ أن يتساءَلَ: ألن يثيبهم الله سبحانه وتعالى بعدله المطلق على هذه الأعمال الصالحة؟! وهذا ما نستعينُ بالله سبحانه وتعالى على دراسته في دراسة قادمة إن شاء الله موسومة بـ: "ثواب الكافرين على أعمالهم من آيات العدل الإلهيِّ". والخلاصة: أن مجرد الاشتغال بالعمل الصالح ليس دليلًا على الفوز بالجنة، حتى تكون النِّيَّة خالصةً لوجه الله سبحانه وتعالى الكريم، وحتى يكون ذلك العمل الصالح متطابقًا مع المنهج النبويِّ في التطبيق. فلنتعلم إذًا كيف نصحِّحُ نياتِنا، وكيف نتَّبِعُ نبيَّنا صلى الله عليه وسلم؛ إذ في هذين الشرطين النجاةُ والسعادةُ في الدارين. وأخيرًا: اللهم إننا نشهدُك وكفى بك شهيدًا أننا ما أطعناك إلا بمعونتك، فيا من رزقتنا طاعتك أتمِم نعمتَك، واجعل علمنا وجهادنا ونَفَقَتَنا ودخولنا وخروجنا وقيامنا ونومنا خالصًا لوجهك الكريم، على منهج نبيك الأمين صلى الله عليه وسلم، ليس للنفس منه حظٌّ، ولا للشيطان منه نصيب! آمين يا أرحمَ الراحمين! وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. [1] [صحيح] رواه الإمام أحمد (18022)، ومسلم (2898). [2] [حسن بشواهده] رواه الإمام أحمد (18262، 18263)، وابن سعد بالطبقات (296)، وأبو داود الطيالسي (1128)، وابن الجعد بمسنده (561)، والطحاوي بشرح مشكل الآثار (4360: 4361)، وابن حبان (332)، والطبراني بالمعجم الكبير (250)، وأبو نعيم بتاريخ أصبهان (1/ 153)، والبيهقي بشعب الإيمان (6423)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (2841، 2842، 2843، 2845، 2846، 2848). [3] ديوان لبيد بن ربيعة العامري (ص: 44). [4] راجع الحديث بطوله، وهو حديث [صحيح] رواه الإمام أحمد (8277)، ومسلم (1905). [5] رواه ابن عدي في الكامل (9845)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 57). [6] رواه الخطيب في تاريخ بغداد (11/ 288)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (28/ 57). [7] ميزان الاعتدال (2/ 419). [8] انظر: أخبار الدولة العباسية (ص: 163، 164). [9] [صحيح] رواه الإمام أحمد (8090)، والبخاري (3062)، ومسلم (178). [10] [صحيح] البخاري (6707)، ومسلم (115). [11] [صحيح] رواه الإمام أحمد (2370)، والبخاري (2941). [12] [صحيح] رواه الإمام أحمد (10956)، والبخاري (3493)، ومسلم (2638). [13] راجع قصتها بكتب السيرة والتراجم، منها: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1939). [14] ديوان عنترة بن شداد (ص: 117). [15] [صحيح] رواه الإمام أحمد (10399)، وأبو داود (2106)، والترمذي (1114)، والنسائي (3349)، وابن ماجه (1887). [16] [صحيح] رواه الإمام أحمد (8090)، والبخاري (3062)، ومسلم (178). [17] [حسن لغيره] رواه الإمام أحمد (17367)، وابن المبارك في الزهد (2/ 16)، وابن المبارك ممن سمعوا ابنَ لهيعة قبل احتراق كتبه.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |