|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() همسات في كلمات - 11 سالم محمد الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، ومع الحلقة الحادية عشر من سلسلة (همسات في كلمات)، والتي نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها من الكلمات الطيبات، والذخر بعد الممات، في يوم الحسرات، والآن مع الـ همسات: 🌤 لن تعيش في الدنيا إلا حياة واحدة، هي جلسة امتحان بعده تكرم أو تهان، ولا مجال للعودة والاستعتاب، فإن كنت عاقلاً فلا تفوت فرصة لن تعود، وخسارتها تهوي بك في جهنم وبئس المصير، لذلك سماه الله: {(الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)} ، وسمى عكسه {( الْفَوْزُ الْمُبِينُ)} ، {(الْفَوْزُ الْكَبِيرُ)} ، {(الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)} ، ولا تغرنَّك قوة الباطل وأهله وضعف أهل الحق فنهاية المطاف الفوز لأهل الحق وإن ماتوا مظلومين أو مطرودين، فالعبرة بالنهاية، والثبات على الحق، وإلا فإن هناك أنبياء بعثهم الله بالبينات ولم يؤمِن بهم أحد، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خَرج من بلده خائفًا ومتخفيًا لوجود مؤامرة على قتله، وهناك أنبياء سجنوا وطردوا بل وقتلوا، {(قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)} . 🌤 هناك من يعمل عمل خير كمساعدة فقير أو إحسان إلى يتيم، ويقول إنه عمل إنساني، والسؤال: لمن عملت هذا العمل؟ فالذي أعطاك المال، والعقل وجعل في قلبك الرحمة لتعطف على هذا المسكين، وجعلك تتغلب على حب المال وتنفقه، ويسر لك من تعطيه المال؛ هو الله جل وعلى ثم تقول الإنسانية، سبحان الله {(وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ)} ن وقال جل شأنه: {( إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)} أي (إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود)، هل هناك خير في الإنسانية ولا يوجد في الإسلام، ثم ما ضابط هذه الإنسانية وهل يمكن تعريفها؟ وما مرجعيتها!!! والملاحظ أن عتاة المجرمين يدعون الإنسانية، وكهنة العلمانية واللبرالية والديمقراطية عموما يعتبرون الكثير من شرائع الإسلام غير إنسانية لا سيما الحدود، فمفهوم الانسانية غامظ ولا ضابط صحيح له، ومن يدخل الأعداء بين المسلم وعبوديته لله الخالق البارئ سبحانه، {(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)} . 🌤 السير على خطى الأنبياء يعني الثبات على المبادئ، والثبات على المبادئ يعني غضب طائفة لا تقبل الحق لا سيما (الملأ منهم)، ولذا تجد أن أكثر من يعارض دعوة الأنبياء الإصلاحية هم عِلْية القوم والملأ منهم، كقوله تعالى: {( وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) } وهؤلاء يرفضون الحق لأسباب منها: خوفًا أن يُسْحب البساط من تحتهم في وجاهة المجتمع، أو تكبرًا من اتِّباع شخص ليس منهم أو يرونه دونهم، أو خوفا من العدل بينهم وبين ضعفاء الناس الذي يقتاتون على ظلمهم، ويصعدون على أكتافهم وغير ذلك، إذن الثبات على المبادئ يعني الكثير والكثير من الأعداء، وهذا ليس بمستغرب أبدا، لأن انتزاع الناس من ظلمات الجهل والشرك ليس بالأمر الهين، قال تعالى ![]() 🌤 مما يفرح النفس، ويبهج الفؤاد، تسابق المسلمين لخدمة القرآن الكريم، وهذا على مستوى الشعوب جلي وواضح، أما على مستوى الحكومات، فإن أغلب الحكومات الإسلامية، تأخذ من القرآن وتترك، وهذا من سمات اليهود قال الله عنهم: {(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)} ، فنرى الكثير من الحكومات الإسلامية تغدق الأموال والتكريم لحفاظ القرآن وتنفق الأموال لإقامة المسابقات المحلية والدولية، مع أن القرآن نزل ليطبق في حياة الناس، لا أن يُفصَل عن الحياة أو الحكم كما يزعم كهنة العلمانية، فالحاكم المسلم سيسأله الله عن تطبيق القرآن والحكم به بين الناس، ولن يسأله لمَ لم يقم مسابقة دولية في الحفظ، أو لم يطبع ملايين النسخ من المصاحف، وإن كان هذا عمل جليل ومطلوب، ولكن علينا العلم بـ(أن المقصد من إنزال القرآن هو الهداية بإخراج الناس من ظلمات الباطل إلى نور الحق)، ولا يتأتى ذلك إلا بتطبيقه وجعله نبراسًا في جميع شئون الحياة، وعلى رأسها الحكم، إذ من المستحيل أن يكون القرآن منهج لحياة المسلمين ولا دخل له في الحكم، فهل توجد حياة بلا حكم ولا سياسة !!! 🌤 هناك في العالم الكثير من الجمعيات التي تهدف إلى مساعدة الناس في مأكلهم وعلاجهم، ولا شك أننا مأمورين بالإحسان إلى الناس جميعا بما فيهم الكفار، فقد حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله « (أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ)» ، وقال أيضًا: «(فُكُّوا العانِيَ، يَعْنِي: الأسِيرَ، وأَطْعِمُوا الجائِعَ، وعُودُوا المَرِيضَ)» وقبل ذلك قال تعالى: {( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)} ، وأعظم إحسان إلى الكافر تقدِّمه له، ليس مالا ولا أكلا، ولا دفع تكاليف علاج، أفضل وأعظم بر وإحسان هو دعوته إلى الله وإنقاذه من النار، وبالتالي ضمان السعادة الأبدية في جنات ونهر، لذا جاء في الحديث: «( عَجِبَ اللَّهُ مِن قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ في السَّلاسِلِ)» والمسلم يجاهد في سبيل الله وقد تُزهَق روحُه في سبيل الله وذلك لإيصال الحق للكافر نقيا وإنقاذ من الظلمات إلى النور، قال تعالى: {(لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)} فهل رأيتم أخلاق أفضل من أخلاق الإسلام! وصلى الله على البشير النذير والسراج المنير، وإلى حلقة قادمة بإذن الله تعالى
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (12) سالم محمد الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين ومع الحلقة الثانية عشر من سلسلة (همسات في كلمات)، والتي نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها من الكلمات الطيبات، والذخر بعد الممات، في يوم الحسرات، والآن مع الـ همسات: ✹ عقيدة الولاء لأولياء الله، والبراءة من أعداء الله متأصلة في كتاب الله وسنة نبيه، ومن أساليب الأعداء لتمييع هذه العقيدة الحنيفية السمحة، تقسيم الناس إلى مسلمين وغير مسلمين، والله تعالى يقول ![]() ![]() ---------------- ✹ طابور من القرون منذ أنْ بعُث الرسول صلى الله عليه وسلم و(الناس يدخلون في دين الله)، وهذا من أعظم دلائل النبوة؛ إذْ كيف لبشر أن يَكذِبَ كل هذه القرون وعلى كل هؤلاء البشر دون أن يكتشفه أحد، أو يخذله الله سبحانه وتعالى، كما أن الحقائق التي جاء بها لم يوجد فيها ولا خطأ واحد، فكيف يمكن تأليف كتاب قبل قرون عديدة ويتحدث عن أمور علمية كثيرة وغيبية، ولا يخطئ في مسألة واحدة، والكتب والأفكار الموغلة في القدم والتي وصلت إلينا كالأفكار اليونانية تحتوي على الكثير من المعلومات المغلوطة والمضحكة التي تبين أنها خرافة بسبب التقدم في العلوم والاكتشافات، وهكذا هي كتب البشر، فيها ما يكون اليوم حقيقة علمية؛ وبعد سنين عددا يكون خرافة مضحكة، فكل منصف درس القرآن وتأمَّل فيه لابد وأن يصل إلى حقيقة أنه من عند الله عز وجل، نزل على محمد صلى الله عليه وسلم من عند القائل: «أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا». ---------------- ✹ من المشاريع الرائدة والنافعة (الموسوعة الفقهية الكويتية)، ويشار إليها لشهرتها بالموسوعة الفقهية، وقلَّ أن تجد طالب علم عموما، وطالب فقه خصوصا فضلا عن العلماء لم يستفد منها، (وهي دائرة معارف بصياغة عصرية, لتراث الفقه الإسلامي ..., تجمع الأحكام الفقهية, وتعرضها من خلال عناوين ومصطلحات ... وكتابتها بأسلوب مبسط)، والهدف منها (تسهيل العودة إلى الشريعة الإسلامية لاستنباط الحلول القويمة منها لمشكلات القضايا المعاصرة)، والعمل الموسوعي يتميز بكثرة مؤلفيه، واستيعابه، وسهولة الوصول إلى المعلومة ومراجعها للاستزادة، والمسلمين بحاجة اليوم إلى موسوعات على غرار هذه الموسوعة في مجالات عدة، خصوصا العقيدة، فأين جهود العلماء والحكام والتجار لإخراج موسوعة للأمة تلم شعث علم العقيدة وتشمل جميع العقائد بما فيها الباطلة وتفنيدها، حتى يقف عليها الباحث وطالب العلم، وتكون مجموعة في مكان واحد، يسهل الوصول إليها والمقارنة، وتكون ملجأ للدعاة بل ولعامة الناس لدحض الشبهات، وبيان عوار العقائد الجاهلية، ( {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} ). ---------------- ✹ الناظر المتأمل في أحوال الأمم اليوم يجد بوضوح أزمة أخلاقية واضحة، فنرى مثلا تهافت الكثير من الدول على فرض مساوئ الأخلاق، من فواحش ومنكرات، وشرك وظلم، وتكبر على الله عز وجل، حيث شجعوا على سب الأنبياء والرسل واعتبروه (حرية)، مع عدم قبولهم للتعرض لأوثانهم بالطعن بأي شكل كان، والحضيض الذي وصلت إليه الكثير من المجتمعات لا يكاد يصدق، حيث أنهم جعلوا معيار الأخلاق لثلة من سفائهم، فما وافق أهوائهم قبلوه وأيدوه، وما لم حاربوه واعتبروه تخلف وفساد وانتهاك للحقوق، على المنطق الفرعوني {(مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى)} ، بل تمادوا في ضلالهم وظلامهم حتى أنكروا أن تكون هناك مرجعية للأخلاق، فقالوا بنسبية الأخلاق، فلا يمكن إطلاقا - بحسب هذا المنطق الهمجي العشوائي الأعوج - تخطئة أيِّ فعل أيًّا كان حتى إبادة جميع أهل الأرض، وبذلك انحدروا إلى مستوى دون الحيوانات، والحقيقة أنه بقدر ابتعاد الإنسان عن النبع الصافي المتمثل في الوحي الإلهي، يكون شططه في أخلاقه، حتى يجعل إلَههُ هواه، وينفي أن يكون للأخلاق معيار، قال تعالى {(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ)} . ---------------- ✹ التمادي في عدم إنكار المنكر يجعل الناس يستمرؤن الباطل ويُشرَب في قلوبهم ويأكل معهم ويشرب، بحيث ينكرون على من لم يُجارِهِم في باطلهم، وبمرور السنين، وذهاب المصلحين أو تخاذلهم، تنمو شجرة الباطل من بدع وخرافات وظلم، ويصعب زعزعتها أو اقتلاعها، لأن جذورها عميقة في نفوس المجتمع، ويحتاج المصلح إلى جهد جهيد، وتضحية عظيمة؛ حيث يعاديه جل أفراد المجتمع في البداية لا سيما (الملأ منهم) بل قد تكلفه حياته، لذا فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صمام أمان للمجتمعات ولو بكلمة، وذلك حتى يعرف الناس الباطل وإن وقع بعضهم فيه، أو عجز صالحيهم عن دفعه، وقد قص الله علينا في القرآن طرفا من ذلك كقوله تعالى: {(وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ)} ، فلم يقبلوا البعث بعد الموت واستنكروه مع إيمانهم بالخلق الأول، وأن الله على كل شيء قدير، وأيضا قوله تعالى: {(وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ)} ، هنا استنكروا أن يكون الرسول من البشر، ولشدة انغماسهم في الشرك وعليه نشأ الصغير، وهرِم الكبير، أنكروا أن يكون الإله واحد، لأنهم نشأوا على تعدد الآلهة ولو كانت من حجارة صماء، وحكى الله ذلك عنهم بقوله: {(أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ)} ، فصار توحيد الخالق العليم القدير مالك الملك شيء عجاب. -------------------------------------------------- وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن رب الأرض والسماوات
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (13) سالم محمد الحمد لله رب العالمين وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين ومع الحلقة الثالثة عشر من سلسلة (همسات في كلمات)، والتي نسأل الله أن ينفع بها وأن يجعلها من الكلمات الطيبات، والذخر بعد الممات، في يوم الحسرات، والآن مع الـ همسات: ✹ هناك أنواع متعددة للتأليف منها ما انتشر في القرن الماضي الذي برز فيه فن كتابة المقالة، وكانت الصحف والمجلات ميدان ذلك الفن، ثم جمعت ما تفرق من تلك المقالات فصارت كتابا، فكثير من الكُتَّاب جمع مقالاته أو جمعها غيره لتكون في مكان واحد بين دفتي كتاب، هذا النوع من الكتب لازال موجودا، ونحن اليوم في زمن التدوين المصغر وأشهر تطبيق لذلك التغريدات، وظهرت في هذا الزمان كتبا أصلها تغريدات، وهناك الكثير من الحسابات النافعة التي لو جمعت تغريداتها في كتاب لكانت نافعة ومسلية في نفس الوقت، لأن التغريدة قصيرة فلا يمل منها القارئ، فتكون وجبة سهلة الهضم لمن يعانون من سوء هضم الكتب، كما أنها مناسبة للقراءة في السفر والمواصلات العامة وأماكن الانتظار بخلاف المقالات الطويلة، كما أن جمع تغريدات في مجال ما في كتاب واحد كالتربية مثلا، سيكون مفيدًا، وينتشر على أوسع نطاق، فمن لم يستطع أن يغرد فليجمع المفيد من التغريدات في باقة ويقدمها للناس، فاختيار المرء جزء من عقله، ولعله يكون من العلم الذي يُنتفع به، والصدقة الجارية. --------------------- ✹ الزواج نعمة عظيمة وآية من آيات الله الباهرة، وأول ليلة فيه توصف بليلة العمر، والشهر الذي يليها بشهر العسل، ثم تتناقص حلاوة هذا العسل وقد تنعكس إلى علقم، ما يعنينا هنا هو أنه بمرور الأيام يسيطر الروتين اليومي على حياة الزوجين، وتبدأ الرتابة والكآبة تتسلل إلى المملكة الصغيرة، ولكن هناك أمور كثيرة تنعش عش الزوجية وتجدد فيه البهجة والسرور، وتطرد الملل وتكسر الروتين وتزيح الكآبة وتقضي على الرتابة، من أعظمها الاجتماع على طاعة الله، والطاعات أنواع عديدة، ويمكن للزوجين الاجتماع على مائدة القراءة عموما ومدارسة القرآن خصوصا، أما الكتب فكثيرة أيضا ولكن كتب السيرة وقصص الأنبياء والصالحين تجمع بين المتعة والفائدة، ومن الطاعات أيضاً الصيام إن تيسر ذلك فإن الصوم يذهب وحر الصدر، وساعات السحور والإفطار فيها الهدوء والسكينة والبهجة للنفوس والسرور وواقع رمضان خير شاهد، حيث تلتقي في موائد السحور والإفطار الأرواح والأبدان، وتقوى بذلك أواصر المحبة المودة في العائلة . --------------------- ✹ من عظمة وروعة الإسلام أن فيه جنة الذِّكر، فكل حال تقريبا لها ذكر خاص، من التقلب أثناء النوم ليلاً مروراً بالاستيقاظ والطعام واللباس، حتى قضاء الحاجة لها آدابها وأذكارها، هذا فضلاً عن الذكر المطلق، ومن الأذكار التي يغفل عنها كثير من الناس أذكار طرفي النهار وفيها أجر عظيم وحفظ للعبد من الأمراض الحسية والمعنوية والشهوات والشبهات، ربما لكثرتها حيث يظن البعض أن عليه الإتيان بها كلها، وهذا خطأ بل يمكنه قول بعضها، ومن أكثر ما يعين على ذلك، حفظها أو حفظ القصير منها، فالحافظ للأذكار يسهل عليه قولها في أي مكان وعلى أي حال مناسب، هذا يقودنا إلى الأهمية العظمى لغرس هذا الأذكار في عقول أبنائنا منذ نعومة أظفارهم حتى تكون سبب لحفظهم وسجية في مقتبل أعمارهم، وللأسف الشديد أن تعليم الأذكار مفقود في مناهج المسلمين إلا ما رحم ربك، كما أن مما سهل قول أذكار طرفي النهار على المسلم وجودها في جواله الذي يرافقه في حله وترحاله. --------------------- ✹ التسول من الظواهر السيئة والمنتشرة في المجتمعات، والمتسولون أصناف منهم الصادق والعاجز، أي أنه محتاج فعلا وعاجز عن سد حاجته أو حاجة أبناءه، ومنهم صنف محتاج ولكنه كسول، جرب التسول فوجد أنه يجذب مال بلا تعب؛ كل ما يحتاجه فقط اختلاق قصة مؤثرة، والأهم إلقاؤها بأسلوب آسر ومؤثر، ولو كانت من نسج الخيال، بالإضافة إلى ثياب رثه، وشعر أشعث أغبر، وتكون هيئته يرثى لها، وصنف آخر من المتسولين يسأل تكثُّرًا، أي عنده ما يكفيه لكن وجد أن التسول تجارة مريحة ومربحة، فيكفي أن يظهر أنه صاحب عاهة أو أنه أعمى، وبعضهم يعطف رجليه بحيث تبدوا مقطوعتين، وهكذا ... وإذا ما رأيت مستول فاحمد الله أن عافاك مما ابتلاه به إن كان محتاجا مستحق أن أغناك، وكف ماء وجهك أن تريقه من أجل لقمة لك أو لأولادك فـ «(مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرها)» ، وإن كان كاذبا احمدِ الله أن جنبك طريق الكسب المحرم هذا؛ فإن «(مَنْ سأل الناس أموالهم تكثُّرًا، فإنما يسأل جمرَ جهنَّم، فَلْيَسْتَقِلَّ أو لِيَسْتَكْثِرَ)» . --------------------- ✹ في البشر يوجد ناجحون وفاشلون، وبينهم فروق كثيرة، ومن هذه الفروق أن الناجح يستفيد مما حوله من الظروف ولو كانت في غاية السوء والإحباط، ويحول المحن إلى منح، والعقبات والمعوقات إلى بطولات، بالمقابل الفاشل توجد لديه الكثير من الفرص والمزايا ولا يستفيد منها، بل يصل به الأمر إلى لوم الآخرين على فشله، فيبرئ نفسه ويلوم غيره، وبهذا يبقى في قاع الإحباط ولا يقوم منها إلا أن يشاء الله، ولو نظرنا إلى حياة الناجحين وعلى رأسهم الأنبياء وورثتهم من العلماء الربانيين نجد أنهم لم يجدوا بساط أحمر فرش لهم ليصلوا إلى ما وصلوا إليه، وإنما تعرضوا لجميع أنواع المعوقات والمحاربة بل والقتل أحيانا، فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعث في قوم يعبدون حجارة ويأكلون الميتة ويعتدي فيهم القوي على الضعيف، ولم يلقِ اللوم على أحد وتواني بل قال له ربه {(قم فأنذر)} ، وقال له أيضا: {(فاصدع بما تؤمر)} ،فقام بالأمانة خير قيام، وبلغ الرسالة أتم بلاغ، ولذلك من أفضل العلاجات لمشكلة الكسل والتواني هو مصاحبة الناجحين، أو قراءة سيرهم وعلى رأسهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، فهذا هو الوقود الذي يتحرك به الناجح، والحرارة التي تذيب جليد الكسل، والشعلة التي تضيء درب المجتهد، فلنبادر إلى الصالحات حتى نصل إلى {(جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)} --------------------- وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن رب الأرض والسماوات
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (21) سالم محمد لا زلنا بفضل الله وتوفيقه في سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) وقد وصلت هذه الباقات إلى الباقة الحادية والعشرين: ✹ الديمقراطية تشبه السائل الذي يأخذ شكله من الوعاء الذي توضع فيه، ويختلط بالمادة الموجودة فيها، فهي تسمح لك بأي جريمة أو ظلم أو شرك أو خرافة، بما فيها الزنا ولو بالمحارم كالأم والبنت والأخت، والخيانة الزوجية وسبّ الأنبياء، بل والتطاول على الخالق جل وعلا، وإنكار وجوده أصلا، كل ذلك ممكن وديمقراطي؛ أهم شيء يمر عبر صندوق الاقتراع، أو عبر التصويت في البرلمان، ولك أن تتخيل أن أكابر مجرمي الأرض اليوم وفي القرن الماضي ارتكبوا أفظع الجرائم، ونهبوا خيرات الشعوب وامتصوا دمائها، وساموا أهلها سوء العذاب، حتى أنهم أرغموا أهل بعض البلاد على ترك لغتهم الأم واعتبار تعلمها جريمة، كل ذلك وغيره كثير جاء عن طريق أنظمة ديمقراطية تمثل إرادة الشعب كما يزعمون، بل إن النازية وصلت إلى الحكم بطريقة ديمقراطية، ثم ارتكبت عظائم الأمور، بل وصلوا إلى درجة مقززة من العنصرية وإبادة الأعراق التي يعتقدون أنها أدنى منهم، وصدق الله {(فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)} . --------------- ✹ للعقل في الإسلام منزلة عظيمة، ومن نظر في القرآن وجد التنبيه لذلك بكثرة من مثل { (أَفَلَا تَعْقِلُونَ)} ، {(بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)} ، {(أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ) } وغيرها كثير، وأعظم ما جاء في القرآن تعظيم الله وتوحيده والتحذير من الشرك به سبحانه، ومن الحجج المقررة لهذان الأصلان التلازم العقلي، فمن أقرَّ بأنْ لا خالق إلا الله، عليه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة سواه، ومن أقر بأن الله مالك الملك؛ فليزمه الإقرار بأن له الحكم وحده، فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، والذين يقدمون مخلوق على الخالق سبحانه سواء في العبادة أو الطاعة أو الحكم، هؤلاء من أسفه الناس عقولًا، وأضلهم تفكيرًا، وقد داسوا على عقولهم بأقدامهم، فالواجب على الناس جميعًا تعظيم الخالق، خالق الإنسان، وعقله وتفكيره، ولا يُقدَّم مخلوق على الخالق مهما كان، وتحت أي مبرر، سواء أكان المخلوق شعبًا، أو وطنًا أو برلمانًا، أو صندوق اقتراع، أو قانون دولي، أو معاهدات ظالمة. --------------- ✹ من أكثر ما يزعج كهنة العلمانية والذين في قلوبهم مرض حلقات تعليم القرآن الكريم، لذا فإنها ممنوعة في بعض مجتمعات المسلمين التي للعلمانية فيها يد طولى، ويزيد الاشمئزاز إذا كان رواد هذه الحِلَق المباركة من صغار السن، فإن هذه الفئة الضالة كثيرا ما تربط كذبا وزورا بين تعلُّم القرآن والتطرف والعنف وما يسمونه (الإرهاب)، فيقولون تصريحا أو تلميحا أن هذه المحاضن القرآنية تفرخ للإرهاب والتطرف حسب ما يزعمون، فينادون بإغلاقها أو تحجيمها، ويتباكون على الصغار والشباب الذين يرتادون هذه الرياض المباركة، ويقسون ويسخرون من الآباء الذين يدفعون بفلذات أكبادهم إلى تلك المنابع الخيِّرة، وميزة هذه الفئة الشريرة التناقض، فأينما وجدوا فالتناقض حاضر وبقوة، وتجدهم مثلا يعمَون أو يتعامون عن مظاهر زرع العنف الموجودة في ألعاب الصغار، أو ما يقدم للشباب من أفلام تشرح الجريمة وتجعل المجرمين واللصوص أبطالا يدوخون الشرطة والجيش المدجج بالسلاح، وفي بعض الألعاب يكون البطل فيها مجرم وحرامي، ويقتل ويدمر ويأخذ سيارات الناس بالقوة بعد أن يرديهم أرضًا، أو يقتلهم، والطفل يمثِّل ذلك المجرم ويحصد النقاط والتقدم في اللعبة كلما ازداد تدميرا وقتلا وسرقة للآخرين، وصدق الله حين وصف أمثال هؤلاء بقوله {(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ)} --------------- ✹ في زماننا هذا تكثر الأحداث، حتى ما يكاد المتابع يدركها، ومن فترة لأخرى تظهر نازلة، وتستمر ثم تظهر أخرى، تجعل الناس ينسون أو يتناسون الحادثة السابقة، وهكذا دواليك، فما يحدث في عشر سنين ربما يحتاج في الماضي إلى عشرات السنين، وما يستفظعه الناس من جرائم في الماضي، أضحت في هذا الزمان روتين يومي، لا تكاد تخلو منه الأخبار، بل العجيب عدم سماع مثل تلك الجرائم، صحيح أن العالم أصبح كالمائدة يمد إليها الآكل يده إلى أي جهة منها، ولكن الفتن في ازدياد، والجرائم في ارتفاع ومن أعظم أسباب ذلك تنحية شرع الله من أن يحكم في الناس، بل إن كثير من الدول تفتخر بكونها دولة غير دينية، أو تضع الدول مادة شكلية في الدستور أما الواقع فبادة للأهواء وبيع الدنيا بالآخرة (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) فعلى سبيل المثال زعم كهنة العلمانية أن فتح باب العلاقة بين الشباب والبنات يحل مشكلة الاغتصاب كون كل ممنوع مرغوب، ولكن الواقع جاء بعكس ذلك تمامًا، فما ازداد التحرش بل والاغتصاب إلا شيوعا، واصبح كثير من الناس في هذه المجتمعات الآسنة تحاول التأقلم مع التحرش يوميا كأنه قوة الصباح، وتعتبر نفسها محظوظة إذا لم تتعرض للاغتصاب، مع وجود الحكومات القوية التي تنفق المليارات على الأمن وتزع ملايين الكاميرات في كثير من الأماكن، وتستخدم أحدث التقنية لمحاربة الجريمة، ولكنهم ينفخون في قِرْبة مثقوبة. --------------- ✹ أهل الباطل لا يكلون ولا يملون من نشر باطلهم ومحاربة الحق وأهله، وذلك على مستوى الشهوات، والشبهات وهو الأخطر، لكن مما يقصم ظهور تلك الشبهات التي يثيرونها أن نقول لهم أن الله قال عن الوحي {(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)} كما أن من صفات هذا الوحي أنه (مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) فما تنقمونه على الشريعة في أي قضية هل تستطيعون أن تثبتوا أن حكمكم الوضعي أفضل مما جاء عن الله ولو في مسألة واحدة، ووالله وبالله وتالله لو اجتمع أهل المناهج الوضعية المخالفة للوحي الرباني أن يأتوا بقضية واحدة فقط تفوق فيها الوضع البشر على الوحي الإلهي لعجزوا {(وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا) } فالحمد لله على أن جعل الباطل لجلج والحق أبلج، وجعل جزاء المتبعين للحق {(فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ)} ----------------------------------------------- والحمد لله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وإلى اللقاء في الحلقة الثانية والعشرين بمشيئة الله.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 18-09-2024 الساعة 10:22 AM. |
#5
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (22) سالم محمد بفضل الله وتوفيقه لا زلنا في سلسلة (هَمَسات .. في كلمات) وقد وصلت هذه الباقات إلى الباقة الحادية والعشرين: ✹ الدعوة إلى الله من أشرف الأعمال وأنفعها للفرد والمجتمع ويتعدى نفعا الدنيا لتنفع صاحبها في الآخرة أيضًا، ووسائل الدعوة كثيرة ومتعددة، ولا زالت في ازدياد مع التقدم العلمي والصناعي والثورة العارمة في عالم الاتصالات، بحث أصبح حتى العامي بل والأمي يستطيع المساهمة في الدعوة إلى الله وبوسائل عديدة، مثل أعادة نشر المواد النافعة والدلالة عليها وغيرها، والكتابة كانت ولا زالت من الوسائل المهمة جدًا في الدعوة إلى دين الحق سبحانه، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، كما أنها وسيلة فعالة للرد على الحرب المستعرة على الإسلام والمسلمين، وكذلك الرد على الشبهات وتفنيدها وإبطالها والتحذير منها ومحاربتها، وكثير من أبناء المسلمين عنده مهارة الكتابة ولو بالقدر اليسير، لكن ما إن تبحث عن الكتابة في عالم النت حتى تجد سيل من المواد المكتوبة والمرئية وقبل ذلك الأسئلة الكثيرة حول قضية واحدة ألا وهي كيفية الربح المادي من الكتابة وكم دولارا ستحصل عليه مقابل المقالة الواحدة، أخي الشاب، يا أمة الله الكتابة ابتغاء وجه الله والجهاد في سبيله عن طريقها كل ذلك ربحه مضمون وعائدة لا يقدر بالدولات ولا الذهب، فأفيقوا يا شباب المسلمين، واكتبوا لتربحوا رضا الله والفوز بجنته، فأي ربح أعظم من ذلك. --------------- ✹ جميع النفوس السوية والعقول السليمة، تشمئز وتنفر من الظلم، المشكلة أن المتبادر إلى أذهان الكثير عندما يذكر الظلم، هو القتل والاغتصاب خصوصًا للأطفال، والسرقة، وانتهاك الحرية وغيرها، لكن هناك نوعين من أنواع الظلم لا يكاد يُلفت إليها: أولها ظلم النفس، فمن جماليات ومحاسن وشمول الشريعة، أنها تمنعك حتى من ظلم نفسك، وقبل ذلك تبين لك ما هي مجالات ظلم النفس، وما عواقبها، فظلم النفس يكون بترك الأوامر والوقوع في المعاصي، وهذا النوع من أنواع الظلم يغفل عنه كثيرا، لا سيما عند من يسمون أنفسهم الحقوقيون، وهو في الحقيقة شهوانيون والله المستعان، أما عن أعظم أنواع الظلم على الإطلاق فهو الشرك بالله تعالى: {{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }} (ووجه كونه عظيما، أنه لا أفظع وأبشع ممن سَوَّى المخلوق من تراب، بمالك الرقاب، وسوَّى الذي لا يملك من الأمر شيئا، بمن له الأمر كله، وسوَّى الناقص الفقير من جميع الوجوه، بالرب الكامل الغني من جميع الوجوه)[1] وللأسف فإن الأنظمة الوضعية الوضيعة كالديمقراطية مثلًا إن لم تدعو للشرك فإنها توفر البيئة الخصبة له وتشجع عليه. --------------- ✹ جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل تصدق بصدقه بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) ونحن اليوم في عالم وسائل التواصل الاجتماعي، حيث ينشر الناس أعمالهم فتبلغ الآفاق، فترى من يحرم بالحج أو العمرة، ثم يصور نفسه بلباس الإحرام، وينشر صورته، ثم إذا انتهى صوَّر للناس صلعته إيذانا بانتها مراسم العمرة وهذا مثال فقط، لكن فضاء الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي مجال خصب لنشر الأعمال الصالحة بدون أن يعلم أحد، فتكون وسيلة رائعة لإخفاء الأعمال الصالحات بما في ذلك الصدقة ونشر العلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كل ذلك وأكثر يمكن عمله بدون أن يعلم بك أحد، حتى أقرب الناس إليك بل وحتى زوجتك التي تشاركك نفس الغرفة ونفس الفراش، فالذين حولك بما فيهم المقربين لا يدرون هل أنت تطلب علما أم تشاهد ملخص مباراة، ولا يشعرون هل أنت ترد على شبهة أم تعلب لعبة جماعية، ونفس الأمر في الجهاد بالمال حيث يكون ببضع لمسات بيمينك لا تعلم عنها شمالك تتصدق وتنشر الخير وتجاهد وتفرج كربات وتقضي ديون وتعلم الناس وتساهم في علاجهم وغيرها كثير، فسبحان الله الذي يسر طرق الخير وفتح أبواب الجنة لعباده الصالحين. --------------- ✹ بعث الله الأنبياء إلى الناس بالبينات والزبر (الكتب) فجاءوهم بالهداية والحق مقرون بالدليل مع إعلامهم بمآل من أعرض عن الحق وتوعُّدهم بالعذاب الأليم عند المخالفة: (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) ، وكذلك حذروهم من الباطل وفضحوا تناقضه وفساده وعاقبة من أصر عليه، لكن لم يستجب كل المدعويين لهذا الحق الواضح، والبينات والحجج الساطعات والسبب ليس في ضعف الحجة أو عدم وضوحها، أو في قوة الباطل ووجاهة أدلته، هناك أسباب من أهمها: التكبر على الحق والتعالي على حملته وربما احتقارهم، كما قال الله --------------- ✹ الحمد لله من أعظم الميزان فـ «(الحمد لله تملأ الميزان) » كما أخبرنا الصادق المصدوق، كما أن --------------- والحمد لله الواحد الأحد، والصلاة والسلام على أشرف الخلق، وإلى اللقاء في الباقة الثالثة والعشرين بعون الله. [1] تفسير السعدي
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 18-09-2024 الساعة 10:25 AM. |
#6
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (23) سالم محمد قافلة (هَمَسات .. في كلمات) متواصلة بفضل من الله وتوفيق، وقد وصلت إلى الحلقة الـ (23) نسأل الله أن ينفع بها الكاتب والناشر والقارئ: ✹ الشهوة الجنسية والميل إلى الجنس الآخر غريزة مركبة في البشر، وليست خطأ ولا عيبا في حد ذاتها، ولكنها كالسيل إن لم توضع أمامه الحواجز والسدود دمَّر وأهلك ما أمامه، والإسلام جاء بتهذيب هذه الشهوة، والسمو بها وجعلها مورد للحسنات ومحاسن الأخلاق والتآلف والتراحم، بينما في المناهج البشرية الوضعية الوضيعة كالعلمانية واللبرالية والديمقراطية أطلقوا للشهوة العنان فاكتووا بنارها واصطلوا بلظاها، وتخبطوا وانحدروا إلى مستوى أسفل من الحيوانات، فأقروا عمل قوم لوط، بل حتى نكاح المحارم والبهائم، وأصبح الأمر عندهم سعار وفوضى، حيث تفشى التحرش وانتشر الاغتصاب وتفككت الأسر، وقتلت الأنفس البشرية البريئة بالملايين فيما يسمى بـ (حق الإجهاض) ووصل الأمر بهم بأن يفرضوا على الناس قسرًا تأييد الفواحش عامة وعمل قوم لوط خاصة والعياذ بالله، أَلَا فلا نمش في نفس الطريق فنصل إلى ما وصلوا، ونهوي في هوة سحيقة من الباطل، {(فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ)} . --------------- ✹ عالم الأدوية واسع ومنوع، ولا تؤخذ الأدوية إلا عن طريق متخصص وإلا حصلت للشخص الكوارث وربما الوفاة، وتعاطي الأدوية بدون علم أو خبرة متخصص تؤدي إلى اعتلال الجسد، ومرض الجسم وقد يهلك، هذا يكاد ينطبق على القراءة، فالقراءة لا يُنكَر أهميتها ومركزيتها، والداعين الناس إلى القراءة كُثر، ومنهم صنف يدعو للقراءة لمجرد القراءة، ويحث الناس خصوصًا الشباب على القراءة في كل مجال ولأي كتاب ومن أي موقع، وهذا خطأ فادح، فالكتب تشبه الأدوية إذا أخذها شخص عن طريق الخطأ أوفي الزمان الخطأ قد تهلكه، وكم من شاب انحرف وانجرف في طريق الشبهات بسبب كتاب وقع بين يديه وهو غير مناسب له كونه غير محصن بما فيه الكفاية ليعرف السم المدسوس في ثنايا السطور، وكم كتاب مضل زعزع عقيدة في نفس فتى أو فتاة، فلندعو إلى القراءة النافعة وليست أي قراءة فقد (كانَ مِن دعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا ينفعُ ومِن دعاءٍ لا يُسمَعُ ومِن قلبٍ لا يَخشعُ ومِن نفسٍ لا تشبعُ) فالعلوم الضارة والكتب المضلة لا يُطَّلع عليها إلا متخصص بغرض معرفة ما فيها من باطل ودحضة والتحذير منه، وخلاف ذلك فشر مستطير. --------------- ✹ من الأخطاء التربوية الفادحة والشائعة في نفس الوقت، تخلص الكثير من الأسر خصوصًا الأمهات من إزعاج الأطفال بقذفهم إلى شاشة التلفاز وقنوات الأفلام الكرتونية، فهذه الأفلام تحمل في طياتها سمًا زعافا، وشرًا مستطيرًا، يبدأ من الخطر الصحي إلى الأخلاقي وانتهاء بالعقدي، نعم! كثير من هذه الأفلام الكرتوينة يلوث فطرة الطفل بأخلاق ساقطة، وعقائد فاسدة، ومفاسد لها رأس وليس لها ذنب، وحلُّ هذه المعضلة يكمن في التقليل من مشاهدة الأطفال لهذه الأفلام إن لم تكن مقاطعتها، كما يجب علينا أن نختار النافع وإن قلَّ على الضار وما أكثره، فما كل ما عرض على الشاشة نتلقفه نحن وأبناؤنا، والحقيقة أن على الحكومات وأيضا التجار مسؤولية عظيمة تجاه هذا الخطر المحدق بفلذات أكبادنا فيجب بذل الكثير من الأموال والجهود والطاقات لإنتاج مواد للأطفال تدعوا إلى مكارم الأخلاق وترسخ المعتقد الصحيح وذلك لمزاحمة ومنافسة أهل الباطل وحتى تجد الأسرة المسلمة مادة نظيفة ونافعة تطمئن لمشاهدة أبنائها لها، وتكون قريرة العين في جانب من أهم جوانب التأثير على الطفل والمراهق. --------------- ✹ للاجتماع للعبادة في حياة المسلم صور كثيرة منها الواجب وبعضها مستحب، كصلاة الجماعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء والحج والعمرة، وهذه الاجتماعات شرعت لحِكَمٍ عظيمة وفوائد جليلة، ولعلَّ من هذه الفوائد حمل المسلم على ملازمة النظافة والعناية برائحته طيبة، فإن الإنسان إذا حضر في مجتمع من الناس ولو كانوا قليلا أحبَّ أن يكون حسن الهيئة طيب الرائحة، والمسلم المحافظ على صلاة الجماعة يعرف أنه سيقف بجانب أخوة له وسيخالطهم ويقترب منهم جسديًا فيعزُّ عليه ترك العناية بنظافته، وقل مثل ذلك في صلاة الجمعة والعيدين، ولا ننسى أن أخذ الزينة قد جاء الأمر به في القرآن (يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) فما أعظم ديننا وأكمل شريعة الإسلام. --------------- ✹ قسوة القلوب داء عضال، معه تكون الصلاة بلا روح، وتلاوة القرآن بلا تدبر وخشوع، والعبادة بلا لذة، والقيام بالعبادة أمر عسير، والانجراف نحو المعصية سهل ويسير، وعندها يكون ذكر الموت نادرا وإن وجد فبلا أثر، ورؤية المقابر أمر عاديا، والسير والجنازة محمولة لا يحرك في الجسم شعرة، كما أن قسوة القلب تجلب التعلق بالدنيا، والنظر إلى ما في أيدي الآخرين من متاع الدنيا وربما حسدهم، والقلب القاسي عليه جدران سميكة تحول بينه وبين التأثر بكلام الله، والقلب القاسي متوعَّد صاحبه في كتاب الله {(فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)} ، أما عن علاج هذه المعضلة، وتفتيت هذه الصخرة، وإزاحة هذه الران فيكون بـ(تدبُّر القرآن، استشعار عظمة الرحمن، حلقات العلم الشرعي، تنويع العبادات، كثرة ذِكْر الموت، كفالة اليتيم، الانكسار بين يدي الله)[1] وغيرها --------------- وإلى الملتقى في هسمات قادمة بمشيئة المولى جل في علاه [1]علاج قسوة القلب - الشيخ وحيد عبدالسلام بالي – شبكة الألوكة.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 30-10-2024 الساعة 07:37 PM. |
#7
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (26) سالم محمد (هَمَسات .. في كلمات) في إصدارها الـ (26) بفضل الله وتوفيقه: ✹ يخيل للبعض أن تطبيق الشريعة غاية في الصعوبة، ولنضرب مثالًا يوضح هذه المعضلة المزعومة، هناك شخص يحمل حقيبة وزارية ما، عنده مستشارين قانونيين تُصرَف لهم رواتب مجزية واختيروا بعناية، ويداومون في الوزارة كل يوم ، لكن ما هي مهمتهم وما فائدتهم، وفائدة هذا المجموعة من المستشارين؟ الفائدة هي أن يتأكد معالي الوزير قبل أن يضع خطوة أو يحك رأسه أو يصدر أي قرار يتأكد أنه غير مخالف للقوانين المنبثقة من الدستور الوضعي الذي صادق عليه الشعب، إذن فكل هذه المجهودات المعقدة حتى لا يخالف سعادته آراء مخلوقين، وهذه الدوائر القانونية موجودة في كل مفصل في البلد، وتطبيق الشريعة ببساطة هو أن تتأكد أن كل عمل تعمله لا يخالف أمر الخالق كما أنهم يحاولون الالتزام بآراء مخلوقين، هذا هو تطبيق الشريعة، مع العلم أن ما ذكر من مثال في أول الفقرة يتحدث عن قانون وضعي بشري ممزوج بالأهواء والشهوات بينما الشريعة موجودة في { (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) } فهل هناك دستور وضعي له واحدة من هذه الصفات؟ ------------------------------- ✹ جاء في الصحيح «(واللهِ ما الدنيا في الآخرةِ إلا مثلُ ما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ ، فلينظر بِمَ يرجعُ)» من هذا الحديث يتبين لنا أن دنيانا بالنسبة لآخرة لا تكاد تُذكر، ولكن هذه الجزء البسيط جدا يتحدد فيه شقاوة العبد من سعادته، فإما أن يكون {(فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) } أو { (سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) } فالمسالة خطيرة جدًا، فالدنيا قصيرة وعمر الإنسان قصير بالنسبة للدنيا، فهذا القليل من القليل فيه يُحَدد المستقبل الأبدي للمرء و(الجَنَّةُ أقْرَبُ إلى أحَدِكُمْ مِن شِراكِ نَعْلِهِ، والنَّارُ مِثْلُ ذلكَ) فنسأل الله برد العيش بعد الموت. ------------------------------- ✹ العيش مع القرآن طمأنينة للقلب وراحة للنفس وحياة للروح، وهذا يكون (لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) وهناك جزئية تتعلق بتدبر القرآن أكثر الناس عنها لا يعلمون، ألا وهي التفاعل مع الآيات أثناء التلاوة، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان في الصلاة « (إذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ سأل، وإذا مرَّ بآيةِ عذابٍ استجارَ، وإذا مرَّ بآية ٍفيها تنزيهٌ لله سبح)» و «(إذا مرَّ بآيةِ عذاب ٍ وقفَ وتعوَّذَ، وإذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ وقفَ فدعا) فهذا (يسن للقارئ في الصلاة وخارجها) » كما ذكر الإمام النووي ذلك عن الشافعي في المجموع، فما أجمل تلاوة القرآن يتخللها الوعد والوعيد والتعظيم والتسبيح، مرة في شوق لدخول الجنة ونعيمها وأخرى في خشية من النار وجحيمها، ومن كانت هكذا تلاوته فما أبعد القسوة عن قلبه، وما أسعده بالإنابة إلى ربه والشوق للقائه ، وإذا كان هذا حال المسلم مع القرآن ازداد الإيمان في قلبه وابتعد عن ظلمات الكفر والنفاق والمعاصي {(يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)} ------------------------------- ✹ حذرنا الله سبحانه وتعالى في أعظم سورة في القرآن من سلوك (طريق المغضوب عليهم، الذين عرفوا الحق ولم يتبعوه كاليهود) ومن(طريق الضالين عن الحق، الذين لم يهتدوا إليه لتفريطهم في طلب الحق والاهتداء إليه كالنصارى) هذا إجمالا أما التفصيل عن الصنف الأول فقد ذُكِر في سورة البقرة، والنصف الثاني جاء في سورة آل عمران، فهاتان السورتان فيهما بيان لأحوال اليهود والنصارى وكيفية التعامل معهم وبيان فساد عقيدتهم وأخلاقهم ودعوتهم والرد على شبهاتهم، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأنهما «(اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ ... تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا، اقْرَءُوا الْبَقَرَةَ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلا يَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ)» فماذا علينا لو علمنا أبناءنا وعامة المسلمين حال اليهود والنصارى من الزهراوين، لو فعلنا ذلك لما ابهر أبناء المسلمين بخرفات اليهود والنصارى في الاعتقاد والأخلاق والسياسة. ------------------------------- ✹ سد الذرائع من الأمور المقررة في شريعة العدل الإلهية، ويظهر ذلك جلي في أمور لعل من أبرزها الشرك والفضيلة، فهناك أمور حرمت لأنها وسيلة الشرك وإن لم يقع في الشرْك كل من مارسها، وكذلك في حفظ الأعراض، حيث حُرِّم النظر واللمس والاختلاط المحرم، وهناك مشكلة ربما لم تعط حقها من التحذير، ألا وهي الاختلاط في البيوت، علمًا أن الثياب في بعض بيوت المسلمين تتجه للتبرج وإبداء الزينة، وهناك تساهل في لباس البنات بحجة صغر السن مع أن أعمارهن قد يكون الثامنة أو التاسعة، فلربما ارتدين القصير من الثياب، والضيق من البناطيل، والقمصان التي لا أكمام لها، ويكشفن شعورهن بل وأكثر، وفي البيت القنوات والجوال وما يه من وسائل تواصل إنه البارود بجانب النار، فالبيوت التي يوجد بها الاختلاط والتبرج على خطر عظيم وكم من قصص يندى لها الجبين بسبب التساهل في امر الحجاب في البيوت بين أبناء العمومة أو الخؤولة أو زوجات الإخوان، وقد حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك بقوله: (إياكم والدخول على النساء. فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)، وإذا جمعنا إلى ذلك أن الزواج أصبح شبه مستحيل لكثير من شباب المسلمين لا سيما في مقتبل العمر حيث الشهوة في أوجها، فتتحول بذلك كثير من البيوت إلى قنابل موقوتة وألغام مدفونة يمكن أن تدمر البيت وأهله في أي لحظة. -------------------------------
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (32) سالم محمد ➊ رأيت رجل كبير في السن، له أولاد، ولأولاده أولاد، أي أنه أصبح جَدًّا، قد رقَّ عظمه، وانحنى ظهره، وغزى الشيب شعر رأسه، كان يصطحب أحد أحفاده معه إلى المسجد ليشهد الجماعة مع المصلين، وهذا الرجل لكبر سِنِّه لا يستطيع أن يجلس في التشهد إلا متربِّعًا، العجيب أن المسجد مليء بالمصلين الذي لا يجلسون متربعين أثناء الشهد لكنَّ الولد الصغير تجاهل كل هؤلاء العشرات من الكبار والشباب والصغار ليجلس في التشهد متربعًّا محاكيًا جدَّه ومخالفًا -بلا مبالاة- كافة الموجودين في المسجد، انتبه يا صغيري! جَدُّك مجرد واحد فقط وغيره في المسجد الكثير والكثير فيا سبحان الله! إنه اقتداء الأبناء – لا سيما الصغار منهم – بوالديهم وإخوانهم الكبار، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أشار بوضوح إلى هذا المعنى بقوله ( «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» )[1]فإذا كان الوالدين قدوة حسنة لأولادهم فقد اختصروا مسافات طويلة وجهود مضنية، من عناء التربية ووعثائها، فعند أولادنا الأفعال أبلغ وأعمق تأثيرًا من الأقوال. ******** ➋ الناس مع الحق أزواجٌ ثلاثة، فمنهم من جهِله، ومنهم من عرَفه ولم يوفق لاتِّباعِه، وطائفة بأعلى المنازل عرفوا الحق واتبعوه، والصنف الأول أقرب إلى الحق من الصنف الثاني، أما أسوأ الطوائف فهم الذين عرفوا الحق ونبذوه إما لكبْرٍ أو إعراض أو شهوة أو غيرها، ولذا فالفئة الأولى بحاجة إلى إرشاد ودلالة وثاني الفئات قد يفيد معها التخويف والإنذار من عذاب الله وعقابه، والتخويف من عذاب الله يفيد أكثر مع صاحب الشهوة أكثر من صاحب الكِبْر والهوى والإعراض، وهذه التقسيمات مهمة ولأهميتها ذكرها الله في أعظم سور القرآن سورة الفاتحة، فالعارفين للحق والمتبعين له هم الذين أنعم الله عليهم، والذي جهلوا الحق هم الضالون، أما المغضوب عليهم فيعرفون الحق ويخالفونه والعياذ بالله. ******** ➌ الابتلاء سنة إلهية وما سلِم منه أحد حتى الأنبياء، فقد سئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال : الأنبياءُ ، ثم الصالحون ، ثم الأمثلُ فالأمثلُ ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه ، فإن كان في دِينِه صلابةٌ ، زِيدَ في بلائِه ، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ) وبعض أنواع الابتلاء لا يدرك المسلم حقيقتها إلا إذا وقع فيها، فليست النائحة الثَّكْلى كالنائحة المستأجرة، من ذلك مسألة الذهاب إلى السحرة والعرافين والكهان، وحكمهم معروف في شريعة ربنا عز وجل فـ ( «من أتى عرَّافًا فسأله عن شيءٍ؛ لم تقبل له صلاة أربعين ليلة» ) و( «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» ) وحذرنا رسولنا من ذلك بقوله ![]() ******** ➍ العبد في حاجة دائمة ماسة إلى خالقه سبحانه، واستشعار هذا المعنى يسمو بالنفس البشرية عن الكِبْر واحتقار الآخرين والتعالي عليهم، كما أنه يقطع تعلق النفْس بالمخلوقين، فلا قوة إلا بإذن القوي العزيز وإنما هم مجرد أسباب، وحاجة العبد لمولاه تشمل كل شيء في أمْنه وحفظه وصحته ورزقه وسعيه وفي تعلمه وعبادته وفي شأنه كله، وتظهر هذه المعاني جلية عند حالات الضعف كالمرض والخوف والفاقة وعند حلول المصائب والكوارث، كما أن التالي لكلام ربِّه بتأمل يمتلئ قلبه من الخضوع والخشوع لخالقه ومالكه والافتقار إليه، وأهم ذلك ما في كتاب الله من أسمائه الحسنى وصفاته العلى التي تجعل العبد يعرف حقيقته نفسه وعظمة خالقه ونتيجة لذلك يلجأ إليه في كل أحواله، بالإضافة إلى أن الصلاة بخشوع تطهِّر النفس من أدران الكبر والإعراض عن الله ونسيان نعمه، ومرد ذلك كله إلى ذكر الله بذهن حاضر، وقلب خاشع، فتلاوة القرآن والصلاة ما هما إلا ذكر لله العزيز الرحيم. ******** ➎ مكانة العلم لا ينكرها عاقل، ولذا تبذل الدول الكثير الأموال والمجهودات وتضع الخطط المُحْكمة ليحصل رعاياها على تعلُّم أفضل، ونجاح أحسن في حياتهم الدراسية، لكن للأسف النظام التعليمي في المناهج الحكومية يجعل المركزية للدرجات لا العلْم، حيث يقاس النجاح بالدرجات التي بدورها تؤدي للحصول على الشهادات ومن ثَم الوظيفة والعمل، فالهدف غالبًا يكون المال الذي يأتي من الوظيفة المرتبطة بالشهادة، والشهادة بتحصيل الدرجات والنجاح في الامتحانات، وهذا خطأ فادح ومن نتائجه أن الطالب بعد الاختبار بمدة تطول أو تقصر يتبخَّر ما لديه من معارف خزنها في ذهنه من أجل الاختبار والحصول على الدرجات والدرجات فقط، ولو تأملنا قليلا في ديننا العظيم نجد أن العلم وسيلة لمرضاة الله، وطريق إلى الجنة، ونوع عظيم من أنواع الجهاد في سبيل الله وذلك لمن صلحت نيته، أما من كانت همته ونيته في تحصيله العلمي في الدنيا وللدنيا فقد فوت على نفسه خيرًا كثيرًا، بل قد خسِر خسرنًا مبينا، ولذا تعوّذ الرسول صلى الله عليه وسلم من علْم لا ينفع، فالمسلم يطلب العلم عبادة لله، وإذا فعل ذلك نجح ونجاحه يعني وصوله إلى الجنة، فمتى سنربي أولادنا على أن يكون شعارهم في الحياة { ( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)} وصلى الله على المصطفى وعلى آله وصحابته الطيبين الطاهرين والتابعين لهم بإحسان. [1] البخاري ومسلم
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (14) سالم محمد الحمد لله العزيز الوهاب، الكبير المتعال، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأزكاهم، وأعبدهم وأتقاهم، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد فها قد وصلنا بفضل الله ومنته إلى الحلقة الرابعة عشر من هذه السلسة التي نسأل الله أن يجعل لها القبول، وأن تكون لبنة في سبيل الإصلاح. ✹ من أعظم الآثام الكذب على الله ورسله، (وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى كُفْر من تعمد الكذب عليه صلى الله عليه وسلم) ومن (زعم أن النبي أوجب شيئا لم يوجبه ، أو حرم شيئا لم يحرمه ، فقد كذب على الله) وفي هذا الزمن يمكن نشر أي شيء تقريبًا وبمنتهى السهولة واليسر، فعلينا التحري قبل النشر، فأعداء الإسلام من المنافقين والكافرين وسائر أهل الأهواء والبدع يجتهدون في نشر باطلهم، فربما التبس على بعض الناس شيئا مما ينشرونه، ومن طرقهم الخبيثة أنهم يفتعلون قصة أو اكتشاف علمي وأنه وُجِد مصداقه في القرآن ثم ينشرونه فيتلقفه بعض الجهلة بحسن نية وينشره معتبرا أن ذلك من دلائل صحة الإسلام، فالتثبت التثبت، والحمد لله فكما أن النشر سهل فالتحقق من صحة الأحاديث وما ينسب للصحابة سهل أيضا ولكن لنعلم أن (أعظم الناس إثمًا من يكذب على الله تعالى ورسله، فينسب إليهم ما لم يكن منهم) ويكفينا في ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم «(إنَّ كَذِبًا عليَّ ليس ككذبٍ على أحدٍ ، فمن كذب عليَّ مُتعمِّدًا ، فلْيتبوَّأْ مقعدَه من النَّارِ)» --------------- ✹ الاختراعات كثيرة جداً بل لا يكاد يمر يوم حتى تسجل براءات اختراع جديدة، ولكن هناك مخترعات غيرت حياة البشرية، منها الطباعة، فبعد أن كان الشخص يحتاج إلى أسابيع لنسخ كتاب واحد، وإن أراد شراءه فبثمن باهض، أصبحت المطابع تقذف بملايين النسخ وبجودة خيالية، وبذلك (أضحى الكتاب أحد أكثر السلع تداولاً بين الناس) وبذلك انتشرت المكتبات العامة والخاصة، واستبدلت وظيفة النُّساخ التي كانت رائجة بمن يجيد الطباعة بسرعة، وتطورت الطباعة وحصلت فيها قفزات وقفزات، بعد ذلك ظهرت الكتب الإلكترونية، ثم تحويل الصوت إلى نص، وما ندري ماذا يأتي في قادم الأيام، فسبحان الله العظيم، والحمد لله على ما يسر من طلب العلم ونشره، وبذلك يصبح العمل بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «(بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً)» ميسور لكل أحد حتى الطفل ما دون الروضة والشيخ الفاني، والجاهل الذي لا يحسن كتابة اسمه. --------------- ✹ معروفة مكانة العلم وطلبه، سواء الشرعي أو الدنيوي، مع أن العلم الدنيوي يمكن أن يرفع المرء درجات عند الله إذا حَسُنتْ نيته، ولكن هناك مشكلة تطل برأسها وتسبب الحرج للمتعلم، هذه المشكلة هي تعدد وسائل التعليم، فسبحان الله من كثرة هذه الوسائل يحتار المتعلم أيها يأخذ، وبأي طريق يسلك، فإذا ما جرب واحدة قال هذه، هذه، ثم تتعرض له أخرى فيجربها ويقول هذه هذه، فالمواقع كثيرة، والتطبيقات متعددة، وقبل ذلك المنصات والأكاديميات والجامعات المفتوحة، فالبرامج العلمية لا حصر لها ولا عد، وبجميع الأنواع: المكتوب والمسموع والمرئي والتفاعلي، وبشهادات وبدونها، والحل في رأيي أنه في حالة طلب العلم الشرعي فلا أفضل من التفرغ عند العلماء والمشائخ، وهذا صعب أو متعذر على الكثير، فيستشير أهل العلم مبينا لهم حالة من عُمُر ووقت فراغ وطبيعة عمله، فهؤلاء يختلف بعضهم عن بعض، أما في حالة الوسائل الأخرى فسؤال أهل الخبرة والتجربة، لأن ما يناسب فلان قد لا يناسبك، وهنا نقطة مهمة وهي تشجيع الشباب على النهل والاغتراف من العلم والمعرفة في أمور دينهم ودنياهم، فالشاب في بداية عمره حر طليق من كثير من المسؤوليات وعنده الفراغ الكثير الذي يعد –وللأسف- مشكلة عند بعضهم، فعلى المربي أن يدفع مربيه للعلم النافع فهو ميسور ، فينظر ما هو شغف وميول ابنه أو ابنته فيوجه إلى منابع العلم التي تروي ظمأه وتشفي غليله، ولو أن أهل الخير والدول من ورائهم جعلوا التعليم بمال فمثلا من اجتاز دورة كذا فله من المال كذا، لكان ذلك خيرا عميمًا، ولننظر مثلا إلى الأموال التي تنفق على الرياضة ماذا لو ذهب عُشرُها في خدمة طلاب العلم النافع بنوعيه الشرعي والدنيوي لكانت النتائج باهرة، واستبدل الشباب التافه والمضر بالنافع لهم ولأمتهم. --------------- ✹ أمرنا الله بالتفكر في آياته، وآيات الله منها ما هو مسطور (القرآن)، والآخر منظور، وهو كل ما خلق الله بما فيه أنت {(وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ)} ، والتفكر عبادة جليلة قال تعالى: {( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)} ، وأثنى على المتفكِّرين بقوله: {(وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)} ونِعَمُ الله تعالى ترافقك في كل مكان، وتحيط بك من كل جهة، والتفكر في آيات الله يزيد في قلب المؤمن عظمة الله ومحبته وجلالته ويزرع الحياء منه سبحانه، وما أكثر الإشارة في القرآن إلى عددا من آيات الله كالسماوات والأرض والشمس والقمر والليل والنهار، وغيرها كثير من المخلوقات العظيمة التي تدل بدورها على عظمة فاطرها وخالقها سبحانه، والتفكر عبادة وهي ميسورة على من يسرها الله عليه، فهي لا تحتاج إنفاق مال ولا بذل جهد بدني بل لا تحتاج حتى إلى حركة اللسان، فإذا كان القلب حيًّا، فلا يمر به شيء إلا وله فيه عبرة وفكْر. --------------- ✹ الناظر في حال المسلمين يجد كثير منهم مهتم بسماع القرآن، خصوصاً أثناء قيادة السيارة والمواصلات والبيوت خصوصاً النساء، وهذا جميل وثوابه جزيل، لكن قلَّ أن تجد حتى من طلبة العلم من يستمع للسنة، نعم الاستماع للسنة علْم عظيم، والسنة مبيِّنة للقرآن والعمل به، وفيها التطبيق العملي لكتاب الله، كما أن فيها سيرة وهدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمرنا بالاقتداء به {(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)} ، فعلينا أن نضيف إلى الاستماع إلى القرآن الاستماع للسنة وللتفسير وهناك تفاسير متوفرة صوتيا ومجانا كتفسير السعدي والمختصر في تفسير القرآن الكريم، وأيضا نستمع لسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن الكتب الصوتية الرائعة في ظلال السيرة، بالإضافة إلى الاستماع إلى دواوين السنة بدءً بالأربعين النووية ورياض لصالحين وعمدة الأحكام واللؤلؤ والمرجان في اتفق عليه الشيخان وغيرها كثير، فلماذا نحرم أنفسنا من كلام خرج من أطيب فم، وأفصح لسان، بأعذب بيان، والاستماع للكتب الصوتية انتشر عند الناس، لكن غالب ما يسمعون الروايات، وكتب تنمية الذات المترجمة، حيث من ألفها لا يهمه إلا الدلالة على الدنيا وملذاتها ولا مكان فيها للمستقبل الأبدي بعد الموت، وللحصول على الكثير من الكتب النافعة بصورة مجانية فعليه بـ مشروع الكتاب الناطق على شبكة الألوكة، ففيه الكثير من الكتب في مجالات مختلفة. وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن رب الأرض والسماوات
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() هَمَسات .. في كلمات ... (15) سالم محمد الحمد لله العزيز الوهاب، الكبير المتعال، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأزكاهم، وأعبدهم وأتقاهم، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد فها قد وصلنا بفضل الله ومنَّته إلى الحلقة الخامسة عشر من هذه السلسة التي نسأل الله أن يجعل لها القبول، وأن تكون لبنة في سبيل الإصلاح وراية تهدي إلى طريق الفلاح: ✹ من مفاخر ديننا الحنيف أنه دعا إلى محاسن الأخلاق ونبذ وحارب مساوئها، ومن هذه الفضائل الاعتراف لكل ذي فضل بفضله، فالله سبحانه هو الوهاب المنان الكريم، وأفضل البشر منة علينا هم الأنبياء عموماً ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم خصوصاً، وأيضا وورثة الأنبياء لأنهم هم من نقلوا لنا هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم أعلم الناس بمراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، لذلك توجهت سهام الأعداء إلى العلماء لأسقاطهم في نفوس الناس، لكي يخلو لهم الجو ليتلاعبوا بنصوص الوحيين ويفسرونها حسب أهوائهم وأهواء أسيادهم، وأكثر من حاولوا إسقاطهم هم السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان، فإسقاط فضل العلماء من السلف هدم للدين من أساسه لأنهم نقلته إلينا، فإن استطاعوا تشكيكك في الأصل فقد أسقطوا ما دونه من باب أولى، ومن أصحاب الفضل كذلك الوالدين وحملة القرآن وكبار السن وذووا السلطان. ✹ لا تستقيم حياة بدون حقوق وواجبات، ويتعكر صفو الحياة عندما نطالب بحقوقنا ولا نؤدي واجباتنا، وكثير من الناس يتعامل مع الحقوق والواجبات كأنها سلعة يبيعها نقدا بنقد، ويدًا بيد، فإن حصل على حقٍ رضي بتقديم واجب، وإن كان لا، فلا، وبهذا تنشأ كثير من المشاكل ويعيش هؤلاء في تعاسة وشقاء، وإثم وخطيئة، قد يكون بعدها عذاب، وإذا كانت هذه المعادلة هي تحكم حياة بيت فرَّت منه السكينة والمودة والرحمة، وقرَّت فيه التعاسة والشقاء، فكل واحد ينتظر من الآخر المبادرة بالقيام بواجبه، مع عدم قيامه هو بما عليه، وإذا عدنا إلى شرعنا الحنيف نجد أن حل هذه المشكلة ميسور وسهل، ففي ظل العقيدة الإسلامية، جميع حقوقك مضمونة إن لم تأخذها في الدنيا أخذتها في يوم أنت أحوج إليها فيه من يومك هذا، وهو يوم الحساب، {(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)} ، فما عليك إلا أن تتفقد قيامك بواجباتك كما أمرك الله، أما حقوقك فلا تخف عليها ولا تحزن، وأعظم واجب هو القيام بحق الله تعالى بالتوحيد ونبذ الشرك وأهله، ثم القيام بحقوق المخلوقين بدء بالأنبياء فالوالدين فالزوج والأولاد والجيران والحكام وسائر الناس بما فيهم الكفار، وقد لخص لنا الرسول صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ بقوله (أدوا الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم)، فنم قرير العين مرتاح البال لأن سيأتي يوم القيامة {(فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)} ، ولو عفوت عن حقك {(وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)} فأنت ناجح ومحمود ولك من الثواب الجزيل من الكريم المنان سبحانه {(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)} . ✹ نحن نكرر كل يوم مرات عديدة في صلاتنا وفي غيرها أسمين من أسماء الله تعالى هما(الرحمن الرحيم)، ومن أبرز مظاهر رحمته بنا سبحانه أن بعث إلينا رسولا لينقذنا به من النار، وجعل الله تعالى الطريق الوحيد لمرضاته هو باتباع رسوله، وهذا يدل على أن لهذا الرسول فضل عظيم جدا على البشر، أكثر من فضل آباءهم وأمهاتهم، ومن أسماء الله تعالى (الشكور)، حيث أنه رفع من شأن نبيه صلى الله عليه وسلم، وأمرنا وحثنا على تعظيم وتعزيره وتوقيره وما يؤذن مؤذن إلا رفع ذكره بقوله (أشهد أن محمدا رسول الله)، وفي الصلاة في التشهد والصلاة الإبراهيمية كذلك، وبعد الوضوء ويوم وليلة الجمعة وكل ما ذُكِرَ علينا أن نصلي عليه ونسلِّم تسليما، ومن صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا، بل جاء في الحديث «(لا يَجزي ولدٌ والدًا، إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيعتقه)» ، وقال الله في حق الزوجين فيما بينهما بعد الفراق {(وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)} سبحان الله هذا في حق الوالدين والزوجين فكيف بحق النبي صلى الله عليه وسلم وحقه أعظم من حق أي مخلوق كائنا من كان، وهكذا يعلمنا ربنا ويؤدبنا على الاعتراف بالفضل لذوي الفضل من الخلْق وأعظمهم الأنبياء، وقبل ذلك خالقنا القائل سبحانه {(وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)} . ✹ لو أن إماما صلى بالناس الظهر وجَهَرَ فيها بالقراءة لأنكَرَ عليه كل من خلفه تقريبًا، مع أنَّ الإسرار والجهر في الصلوات من السنة وليس بواجب، ولكن الناس تعودوا فأنكروا خلاف ما تعودوا، هذا ينبئنا عن أهمية محاربة البدع ونشر السنن، فالبدعة إذا ما نشء عليها الصغير وشاب عليها الكبير، فإن اقتلاعها من مجتمع ما يكون بصعوبة بالغة ويحتاج إلى تضحيات، والوقاية خير من العلاج، فيحاربُ الناس السنةَ ويستمسكون بالبدعة ظنا منهم أنها السنة، بينما ينظرون للسنة وكانها دين جديد مبتدَع، وتحذير السلف من البدع وأهلها كثير ومستفيض في كتبهم، وهكذا كل تغيير في الدين كلما طال أمده صعب اجتثاثه، وأدت محاربته إلى الصدام مع عامة الناس بما فيهم أصحاب القرار، فعلى سبيل المثال يظن كثير من الناس أن الدين لا علاقة له بالسياسة أو على الأقل بالحكم، وما ذلك إلا للهجوم الشرس والمتواصل منذ أكثر من مائة سنة على تحكيم شرع الله، هذا الهجوم أنفقت في أموال طائلة، وجهود جبارة، وكتابات كثيرة، وأقحم في المناهج الدراسية والثقافة العامة والتوجه العام للدول ومرت السنوات تلو السنوات، حتى أصبح كثير من العامة يؤمنون بالديمقراطية ويرون أن الخير كل الخير في تنحية الشريعة الإسلامية عن الحكم، مع العلم أنهم يصلون ويصومون ويحبون شعائر الإسلام، لكن بسبب التضليل المتواصل، أصبحوا يهاجمون الحق وينصرون الباطل، ولكن(لا تظهر بدعة, إلا ترك مثلها من السنة) كما قال غضيف بن الحارث رحمه الله تعالى. ✹ من معاني العقل والحكمة التوظيف الأمثل للموارد بل وتحويل العقبات إلى إنجازات واستخراج المنح من المحن، والتربية من الأمور الشاقة والتي تحتاج إلى طول نفس للوصول إلى قطف ثمارها، والتفيء بظلالها، والملاحظ أن الأطفال الصغار في زماننا يستهويهم الجوال وهذا يعرفه الوالدان وكل من له احتكاك بالصغار، بل أنجح وسيلة لإسكات الطفل إعطاءه جوالا يقلبه بين يديه الصغيرتين، هذا التعلق بالجوال والشغف به والبكاء عند مفارقته، والتنازع مع الإخوة للاستحواذ عليه، يمكن أن يستغله المربي في تعليم الطفل وتقويمه وإكسابه الكثير من الأخلاق والمهارات وذلك بعرض بعض مقاطع الصوت أو الصوت والصورة النافعة، وكذلك الكثير من الألعاب النافعة وهي بفضل الله كثيرة ومتوفرة حتى لعُمرِ ما دون الخامسة، بل إن الجوال يمكن أن يكون بديلا مناسبا ومنافسا لقنوات الأطفال الفاسدة وما أكثرها التي تهدم عقيدة الطفل وتلطِّخ فطرته، ففي الجوال أنت من تختار لابنك ما يشاهد، فيتابع وأنت مطمئن البال لما يتلقَّى طفلك، فالحمد لله على نعمة الجوال، ومن شكر النعمة استعمالها في ما يرضي الله عز وجل بما في ذلك تحويل شغف ابنك بالجوال إلى وسيلة لتعليمه وتهذيب أخلاقه وبذلك تكون تخلصت من مساوئ الجوال بل وحولتها إلى منافع. وإلى اللقاء في همسات أخريات، بإذن العزيز الوهاب
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |