أوقات النهي عن الصلاة

[ابوالوليد المسلم]

أوقات النهي عن الصلاة (درس 1)

د. أمين بن عبدالله الشقاوي

الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
فقد جاء في السنة ‌النبوية ‌النهي ‌عن الصلاة في بعض الأوقات، بعضها معلومة السبب، والبعض الآخر غير معلوم، ومن هذه الأوقات ما النهي فيه مغلظ وشديد؛ أي: إن الصلاة لا تجوز فيه بحال، ومنها ما النهي فيه مخففٌ، وذلك لجواز بعض الصلوات المخصوصة فيه.


فأما الأوقات المغلظة، فهي ثلاثة: عند طلوع الشمس حتى ترتفع، وحين تكون الشمس في كبد السماء، وعند غروب الشمس حتى تَغيب، فهذه الأوقات الثلاثة نُهي عن الصلاة فيها نهيًا شديدًا؛ روى مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أخبرني عن الصلاة، قال: «صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ، فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيِ شَيْطَانِ وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ[1]، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنِّهُ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمَ، فَإِذَا أَقْبَلَ الْفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ حَتَّى تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيِ شَّيْطَانِ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الْكُفَّارُ»[2].


اللهم إنا نسألك من كل خيرٍ خزائنه بيدك، ونعوذ بك من شرٍّ كل شيء أنت آخذٌ بناصيته، اللهم تقبَّل توبتنا، واغسِل حوبتنا، واختم بالصالحات أعمالنا.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأسئلة:
1- ما الأوقات الثلاثة التي نُهِيَ عن الصلاة فيها؟
2- ما الحكمة في النهي عن الصلاة في أوقات النهي؟
3- ما حكم التشبُّه بالكفار؟

[1] أي: أنك إذا ركزت الرمح لم يكن له ظل، وذلك حين تكون الشمس في كبد السماء.

[2] برقم (832).

[ابوالوليد المسلم]

أوقات النهي عن الصلاة (2)

د. أمين بن عبدالله الشقاوي


الحَمدُ للهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ، أما بَعدُ:
فلا زال الكلام عن أوقات النهي عن الصلاة.


أما الأوقات التي ورد النهي فيها عن الصلاة نهيًا مخففًا، فمنها: بعد طلوع الفجر حتى إقامة الصلاة، ‌فلا ‌يُصلى ‌في هذا الوقت غير سنة الفجر، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ»[1]؛ أي: بعد دخول وقت الفجر إلا سنة الفجر.


ومنها: بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، فلا يُصَلَّى في هذا الوقت إلا سنة الفجر، فقد رُخِّص في ذلك لمن لم يتمكَّن من صلاتها قبل الفريضة، وكذلك من دخل المسجد والناس يصلون الفريضة، وقد صلاها قبل ذلك، فإنه يَلزَمه أن يصلي معهم وتكون له نافلة؛ روى ابن ماجه في سننه من حديث قيس بن عمرو رضي الله عنه قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَصَلَاةَ الصُّبْحِ مَرَّتَيْنِ؟»، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنِّي لَمْ أَكُنْ صَلَّيْتُ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، قَالَ: فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم[2][3].


‌ومنها‌ بعد ‌صلاة ‌العصر حتى تَضَيَّف الشمس للغروب، فقد نُهي عن الصلاة في هذا الوقت، واستُثني من ذلك قضاء سنة الظهر لمن فاتته، والدليل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ[4]»[5].


واستُثني من ذلك: قضاء سنة الظهر لمن فاتته؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر، فسألته عنهما فقال: «إِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي ‌عَنِ ‌الرَّكْعَتَيْنِ ‌اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ»[6].

اللهم وفِّقنا لما تُحب وترضى، وثبِّتنا على دينك حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا غير غضبان.


والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الأسئلة:
1- ما الفرق بين النهي المغلظ والنهي المخفف؟
2- ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الفَجْرِ إِلَّا سَجْدَتَيْنِ»؟
3- إذا صلى المسلم فريضة الفجر ثم دخل مسجدًا آخر وهم يُصلونها، فماذا يفعل؟
4- إذا دخل المسجد في أوقات النهي المخفف، فهل يُصلي تحية المسجد؟

[1] سنن الترمذي برقم (419) من حديث عبدالله بن عمر، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله كما في الإرواء برقم (478).

[2] برقم (1154)، وصححه الألباني رحمه الله في صحيح سنن ابن ماجة (1/ 190) برقم (948).

[3] والأفضل قضاؤها من الضحى.

[4] أي: تميل.

[5] صحيح البخاري برقم (586)، وصحيح مسلم برقم (827)

[6] صحيح البخاري برقم (1233)، وصحيح مسلم برقم (834).