|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (1) يحيى سليمان العقيلي معاشر المؤمنين: حديثنا اليوم حديث تذكرة وموعظة لأعظم فتنة ستواجه البشرية، ما جاء نبي إلا وحذَّر أمته منها، وعدَّها نبينا صلى الله عليه وسلم من علامات الساعة الكبرى التي تُؤذن بقرب قيامها، ولعظم هذه الفتنة، فقد وصفها لنا صلى الله عليه وسلم وصفًا دقيقًا، ونبأنا بما سيفتن به الخلق منها، ووضع لنا الوقاية والحصن الحصين منها؛ إنها فتنة المسيح الدجال عباد الله، كان عهدًا علينا أن نتذاكرها بين حين وآخر؛ لأن فتنته إنما تعظُمُ حين يغفُل الخطباء عن ذكرها على المنابر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ اللـه ذرية آدم، أعظم من فتنة المسيح الدجال، ولم يبعث اللـه نبيًّا إلا وقد أنذر قومه الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإنْ يخرج الدجال وأنا بين أظْهُرِكم، فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج الدجال من بعدي، فكل امرئ حجيج نفسه، واللـه خليفتي على كل مسلم))؛ [صححه الألباني]. سُمِّى الدَّجَّال بالمسيح؛ لأن عينه ممسوحة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((الدجال ممسوح العين))، وسُمِّى بالدجال؛ لأنه يغطى الحق بالكذب والباطل؛ فهذا دجل، فسمى بالدجال، وفتنته فتنة عظيمة. قام رسول اللـه صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا فحمِد اللـه وأثنى عليه بما هو أهله... فذكر الدجال فقال: ((إني لَأُنْذِرُكُمُوه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال، ولقد أنذر نوح قومه، ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يقُلْه نبي لقومه، ألا فاعلموا أنه أعورُ، وأن اللـه ليس بأعور))؛ [متفق عليه]، ثم قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: ((الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مسلم)). قال الإمام النووي: "إنها كتابة حقيقية، جعلها الله آيةً وعلامةً من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، يُظْهِرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته". والدجال يخرج - عباد الله - من جهة المشرق؛ من خراسان، من يهودية أصبهان، ثم يسير في الأرض، فلا يترك بلدًا إلا دخله، إلا مكة والمدينة فلا يستطيع دخولهما؛ لأن الملائكة تحرسهما. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخرج الدجال من يهودية أصبهان، معه سبعون ألفًا من اليهود))؛ [رواه أحمد، وصححه الحافظ ابن حجر عليهما رحمة الله]، وهذا تأكيد على أن اليهود أعداء لهذه الأمة إلى قيام الساعة، وأنهم وراء كل فتنة تصيب البشرية حتى يكونوا جندًا لأعظم فتنة؛ فتنة المسيح الدجال، فليعلم ذلك دعاة التطبيع وسماسرته. معاشر المؤمنين: أما عن مدة مكثه في الأرض؛ ففي حديث النواس بن سمعان رضي اللـه عنه أنه قال: سأل الصحابة رسول اللـه عن المدة التي سيمكثها الدجال في الأرض، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((أربعون يومًا؛ يوم كسنة ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كسائر أيامكم، قلنا: يا رسول اللـه، اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: لا، اقدروا له قدره))، ثم قال الحبيب صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الدجال على قوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرًا، وأسبغه ضروعًا، وأمدَّه خواصر)). وتتوالى الفتن على الناس؛ ففي البخاري ومسلم: ((يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه يومئذٍ رجل هو خير الناس - أو من خيار الناس - فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته، هل تشكُّون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرةً مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يُسلَّط عليه، قال: فيأخذ بيديـه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه في النـار وإنما أُلقي في الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا أعظم الناس شهادةً عند رب العالمين))؛ [البخاري]. وقانا الله شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ورزقنا الاستقامة على صراطه المستقيم، والثبات على دينه القويم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية: معاشر المؤمنين:وكيف ستنتهي فتنة الدجال هذه التي فتنت الخلق؟ يخبرنا صلى الله عليه وسلم أنها ستنتهي بمعجزة ربانية؛ فعن أبي أمامة الباهلي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما إمام المسلمين يصلي بهم الصبح في بيت المقدس، إذا نزل عيسى ابن مريم، فإذا نظر إليه إمام المسلمين عرَفه، فيتقهقر إمام المسلمين لنبي اللـه عيسى ليصلي بالمؤمنين - من أتباع سيد النبيين محمد - فيأتي عيسى عليه السلام ويضع يده في كتف إمام المسلمين، ويقول: لا، بل تقدم أنت فصلِّ؛ فالصلاة لك أُقيمت، وفي لفظ: فإمامكم منكم يا أمة محمد، ويصلي نبي اللـه عيسى خلف إمام المسلمين لله رب العالمين))، فإذا ما أنهى إمام المسلمين، قام عيسى وقام خلفه المسلمون، فإذا فتح عيسى باب بيت المقدس، رأى المسيح الدجال معه سبعون ألف يهودي معهم السلاح، فإذا نظر الدجال إلى نبي اللـه عيسى ذاب كما يذوب المِلْحُ في الماء، ثم يهرب فينطلق عيسى وراءه فيمسك به عند باب لُدٍّ في فلسطين، فيقتله نبي اللـه عيسى، ويستريح الخلق من شر الدجال. عباد الله، وربما يتساءل البعض: وما الذي نستفيده في واقعنا اليوم من الحديث عن فتنة الدجال؟ هذا ما سنعرفه في الخطبة القادمة بإذن الله.
__________________
|
|
#2
|
||||
|
||||
|
خطبة: فتنة الدجال... العبر والوقاية (2) يحيى سليمان العقيلي معاشر المؤمنين: تحدثنا في الخطبة الماضية عن فتنة المسيح الدجال، واستعرضنا أحاديثَ المصطفى صلى الله عليه وسلم التي وصفه فيها وصفًا دقيقًا، وأبان صورَ الفتن التي يأتي بها، ومدة مُكثه في الأرض، وكيف ستنتهي فتنته بنزول المسيح عليه السلام، وربما تساءل البعض عما يُستفاد من هذا الموضوع في واقعنا اليوم. نقول، وبالله التوفيق: إن أول الدروس المستفادة - عباد الله - هو أهمية ترسيخ الإيمان بالله تعالى، وتقويته في قلب المؤمن، فهو قاعدة النجاة من الفتن؛ الإيمان الصادق واليقين الجازم؛ كما وصف ربنا عباده فقال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15]. ثم تتجلى أهمية اتباع الهديِ النبوي تجاه الفتن بأن يتجنَّبها المرء، فلا يلِج أبوابها، ولا يخوض في مواطنها، ركونًا إلى إيمانه وعلمه؛ فالمؤمن لا يأمن الفتنة؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ستكون فتنٌ، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من يشرف لها تستشرفه، فمن وجد فيها ملجأً أو معاذًا، فلْيَعُذْ به))؛ [متفق عليه]. هذا هو الهديُ النبوي - عباد الله - تجاه الفتن عامة؛ اجتنابها وعدم التعرض لأبوابها ومداخلها، لا سيما ما نراه اليوم لدى كثير من الناس، من غلبة الفضول والتتبع للغرائب والأسرار والفضائح، ومواطن الفتنة، وغيرها مما يحسُن تجنبه. ومن الدروس المستفادة - عباد الله - عدم الاغترار بالمظاهر الزائفة، والأشكال المبهرة، وزخارف القول غرورًا، وكما نلحظ في واقعنا اليوم، كثر الزيف وانبهار الناس بالمظاهر، فسادَتِ الإشاعات، وكثُر الكذب والتدليس، والتبس الحقُّ بالباطل، لا سيما في وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام؛ قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام: 112]. كما تواجه أمتنا اليوم أصنافًا من الدَّجل؛ دجل قيميٍّ، ودجل ثقافي، ودجل إعلامي، ودجل سياسي، وأي دجل أسوأ من الدجل الغربي تجاه الإسلام والمسلمين والعرب، كما كشفته غزة الفاضحة والكاشفة، من نفاق غربي تجاه الصهاينة وممالأة وتبرير لعدوانهم؟ فالمسلم - عباد الله - لا ينقاد إلا لكتاب الله وهديِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو الحق الذي هو أحقُّ أن يُتبع، ومنه يستمد تصوراته ومواقفه تجاه الأحداث. معاشر المؤمنين: إن ما يحدث من اضطهاد الشعوب المسلمة اليوم لَهُوَ خير شاهد على الدجل العالمي تجاه قضايا الأمة، فلا مصداقية ولا عدالة، ولا حقوق إنسان، أو حقوق شعوب تُحترم، بل أفعال تخالف الأقوال، لا سيما في قضية غزة وفلسطين ومقدسات المسلمين، فقد كشفت غزة النفاقَ الغربيَّ، والعجز الأممي، والتخاذل الدولي. كما أن في فتنة الدجال - عباد الله - درسًا بليغًا؛ وهو أن عداوة اليهود لهذه الأمة مستمرة إلى آخر الزمان، وذلك ليعلم دعاة التطبيع زيفَ ما يدعون إليه؛ أمام قول الحق جل وعلا: ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ﴾ [المائدة: 82]، وأن العلاقة التي كتبها الله تعالى لنا معهم، وبيَّنها الرسول صلى الله عليه وسلم هي الجهاد والمواجهة، جهاد سيحرر الأقصى، وجهاد سيهلك الدجال وأتباعه بموعود الصادق المصدوق، فمن دعا أو قبِل أو رضيَ بغير ذلك، فهو مكذِّب بكتاب الله تعالى، وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن الدروس - عباد الله - أن العلم خير وقاية من الفتن، به يُهدى المرء للحق والرشد، ويأمن الزَّلل والخلل؛ قال تعالى: ﴿ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: 54]. وقانا الله شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية معاشر المؤمنين:لم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم ببيان أوجه فتنة الدجال ومدة مكثه في الأرض، بل أرشدنا لسُبل الوقاية من فتنته، والأمن من شره؛ وأولها التمسك بالإسلام، والتسلُّح بسلاح الإيمان، ومعرفة أسماء الله وصفاته الحسنى التي لا يشاركه فيها أحد، فيعلم المؤمن المُوقن سليم العقيدة أن الدجال بشَر، فيه أحطُّ صفات البشر، والله تعالى منزَّه عن ذلك كله، وتعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا. وللوقاية من هذه الفتنة العظيمة كان خير الورى صلى الله عليه وسلم يستعيذ منها، وأمر بالمواظبة على هذا الدعاء بعد التشهد في الصلاة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا تشهد أحدكم، فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال))؛ [رواه مسلم]. ومن سبل الوقاية من فتنة الدجال حفظ عشر الآيات الأولى من سورة الكهف؛ روى مسلم عن أبي الدرداء رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حفِظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصم من الدجال))؛ قال الإمام النووي: "سبب ذلك ما في أولها من العجائب والآيات، فمن تدبرها لم يُفتن بالدجال". ومنها المبادرة للعمل الصالح والاشتغال بالطاعة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقرًا منسيًا، أو غِنًى مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفنِّدًا، أو موتًا مُجهزًا، أو الدجال فشرُّ غائب يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمرُّ))؛ [رواه مسلم]. ذلك ما أوصانا به نبينا صلى الله عليه وسلم عباد الله، للوقاية من فتنة المسيح الدجال؛ حرصًا منه وشفقة على أمته؛ وصدق الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |